انتقد جون بولتون مستشار الأمن القومي السابق للولايات المتحدة، آلية فرض العقوبات الاقتصادية ضد خصوم أمريكا، معتبراً أنه لأكثر من ثلاثة عقود، كانت العقوبات الاقتصادية ضد خصوم أمريكا عنصرًا حاسمًا في السياسة الخارجية، ولكن لسوء الحظ، تُظهر الأدلة أنه في كثير من الأحيان، يتم وضع وتنفيذ العقوبات بشكل سيء.
وأضاف في مقال له نشره في صحيفة ذا هيل الأمريكية، في 1 ديسمبر 2022، لقد فشلنا في تقدير أهداف عقوباتنا، والتي كانت قادرة على صياغة استراتيجيات تهرب وتخفيف ناجحة، لقد رضينا اعتبار العقوبات علامة للفضيلة وليست حربًا اقتصادية حقيقية. لذلك ليس مستغرباً في أن تكون فعالية العقوبات هامشية وخادعة للذات.
وأخذ بولتون الطائرات بدون طيار الإيرانية التي استخدمتها روسيا ضد أوكرانيا، كـ مثال على نجاح طهران في إحباط نظام العقوبات، حيث تم الكشف أن غالبية أجزاء تلك الطائرات والمعقدة منها يتم تصنيعها من قبل شركات في الولايات المتحدة وأوروبا ودول حليفة أخرى.
وتابع بولتون، ومن الأمثلة الأخرى لفشل العقوبات، مازالت إيران تبيع المزيد من النفط للدول الأخرى خاصة للصين، كما لم يتمكن الفنزويليين من الإطاحة بنظام مادورو الاستبدادي، ولم تركع روسيا بسبب عدوانها على أوكرانيا؛ ولم تتوقف برامج كوريا الشمالية النووية والصاروخية.
واعتبر مستشار الأمن القومي السابق، أن هذه الحالات وغيرها، تعد دافعاً قوياً للولايات المتحدة للقيام بثورة في سياسة العقوبات، خاصة وأنها تواجه، خصمًا اقتصادياً قوياً مثل الصين، إضافة لتهديدات أخرى، معتبراً أن الفشل في التصرف الآن قد يصيب بالشلل لاحقًا.
واستشهد بولتون بما اقترحه الرئيس الأمريكي الثامن والعشرين وودرو ويلسون في 1919، بأن تكون العقوبات بمثابة حرب اقتصادية، لا شعارات بالفضيلة، كما يفعل صناع القرار اليوم في واشنطن، فـ أحد الأخطاء الشائعة هو تنفيذ عقوبات ذكية أو هادفة بدلاً من إجراءات شاملة وواسعة، فـ كلما كانت العقوبات تفصيلية، أصبح التهرب منها أسهل، فـ خلال إدارة جورج دبليو بوش ، اتخذت شركات صينية خاضعة للعقوبات، بسبب بيع مكونات الصواريخ الباكستانية، إجراءات ملتوية، مثل تغيير أسمها، للتهرب.
وحض بولتون الذي قال أن مشكلة التهرب لا تزال منتشرة، على تطبيق عقوبات واسعة وغير غامضة بحيث تدع مجالاً للتفسير، مثل قرار مجلس الأمن رقم 661 بعد غزو العراق للكويت عام 1990 ، الذي أعلن فيه أن أعضاء الأمم المتحدة سيمنعون استيراد جميع السلع والمنتجات التي يكون منشؤها العراق إلى أراضيهم.
ولفت مستشار الأمن القومي السابق، إلى فشل أخر للعقوبات الأمريكية والأوروبية، وذلك ردًا على الدخول العسكري الروسي لـ أوكرانيا في فبراير، أعلن الأوروبيون حظراً شاملا ًعلى استيراد النفط والغاز الطبيعي الروسي ، ومع ذلك فإن تلك العقوبات، لم تصبح سارية المفعول إلا في الآونة الأخيرة، وينطبق ذات الشيء على خطة بايدن بشأن تحديد سقف لسعر صادرات النفط الروسية، معتبراً أن التأخير في تطبيق العقوبات يتيح للأخرين إعداد آليات للالتفاف وإخفاء طويلة المدى، فما تقدمه الوكالات في واشنطن، من تفسيرات حول العقوبات، تعد بمثابة خرائط طريق يتبعها منتهكو العقوبات.
وخلص بولتون، إلى اعتبار وزارات الخارجية والخزانة والتجارة، التي تدير العقوبات والرقابة على الصادرات، ليست عدوانية بما فيه الكفاية، مؤكداً على ضرورة التفكير بجدية، في تحويل المسؤولية عن اكتشاف انتهاكات العقوبات، والمعاقبة لـ الوكالات ذات المرجعية الأكثر ملاءمة للحرب الاقتصادية الحقيقية، كـ وزارتي الدفاع والعدل.
وختم يقول: هذه هي القضايا التي يجب على الكونجرس الجديد النظر فيها بعناية خلال العامين المقبلين، والتي ينبغي أيضاً لمرشح الرئاسة لعام 2024 مناقشتها.