رصد المعهد الأسترالي للشؤون الدولية، في تقرير نشره (30 أغسطس 2022)، ما يجري في باكستان، معتبراً بأنها تمر بمنعطف حاسم، في توقيت يتسم بالانقسامات الداخلية والضيق الاقتصادي، وأن ما سيحدث بعد ذلك سيكون له تداعيات كبيرة على الدولة والمجتمع.
يرى التقرير بأن طبيعة الانقسامات في باكستان حالياً، ليست عرقية كما في السابق، بل تشبه إلى حد كبير تلك التي لوحظت في الولايات المتحدة منذ رئاسة دونالد ترامب. وقد كانت مؤشرات الانقسام موجودة إلى حد ما منذ 2009-2010 وزادت قوة عندما استطاعت حركة الإنصاف الباكستانية بقيادة عمران خان، السيطرة على إقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان، التي تعد معقل البشتون.
عمران خان ظل يقدم نفسه على أنه نقيض اللصوص الفاسدين الذين تحالفوا مع الولايات المتحدة لاغتصاب السلطة، وذلك في إشارة للحكومة الائتلافية بقيادة حزب الرابطة الإسلامية- جناح نواز شريف، مؤكداً باستمرار أن واشنطن لا يمكنها أن تتسامح مع سياسة خارجية مستقلة كان يتم اتباعها خلال نظامه، مثل تحسين العلاقات مع روسيا.
قدم نفسه أيضا على أنه خليفة محمد علي جناح، الذي حارب وحصل على استقلال باكستان في عام 1947. في سبيل ذلك دعا الشباب، الذين يشكلون 60% من إجمالي السكان، وغيرهم من الباكستانيين المستنيرين في الداخل والخارج، للانضمام إليه في نضال قومي جديد، معرفا نفسه بالمسلم الصادق، الموثوق والجدير بالثقة.
التقرير يشير إلى أن الحكومة الائتلافية، دحضت ادعاءات المؤامرة الأميركية، وصورت خان بأنه غير كفء ومتغطرس ويحيط به زمرة من المتملقين، وقد تم التخلي عنه بسبب سوء إدارته للاقتصاد، فقد رهن سيادة باكستان لصندوق النقد الدولي قبل إقالته. كما تدعي الحكومة الائتلافية أن إجراءات حكومته مسؤولة عن رفع أسعار الطاقة والنفط في البلاد.
لفت التقرير إلى أن التطور الأكثر إثارة للقلق يتعلق بالمشاعر المعادية للجيش المتزايدة في باكستان، والتي شكلت بشكل مباشر أو غير مباشر المشهد السياسي منذ عام 1947. ولطالما كان يُنظر إلى الجيش على أنه مؤسسة موحدة ومنضبطة ولا يمكن يتم انتقادها علنًا. وبينما أعلنت حكومة خان في فبراير 2022 أن انتقاد مؤسسات الدولة، بما في ذلك الجيش والقضاء، يعتبر جريمة، لكنه ومنذ إقالته من السلطة، ظل ينتقد المحايدين، وهو تعبير ملطف عن الجيش، لتدخلهم في السياسة وحثهم على الدفاع عن ما هو عادل وصحيح.
علاوة على ذلك أشار مساعده المقرب، شهباز جيل في تصريح تلفزيوني إلى وجود اختلاف محتمل في الرأي بين كبار الضباط وغيرهم في الجيش وقد تم اعتقاله لاحقًا. كما تمتلئ وسائل التواصل الاجتماعي أيضًا بالتعليقات التي تنتقد الجيش بشكل صريح أو ضمني، ووصفت حملة على وسائل التواصل الاجتماعي الجنرال باجوا، رئيس أركان الجيش، بالخائن المسؤول عن إزاحة خان من السلطة، مما يشير إلى مزيد من الفصل بين القادة وجيشهم.
أخيرا رأى التقرير بأن هذا الاتجاه الجديد لا يبشر بالخير في ما يتعلق باستقرار البلاد، في مرحلة تزايدت فيها أعداد المسلحين خاصة في سوات والمناطق المجاورة، وأن فشل القادة السياسيين في إيجاد حل للمأزق الحالي يمكن أن يورط باكستان في وضع صعب للغاية.