يرى جون بي ألترمان المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية ونائب رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "CSIS"، أن تنوع إمدادات الطاقة الكهربائية في المستقبل، وتراجع الاهتمام بالنفط والغاز، لا يعني نهاية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، فـالتاريخ على حد قوله لا يتبع خطاً مستقيماً.
وأكد في تعليقه الذي نشره على موقع المركز في 20 سبتمبر 2022 أنه بالرغم من أن النفط والغاز، لن يكونا سلعتين استراتيجيتين في المستقبل البعيد، إلا أنهما مازالا كذلك الآن، فقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى تعطيل أسواق الطاقة العالمية وتهديد إمدادات التدفئة في أوروبا لفصل الشتاء، وهذه أزمة ليست قصيرة الأجل.
هذه التطورات ترافقت بحسب ما يقوله جون بي ألترمان، مع تأثر الكثير بنهاية عصر النفط، حيث لا يرغب العديد من المستثمرين في استكشاف المزيد من الطاقة والبنية التحتية، بسبب العداء لقطاع النفط والغاز لأسباب بيئية، ولأن الاستثمارات الجديدة لها دورة حياة قصيرة جداً لاسترداد التكاليف.
ومن شأن ذلك أن يجذب انتباه العالم نحو الشرق الأوسط، حيث يمكن للمنتجين الحكوميين الاستثمار في الإنتاج، إضافة إلى أن لديهم مصلحة استراتيجية في إطالة عمر النفط من خلال تعديل الأسعار بما يكفي لإبطاء تبني البدائل، فـإنتاجهم لديه أقل بصمة كربونية وأقل تكاليف إنتاج في العالم، لذلك من المرجح أن يتم الجمع بين عدد من العوامل لمنح الشرق الأوسط حصة أكبر من الإنتاج العالمي والحفاظ على هذه الحصة حتى مع ظهور البدائل.
ولكن هل للصين دور في عودة الولايات المتحدة للشرق الأوسط؟ في هذا الشأن يلفت جون بي ألترمان إلى أنه وبينما تتجه الولايات المتحدة إلى آسيا، تحقق الصين بصبر وتأن أهدافها في الشرق الأوسط، وتقدم نفسها على أنها مضاد للهيمنة الأمريكية، فهي لا تقدم محاضرات في الحوكمة ولا تطلب شيئاً سوى المصطلحات التجارية البحتة.
ولكن بالمقابل يلفت جون بي ألترمان إلى أن مصلحة الصين محسوبة، فهي أكثر حرصاً من الولايات المتحدة على تحرير نفسها من الاعتماد على الشرق الأوسط، لـخشيتها من تمكن الولايات المتحدة من عزلها بسرعة عن طاقة الشرق الأوسط في حالة نشوب صراع، ونظراً لافتقارها إلى احتياطيات عميقة من النفط والغاز مثل الولايات المتحدة، وامتلاكها فقط للفحم المحلي المهدد للبيئة، يجعلها هذا مستعجلة أكثر من الولايات المتحدة للخروج من عصر النفط.
ولكن بالرغم من ذلك فإن الصين لديها موقف محسوب وواقعي تجاه الشرق الأوسط، وتعمل على تقوية العلاقات معه بدلاً من إضعافها، في حين أن الولايات المتحدة تميل في الاتجاه الآخر، وتتصرف بمبدأ نهاية القصة التي تعرفها متخطية كل الفصول وينبه هنا جون بي ألترمان إلى إنه مع ذلك، سيحدث الكثير قبل أن نصل إلى نهاية القصة.
فوفق رأيه تحتاج الولايات المتحدة إلى اتخاذ موقف لما سيحدث على المدى المتوسط قبل أن تتخذه على المدى الطويل. إن الجيش الأمريكي كان حكيماً في عدم التحول بشكل حاد عن المنطقة، على الرغم من الضغط للتركيز على المحيط الهادئ، وكانت زيارة بايدن إلى المملكة العربية السعودية في يوليو خطوة بناءة في هذا الاتجاه أيضاً، أضف إلى ذلك أن حلفاء الولايات المتحدة مثل اليابان وكوريا الجنوبية، يعتمدون بشكل كبير على طاقة الشرق الأوسط.
ويرى جون بي ألترمان أن بناء أنماط مستدامة من التعاون، واحتضان المشاريع المشتركة، ومساعدة الشركاء على تنويع اقتصاداتهم ليس أمرا ًذكياً فقط من حيث المنافسة العالمية مع الصين، ولكن أيضاً من حيث تعزيز مصالح الولايات المتحدة وحلفائها. وختم يقول: "قلة من الأمريكيين مازال لديهم الكثير من الصبر على الشرق الأوسط، لكن الصبر هو بالضبط المطلوب".