مراجعات

جنوب القوقاز في السياق الجيوسياسي لروسيا (2)

٢٢ سبتمبر ٢٠٢٢

فيما يخص ميزان القوى في جنوب القوقاز، لفت تقرير لمركز أبحاث جنوب القوقاز في أذربيجان، عن الوضع في منطقة جنوب القوقاز وتأثير روسيا، أعادت نشره منصة جام نيوز القوقازية في (5 سبتمبر 2022)، إلى أنه لمدة ثلاثين عاماً بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كان ميزان القوى في جنوب القوقاز مناسباً بشكل عام لروسيا خلال هذه الفترة، وأقامت دول جنوب القوقاز الثلاث - أذربيجان وأرمينيا وجورجيا - علاقات على مستويات مختلفة مع روسيا وتركيا وإيران.

يمكن تصنيف ميزان القوى في المنطقة بشكل حسابي على النحو التالي:

روسيا +2 -1. تحالف مع أرمينيا (+) شراكة استراتيجية مع أذربيجان (+) صفر علاقات مع جورجيا (-).

تركيا +2 -1. تحالف مع أذربيجان (+) شراكة استراتيجية مع جورجيا (+) صفر علاقات مع أرمينيا (-).

إيران +3. لها علاقات دبلوماسية مع جميع دول جنوب القوقاز الثلاث. لكن لا توجد شراكات استراتيجية.

لكل من روسيا وتركيا حليف واحد وشريك استراتيجي ودولة مضطربة. لكن الفارق الرئيسي هو أن الدولة التي تمثل إشكالية بالنسبة لتركيا هي أرمينيا، والتي هي حليف لروسيا، والدولة الإشكالية بالنسبة لروسيا جورجيا، وهي شريك استراتيجي لتركيا.

يمكن أن يحول هذا الوضع جنوب القوقاز إلى موقع تنافس جديد بين روسيا وتركيا، لكن أذربيجان، والتي هي حليف لـتركيا، وبنفس الوقت شريك استراتيجي لروسيا، تشكل استقراراً ضرورياً في المنطقة.

واعتبر التقرير أن نتائج حرب كاراباخ الثانية غيرت إلى حد ما ميزان القوى، وهي أن أذربيجان حليفة تركيا هزمت أرمينيا حليفة روسيا، واستعادت وحدة أراضيها.

وكان من نتائج الحرب أن روسيا التي توجد قواعدها العسكرية على أراضي أرمينيا وجورجيا، نشرت قواتها لحفظ السلام في أذربيجان، وأيضاً طرحت روسيا تنسيق مجموعة 3 + 3، دول القوقاز الجنوبية الثلاث، وهي أرمينيا وأذربيجان وجورجيا بالإضافة إلى جيرانها الثلاثة الكبار، وهم روسيا وتركيا وإيران، للتركيز على فتح الاتصالات الاقتصادية والنقل في منطقة جنوب القوقاز منطقة، واعتبر التقرير أن هذه المجموعة، التي لا تضم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، هي في مصلحة روسيا.

وهناك احتمالات لتطبيع العلاقات بين أرمينيا وتركيا، أما فيما يخص المفاوضات الأرمنية الأذربيجانية، فيلفت التقرير إلى أنه في حال تحولت هذه الآفاق إلى حقيقة، فقد يتغير ميزان القوى، والظروف الجديدة تحافظ على علاقات روسيا مع دول المنطقة دون تغيير، لكن بالنسبة لتركيا، هناك احتمال بوجود مجموعة +3، والذي يمكن أن يحولها إلى دولة رائدة في المنطقة. وأن رفض جورجيا لـمجموعة 3 + 3 يلغي نفس الاحتمال بالنسبة للاتحاد الروسي.

أما فيما يخص متاعب روسيا الأخرى فقد قال التقرير إنه في فترة ما بعد الصراع، اتخذت أرمينيا خطوات لا تتوافق مع مصالح روسيا. فقد دعا نيكول باشينيان رئيس وزراء أرمينيا الاتحاد الأوروبي كوسيط، وبعد ذلك بدأ يضعف دور الوساطة الروسية، الذي كان احتكره الكرملين لمدة عام بالضبط، وقد تباطأت أرمينيا في القرارات المتخذة عبر الوساطة الروسية، وفضلت السماح للاتحاد الأوروبي بملء هذا الدور.

وبالمقابل احتجت أذربيجان على محاولات الولايات المتحدة لإحياء مجموعة مينسك التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ورأت أن ذلك قد يؤدي إلى ابتعاد الولايات المتحدة عن عملية تطبيع العلاقات الأذربيجانية الأرمنية.

وخلص التقرير إلى أن روسيا منذ فبراير 2022، وجهت اهتمامها ومواردها نحو أوكرانيا، وبالتالي، لا تسمح الموارد المحدودة حالياً لروسيا بأداء دور مهيمن في المنطقة، وأن موسكو بصدد تحديد مصالحها في الواقع الجديد في جنوب القوقاز. وهذا هو السبب الرئيسي لصمت الكرملين.

أما التناقض الآخر في فترة ما بعد الصراع هو أن أذربيجان أصبحت الدولة الأكثر توقعاً بالنسبة لروسيا في جنوب القوقاز. وتجبر الآفاق الجيوستراتيجية والنفع الاقتصادي روسيا على مراعاة موقف دول المنطقة، وقبل كل شيء موقف أذربيجان.

604