مراجعات

إيطاليا والاستدانة من الصين

١٢ أكتوبر ٢٠٢٢

ماذا لو رفض الاتحاد الأوروبي إنقاذ إيطاليا مرة أخرى، هل حينها تلجأ روما إلى الصين للحصول على المساعدة؟ تلك أسئلة ناقشها تقرير مفصل لـ إنريكو كولومباتو الخبير الاقتصادي الإيطالي، والذي اعتبر أن الرؤية الإستراتيجية الحالية لإيطاليا مازالت ضبابية، وقسم العلاقة مع الصين بين مرحلتين وهي بين أوائل عام 2019 وفي نهايتها، حيث تم في بدايتها الإعلان عن تعزيز العلاقات مع بكين، وتم الترحيب بوفد صيني ضخم في روما، بالرغم من انتقادات الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وفتحت الحكومة بقيادة رئيس الوزراء آنذاك جوزيبي كونتي ونائبه لويجي دي مايو، إيطاليا أمام مبادرات الحزام والطريق وجذب الاستثمارات الأجنبية الصينية إلى إيطاليا.

لكن في نهاية عام 2019 تغيرت الأمور عندما جاء ماريو دراجي رئيساً للوزراء أوضح أنه على الرغم من أن الصين شريكًا مهمًا، إلا أن المصالح الاقتصادية لإيطاليا متجذرة بقوة في الغرب. ونتيجة لذلك، منعت الحكومة العديد من عمليات الاستحواذ الرئيسية التي اقترحتها بكين.

أضاف كولومباتو في تقريره الذي نشره موقع جيوبوليتيكال إنتلجنس سرفيس GIS في 5 أكتوبر 2022، أنه بالرغم من أن ماريو دراجي سيظل مؤثرًا في السياسة الإيطالية، لكن من غير المرجح أن يلعب دورًا في الحكومات المستقبلية، لذلك من الصعب تحديد الاتجاه الذي ستسلكه الحكومة الجديدة فيما يتعلق بالصين، لافتاً إلى أن العلاقات التجارية بين الصين وإيطاليا ستظل قوية.

لكن الخبير الاقتصادي الإيطالي مع ذلك لا يبدو متفائلاً، حيث يشير في تقريره إلى أن إيطاليا ليست شريكًا تجاريًا مهمًا لبكين، حيث تُظهر البيانات أن الإيطاليين ليسوا متحمسين للاستثمار في الصين، ولا يهتم الصينيون كثيرًا بالإنتاج في إيطاليا، فعلى الرغم من ارتفاع قيمة الصادرات الصينية إلى إيطاليا في السنوات الثلاث الماضية، فإن الصين باستثناء هونغ كونغ ترسل فقط حوالي 1.3 % من إجمالي صادراتها إلى إيطاليا، وبالمثل، تتلقى الصين 1.1 % فقط من إجمالي وارداتها من إيطاليا.

أشار التقرير إلى أن المجال الأخر لـ إهتمام الصين هو المالية العامة، ولكن الدين العام الايطالي خارج عن السيطرة، وستكون تكلفة خدمة الدين في عام 2022 حوالي 100 مليار يورو، والأسواق تبدو أقل رغبة في شراء السندات الإيطالية، ولا تشير توقعات النمو في البلاد إلى أن الأمور ستتحسن.

يرى كولومباتو أنه يمكن للصين أن تقدم لإيطاليا المساعدة المالية التي بحاجتها، أو يمكن لـ إيطاليا أن تقنع الحكومات الغربية بالسعي إلى إنقاذها المالي مرة أخرى - وبالتالي منع الصين من لعب دور الفارس المنقذ، منوهاً إلى أن بكين لن تفعل ذلك بالمجان.

وفي السيناريوهات المحتملة يرى التقرير أن الأرقام تُظهر أن اهتمام الصين بتأسيس قدرة إنتاجية كبيرة في إيطاليا محدود، وهم بدلاً من ذلك، يشترون أسهمًا في أعمال تجارية مربحة ويختارون مجالات ذات تقنية عالية، ولكن مع ذلك، أبدت الصين اهتمامًا قويًا بالحصول على موطئ قدم على ساحل البحر الأدرياتيكي الإيطالي وهو أحد فروع البحر المتوسط، ولا سيما في ترييستي. قد يكون هذا هو الثمن الذي يتعين على الإيطاليين دفعه لإقناع الصين بتمويل إسرافهم المالي العام.

وختم كولومباتو يقول بأن إيطاليا في حالة سيئة، وأنه من غير المرجح أن تنخرط النخب السياسية في البدء بما يلزم في إصلاح مشاكلها الرئيسية وقد تبحث قريبًا عن مساعدة خارجية، والصين لديها الموارد والرؤية الاستراتيجية لمد يد المساعدة، وقد يستسلم القادة الإيطاليون لذلك، ولكن من الأفضل أن يقرر القادة الغربيون كيفية التعامل مع إيطاليا إذا استمر الوضع الاقتصادي في التدهور.

624