ود مدني في قبضة قوات الدعم السريع .. قراءة في المآلات والتداعيات

تقديرات

ود مدني في قبضة قوات الدعم السريع .. قراءة في المآلات والتداعيات

20-Dec-2023

اجتاحت قوات الدعم السريع مدينة ودمدني حاضرة ولاية الجزيرة بوسط السودان ، واكتنفت الحيرة الجميع لأن القوات المسلحة السودانية أكدت سيطرتها على المدينة بعد ثلاثة أيام من الهجوم المتوالي لهذه القوات عليها من ناحية الشرق. 

وفي بيان أصدره قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان حميدتي جاء فيه أن الهجوم تم لقطع الطريق أمام تحركات حاولت الحشد لاستهداف قواته في الخرطوم، وأن قواته قررت التحرك صوب مقر الفرقة الأولى مشاة بناء على معلومات استخباراتية دقيقة، أكدت حشد قيادة القوات المسلحة بالتنسيق مع قادة النظام القديم قوة من عشرات الآلاف من المقاتلين لمهاجمة الدعم السريع في الخرطوم”. لكن دخول قواته جرى حسب منتقدين في مدينة تأوي آلاف الفارين من القتال في الخرطوم، ما تسبب في نزوح الآلاف للبحث عن مناطق أكثر أمنا.

كما تواجه هذه القوات تحديات أهمها الاتهامات بأن مقصدها من اجتياح مدني هو الغنيمة وسلب ونهب ممتلكات المواطنين ، وحتى الآن لم تغير التطمينات من قناعة الرأي بأن المبررات التي ساقتها للهجوم على مدني كافية ، وهي مبررات رفضتها القوى السياسية الرافضة للحرب أصلا،  فقد وعدت تنسيقية القوى المدنية التي يترأسها الدكتور عبدالله حمدوك رئيس الوزراء السابق بالتواصل مع  طرفي النزاع لحماية المدنيين ومع المجتمع الدولي لعقد جلسة خاصة بمجلس الأمن وكذلك لنزع الشرعية الدستورية عن طرفي الصراع.

أما الجيش السوداني فهو أيضاً تراجعت شعبيته وسط المواطنين لحد كبير،  وخاب أملهم في توفيره الحماية لهم ، خاصة مع توالي سقوط المدن والحاميات العسكرية واحدة تلو الأخرى. وقد تركت طريقة  اجتياز قوات الدعم السريع جسر “حنتوب” الذي يربط شرق مدني بغربها، دون مقاومة بعد سيطرتها على كل المناطق الواقعة شرق الجسر الباب مفتوحاً أمام المظان والتخوين، حيث رسخت قناعة عامة بأن قادة الجيش باعوا مدني للدعم السريع وهي اتهامات يرددها كتاب الاخوان في وسائل التواصل الاجتماعي، وزاد من رسوخ هذه القناعة إعلان الجيش السوداني، فتح تحقيق حول أسباب وملابسات انسحاب الفرقة الأولى من أحد المدن الأهم في السودان.

سقوط المدينة ازعج قيادة تنظيم الاخوان في السودان ، فقد صدر عن على كرتي، الأمين العام للحركة الاسلامية السودانية بيانا طالب فيه قيادة الجيش بمخاطبة الشعب بالحقائق.. لا تتركوه نهباً للشائعات ومكائد المتمردين.. الذين يستهدفون إضعاف ثقة الشعب فيكم لينفضّ من حولكم.

إن سيطرة قوات الدعم السريع على ود مدني وتمددها نحو الوسط بعد سقوط كثير من الحاميات في دارفور وكردفان على يدها تباعاً ، يجعلها الأكثر مبادرة في مسرح العمليات العسكرية فهذه المدينة تعتبر (رمانة) السودان وبها مشروع الجزيرة أكبر مشاريع الري الإنسيابي في افريقيا وتربط شرق السودان بوسطه. 

فضلا عن ذلك يستطيع حميدتي تضييق الخناق على ولايات أخرى والتحرك بسلاسة في مناطق حصينة يسيطر عليها الجيش، فقد تقدمت قواته وسيطرت على مدن ومناطق أخرى  قريبة من ودمدني، بجانب سيطرتها على أجزاء واسعة في غرب السودان تضم مدنا كبيرة علاوة على وجودها القوي في مدن العاصمة المثلثة. 

ووفق مصدر تحدث لموقع مدى مصر، إن سقوط ود مدني يعني سقوط ولاية الجزيرة بكاملها وهذا سيؤدي إلى تهديد ولايات النيل الأبيض، سنار والقضارف أيضًا. مضيفًا بأن لديه معلومات تشير إلى أن قوات الدعم السريع ستتحرك نحو هذه الولايات ليس من أجل السيطرة وإنما من أجل إثبات قادتها من تلك المناطق، أحقيتهم في أن يكون لهم موقع في قيادة الدعم السريع بهذه الولايات.

هكذا أصبح هذه القوات قادرة على المناورة والانتشار في كل ربوع السودان وتستطيع التقدم بعد أن توفرت لها كثير من الطرق السالكة للوصول إلى أهدافها فمدني تربط السودان بالشرق والشمال والجنوب. وتفتح سيطرتها على ود مدني الباب أمام التكهنات بمصير الحرب في السودان، ومعظمها يرجح العودة إلى التفاوض بمنبر جدة،  خاصة بعد أن صرح ضباط كبار في الجيش برغبتهم في ذلك علناً،  لتبقى التساؤلات حول قدرة تنظيم الإخوان في السودان على الصمود والضغط على الجيش ليدفع المزيد من ضريبة الدم ،  وسقوط مزيد من الحاميات وبسط الدعم السريع سيطرته على كل السودان.



350