
طرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خطة لـ “تطهير" غزة، قائلا إنه يريد من مصر والأردن إخراج الفلسطينيين من القطاع في محاولة لإحلال السلام في الشرق الأوسط. وصرح ترامب للصحفيين: "نتحدث عن مليون ونصف مليون شخص لتطهير المنطقة برمتها"، واصفا غزة بأنها "مكان مدمر". وعندما سُئل عما إذا كان هذا اقتراحا مؤقتا أو طويل الأجل، قال ترامب: "يمكن أن يكون هذا أو ذاك".
الموقف الأميركي
ما قبل ترامب
معروف أن الإدارة الأمريكية
السابقة في عهد جو بايدن، شددت على أن وجهة النظر الأمريكية هي أن "غزة أرض فلسطينية
وستبقى أرضا فلسطينية". وقال متحدث الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل،
في ديسمبر 2023، إن واشنطن "لا تدعم أي إعادة توطين بشكل قسري للفلسطينيين خارج
غزة، وأن الأمر ليس مطروحا على الطاولة".
وفي 19 يناير
الجاري ، بدأ سريان اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى بين حركة حماس وإسرائيل،
بوساطة قطر ومصر والولايات المتحدة. ويتكون الاتفاق من 3 مراحل مدة كل منها
42 يوما، يتم خلالها التفاوض لبدء مرحلة ثانية وثالثة برعاية قطر ومصر والولايات المتحدة.
سموتريتش على خط
الترحيب
وزير المالية الإسرائيلي،
بتسلئيل سموتريتش، رحب بتصريحات ترامب، قائلاً في بيان: «بعد 76 عاماً من احتجاز غالبية
سكان غزة قسراً في ظروف قاسية، فإن فكرة مساعدتهم في العثور على أماكن أخرى لبدء حياة
جديدة أفضل هي فكرة ممتازة».
سموتريتش أضاف: «لسنوات عدة، اقترح الساسة حلولاً غير عملية مثل تقسيم الأرض وإقامة دولة فلسطينية، الأمر الذي عرض وجود وأمن الدولة اليهودية الوحيدة في العالم للخطر، ما أدى فقط إلى إراقة الدماء والمعاناة لكثيرين.. إن التفكير خارج الصندوق والحلول الجديدة هي التي ستجلب السلام والأمن. سأعمل مع رئيس الوزراء والحكومة لوضع خطة عملية لتنفيذ ذلك في أقرب وقت ممكن»، حسبما أوردت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
رفض عربي واضح
كان الموقف العربي واضحا في رفض
مقترحات تهجير الفلسطينيين، وشددت الدول العربية وجامعة الدول العربية على رفضها
للمخطط، وكررت مصر والأردن في مناسبات عدة رفضهما لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين
إلى أراضيهما.
مصر أكدت في بيان رفضها
القاطع لأي محاولات لتهجير الفلسطينيين، سواء بشكل مؤقت أو دائم، مشددة على أن هذا
الأمر يهدد الاستقرار في المنطقة ويقوض فرص السلام، كما دعت إلى تنفيذ حل الدولتين
وفق قرارات الشرعية الدولية.
وقبل ذلك أكد الرئيس
المصري عبد الفتاح السيسي ، رفض بلاده القاطع لتهجير الفلسطينيين، سواء بالنزوح داخلياً
أو بالتهجير خارج أراضيهم، لاسيما إلى الأراضي المصرية في سيناء. كما أضاف أن تهجير
الفلسطينيين يعني تصفية القضية الفلسطينية، وهو ما ترفضه مصر تماما، مشددا على ضرورة
أن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة.
الأردن أيضًا رفضت
هذا المقترح، مؤكدة على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بدلاً من تهجير
السكان. وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، رفض بلاده لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين،
مشددا على ثوابت الأردن في دعم حق الفلسطينيين بالبقاء على أرضهم. وقال ، إن
"ثوابتنا واضحة، وتثبيت الفلسطينيين على أرضهم ثابت أردني لم ولن يتغير".
الفلسطينيون، من جانبهم،
سخروا من هذه الفكرة وأكدوا تمسكهم بأرضهم وحقوقهم المشروعة، معتبرين أن مثل هذه المقترحات
تتماشى مع أجندة اليمين الإسرائيلي المتطرف. حركة حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى
رفضت بشدة تصريحات ترامب، معتبرة أنها تتعارض مع القانون الدولي وحقوق الشعب الفلسطيني.
في السياق أعربت الرئاسة
الفلسطينية في بيان، عن رفضها مشاريع تهجير الفلسطينيين في غزة، معتبرة ذلك "تجاوزاً
للخطوط الحمراء".
ردود فعل دولية
الاتحاد الأوروبي: أعرب عن قلقه العميق من هذه التصريحات، مؤكدًا
أن أي حل للقضية الفلسطينية يجب أن يكون قائمًا على حل الدولتين وفقًا للقرارات الدولية.
الأمم المتحدة: رفضت هذه الفكرة بشدة، مشددة على أن تهجير
السكان يتعارض مع القانون الدولي وحقوق الإنسان.
روسيا: عبرت عن رفضها لأي محاولات لتغيير الوضع
الديمغرافي في غزة، مؤكدة على ضرورة التوصل إلى حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية.
منظمات حقوق الإنسان: أدانت هذه التصريحات واعتبرتها انتهاكًا
صارخًا لحقوق الفلسطينيين، داعية المجتمع الدولي إلى الوقوف ضد هذه المحاولات.
تأثير على العلاقات
الدولية
توتر العلاقات مع الدول
العربية: هذا التوتر
مع الدول العربية يمكن أن يؤدي إلى تراجع التعاون في مجالات أخرى مثل الأمن والاقتصاد.
تأثير على عملية السلام: هذه التصريحات قد تعرقل جهود السلام في الشرق
الأوسط، حيث إن تهجير الفلسطينيين يتعارض مع حل الدولتين الذي تدعمه معظم الدول.
ردود فعل دولية: الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة رفضتا هذه
الفكرة، مما قد يؤدي إلى تباعد في المواقف بين الولايات المتحدة وحلفائها التقليديين.
زيادة التوترات الإقليمية: يمكن أن تؤدي هذه التصريحات إلى زيادة التوترات
في المنطقة، مما يؤثر على الاستقرار الإقليمي ويزيد من احتمالات النزاعات.
تأثير على الفلسطينيين
زيادة التوتر والقلق: هذه التصريحات قد تزيد من مشاعر القلق والخوف
بين الفلسطينيين، خاصة في قطاع غزة، حيث يشعرون بتهديد مباشر لأمنهم واستقرارهم.
تفاقم الأوضاع الإنسانية: تهجير الفلسطينيين من منازلهم يمكن أن يؤدي
إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، حيث سيواجهون صعوبات في الحصول على المأوى، الغذاء، والخدمات
الأساسية.
تأثير نفسي واجتماعي: التهجير القسري يمكن أن يترك آثارًا نفسية
واجتماعية عميقة على الفلسطينيين، بما في ذلك الشعور بفقدان الهوية والانتماء.
تأثير على التعليم
والعمل: تهجير
الفلسطينيين يمكن أن يؤثر على فرصهم في التعليم والعمل، مما يزيد من معدلات البطالة
والفقر بينهم.
زيادة المقاومة: هذه التصريحات قد تؤدي إلى زيادة المقاومة
والاحتجاجات بين الفلسطينيين، حيث سيشعرون بضرورة الدفاع عن حقوقهم وأرضهم1.
ليس الأول ولن يكون
الأخير
مقترح ترامب، اعتبره
المؤرخ الفلسطيني، عبد القادر ياسين، «ليس الأول ولن يكون الأخير في مخططات تهجير الفلسطينيين»،
متوقعاً أن «يزداد الرفض غير الرسمي لتلك المشاريع، سواء من حركات المقاومة الفلسطينية،
أو من الشعوب العربية».
ياسين قال لـصحيفة
الشرق الأوسط إن مشاريع توطين الفلسطينيين في الأقطار العربية عرفت حضوراً تاريخياً
متكرراً، لا سيما بداية من عام 1953، بما عرف حينها بـ«خطة سيناء»، وكذلك «مشروع الجزيرة»
شمال سوريا، لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا والعراق، و«مشروع جونسون»
لتوطين الفلسطينيين الموجودين بالضفتين الشرقية والغربية حول نهر الأردن.
وقال الدكتور عمرو
حمزاوي، أستاذ العلوم السياسية، إن دعوة ترامب هي «تجديد للخطة المجرمة لتهجير الشعب
الفلسطيني وتصفية قضيته التي يتبناها اليمين الإسرائيلي وتفكر بها الدوائر الصديقة
لإسرائيل في الولايات المتحدة»، وأضاف حمزاوي، في حسابه على «إكس»: «كانت خطة اليمين
الإسرائيلي منذ نشبت الحرب وطوال شهورها المدمرة هي تدمير القطاع وجعله غير صالح للحياة
الآدمية لكي يجبر أهل غزة على الرحيل وتنفتح بوابات التهجير».
ووصف السيناتور الأمريكي
الجمهوري ليندسي غراهام، دعوة ترامب بأنها "غير عملية". وفي مقابلة له مع
شبكة "سي إن إن" الأمريكية قال غراهام: "في حال سألنا السعودية والإمارات
ومصر عن خطتهم المستقبلية للفلسطينيين، وهل يريدون مغادرتهم القطاع، فأعتقد أنهم يريدون
أن يتمكن الفلسطينيون من العيش بكرامة وأمان".