رئيس وزراء بولندا "ماتيوس مورافيتسكي"، قال في تصريح مثير للجدل، إن بلاده ترغب بالمشاركة في برنامج التبادل النووي بين دول الناتو، بعد أن أعلنت روسيا أنها تنشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا. وأكد في قمة المجلس الأوروبي في بروكسل أن وارسو مهتمة بالمشاركة في البرنامج، وأن القرار النهائي سيعتمد على الشركاء في واشنطن وحلف الناتو (Polsat News: 30 June 2023).
والتبادل النووي هو برنامج الردع الشامل لحلف شمال الأطلسي، ويسمح بتزويد الحلفاء الذين لا يمتلكون أسلحة نووية خاصة بهم برؤوس حربية نووية. ومنذ نوفمبر 2009، كجزء من البرنامج، تم نشر أسلحة نووية أمريكية في بلجيكا وألمانيا وإيطاليا وهولندا وتركيا (European Pravda: 30 June 2023).
مخاوف بولندا زادت بعد أن وقع وزيرا دفاع روسيا وبيلاروسيا وثائق حول نشر أسلحة نووية تكتيكية على الأراضي البيلاروسية في 25 مايو الماضي (Associated Press: 25 May 2023)، وتأكيد الرئيس "فلاديمير بوتين" ذلك في 16 يونيو، حيث قال إن أول رؤوس حربية نووية تكتيكية روسية موجودة بالفعل في بيلاروسيا، وسيتم الانتهاء من النقل النهائي بحلول نهاية العام (Bloomberg: 16 June 2023).
وفي موقف ينم عن غطرسة واضحة، وبدلا من محاولة طمأنة بولندا، تطاول نائب رئيس مجلس الأمن الروسي "دميتري مدفيديف" على قياداتها قائلا إن القيادة البولندية لا تضم في صفوفها اليوم إلا "المنحطين المهووسين"، وهذا الطلب يعني أنه سيتم استخدام هذه الأسلحة لاحقا. وقال إن القرار النهائي بهذا الخصوص سيعود لعجوز "أصابه الخرف" يتواجد خلف المحيط، وهو يقصد الرئيس الأميركي "جو بايدن" بهذا الوصف غير الدبلوماسي. (روسيا اليوم: 1 يوليو 2023).
من المعروف أن طلب " مورافيتسكي" في قمة المجلس الأوروبي ليس الأول في هذا الشأن، فقد سبقه في ذلك الرئيس البولندي "أندريه دودا" في عام 2022. وقد تم النظر إلى طلبه آنذاك على أنه رمزي، لأن نقل رؤوس نووية جديدة بالقرب من روسيا، وفقا للخبراء، سيجعلها أكثر عرضة للخطر، وأقل فائدة من الناحية العسكرية، علاوة على ذلك، لم يلق طلبه آنذاك أي صدى في أروقة البيت الأبيض (The Guardian: 5 Oct. 2022).
وعلى الرغم من أن اتحاد العلماء الأميركيين أقر بأن واشنطن لديها 100 سلاح نووي متبق في أوروبا في أعقاب الحرب الباردة، ولكن قد يرى قادة حلف الناتو أن نقل الأسلحة النووية الأميركية إلى بولندا يعد انتهاكا لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية مع روسيا، والقانون التأسيسي للحلف، الذي أعلن بعد نهاية الحرب الباردة أنه ليس لديه خطة لنشر أسلحة نووية في أراضي الأعضاء الجدد، حتى إذا انتهكت روسيا التزامها بموجب المعاهدة، وأكملت إجراءات نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا.
على أية حال، حتى الآن يمكن اعتبار أن حديث رئيس وزراء بولندا مجرد اقتراح وليس طلبا رسميا، ربما يكمن الهدف الحقيقي منه رغبته تقويض مكانة روسيا في المنطقة، وحث الولايات المتحدة وقادة الناتو على حماية بلاده في حالة اندلاع حرب نووية. وبناءً على الطبيعة الحساسة لاستخدام الأسلحة النووية، من الأرجح أن تكون ردود الفعل الدولية تجاه حديثه قوية وسلبية. هذه الردود قد تشمل الإدانات الشديدة لطلب بولندا، والمطالبات بالتفاوض بدلا عن التصعيد، لإنهاء الأزمة مع روسيا.