سيناريوهات حرب إسرائيل وحزب الله

تقديرات

سيناريوهات حرب إسرائيل وحزب الله

22-Nov-2023

فرضت الحرب الإسرائيلية مع حركة حماس في غزة، منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي، تداعياتٍ قويةً على دول المنطقة والعالم كافة، لكن في لبنان كانت هناك وضعية خاصة؛ بفعل وجود مليشيا حزب الله المسلحة، والتي دخلت فور اندلاع الصراع في مناوشات عنيفة مع الجيش الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية، وهدد زعيمها حسن نصر الله بتوسيع نطاق وطبيعة الاشتباك وأهدافه؛ وذلك ارتباطاً بمجريات المعارك في القطاع على الطرف الآخر من الحدود. 

هذا الوضع بات يثير تساؤلات ومخاوف بشأن حتمية الحرب الشاملة، وتداعياتها المحتملة على لبنان والمنطقة، وسط تقديرات متباينة، بين من يرى أن الطرفين سينجحان في الحفاظ على التصعيد في حدوده الحالية، ووفق قواعد الاشتباك المتفق عليها ولو بشكل ضمني، وبين من يذهب إلى أن الصراع سيشتعل على نطاق أوسع، إما لرغبة حزب الله في ذلك إذا قدر أن وجود حركة حماس في غزة أصبح في خطر وأنه هو نفسه سيكون الهدفَ التالي، أو بمبادرة من إسرائيل إذا طوت ملف الحرب في القطاع بأي صيغة كانت، حينها سيكون الدافع موجوداً للانتقام من الحزب على أعماله منذ السابع من أكتوبر. 

السيناريو الأول تدعمه تصريحات المسؤولين الإسرائيليين المتكررة، بأن تل أبيب غير معنية بفتح جبهة جديدة على الحدود الشمالية، مع تحذيرهم من أن لبنان سيتحمل تكلفة كبيرة إذا تجرأ حزب الله على القيام بعمل على غرار هجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته حماس على بلدات إسرائيلية انطلاقاً من قطاع غزة. ويدعم هذا السيناريو احتفاظ الطرفين بالاشتباكات في نطاق محدود، وعدم السماح لها بالخروج عن السيطرة، الأمر الذي يعني في الغالب أن أيّاً منهما لا يريد الذهاب بعيداً في التصعيد. فحزب الله يريد أن يحافظ على صورته كداعم رئيسي لحماس وعضو قيادي ضمن مجموعة المليشيات الموالية لإيران على مستوى الإقليم، أما إسرائيل فقد اكتفت بالرد، بشكل يحفظ لها مستوى معيناً من الردع، ولا يؤدي إلى الانخراط في صراع كبير، قد يشتت ولو جزئياً تركيزها على الحرب في القطاع. 

أما السيناريو الثاني فيقوم على أساس أن إسرائيل لن تتسامح أبداً مع هجمات حزب الله عليها منذ بداية الحرب، في وقت كانت مشغولة بالصراع مع حماس، وأنها فور ما تُحيِّد ملف الحركة ستشن هجوماً كبيراً في جنوب لبنان، لن يكون بمقدور الحزب إلا أن يتعامل معه على أنه حرب شاملة عليه. كما يذهب أصحاب هذا الطرح إلى أن الحزب ربما لا ينتظر أن تفرغ له إسرائيل، بل قد يبادر بالهجوم عليها إذا شعر أن الصراع في غزة سينتهي بهزيمة كبيرة لحليفته حركة حماس؛ لأنه في هذه الحالة سيكون على الأرجح المحطة القادمة، وبالتالي لن يكون هنالك فرق كبير إذا اندلعت الحرب قبل أو بعد انتهاء حرب غزة.

في سياق السناريو الثاني نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية في تقرير لها عن مسؤولين أمنيين إسرائيليين تقديرهم بأن الجيش الإسرائيلي نشر حتى الآن حوالي 100 ألف جندي على الحدود مع لبنان، وأنه حوّل المناطق الحدودية في الشمال إلى معسكر غير معلَن، حيث الدبابات في الشوارع والمدرعات والآلية مصطفة في أماكن اللعب والجنود ينامون في خيام بالحقول. كما نقل التقرير قول جندي مظلي إسرائيلي، إن موضوع الحرب "لا يتعلق بالتخمين إذا كانت ستندلع أم لا، بل بتقدير توقيتها فقط". 

 وبين سيناريو الحرب الشاملة، واحتمال الاحتفاظ بالوضع وفق قواعد الاشتباك الحالية، يمكن القول إن نتائج الصراع في غزة ستكون المحدد الرئيسي في المستقبل المنظور للتطورات على حدود إسرائيل الشمالية مع لبنان. إذا استطاع الجيش الإسرائيلي تحقيق أهدافه المعلنة من العملية البرية في القطاع بسرعة ودون تكاليف خارج الحسابات العسكرية والسياسية لدى إسرائيل، فإن ذلك قد يدفعه إلى حرب واسعة النطاق في الشمال لتقليل خطر حزب الله، أما إذا خرج دون تحقيق تلك الأهداف فإن تهدئة الأوضاع على الحدود مع لبنان ستكون هي السيناريو الراجح. 

218