في 28 مارس 2023، أكدت بيلاروسيا في بيان رسمي أنها ستستضيف أسلحة نووية تكتيكية روسية على أراضيها، بالرغم من تلويح الغرب بالمزيد من العقوبات في حال القيام بهذه الخطوة. قالت مينسك في البيان الصادر عن وزارة الخارجية إن القرار جاء ردا على سنوات من الضغوط الغربية تشمل العقوبات المفروضة عليها، إلى جانب ما وصفته بالتعزيز العسكري من جانب الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي قرب حدودها. هذا البيان هو الأول لبيلاروسيا منذ إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 25 مارس 2023 أن موسكو ستنشر أسلحة نووية تكتيكية في أراضيها، كما ستبني منشأة لتخزين الأسلحة النووية هناك.
كان بوتين قد قال خلال مقابلة مع شبكة (روسيا 1 ) الحكومية إن نظام صواريخ اسكندر قصير المدى، القادر على حمل رؤوس حربية نووية أو تقليدية، قد تم نقله بالفعل إلى بيلاروسيا، وإن موسكو قد ساعدت في تطوير 10 طائرات بيلاروسية لجعلها قادرة على حمل رؤوس حربية نووية تكتيكية، كما ستبدأ في تدريب الطيارين على قيادة الطائرات المعاد تشكيلها في أوائل الشهر المقبل. الرئيس الروسي أكد على أن هذه الخطوة هي ردة فعل على قرار بريطانيا تزويد أوكرانيا بقذائف خارقة للدروع تحتوي على يورانيوم منضب.
شبه بوتين هذه الخطوات بنشر واشنطن أسلحتها النووية في أوروبا، قائلا: "لا يوجد شيء غير عادي هنا. الولايات المتحدة تقوم بالأمر نفسه منذ عقود، فلقد نشروا منذ فترة طويلة أسلحتهم النووية التكتيكية على أراضي الدول الحليفة لهم... إننا سنفعل ذلك أيضا، دون انتهاك لالتزاماتنا الدولية بشأن منع انتشار الأسلحة النووية"، موضحا أن روسيا لن تنقل التحكم في هذه الأسلحة إلى بيلاروسيا. وهذه هي المرة الأولى التي تقوم فيها موسكو بنشر هذا النوع من الأسلحة خارج البلاد منذ منتصف التسعينيات.
الخطوة الروسية قوبلت بإدانة سريعة من المتحدثة باسم حلف شمال الأطلسي أوانا لونغيسكو التي وصفتها بأنها "خطيرة وغير مسؤولة". علاوة على ذلك، حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، بيلاروسيا من السماح لروسيا بنشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضيها. قال بوريل في تغريدة على تويتر، 26 مارس 2023: "استضافة بيلاروسيا لأسلحة نووية روسية سيعني تصعيدا غير مسؤول وتهديدا للأمن الأوروبي. لا يزال بإمكان بيلاروسيا إيقاف ذلك، إن الخيار لديها"، مضيفا: "الاتحاد الأوروبي مستعد للرد بمزيد من العقوبات".
مع ذلك، قال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية لوكالة رويترز، 25 مارس 2023، إنه لا توجد مؤشرات على أن موسكو تعتزم استخدام هذه الأسلحة، موضحا: "لم نر أي سبب لتعديل وضعنا النووي الاستراتيجي ولا أي مؤشرات على أن روسيا تستعد لاستخدام سلاح نووي". يظل سيناريو استخدام روسيا أسلحة نووية ضد أوكرانيا أو حلف الناتو غير مرجح حتى الآن، نظرا للأضرار الكارثية التي ستتبع مثل هذه الخطوة. غير أن التلويح بالتصعيد النووي يظل ورقة ضغط فعالة في يد موسكو.
إن نشر أسلحة نووية تكتيكية في بيلاروسيا يعزز في تقديرنا من قدرة روسيا على استهداف العديد من أعضاء الناتو في أوروبا الشرقية والوسطى. نرى أن ذلك يساعد موسكو في تحقيق هدفين رئيسيين:
أولا، الضغط على حلفاء أوكرانيا، من خلال زيادة تكلفة تعزيزهم الدعم العسكري لكييف.
ثانيا، رد موسكو على التهديد الأمني المستمر الذي تراه في توسع الناتو، فلطالما اعتبرت روسيا توسع الناتو تهديدا كبيرا على أمنها، وكانت قد طرحت قائمة من الطلبات قبل إطلاقها عمليتها العسكرية في أوكرانيا كان أهمها متعلقا بكبح توسع الناتو.
كذلك نرى أن توسيع موسكو رقعتها النووية وتعزيز قدرتها على تهديد دول شرق ووسط أوروبا، من المرجح أن يلعب دورا محوريا في تقوية الموقف الروسي في أي مفاوضات في المستقبل، سواء حول إنهاء الحرب في أوكرانيا أو الحد من توسع الناتو. كما يمكن لموسكو تحقيق أكبر قدر من المكاسب الجيوستراتيجية من الحرب، مثل السيطرة على المناطق الشرقية من أوكرانيا أو نشر أسلحة نووية في بيلاروسيا، وهذا يمثل أهمية محورية بالنسبة لموسكو، التي تسعى إلى تعزيز موقفها في المعادلة الإقليمية الأوروبية.