 
							
						نشر التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة "صمود" الذي يتزعمه رئيس مجلس الوزراء السوداني السابق د.عبدالله حمدوك بيانًا دعا فيه المجتمعين المحلي والدولي إلى تصنيف حزب المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية السودانية كمنظومة إرهابية". تأتي هذه الدعوة في خضم الحرب الدائرة في السودان، وتستند إلى تاريخ طويل من الاتهامات الموجهة ضد هذه المنظومة.
ملخص رؤية صمود 
تقول صمود إن الدعوة
لتصنيف اﻟﻣؤﺗﻣر اﻟوطﻧﻲ وحركته الإﺳﻼﻣﯾﺔ كمنظومة إرهابية هو ﺑﺎﻷﺳﺎس، ﻣوﻗف ﺗﺟﺎه
ﻣﻣﺎرﺳﺎت إﺟراﻣﯾﺔ ﻣﻣﺗدة ﻟﻌﻘود وﻻ ﺗزال ﻣﺳﺗﻣرة وتمثل اﻟﻌﺎﺋق اﻷﻛﺑر أﻣﺎم اﻟﺳـﻼم واﻷﻣن
واﻻﺳﺗﻘرار واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻻزدھﺎر، كما أن هذه المنظومة تقف ضد خيار الحل السياسي
السلمي للأزمة في السودان وتصر على مواصلة الحرب لفرض أجندتها الإقصائية. وبسبب
ذلك كله، نرفض رفضاً قاطعاً مشاركة هذه المنظومة في أية ﻋﻣﻠﯾﺔ سياسية لإحلال
السلام واسترداد مسار التحول المدني الديمقراطي. 
وفي ذات الوقت،
نؤكد استعداد القوى المدنية الديمقراطية ﻟﻠﺣوار ﻣﻊ أية جماعات إسلامية تعلن رفضها
لاستمرار الحرب لصالح خيار الحل السياسي السلمي، وقبول اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ اﻟﺗﻌددﯾﺔ وﻓق
اﻟﻣواﺛﯾق اﻟدوﻟﯾﺔ ﻟﺣﻘوق الإﻧﺳـﺎن واﻟﺗداول اﻟﺳـﻠﻣﻲ ﻟﻠﺳـﻠطﺔ ودوﻟﺔ اﻟﻣواطﻧﺔ
المتساوية - خصوصاً مساواة وكرامة النساء وغير المسلمين - وﺗﻘﺑل اﻟدوﻟﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ
اﻟﺣدﯾﺛﺔ واﻟﺷـرﻋﯾﺔ اﻟدوﻟﯾﺔ وعدم اﻟﺗدﺧل ﻓﻲ ﺷؤون اﻟﺑﻼد الأخرى، وﺗرﻓض اﻹﻛراه، ﻛﻣﺎ
ﺗرﻓض اﻹرھﺎب ﻓﻛراً وﻣﻣﺎرﺳﺔ.
حجج ودوافع 
استندت دعوة "صمود" على مجموعة من الاتهامات الموثقة التي تشمل:
أشار التحالف إلى انقلاب 30يونيو 1989 الذي نفذه البشير وانقلاب 25 أكتوبر 2021 الذي أجهض حكم أول سلطة مدنية بعد البشير برئاسة حمدوك كدليل على رفض المنظومة للديمقراطية.
إتهم التحالف المؤتمر الوطني ورديفته الحركة الإسلامية السودانية بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، مستندًا إلى مذكرات المحكمة الجنائية الدولية. كما يوثق الفساد الممنهج الذي أدى إلى نهب مليارات الدولارات من موارد البلاد مدى الخرب والدمار الذي لحق بالبلاد جراء سيطرة الإخوان على الحكم 30 عاماً.
 يذكر التحالف أن الحركة الإسلامية حولت السودان
إلى مركز للإرهاب الإقليمي، حيث استضافت أسامة بن لادن وتورطت في أحداث إرهابية
دولية، مما أدى إلى تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب.
تحول سياسي
  يُعتبر نداء "صمود" تحولًا سياسيًا
مفصليًا يهدف إلى دفع المجتمع الدولي لاتخاذ إجراءات حاسمة تجاه المؤتمر الوطني.
التحالف يرى أن هذه المنظومة هي العائق الأكبر أمام السلام والاستقرار في السودان،
وأنها تصر على استمرار الحرب لفرض أجندتها. يرفض التحالف بشكل قاطع مشاركة هذه
المنظومة في أي عملية سياسية مستقبلية لإحلال السلام، معلنًا استعداده للحوار مع
أي جماعات إسلامية أخرى تقبل بالديمقراطية والتعددية.
  من وجهة نظر التحالف، فإن تصنيف المؤتمر الوطني
والحركة الإسلامية كمنظمات إرهابية يرجع إلى بنيتهما الأيديولوجية والتنظيمية
القائمة على العنف ورفض الدولة الوطنية، فضلًا عن شبكاتهما العابرة للحدود. 
يرى التحالف أن
هذه الشروط لا تنطبق على قوات الدعم السريع أو الجيش، على الرغم من فظاعة جرائمهم،
لأن هذه الكيانات، برأي التحالف، لا تحمل مشروعًا أيديولوجيًا عابرًا للحدود.
يعتبر التحالف أن جرائم الدعم السريع والجيش يجب أن تُعالج عبر آليات المساءلة
الجنائية الدولية والعدالة الانتقالية، بينما يتطلب المؤتمر الوطني تصنيفًا
إرهابيًا بسبب طبيعته التنظيمية والأيديولوجية.
آراء الكتاب
وتحليل الموقف الراهن:
 تظهر آراء الكتاب والمحللين المضمنة في المقال
تباينًا في الرؤى حول كيفية التعامل مع الحركة الإسلامية، لكنها تتفق على أن
وجودها يمثل تهديدًا خطيرًا على مستقبل السودان.
رئيس الحركة الشعبية (التيار الثوري)  ياسر عرمان أكد في مقال نشره موقع (الراكوبة)
أكد على ضرورة فك الارتباط بين الجيش والإسلاميين، معتبرًا أن المؤتمر الوطني ليس
من أصحاب "اليوم التالي" للحرب. ورأى أن الإسلاميين استخدموا الجيش كـ “رافعة"
للوصول إلى السلطة وتسييسه، وأن بقاء هذا الارتباط سيؤدي إلى إنتاج الأزمة مجددًا.
الكاتب خالد
أبواحمد: وصف حكم الإسلامويين بأنه "منظومة عذاب" أدت إلى تفكيك الدولة
وخدماتها، وتحويلها إلى "مؤسسات جباية" تتاجر بمعاناة المواطنين في
الداخل والخارج.
    د. أحمد التيجاني سيد أحمد اعتبر في مقال له
نشر بموقع (سودانايل) مشروع الإسلام السياسي في السودان "ماسونيًا
واحتكاريًا" يهدف إلى تفكيك الدولة لصالح جماعات مؤدلجة. ويؤكد أن فشل هذا
المشروع هو بداية لمرحلة جديدة من الوعي الوطني.
أما الدكتور عبد المنعم مختار قدم نهجًا أكثر تفصيلًا يقوم على استيعاب
الإسلاميين المعتدلين مقابل حظر المتطرفين. يضع شروطًا للمشاركة السياسية، مثل نبذ
العنف والالتزام بالديمقراطية، مع التأكيد على ضرورة إزالة تمكينهم من مؤسسات
الدولة.
الصحفي صلاح
شعيب يرى أنه ما تزال هناك فرص أمام قائد الجيش البرهان وحده لإبعاد سيناريو
التقسيم من التحقق على الأرض في السودان. واعتقد أن أولى الخطوات التي يمكن أن
يجنب بها تشظي البلاد هي إبعاد الإسلاميين من الجيش، والخطو بشجاعة نحو تخليص وحدة
البلاد من شبح الانهيار.وأضاف
صحيح أن هناك تعقيدات، وتحديات لوجستية، أمام البرهان لتغيير المعادلة على أرض
المشهدين السياسي والحربي، ولكنه هو البرهان الذي يملك من رمزية قيادة الجيش بما
يؤهله لوجود داعمين لمغامرة التغيير في موقف بورتسودان من الحرب.
الرباعية لا
ترغب في الإخوان:
  لم تحظ دعوة "صمود" بأي تفاعل دولي،
ولكنها تنسجم مع أراء كثير من الدول ذات العلاقة بملف الأزمة السودانية وفي
مقدمتها الرباعية (مصر – الامارات – السعودية – أمريكا) جميع هذه الدول لا تحبذ أن
يكون هناك دوراً للإخوان في السودان مستقبلاً، وبالتالي تجد دعوة "صمود"
أرضية خصبة للانطلاق على المستوى الدولي خاصة في ظل التحولات التي شهدتها منطقة
الشرق الأوسط على ضوء الحرب الاسرائيلية الايرانية وعودة السودان لحلف طهران.
سيناريوهات محتملة
تظهر التطورات
الأخيرة أن المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية يعيدان تنظيم صفوفهما، ويستغلان
الحرب الجارية لتعزيز نفوذهما، وهو ما يتجلى في نقاط عدة:
تطلعات العودة للسلطة:
 نقلت وكالة رويترز عن رئيس المؤتمر الوطني أحمد
هارون قوله: إن حزبه قد يعود عبر صناديق الاقتراع بعد الحرب، ويقترح منح الجيش
دورًا سياديًا. هذا التصريح يكشف عن نية الإسلاميين في استغلال الوضع الراهن
وإعادة تموضعهم.
الارتباط بالجيش:
على الرغم من نفي الجيش التنسيق مع الإسلاميين، فإن هارون نفسه أقر بدعم حزبه للجيش. كما أن ظهور كتائب إسلامية مسلحة، مثل "البراء بن مالك"، يثير تساؤلات حول علاقة هذه القوى بالجيش.
 تجمع الدبلوماسيين السودانيين يدعو الرباعية
الدولية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، مصر) إلى إبعاد الجيش والدعم
السريع عن السلطة، وحظر عودة المؤتمر الوطني، مما يعكس إجماعًا مدنيًا واسعًا على
رفض استمرارية حكم الإسلاميين أو العسكريين.
خلاصة:
تُعد دعوة
"صمود" لتصنيف المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية كمنظمات إرهابية تحولًا
سياسيًا بالغ الأهمية. فالاتهامات الموجهة ضد هذه المنظومة ليست مجرد شعارات
سياسية، بل تستند إلى تاريخ من العنف والفساد وتفكيك الدولة. وعلى الرغم من أن
تحقيق هذه الدعوة يعتمد على استجابة المجتمع الدولي والمصالح الجيوسياسية، فإنها
تضع ضغطًا كبيرًا على جميع الأطراف.
إن الوضع الراهن في السودان يُظهر أن الحركة الإسلامية ليست طرفًا من الماضي، بل هي فاعل أساسي في الحرب الدائرة، وتخطط للعودة إلى المشهد السياسي عبر بوابة الجيش. إن الحل الدائم في السودان يتطلب ليس فقط إنهاء الحرب، بل أيضًا تفكيكًا كاملًا للدولة العميقة التي بنتها الحركة الإسلامية، ووضع آليات لعدالة انتقالية ومحاسبة تضمن عدم عودة هذه المنظومة إلى الحكم بأي شكل من الأشكال.
 
				        							 
				        							 
				        							 
				        							 
				        							