إسرائيل واجتياح غزة

تقديرات

إسرائيل واجتياح غزة

17-Oct-2023

مع احتدام حرب إسرائيل - غزة، تصاعدت الأصوات الإسرائيلية التي تنادي بشن حملة عسكرية في غزة تهدف إلى الانتهاء من حماس بشكل كامل، لضمان عدم تكرار أي هجمات مماثلة لتلك التي بدأت في السابع من أكتوبر الجاري. تحمل هذه العملية العسكرية العديد من المخاطر والتبعات التي قد تؤثر على الإقليم بأكمله، وتغير معادلاته الجيوستراتيجية. في 14 أكتوبر 2023، نشرت صحيفة وول ستريت جورنال، مقالا بقلم مارغريتا ستانكاتي وديون نيسنباوم تناول السيناريوهات العملياتية والتداعيات المحتملة لعملية بهذا الحجم. 

يذكر الكاتبان أنه لا توجد خيارات جيدة فيما يتعلق بعملية اجتياح غزة التي تستعد إسرائيل لشنها بهدف تدمير قدرة حماس على الحكم في القطاع، فقد أرسلت دبابات وقناصة ووحدات مدفعية وعشرات الآلاف من الجنود إلى حدود قطاع غزة، وطلبت من المدنيين الذين يعيشون في الجزء الشمالي من القطاع - وهي منطقة يبلغ عدد سكانها 1.1 مليون نسمة - المغادرة من أجل سلامتهم. 

الكاتبان طرحا سؤالا لم يجب عنه أيا من صناع القرار في إسرائيل وهو: ماذا بعد حماس؟ وأشارا إلى أن الكثيرين في جميع أنحاء إسرائيل يرون أن معاقبة المسؤولين عن العنف أكثر أهمية بكثير من معرفة ما سيحدث بعد حماس. وقال مسؤول أمريكي إنه لا يوجد حديث يذكر حتى الآن بين المسؤولين الإسرائيليين بشأن اليوم التالي (بعد القضاء على حماس). يقول: إن على إسرائيل التفكير في العواقب وعدم التسرع في حرب دون استراتيجية خروج، مضيفا "لا توجد خطة... إذا دمرت حماس، ما الذي سيملأ الفراغ؟ أنت تدمر القاعدة وتحصل على داعش. أنت تدمر حماس، وتحصل على حماس 2.0".

منذ أن سيطرت الحركة على القطاع في عام 2007، خاضت إسرائيل أربع حروب في قطاع غزة مع حماس، إلا أن الكاتبين يريان أن هذه المرة ستكون مختلفة، نظرا إلى أن إسرائيل لم تضغط في الماضي من أجل تحقيق نصر حاسم في غزة، إذ تعاملت إسرائيل فعليا مع حماس على أنها شر لا بد منه على حدودها الجنوبية، وعدو خطير لا يمكنها القضاء عليه خوفا من أن يحل محله عدوا أسوأ.  

أورد المقال أنه إذا ما تمت الإطاحة بحماس فعليا، فإن أحد الخيارات المتاحة لإسرائيل هو أن ترسل قواتها لإعادة احتلال قطاع غزة، كما فعلت حتى عام 2005. في هذا السياق، قال مايكل ميلشتاين، الخبير في الشؤون الفلسطينية وضابط المخابرات الإسرائيلية السابق في الجيش الإسرائيلي: "هذا يعني أن إسرائيل يجب أن تكون مسؤولة عن 2.2 مليون شخص، معظمهم فقراء جدا... وبالطبع سيكون هناك الكثير من المقاومة. سيكون مشابها جدا للوضع في العراق بعد عام 2003، عندما استولت أمريكا على الدولة. لا أعتقد أن إسرائيل تريد إعادة خلق هذا الوضع". 

فكرة أخرى سيئة تكتسب زخما هي أن تسحق إسرائيل حماس وتخرج من غزة وتسمح للفلسطينيين وداعميهم بتحديد ما سيحدث بعد ذلك. يأتي هذا الخيار مع مجموعة من التحديات الخاصة به، مما قد يمهد الطريق لمزيد من القوى المتطرفة التي تملأ فراغ السلطة. والاحتمال الثالث هو أن تمهد إسرائيل الطريق لعودة السلطة الفلسطينية المدعومة من الولايات المتحدة والتي تحكم الضفة الغربية. 

لقد اقترح يائير لابيد، رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق الذي يشغل الآن منصب زعيم المعارضة، أن "المجتمع الدولي" قد يحتاج إلى مساعدة السلطة الفلسطينية على الحكم على المدى القصير. والاحتمال الآخر هو أن تتولى قوة حفظ سلام دولية السيطرة على غزة، على الأقل مؤقتا، لكن من غير الواضح على الإطلاق أي الدول، إن وجدت، ستكون مستعدة لإرسال عدد كبير من القوات للمساعدة في تحقيق الاستقرار في غزة التي مزقتها الحرب. 

إن آفاق الوضع الحالي ضبابية إلى حد كبير، فحملة عسكرية للقضاء على حماس في غزة، ستكون تبعاتها على حياة المدنيين كارثية، كما يخلق وضعا يعزز احتمالية صعود جماعات أكثر تشددا، لذلك يتطلب الوضع ممارسة أكبر قدر من التواصل بين القوى الإقليمية والدولية الفاعلة، لتجنب ردود الأفعال المتهورة من كافة الأطراف التي تحمل تداعيات خطيرة على الإقليم أكمله، من شأنه أن زعزعة الاستقرار فيه لعقود قادمة. 


268