
تهدف القبة الذهبية التي وقع أمرها التنفيذي الرئيس دونالد ترامب في يناير هذا العام إلى حماية سماء الولايات المتحدة ، وتمثل من وجهة نظر البيت الأبيض منظومة دفاعية متكاملة مضادة للصواريخ ، تضم شبكة من الصواريخ التي تطلق من الأقمار الصناعية، لاعتراض الصواريخ التي تطلق من الأرض. لكن التكنولوجيا باهظة الثمن ولم يتم اختبارها، كما لا تزال على بعد سنوات من النشر.
عودة تاريخية
يشير مصطلح الدفاع
الصاروخي الوطني (NMD)
إلى البرنامج الوطني المضاد للصواريخ الذي طورته الولايات المتحدة منذ تسعينيات القرن
الماضي. بعد إعادة تسميته عام 2002، أصبح المصطلح يشمل البرنامج بأكمله، وليس فقط الصواريخ
الاعتراضية الأرضية والمرافق المرتبطة بها.
وتشمل العناصر الأخرى
التي يُحتمل دمجها في نظام الدفاع الصاروخي الوطني الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية،
أو أنظمة الصواريخ البحرية والفضائية والليزرية وعالية الارتفاع. يُعد هذا البرنامج
محدود النطاق، وهو مصمم لمواجهة هجوم صاروخي باليستي عابر للقارات صغير نسبيًا من عدو
أقل تطورًا. وعلى عكس برنامج مبادرة الدفاع الاستراتيجي السابق، فإنه ليس مصممًا ليكون
درعًا قويًا ضد هجوم كبير من عدو متطور تقنيًا.
وقد وقعت الولايات
المتحدة والاتحاد السوفيتي معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية عام 1972.
وبموجب هذه المعاهدة وتعديلها عام 1974، سُمح لكل دولة بنشر نظامين فقط للصواريخ المضادة
للصواريخ الباليستية، كلٌّ منهما مزود بـ 100 صاروخ اعتراضي فقط - أحدهما لحماية القيادة
الوطنية أو العاصمة، والآخر لحماية قوة ردع مثل حقل صواريخ. نشر السوفييت نظامًا يُسمى
نظام صواريخ A-35 "Galosh"، وكان الغرض من نشره حماية موسكو، عاصمة
الاتحاد السوفيتي وقتها.
أما الولايات المتحدة،
فقد نشرت نظام Safeguard
للدفاع عن مواقع إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات حول قاعدة
غراند فوركس الجوية بولاية داكوتا الشمالية عام 1975. ولم يُشغّل نظام Safeguard الأمريكي إلا لفترة وجيزة
(لعدة أشهر). وقد خضع نظام الدفاع السوفيتي (الذي سمي لاحقا بـ A-135) لتحسينات على مر العقود،
ولا يزال يعمل حول موسكو.
محل شك وتقييم
لكن في اتجاه آخر، تواجه الخطة تحديات كثيرة، وقد تكون أكثر كلفة بكثير
مما يتوقعه الرئيس الأميركي كما لا تزال التفاصيل المعلنة في الموضوع شحيحة.
ويرى العديد من الخبراء أن مثل هذه الأنظمة صممت أصلا لاعتراض هجمات من مسافات
قصيرة أو متوسطة، بينما تظل قدراتها ضد الصواريخ البعيدة المدى القادرة على إصابة
الولايات المتحدة محل شك وتقييم.
كما أن مثل هذا النظام
سيستغرق أكثر بكثير من "عامين ونصف إلى ثلاث سنوات" التي تفاخر بها ترامب
في المكتب البيضاوي ، وفقا لميلاني مارلو ، وهي زميلة بارزة في مشروع الدفاع الصاروخي
التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
مارلو قالت لصحيفة
"ذا هيل : لن تكون القبة الذهبية درعا صاروخيا، بحيث
لا يمكن اختراقه عبر الولايات المتحدة بأكملها ، فالنظام سيتطلب جهدا على المدى القصير
والطويل للالتقاء معا. يجب بناء 200 قمر صناعي هجومي آخر مسلح بصواريخ أو ليزر لإسقاط أسلحة
العدو ، وهي المرة الأولى التي يتم فيها وضع مثل هذه الأسلحة في الفضاء. (ذا هيل،
25 مايو 2025)
تكلفة عالية
علاوة على ذلك تم التشكيك
في تكلفة القبة البالغ 175 مليار دولار ، والذي أعلنه ترامب أيضا. هذا الرقم ، الذي
لا تزال تفاصيله غير معروفة ، أقل بكثير من تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس ، الذي
ربط الرقم بأكثر من 500 مليار دولار على مدى 20 عاما لتطويره.
وبحسب وكالة غير
حزبية تابعة للكونغرس الأميركي، فإن الكلفة التقديرية لنظام اعتراض في الفضاء
لمواجهة عدد محدود من الصواريخ البالستية العابرة للقارات تتراوح بين 161 مليار
دولار و542 مليارا على مدى 20 عاما.
وتحدث عدد من الخبراء لفرانس برس حول تكلفة القبة الذهبية وملابساتها، فالأستاذ
المساعد للشؤون الدولية وهندسة الطيران والفضاء في معهد جورجيا للتكنولوجيا توماس
روبرتس فيرى إن الرقم الذي طرحه ترامب "ليس واقعيا". وأوضح أن "المشكلة في
التصريحات الخاصة بالقبة هي أنها تفتقر إلى التفاصيل التي من شأنها أن تسمح لنا
بتطوير نموذج لنرى الشكل الحقيقي" لهذا المشروع.
وقال الخبير في
مؤسسة "راند كوربوريشن" للأبحاث تشاد أولاندت إنه "من الواضح أن
التهديدات تزداد سوءا"، مضيفا "السؤال هو كيف يمكننا مواجهتها بالطريقة
الأكثر فعالية من حيث الكلفة".
وتابع قائلا "الأسئلة المرتبطة بجدوى المشروع تعتمد على
مستوى التحدي. كم عدد التهديدات التي يمكنك التصدي لها؟ ما نوعها؟ كلما ارتفع
مستوى التحدي، ازدادت الكلفة".
وأوضح الباحث
المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة توماس ويذينغتون أنّ "هناك عددا من
الخطوات البيروقراطية والسياسية والعلمية التي يتعين اتخاذها إذا كان من المقرر أن
تدخل القبة الذهبية الخدمة بقدرات مهمة".
وأكد أن المهمة "باهظة للغاية، حتى بالنسبة إلى ميزانية
الدفاع الأميركية. نحن نتحدث عن مبلغ كبير من المال"، مبديا تحفظه حيال إمكان
أن يرى هذا المشروع النور يوما.
تهديدات متزايدة
في عام 2022، أشار
أحدث تقرير للمراجعة الدفاعية الصاروخية التي يجريها الجيش الأميركي Missile Defense Review إلى التهديدات المتزايدة من روسيا والصين.
وتقترب بكين من
واشنطن في مجال الصواريخ البالستية والصواريخ الأسرع من الصوت، في حين تعمل موسكو
على تحديث أنظمة الصواريخ العابرة للقارات وتحسين صواريخها الدقيقة، وفق التقرير.
ولفتت الوثيقة
نفسها إلى أن التهديد الذي تشكله المسيّرات، وهو نوع من الأسلحة يؤدي دورا رئيسيا
في الحرب في أوكرانيا، من المرجح أن يتزايد، محذرة من خطر الصواريخ البالستية من
كوريا الشمالية وإيران، فضلا عن التهديدات الصاروخية من جهات غير حكومية.
لكن مواجهة كل هذه التهديدات تشكل مهمة ضخمة، وهناك الكثير من
القضايا التي يتعين معالجتها قبل أن يتسنى اعتماد مثل هذا النظام.
موسكو: حرب النجوم
ماريا زاخاروفا المتحدثة
باسم وزارة الخارجية الروسية ، انتقدت الخطة، مؤكدة أنها تسعى إلى إضعاف قدرات الردع
النووي لكل من روسيا والصين، محذرة من اختلال التوازن النووي وعسكرة الفضاء أو ما سمّته
"حرب النجوم". حذرت أيضا من أن الخطوة الأميركية من شأنها أن تقوض آفاق مناقشات
الحد من الأسلحة النووية، وهي القضية التي أعرب كل من ترامب والرئيس الروسي فلاديمير
بوتين عن دعمهما لها في السابق.
زاخاروفا قالت للصحافيين في مؤتمر في موسكو:
"إنها (الخطة) تتصور بشكل مباشر تعزيزا كبيرا للترسانة النووية الأميركية ووسائل
إجراء العمليات القتالية في الفضاء، بما في ذلك تطوير ونشر أنظمة اعتراض فضائية".
حرب النجوم"
مصطلح ظهر في الثمانينيات إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد
السوفيتي، وهو اسم مبادرة الدفاع الاستراتيجي تم إنشاؤها من قبل الرئيس الأميركي
الأسبق رونالد ريغان في 23 مارس 1983 لاستخدام الأرض والنظم الفضائية لحماية
الولايات المتحدة من هجوم بالصواريخ الباليستية النووية الاستراتيجية.
تقوّيض للتوازن
الاستراتيجي
لقد حذر كثيرون من
أن خصوم الولايات المتحدة قد يتعرضون للتهديد من قبل القبة الذهبية ، لذلك سيسعون إلى
بناء أنظمة فضائية مماثلة خاصة بهم أو تطوير أسلحة للالتفاف على الدرع الصاروخي، فقد قال ماو نينغ ، وهو متحدث باسم وزارة
الخارجية الصينية إن بكين "قلقة للغاية" بشأن القبة الذهبية وحث واشنطن على
التخلي عن المشروع، والولايات المتحدة ، في انتهاجها لسياسة "الولايات المتحدة
أولا" ، مهووسة بالسعي إلى الأمن المطلق لنفسها، وهذا ينتهك مبدأ عدم المساس بأمن
جميع البلدان ويقوض التوازن والاستقرار الاستراتيجيين العالميين، مشيرا إلى أن الصين
قلقة للغاية بشأن هذا الأمر.
تهديد لأمن الدول النووية
كوريا الشمالية من
جانبها وصفت المشروع بأنه تهديد "خطير للغاية" يهدف إلى تسليح الفضاء، وأصدرت
وزارة الخارجية في بيونغ يانغ مذكرة "لإبلاغ المجتمع الدولي بأن إنشاء الولايات
المتحدة لنظام دفاع صاروخي جديد هو +مبادرة تهديدية+ خطيرة للغاية تهدف إلى تهديد الأمن
الاستراتيجي للدول المسلحة نوويا". وكالة الأنباء المركزية الكورية قالت إنّ المذكرة
التي قدّمتها الوزارة اتهمت الولايات المتحدة بأنها "عازمة على التحرك لعسكرة
الفضاء الخارجي". وأضافت الخارجية أن "الخطة الأميركية لبناء نظام دفاع صاروخي
جديد هي السبب الجذري لإشعال سباق تسلح نووي وفضائي عالمي من خلال إثارة المخاوف الأمنية
للدول المسلحة نوويا وتحويل الفضاء الخارجي إلى ميدان حرب نووية محتمل".
كندا على الخط
رئيس الوزراء الكندي
مارك كارني قال إن بلاده تدرس استثمارات محتملة في المشروع، فالتقط ترامب الكلام، وقال إن
المنظومة ستكلف كندا 61 مليار دولار إذا أرادت الانضمام لها. إلا أنه أضاف: "لكنها
ستكلف صفر دولار إذا أصبحوا ولايتنا رقم 51 العزيزة. إنهم يفكرون في العرض".
خلاصات
يريد ترامب تجهيز بلاده بنظام دفاع فعال ضد مجموعة واسعة من الأسلحة
المعادية، من الصواريخ البالستية العابرة للقارات إلى الصواريخ الأسرع من الصوت
والصواريخ الجوالة، مرورا بالمسيّرات ويأمل بأن يكون هذا النظام جاهزا للتشغيل
بحلول نهاية ولايته.
وقد استوحي نظام "القبة الذهبية" من "القبة الحديدية" الإسرائيلية، والتي تم تصميمها لحماية البلاد منقبة ترامب الذهبية: شكوك وغياب في التفاصيل
تهدف القبة الذهبية
التي وقع أمرها التنفيذي الرئيس دونالد ترامب في يناير هذا العام إلى حماية سماء الولايات
المتحدة ، وتمثل من وجهة نظر البيت الأبيض منظومة
دفاعية متكاملة مضادة للصواريخ ، تضم شبكة من الصواريخ التي تطلق من الأقمار الصناعية، لاعتراض الصواريخ
التي تطلق من الأرض. لكن التكنولوجيا باهظة الثمن ولم يتم اختبارها، كما لا تزال على
بعد سنوات من النشر.
عودة تاريخية
يشير مصطلح الدفاع
الصاروخي الوطني (NMD)
إلى البرنامج الوطني المضاد للصواريخ الذي طورته الولايات المتحدة منذ تسعينيات القرن
الماضي. بعد إعادة تسميته عام 2002، أصبح المصطلح يشمل البرنامج بأكمله، وليس فقط الصواريخ
الاعتراضية الأرضية والمرافق المرتبطة بها.
وتشمل العناصر الأخرى
التي يُحتمل دمجها في نظام الدفاع الصاروخي الوطني الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية،
أو أنظمة الصواريخ البحرية والفضائية والليزرية وعالية الارتفاع. يُعد هذا البرنامج
محدود النطاق، وهو مصمم لمواجهة هجوم صاروخي باليستي عابر للقارات صغير نسبيًا من عدو
أقل تطورًا. وعلى عكس برنامج مبادرة الدفاع الاستراتيجي السابق، فإنه ليس مصممًا ليكون
درعًا قويًا ضد هجوم كبير من عدو متطور تقنيًا.
وقد وقعت الولايات
المتحدة والاتحاد السوفيتي معاهدة الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية عام 1972.
وبموجب هذه المعاهدة وتعديلها عام 1974، سُمح لكل دولة بنشر نظامين فقط للصواريخ المضادة
للصواريخ الباليستية، كلٌّ منهما مزود بـ 100 صاروخ اعتراضي فقط - أحدهما لحماية القيادة
الوطنية أو العاصمة، والآخر لحماية قوة ردع مثل حقل صواريخ. نشر السوفييت نظامًا يُسمى
نظام صواريخ A-35 "Galosh"، وكان الغرض من نشره حماية موسكو، عاصمة
الاتحاد السوفيتي وقتها.
أما الولايات المتحدة،
فقد نشرت نظام Safeguard
للدفاع عن مواقع إطلاق الصواريخ الباليستية العابرة للقارات حول قاعدة
غراند فوركس الجوية بولاية داكوتا الشمالية عام 1975. ولم يُشغّل نظام Safeguard الأمريكي إلا لفترة وجيزة
(لعدة أشهر). وقد خضع نظام الدفاع السوفيتي (الذي سمي لاحقا بـ A-135) لتحسينات على مر العقود،
ولا يزال يعمل حول موسكو.
محل شك وتقييم
لكن في اتجاه آخر، تواجه الخطة تحديات كثيرة، وقد تكون أكثر كلفة بكثير
مما يتوقعه الرئيس الأميركي كما لا تزال التفاصيل المعلنة في الموضوع شحيحة.
ويرى العديد من الخبراء أن مثل هذه الأنظمة صممت أصلا لاعتراض هجمات من مسافات
قصيرة أو متوسطة، بينما تظل قدراتها ضد الصواريخ البعيدة المدى القادرة على إصابة
الولايات المتحدة محل شك وتقييم.
كما أن مثل هذا النظام
سيستغرق أكثر بكثير من "عامين ونصف إلى ثلاث سنوات" التي تفاخر بها ترامب
في المكتب البيضاوي ، وفقا لميلاني مارلو ، وهي زميلة بارزة في مشروع الدفاع الصاروخي
التابع لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية.
مارلو قالت لصحيفة
"ذا هيل : لن تكون القبة الذهبية درعا صاروخيا، بحيث
لا يمكن اختراقه عبر الولايات المتحدة بأكملها ، فالنظام سيتطلب جهدا على المدى القصير
والطويل للالتقاء معا. يجب بناء 200 قمر صناعي هجومي آخر مسلح بصواريخ أو ليزر لإسقاط أسلحة
العدو ، وهي المرة الأولى التي يتم فيها وضع مثل هذه الأسلحة في الفضاء. (ذا هيل،
25 مايو 2025)
تكلفة عالية
علاوة على ذلك تم التشكيك
في تكلفة القبة البالغ 175 مليار دولار ، والذي أعلنه ترامب أيضا. هذا الرقم ، الذي
لا تزال تفاصيله غير معروفة ، أقل بكثير من تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس ، الذي
ربط الرقم بأكثر من 500 مليار دولار على مدى 20 عاما لتطويره.
وبحسب وكالة غير
حزبية تابعة للكونغرس الأميركي، فإن الكلفة التقديرية لنظام اعتراض في الفضاء
لمواجهة عدد محدود من الصواريخ البالستية العابرة للقارات تتراوح بين 161 مليار
دولار و542 مليارا على مدى 20 عاما.
ويرى الأستاذ
المساعد للشؤون الدولية وهندسة الطيران والفضاء في معهد جورجيا للتكنولوجيا توماس
روبرتس إن الرقم الذي طرحه ترامب "ليس واقعيا". وأوضح أن "المشكلة في
التصريحات الخاصة بالقبة هي أنها تفتقر إلى التفاصيل التي من شأنها أن تسمح لنا
بتطوير نموذج لنرى الشكل الحقيقي" لهذا المشروع.
وقال الخبير في
مؤسسة "راند كوربوريشن" للأبحاث تشاد أولاندت إنه "من الواضح أن
التهديدات تزداد سوءا"، مضيفا "السؤال هو كيف يمكننا مواجهتها بالطريقة
الأكثر فعالية من حيث الكلفة".
وتابع قائلا "الأسئلة المرتبطة بجدوى المشروع تعتمد على
مستوى التحدي. كم عدد التهديدات التي يمكنك التصدي لها؟ ما نوعها؟ كلما ارتفع
مستوى التحدي، ازدادت الكلفة".
وأوضح الباحث
المشارك في المعهد الملكي للخدمات المتحدة توماس ويذينغتون أنّ "هناك عددا من
الخطوات البيروقراطية والسياسية والعلمية التي يتعين اتخاذها إذا كان من المقرر أن
تدخل القبة الذهبية الخدمة بقدرات مهمة".
وأكد أن المهمة "باهظة للغاية، حتى بالنسبة إلى ميزانية
الدفاع الأميركية. نحن نتحدث عن مبلغ كبير من المال"، مبديا تحفظه حيال إمكان
أن يرى هذا المشروع النور يوما.
تهديدات متزايدة
في عام 2022، أشار
أحدث تقرير للمراجعة الدفاعية الصاروخية التي يجريها الجيش الأميركي Missile Defense Review إلى التهديدات المتزايدة من روسيا والصين.
وتقترب بكين من
واشنطن في مجال الصواريخ البالستية والصواريخ الأسرع من الصوت، في حين تعمل موسكو
على تحديث أنظمة الصواريخ العابرة للقارات وتحسين صواريخها الدقيقة، وفق التقرير.
ولفتت الوثيقة
نفسها إلى أن التهديد الذي تشكله المسيّرات، وهو نوع من الأسلحة يؤدي دورا رئيسيا
في الحرب في أوكرانيا، من المرجح أن يتزايد، محذرة من خطر الصواريخ البالستية من
كوريا الشمالية وإيران، فضلا عن التهديدات الصاروخية من جهات غير حكومية.
لكن مواجهة كل هذه التهديدات تشكل مهمة ضخمة، وهناك الكثير من
القضايا التي يتعين معالجتها قبل أن يتسنى اعتماد مثل هذا النظام.
موسكو: حرب النجوم
ماريا زاخاروفا المتحدثة
باسم وزارة الخارجية الروسية ، انتقدت الخطة، مؤكدة أنها تسعى إلى إضعاف قدرات الردع
النووي لكل من روسيا والصين، محذرة من اختلال التوازن النووي وعسكرة الفضاء أو ما سمّته
"حرب النجوم". حذرت أيضا من أن الخطوة الأميركية من شأنها أن تقوض آفاق مناقشات
الحد من الأسلحة النووية، وهي القضية التي أعرب كل من ترامب والرئيس الروسي فلاديمير
بوتين عن دعمهما لها في السابق.
زاخاروفا قالت للصحافيين في مؤتمر في موسكو:
"إنها (الخطة) تتصور بشكل مباشر تعزيزا كبيرا للترسانة النووية الأميركية ووسائل
إجراء العمليات القتالية في الفضاء، بما في ذلك تطوير ونشر أنظمة اعتراض فضائية".
حرب النجوم"
مصطلح ظهر في الثمانينيات إبان الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد
السوفيتي، وهو اسم مبادرة الدفاع الاستراتيجي تم إنشاؤها من قبل الرئيس الأميركي
الأسبق رونالد ريغان في 23 مارس 1983 لاستخدام الأرض والنظم الفضائية لحماية
الولايات المتحدة من هجوم بالصواريخ الباليستية النووية الاستراتيجية.
تقوّيض للتوازن
الاستراتيجي
لقد حذر كثيرون من
أن خصوم الولايات المتحدة قد يتعرضون للتهديد من قبل القبة الذهبية ، لذلك سيسعون إلى
بناء أنظمة فضائية مماثلة خاصة بهم أو تطوير أسلحة للالتفاف على الدرع الصاروخي، فقد قال ماو نينغ ، وهو متحدث باسم وزارة
الخارجية الصينية إن بكين "قلقة للغاية" بشأن القبة الذهبية وحث واشنطن على
التخلي عن المشروع، والولايات المتحدة ، في انتهاجها لسياسة "الولايات المتحدة
أولا" ، مهووسة بالسعي إلى الأمن المطلق لنفسها، وهذا ينتهك مبدأ عدم المساس بأمن
جميع البلدان ويقوض التوازن والاستقرار الاستراتيجيين العالميين، مشيرا إلى أن الصين
قلقة للغاية بشأن هذا الأمر.
تهديد لأمن الدول النووية
كوريا الشمالية من
جانبها وصفت المشروع بأنه تهديد "خطير للغاية" يهدف إلى تسليح الفضاء، وأصدرت
وزارة الخارجية في بيونغ يانغ مذكرة "لإبلاغ المجتمع الدولي بأن إنشاء الولايات
المتحدة لنظام دفاع صاروخي جديد هو +مبادرة تهديدية+ خطيرة للغاية تهدف إلى تهديد الأمن
الاستراتيجي للدول المسلحة نوويا". وكالة الأنباء المركزية الكورية قالت إنّ المذكرة
التي قدّمتها الوزارة اتهمت الولايات المتحدة بأنها "عازمة على التحرك لعسكرة
الفضاء الخارجي". وأضافت الخارجية أن "الخطة الأميركية لبناء نظام دفاع صاروخي
جديد هي السبب الجذري لإشعال سباق تسلح نووي وفضائي عالمي من خلال إثارة المخاوف الأمنية
للدول المسلحة نوويا وتحويل الفضاء الخارجي إلى ميدان حرب نووية محتمل".
كندا على الخط
رئيس الوزراء الكندي
مارك كارني قال إن بلاده تدرس استثمارات محتملة في المشروع، فالتقط ترامب الكلام، وقال إن
المنظومة ستكلف كندا 61 مليار دولار إذا أرادت الانضمام لها. إلا أنه أضاف: "لكنها
ستكلف صفر دولار إذا أصبحوا ولايتنا رقم 51 العزيزة. إنهم يفكرون في العرض".
خلاصات
يريد ترامب تجهيز بلاده بنظام دفاع فعال ضد مجموعة واسعة من الأسلحة
المعادية، من الصواريخ البالستية العابرة للقارات إلى الصواريخ الأسرع من الصوت
والصواريخ الجوالة، مرورا بالمسيّرات ويأمل بأن يكون هذا النظام جاهزا للتشغيل
بحلول نهاية ولايته.
وقد استوحي
نظام "القبة الذهبية" من "القبة الحديدية" الإسرائيلية، والتي
تم تصميمها لحماية البلاد من الهجمات قصيرة المدى بالصواريخ والقذائف، وكذلك من
المسيّرات، وليس لاعتراض الصواريخ العابرة للقارات، وهو نوع من الأسلحة يمكن أن
يضرب الولايات المتحدة.
لكن وكالة غير حزبية
تابعة للكونغرس الأميركي أكدت أن النظام الذي يتصوره ترامب قد يتطلب قدرة من حيث
اعتراض الصواريخ في الفضاء "أكبر من الأنظمة التي تمت دراستها في الدراسات
السابقة"، موضحة أن "تحديد كمية هذه التغييرات الأخيرة سيتطلب تحليلا
معمقا".