تتزايد الضغوط على الرئيس الأميركي الحالي والمرشح للانتخابات الرئاسية المقبلة جو بايدن لحثه على الانسحاب من السباق الرئاسي، وما يزيد من قوة هذه الضغوط على بايدن البالغ من العمر 81 عامًا أن هذه الضغوط تأتي من أعضاء في حزبه ، وذلك بعد مناظرته الكارثية مع ترامب، البالغ من العمر 78 عامًا.
يجب أن ينسحب
قال ما يقرب من ثلثي الديمقراطيين إن بايدن يجب أن ينسحب من السباق الرئاسي ويسمح لحزبه بترشيح مرشح آخر، مما يقوض بشكل حاد ادعائه بعد المناظرة بأن "الديمقراطيين العاديين" لا يزالون معه، حتى لو انقلب عليه بعض "الأسماء الكبيرة"، ووجد استطلاع الجديد أجراه مركز AP-NORC لأبحاث الشؤون العامة، أن حوالي 3 فقط من كل 10 ديمقراطيين واثقون للغاية أو واثقون جدًا من أن الرئيس يتمتع بالقدرة العقلية لخدمة الرئاسة بشكل فعال، بانخفاض طفيف عن 40% في استطلاع AP-NORC في فبراير (أسوشيتدبرس، 17 يوليو).
الديمقراطيون يرتبون البيت الداخلي
يقول العديد من كبار الديمقراطيين أن الضغوط المتزايدة من زعماء الحزب في الكونغرس والأصدقاء المقربين، ستقنع بايدن باتخاذ قرار الانسحاب من السباق الرئاسي، في أقرب وقت ممكن (موقع أكسيوس الأميركي ، 18 يوليو).
لا يزال الرئيس الذي يعزل نفسه الآن بسبب كوفيد-19، متمسكًا بموقفه علنًا، ولكن يبدو أنه في الخفاء، قد استسلم للضغوط المتزايدة، واستطلاعات الرأي السيئة، والتدقيق الذي لا يمكن الدفاع عنه، مما يجعل من المستحيل الاستمرار في حملته، كما يرى العديد من الديمقراطيين.
غير قادر على الفوز
ينطلق هذا الموقف من اعتقاد كبار قادة حزبه وأصدقاؤه والمانحون الرئيسيون له أنه غير قادر على الفوز، ولا يستطيع تغيير تصورات الجمهور عن سنه وذكائه، ولا يستطيع تحقيق الأغلبية في الكونغرس، ويرون بأنه إذا استمر في حملته، فقد يفوز الرئيس السابق ترامب بأغلبية ساحقة، ويمحو إرث بايدن وآمال الديمقراطيين. ويتوقع الديمقراطيون أن تكشف استطلاعات الرأي بعد المؤتمر الوطني الجمهوري هزيمة ساحقة محتملة، قد تؤدي إلى إسقاط الديمقراطيين في الكونجرس أيضًا.
نانسي بيلوسي ، أبلغت زملاء ديمقراطيين في مجلس النواب أن الرئيس سيقتنع قريبا بقرار الانسحاب من السباق الرئاسي، وقالت رئيسة مجلس النواب السابقة، التي تركت منصبها القيادي في عام 2022 لكنها لا تزال تتمتع بنفوذ هائل، للديمقراطيين في كاليفورنيا وبعض أعضاء قيادة مجلس النواب، إنها تعتقد بأن بايدن يقترب من اتخاذ قرار بالتخلي عن محاولته للمشاركة في السباق الرئاسي المقبل (واشنطن بوست ، 18 يوليو).
في السياق تحوم الأنظار حول نائبة الرئيس كمالا هاريس لمواجهة ترامب بدلاً عنه، حيث من المقرر عقد مؤتمر الحزب الديمقراطي لاختيار المرشح الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية، في الفترة من 19 إلى 22 أغسطس، وذلك في شيكاغو.
فرصة مناسبة للجمهوريين
بالتأكيد ستشعر حملة ترامب الانتخابية بأريحية كبيرة تجاه الجدل والخلاف في أوساط الحزب الديمقراطي بشأن انسحاب بايدن، وسيكون ذلك في صلب خطابات الحملة الإعلامية ومحاولة التأثير على الرأي العام، والتأكيد على أن الحزب الديمقراطي يعاني من ضغوط تجعله غير قارد على الفوز مجدداً بمنصب الرئاسة الأميركية.
يؤكد جايسون ميلر، أحد أقرب مستشاري المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية، لوكالة فرانس برس، أن حملة دونالد ترامب لن "تتغير بشكل جذري" إذا انسحب بايدن من السباق الرئاسي تحت ضغط الديمقراطيين، وقال على هامش مؤتمر الحزب الجمهوري في ميلووكي: "لا شيء جوهريا سيتغير. فسواء كان جو بايدن أو كامالا هاريس أو أي ديمقراطي يساري متطرف آخر، جميعهم يتشاركون المسؤولية عن تدمير اقتصادنا وتفكك حدودنا" (موقع قناة الحرة ، 19 يوليو).
وتمضي بعض آراء الجمهوريين في اتجاه آخر فهي ترى أن التغيير إذا ما حدث سيمنح حملة الديمقراطيين قوة إضافية ، حيث سيكون من الصعب إيقاف هاريس ــ بل وربما من المستحيل ــ إذا حازت على دعم أوباما وكلينتون وبايدن والنائب جيمس كليبورن (ديمقراطي من ولاية كارولينا الجنوبية) والكتلة السوداء في الكونغرس. يقول هؤلاء إنه لا ينبغي أن نقلل من شأن رغبة بعض الديمقراطيين الشديدة في الحصول على بطاقة انتخابية قادرة على الفوز في ولايات بنسلفانيا وميشيغان وويسكنسن. فإذا فاز الديمقراطيون في هذه الولايات فإنهم على الأرجح سيفوزون بالرئاسة. وإذا خسروا هذه الولايات فإنهم سيخسرون (أكسيوس ، 18 يوليو).
السيناريوهات المتوقعة
هناك عدة محددات للعملية الانتخابية، منها أنه في حال انسحب بايدن قبل أن يتم الإعلان عن ترشيحه وخرج برغبته، فإن ذلك سيكون أمراً سهلاً، حيث سيجتمع مندوبو الحزب الديمقراطي، وينتخبون مرشح الحزب للانتخابات، وإذا لم يحصل أيا من المرشحين على غالبية الأصوات في الجولة الأولى، فإن الجولة الثانية ستكون محصورة بتصويب المندوبين الكبار واختيار مرشحهم للرئاسة، أما إذا تم ترشيحه بشكل رسمي، فإن الأسباب التي تسمح له بالانسحاب ستكون محصورة بـ 3 أسباب وهي الاستقالة أو الموت أو المعاناة من الإعاقة.
اختيار نائبة الرئيس
لعل من أبرز السيناريوهات هو انسحاب بايدن وتأييده لهاريس، وهذا ما سيعزز حملة الديمقراطيين ويجعلهم قادرين على منافسة الحزب الجمهوري وبايدن بقوة. ومنذ بداية الضغوط المتزايدة على بايدن للانسحاب، تم تسليط الضوء على هاريس التي يراها العديد من الخبراء والمحللين الخيار الأكثر ترجيحًا لتحل محله.
لقد تم طرح أسماء ديمقراطية بارزة أخرى، مثل حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم أو حاكمة ولاية ميشيغان غريتشن ويتمر، كبدائل محتملة أقوى لهاريس إذا لم يعد بايدن في السباق. لكن جميع هذه الشخصيات تقريبًا قالت بالفعل إنها لن تترشح للرئاسة في عام 2024 .
وثمة خطر يتمثل في أن تجاوز نائب الرئيس لصالح مرشح آخر، قد يؤدي إلى إثارة مؤتمر حزبي شديد التنافس، وهو أمر يرغب الديمقراطيون بالتأكيد في تجنبه ــ خاصة بعد إظهار المؤتمر الجمهوري للوحدة شبه الكاملة خلف ترامب (سي إن بي سي،18 يوليو).
في السياق، يعتقد 30% من الجمهور أن هاريس ستكون رئيسة جيدة، بما في ذلك 58% من الديمقراطيين و20% من المستقلين، فيما لا يرى 22% من الديمقراطيين أن هاريس ستكون رئيسة جيدة، ولا يعرف 20% ما يكفي ليقولوه، مقارنة بـ 39% من المستقلين الذين لا يعتقدون أنها ستكون رئيسة جيدة، و40% لا يعرفون ما يكفي ليقولوا رأيهم. ومن بين الجمهوريين، يقول 87% أن هاريس لن تكون رئيسة جيدة، ولم يكوّن معظم الجمهور آراءً بشأن حاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم أو حاكمة ولاية ميشيغان غريتشن ويتمر، اللذين تم ذكرهما كبديلين محتملين لبايدن.
جاء هذا نتيجة لاستطلاع تم في الفترة من 11 إلى 15 يوليو 2024 باستخدام لوحة AmeriSpeak®، وهي لوحة تعتمد على الاحتمالات تابعة لمركز نورك التابع لاسوشيتدبرس بجامعة شيكاغو. (أسوشيتدبرس ، 17 يوليو).
الخلاف حول مرشح أخر
أيضاً من السيناريوهات المطروحة هو أن يختار مندوبو الحزب مرشحا آخر ، وعلى النقيض من استقالة الرئيس، التي تؤدي تلقائيا إلى ترقية نائب الرئيس، فإن انسحاب بايدن من السباق لا يعني أن هاريس ستكون على رأس القائمة. وفيما يتوقع معظم الديمقراطيين والاستراتيجيين أنها البديل الأكثر ترجيحا كما أشرنا.
لكن المندوبين الذين يختارون المرشح الرئاسي في المؤتمر الوطني الديمقراطي أحرار في التصويت لأي مرشح يريدونه، وإذا فشل الديمقراطيون في التوحد خلف شخص ما، فإن هذا يفتح الباب أمام عقد مؤتمر مفتوح، وهو ما لم يحدث منذ عام 1968.
حينها سوف تشتعل المنافسة السياسية خلف الكواليس، حيث يسعى المرشحون المحتملون إلى الحصول على الدعم من المندوبين الأفراد. ولكن الديمقراطيين ربما يحاولون تجنب هذا من خلال محاولة تعزيز الدعم وراء شخص واحد قبل المؤتمر، ومن المرجح أن يدعم العديد من المندوبين، إن لم يكن أغلبهم، المرشح المفضل للحزب.
الخلاصات
لعل أبرز ما تعبر عنه هذه التطورات هو توحد الحزب الجمهوري لدعم الرئيس السابق دونالد ترامب الذي حظي أيضاً بدعم متزايد من شخصيات كانوا من أبرز المنتقدين له مثل جي دي فانس الذي اختاره ترامب نائبا له ونيكي هيلي ورون دي سانتيس المنافسان الرئيسيان السابقان لدونالد ترامب على ترشيح الحزب الجمهوري، وهذا ما يعزز حظوظ ترامب.
في المقابل فإن الحزب الديمقراطي يعاني من خلاف وجدل وتسير التطورات بالنسبة إليه إلى مرحلة بالغة الحساسية والأهمية.