حذر المعهد الملكي للدراسات الأمنية والدفاعية (5 سبتمبر 2022)، من نتائج غير مرغوب بها، جراء الاستخدام المتزايد لمصطلح بحيرة الناتو في وسائل الإعلام العالمية، أو من خلال المؤسسات البحثية، وذلك في سياق الحديث عن انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو.
وقال المعهد الملكي في مراجعة كتبها الباحث جوليان بافلاك، إن قرار السويد وفنلندا بالانضمام إلى حلف الناتو هو بالفعل صفقة كبيرة، ويستحق طلبهما ودخولهما المحتمل حقاً أن يتم اعتباره نقطة تحول في تغيير بنية البحر الأمنية، ولكن من غير المقبول ربطه بفكرة تحول بحر البلطيق إلى بحيرة الناتو على نطاق واسع.
وفي تفنيد الأسباب، أكد جوليان بافلاك في مراجعته، بداية على أن الوضع الاستراتيجي في منطقة بحر البلطيق والجانب الشمالي لحلف الناتو، يتغير بشكل جذري، بعد أن عزز حلف الناتو والدولتان الاسكندنافيتان تعاونهما بشكل كبير في السنوات الأخيرة، كما أن القبول المفترض لكليهما في الحلف دولاً كاملة العضوية سيخلق صورة جديدة في المنطقة، وستصبح معه الإجراءات والهياكل والتنظيم والقواعد أكثر تكاملاً حول بحر البلطيق، بما يتوافق مع نهج الناتو في زيادة الدفاع في منطقة اليورو الأطلسي، ولكن مع ذلك فإن تسمية بحر البلطيق بـبحيرة الناتو تعتبر مبالغة دلاليّة، ولا ينبغى أن تأخذ المعنى الحرفي بالضرورة.
ويرى جوليان بافلاك، أن تصنيف بحر البلطيق على أنه بحيرة الناتو يعتبر قاتلاً من نواحٍ عديدة، إلى جانب أنه باتباع مثل هذا المنطق، كان من الممكن أن يكون بحيرة الاتحاد الأوروبي، وأن استخدام هذا المصطلح يشير إلى أنه يمكن التعامل مع بحر البلطيق بشكل أو بآخر حصرياً من قبل الناتو، باعتباره بحراً داخلياً، مما يؤدي إلى مغالطة لاحقة تتمثل في أن له السيطرة الكاملة على البحر، وهذا بالتأكيد ليس هو واقع الحال، إذ على الرغم من أن قدرات الرفض الروسية قد أزيلت بنجاح ووُضعت في منظورها الصحيح، إضافة إلى إن تقييم القوات المسلحة الروسية في ضوء الحرب الحالية في أوكرانيا قد غير بعض الافتراضات السابقة، إلا أن الأهم من ذلك هو أن روسيا مازالت باقية في المنطقة من خلال كالينينغراد المطلة على بحر البلطيق ومن خلال حليفتها بيلاروسيا أيضاً، لذلك لا يزال من الممكن إعاقة قدرة المناورة لقوات الناتو في المنطقة، وحتى مع انضمام جميع الدول المطلة على بحر البلطيق إلى جانب روسيا لحلف الناتو، فإنه لا يزال بحراً يمكن أن تجتازه أي سفينة أو دولة تعمل بالبحرية.
وفي إشارة إلى الانتقادات التي تطال طموحات الصين في البحر الجنوبي قالت مراجعة جوليان بافلاك، إن عبارة بحيرة الناتو، تزيد من مساحة سوء التفسير، فقد تقرأها الجهات الخارجية، على أنها من نوع النهج الذي ينتقده الغرب في أجزاء أخرى من العالم.
أما داخلياً، قد ينخدع الجمهور وحتى صناع القرار السياسي الذين ليسوا على دراية بتفاصيل الوضع الاستراتيجي بالإحساس الزائف بالأمان الذي ينطوي عليه هذا المصطلح.
وختمت المراجعة بالتأكيد على ما بدأته في عدم استخدام المصطلحات دون التفكير في تبعاتها العميقة، إذ حتى مع انضمام جميع الدول المطلة على بحر البلطيق إلى جانب روسيا لحلف الناتو، فإنه لا يزال بحراً يمكن أن تجتازه أي سفينة أو دولة بحرية، سواء كانت البحرية الروسية التي عبرت في يوليو الفائت غواصتان من أسطولها الشمالي بحر البلطيق أثناء قيامهما برحلتهما تحت الماء جنوباً على طول ساحل النرويج من القطب الشمالي، أو البحرية الصينية، ففي عام 2017 عبرت ثلاث سفن بحر البلطيق إلى كالينينغراد لإجراء تدريبات مع البحرية الروسية، وكذلك البحرية الإيرانية حيث عبرت إحدى سفنها الحربية بحر البلطيق نحو روسيا في 2021. لذلك فـإن تسميته بحيرة الناتو ليست بناءة داخلياً وخارجياً.