قرر الاتحاد الأوروبي، الاثنين 23 يناير 2023 فرض عقوبات جديدة على إيران، وكان من المنتظر أن يتم إدراج الحرس الثوري ضمن قوائم الإرهاب الأوروبية، لكن كبير الدبلوماسيين بالاتحاد قال إنه لا يمكن إدراجه في الوقت الحالي حتى صدور قرار من المحكمة.
جاءت التحركات الأوروبية بعد أن قام النظام الإيراني بإعدام كل من الإيرانيين "محمد مهدي كرامي" و"سيد محمد حسيني" بعد توقيفهما، لارتباطهما بالتظاهرات التي اندلعت في إيران عقب مقتل الإيرانية الكردية "مهسا أميني" (22 عاما) في 16 سبتمبر 2022 بزعم انتهاكها قواعد اللباس الإيرانية الخاصة بالنساء، واتهامهما بقتل عضو في قوة الباسيج أثناء التظاهرات. الأمر الذي وجه الاتحاد خلال الأيام الماضية لدراسة إمكانية إدراج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب الأوروبية (دويتش فيلا، 14 يناير 2023) بعد أن كان مترددا حتى في المضي قدما في هذه الخطوة بسبب عراقيل قانونية.
من الثيوقراطية الإسلامية إلى الاستبداد العسكري
كان إنشاء الحرس الثوري الإيراني بعد ثورة 1979 يهدف إلى حماية النظام الإسلامي الجديد من التهديدات الداخلية والخارجية، وبدعم من النظام الإيراني أصبح من أقوى المنظمات شبه العسكرية في الشرق الأوسط. وقد بدأ العالم يشعر بخطورته بعد أن بدأ في مساعدة الجماعات المسلحة في ساحات الصراع المختلفة، خاصة بعد أن حولته الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) إلى قوة قتالية تقليدية مدربة تدريبا نظاميا، وأصبح يتشكل من هيكل قيادي مشابه لهيكل الجيوش الغربية إلى حد كبير، ليبدو وكأنه قوة موازية للقوات المسلحة الإيرانية. ووفقا لتقرير "مجلس العلاقات الخارجية" في نيويورك، شملت فروعه: قوات برية متمركزة في 31 محافظة، وتبلغ نحو 100 ألف جندي. وقوات الباسيج شبه العسكرية الخاصة بقمع المعارضة، والتي يمكنها حشد حوالي 600 ألف متطوع. وقوات بحرية تضم حوالي 20 ألفا. وقوة جوية تدير برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني. وأخيرا القيادة الإلكترونية الثورية، التي تعمل مع الشركات التابعة للحرس الثوري في التجسس العسكري والأمني والتجاري. (CFR, 6 May 2019)
وبدأ الحرس الثوري يلعب دورا اقتصاديا مهما في إيران عندما تم تكليفه بإعادة بناء البنية التحتية التي دمرت في الحرب العراقية الإيرانية، ومنذ ذلك الحين توسعت نشاطاته في الصناعات، والبنوك، والشحن، والتصنيع، وواردات السلع الاستهلاكية. وبطبيعة الحال أمن النفوذ السياسي للشركات التابعة له عقودا بدون مناقصات من الدولة لخدمة قطاع النفط وتطوير البنية التحتية. (Rand, The Rise of the Pasdaran, p. 56)
ويعد التحالف الإيراني السوري، الذي تم تشكيله خلال الحرب العراقية الإيرانية، من بين الأقدم والأكثر استدامة في المنطقة. حيث تحول الحرس على أثره من قوة تحمي الثيوقراطية الإسلامية إلى قوة عسكرية شبه منفصلة تتحكم في مستقبل الدولة الإيرانية. ونشأ هذا التحالف عن قضية مشتركة ضد أعداء مشتركين، فقد شعر كلاهما بالعداء تجاه النظام البعثي في بغداد، ومعارضة الوجود الأميركي في المنطقة، واعتبرا أن إسرائيل تشكل تهديدا. وهذا التحالف الذي يبدو غير متناسق بين دولة عربية علمانية وثيوقراطية فارسية، صمد أمام كل اختبارات الزمن والاضطرابات الإقليمية. (Crisis group, Iran’s Priorities in a Turbulent Middle East 13 April 2018)
وكان لهذا التحالف جانب إيجابي تمثل في الحفاظ على التوجه الجيوستراتيجي لسوريا كجزء من محور المقاومة. لكنه في الوقت ذاته تسبب في تأزم الوضع السوري خلال الحرب الأهلية الدائرة، من خلال ممارسات منفردة بعيدة عن أيدي السلطات في سوريا أدت إلى تأزم الوضع الطائفي بشكل غير مسبوق، بعد أن خافت إيران من حدوث تغيير سياسي في دمشق بدافع من الغرب أو من سيطرة القوات الجهادية على الدولة السورية، مما يؤدي إلى تأثير الدومينو الذي من الممكن أن ينتهي بتطويق إيران بالكامل من قبل أعداءها. وأدى ذلك بدوره إلى صعوبة إيجاد حل سريع للأزمة السورية من قبل القوى الإقليمية الكبرى في المنطقة، كالسعودية والإمارات ومصر.
كما امتد تدخل الحرس إلى اليمن، الأمر الذي أدى إلى تعقيد الأزمة وصعوبة حلها، بالرغم من زعم إيران أن اليمن ليس أولوية استراتيجية. ومع ذلك، فإن فشل الانتقال السياسي، الذي توسط فيه مجلس التعاون الخليجي بقيادة السعودية والإمارات في أعقاب انتفاضة 2011، أتاح فرصة لطهران لكسب نفوذ ضد منافس اعتبرته يقوض مصالحها الاستراتيجية في العراق، وهو ما أطلقوا عليه "تحقق التوازن ضد الرياض". وهكذا أصبح الحوثي خلال التصعيد العسكري في اليمن، على حد قول "عادل الجبير"، جزءا لا يتجزأ من قوات الحرس الثوري الإيراني. (الجبير، صحيفة الاقتصادية، 16 مايو 2019)
إن الحرس الثوري الإيراني بواقع الأحداث يشارك بفاعلية في تمويل الإرهاب والترويج له باعتباره وسيلة لتفكيك الدول وزعزعة الاستقرار. وقد عبر مسؤولون في الإدارة الأمريكية عن ارتياحهم بإدراج الحرس في قوائم الإرهاب الأمريكية منذ عام 2019. ويذكر الكاتب السياسي "محمود عبد العزيز" أن الشرق الأوسط لا يمكن أن يكون أكثر أمنا بدون إضعاف الحرس الثوري، الذي ينفذ مهمة مزدوجة، تتمثل في إخضاع الشعب الإيراني وإرهاب الآخرين. (عبد العزيز، الاقتصادية، 15 إبريل 2019)
ويمكننا القول بأن الحرس الثوري الإيراني من الأهمية بمكان باعتباره الملاذ الأخير لإيران وقت سقوطه. ومن المرجح في حال حدوث أزمة كبرى تهدد النظام أن ينقلب عليه عسكريا عندما تشتد الأمور، رافعا شعارات المعارضة لكسب التأييد والوقت اللازم لإعادة هيكلة النظام القديم مرة أخرى.
حظر سفر وتجميد أصول
بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، يوم الإثنين 23 يناير، صرح مسئوليه بأن الاتحاد تبنى حزمة جديدة من العقوبات ضد إيران تستهدف من يقودون القمع. وغرد وزير الخارجية السويدي "توبياس بيلستروم" (تويتر، 23 يناير 2023) قائلا "إن الاتحاد الأوروبي يدين بشدة الاستخدام الوحشي وغير المتناسب للقوة من قبل السلطات الإيرانية ضد المتظاهرين السلميين". ومن الواضح أن عراقيل قانونية وقفت أمام إدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب الأوروبية، حيث صرح كبير الدبلوماسيين في الاتحاد بأنه يجب أن يصدر أولا أي حكم قضائي يتضمن إدانة قانونية ملموسة في دولة عضو قبل أن يتمكن الاتحاد الأوروبي نفسه من تطبيق مثل هذا التصنيف "لا يمكنك القول إنني أعتبرك إرهابيا لأنني لا أحبك". (Middle East Monitor, 23 Jan. 2023)
وقد وافق الاتحاد على فرض حظر سفر على مسؤولين إيرانيين من بينهم "عباس نيلفروشان" نائب قائد في الحرس الثوري الإيراني، الذي قاد وحدة لعبت دورا رئيسيا في إخماد الاضطرابات التي اندلعت في سبتمبر الماضي. كما تم وضع وزير الرياضة والشباب "حميد سجادي" على القائمة لدوره في ملاحقة الرياضيين الذين تحدثوا ضد القمع وعارضوا السلطات. (يمكنكم معاينة كافة الأسماء والكيانات التي ضمها قرار العقوبات الأوروبية من خلال الرابط: https://icss.ae/short/link/1674501881 )
كما قررت بريطانيا بشكل منفرد فرض عقوبات على أفراد وكيانات إيرانية، فجمدت أصول نائب المدعي العام "أحمد فاضليان"، الذي قالت وزارة الخارجية البريطانية إنه "مسؤول عن نظام قضائي يتسم بالمحاكمات الجائرة والعقوبات الفظيعة، بما في ذلك استخدام عقوبة الإعدام لأغراض سياسية". وقال وزير الخارجية البريطاني "جيمس كليفرلي" إن أولئك الذين تمت معاقبتهم من الشخصيات القضائية التي تستخدم عقوبة الإعدام لأغراض سياسية، هم في صميم القمع الوحشي الذي يمارسه النظام ضد الشعب الإيراني ويشاركون فيه. (لمعاينة الأسماء والكيانات التي أدرجتها بريطانيا، راجع موقع الحكومة البريطانية من خلال الرابط: https://icss.ae/short/link/1674502160 )
ومن الواضح أن الموقف الغربي الغاضب من إيران كان باتفاق جماعي مسبق، حيث أعلنت وزارة الخزانة الأميركية بدورها عن إضافة 10 أشخاص آخرين إلى قائمة العقوبات الأميركية ضد إيران، وجميعهم مرتبطون بالحرس الثوري الإيراني. (راجع قرار وزارة الخزانة الأمريكية من خلال الرابط: https://icss.ae/short/link/1674502381 )
ويبدو أن حالة الجدل التي سادت الأوساط الدبلوماسية الأوروبية في الأيام الماضية، هي التي حسمت قرار مجلس وزراء الاتحاد الأوروبي ورجحته، فمنذ أن تم الإعلان عن نيته في إضافة الحرس الثوري الإيراني إلى قوائم الإرهاب، بدأ بعض المسئولين الأوروبيين في إظهار ردود أفعال حوله. فدعم أعضاء البرلمان البريطاني هذا الإجراء بشدة، واعتبره إجراء إضافي يمكن اتخاذه إلى جانب تمرير عقوبات على الحرس الثوري الإيراني بأكمله. (The Guardian, 14 Jan. 2023)
كما دعم العديد من أعضاء البرلمان الأوروبي القرار، وعبروا عن رغبتهم في إنهاء محادثات الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران. وقالت "هانا نيومان" عضو البرلمان الألماني "لقد انتهى وقت السياسة الغامضة، وطالما استمرت الاحتجاجات الوحشية، لا ينبغي أن نتفاوض، طالما أن الحرس الثوري الإيراني يرهب شعبه والمنطقة، يجب أن نعاملهم كإرهابيين". وأعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية "أورسولا فون دير لاين" دعمها للقرار وأنه حان الوقت لاتخاذه. (وكالة أنباء الأناضول، 19 يناير 2023)
وبموقف يشوبه الحذر، غردت وزيرة الخارجية الألمانية "أنالينا بربوك" بإنها تؤيد إدراج الحرس الثوري كمنظمة إرهابية، فهو أمر مهم من الناحية السياسية ومنطقي. ولكن فقط إذا كان قانونيا. وصرحت بأن التحقيقات أو الإدانات في الاتحاد الأوروبي ضرورية لإدراج الحرس الثوري كمجموعة إرهابية. (تويتر، 19 يناير 2023) وأثار تصريحها الجدل في ألمانيا، وانتقدتها "نوربرت روتغن" النائبة عن الحزب الديمقراطي المسيحي، التي اتهمت وزارة الخارجية بأنها تتظاهر بوجود عقبات قانونية أمام إدراج الحرس الثوري الإيراني في قوائم الإرهاب الأوروبية، مع العلم بأن محكمة العدل الأوروبية أوضحت أن التحقيقات أو الإدانات يمكن أن تكون أيضا من خارج الاتحاد الأوروبي لمجموعة يتم وضعها في قائمة المنظمات الإرهابية، وقد تم استيفاء جميع المتطلبات القانونية، وأن المدعي العام الألماني يحقق حاليا في الهجمات الإرهابية المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني على العديد من المعابد اليهودية في ولاية شمال الراين "ويستفاليا". (The Guardian, 19 Jan. 2023)
ردود فعل إيرانية
في رده الأولي فور الإعلان عن نية الاتحاد الأوروبي إدراج الحرس الثوري في قوائم الإرهاب، ووفقا لتقارير وسائل الإعلام الإيرانية، أعرب البرلمان الإيراني بدوره عن نيته في اتخاذ خطوة مضادة بتصنيف القوات المسلحة التابعة للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ككيانات إرهابية. (وكالة أنباء الأناضول، 19 يناير 2023) وقال وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبد اللهيان"، في اتصال هاتفي مع رئيس الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي "جوزيب بوريل"، إن الحرس الثوري الإيراني يعد مؤسسة أمنية إيرانية رسمية وليس كيانا إرهابيا. (The Guardian, 19 Jan. 2023) وقال "اللهيان" إن البرلمان الأوروبي أطلق النار على نفسه من خلال تلك الدعوة، وطالب باحترام العمل الدبلوماسي بدلا من "لغة التهديدات والأعمال العدائية". وحذر بدوره من رد قانوني قوي على هذه الخطوة. ووصفت "فدا حسين المالكي"، عضو لجنة السياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، التحرك ضد الحرس الثوري الإيراني بأنه "متسرع وسياسي". ووصفه "أبو الفضل عمووي" عضو البرلمان أيضا بأنه "مدمر". (وكالة أنباء الأناضول، 19 يناير 2023)
وبعد إعلان بيان مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، بدأت تظهر ردود أفعال في الإعلام الإيراني، فقال "يد الله جواني" مساعد الشئون السياسية في الحرس الثوري الإيراني، إن برلمان الاتحاد الأوروبي اتخذ إجراءات عدائية وغير حكيمة ضد الأمة العظيمة إيران، وسيكون الأوروبيون مخطئين للغاية إذا اعتقدوا أنه من خلال التعاون الواضح مع أمريكا والنظام الصهيوني وتدفق الإرهاب التخريبي المضاد للثورة، يمكنهم التأثير على الشعب الإيراني. كما انتقد المراسل الرياضي لوكالة أنباء فارس تلك الجولة الجديدة من العقوبات، ووضع وزير الرياضة "حامد سجادي" على رأس القائمة. وقال إن "بوليتيكو" الأمريكية نشرت من قبل أن وزير الرياضة في بلادنا لم يكن مسؤولا عن الضغط على الرياضيين للالتزام بالصمت والامتناع عن الحديث عن قضايا في إيران، وأن قرار أوروبا بني على ادعاء كاذب. (وكالة أنباء فارس، 23 يناير 2023)
وكان الرد الرسمي الإيراني على العقوبات الأوروبية، يتمثل في بيان صحافي للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية "ناصر كنعاني"، أفاد بأن إيران تدين بشدة هذه الإجراءات، وأنها سوف تعلن قريبا عن عقوبات ضد كيانات في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. وستحتفظ الجمهورية بحق الرد ضد منتهكي حقوق الإنسان ومروجي الإرهاب في أوروبا. (سي إن إن العربية، 24 يناير 2023)
تقييم تحليلي
يكمن السبب الحقيقي في السعي لإدراج الحرس الثوري الإيراني في قوائم الإرهاب الأوروبية، خلف التقارير المتعلقة بإمدادات الطائرات المسيرة الإيرانية ومحركاتها إلى روسيا التي تستخدمها في أوكرانيا بصفة مستمرة. وأن مسألة غضب البرلمان الأوروبي من تعامل الحرس مع التظاهرات والاحتجاجات الشعبية في إيران ما هو إلا سبب ثانوي استغلته أوروبا لاتخاذ مثل هذا الإجراء خلال هذا التوقيت الذي يتضاعف فيه الضغط الروسي على أوكرانيا بمساندة إيرانية واضحة.
ومن المعروف أن الجدل الدائر في طهران يدور دائما حول أفضل السبل لخدمة مقتضيات الأمن القومي من خلال عملية صنع قرار توافقية وفعالة لابتكار ردود تكتيكية للتطورات الدولية بما يتناسب مع مصلحتها، وهو ما اتضح تماما في مساندتها لروسيا التي تتحدى أوروبا وإرادتها في أوكرانيا. والقادة الإيرانيون - بغض النظر عن ميولهم السياسية المختلفة - يؤيدون بشدة عقيدة الدولة وتحركاتها، التي تقوم على قدراتها العسكرية غير المتكافئة ودعم الحلفاء في الداخل والخارج على حد سواء، بما في ذلك الجهات المسلحة غير الحكومية، كالحرس الثوري وغيره. وهم بذلك بعيدين عن إمكانية التخلي عن هذا الكيان الإرهابي، لأنه حاجز الدفاع المثالي عن النظام، ويمثل الشوكة التي يغرسها في كل بقعة ساخنة تحتوي على مصالح إيرانية.
وفي المقابل، فإن الجهود التي تركز حصريا على صد إيران بقوة، سواء بفرض عقوبات أو إدراج كياناتها المسلحة في قوائم الإرهاب المختلفة، من المرجح أن تدفع زعماء طهران إلى مضاعفة نهجها الحالي، باستغلال الفوضى التي تعاني منها بعض الدول، سواء في سوريا والعراق واليمن، أو أوكرانيا والنقاط الساخنة في إفريقيا. وعلى نهج روسيا سارت إيران، فبدأت تتحجج بأن على أعدائها الاعتراف بمخاوفها الأمنية، حتى تتخذ خطوات تدل على استعدادها للوفاء بالمسؤوليات التي تأتي مع المكانة الإقليمية التي تتطلع إليها.
على أية حال، من المهم أن يحاول المجتمع الدولي تجفيف موارد تمويل الحرس الثوري بكل الصور المتاحة، واعتبار أن العلاقات التجارية مع الحرس الثوري جريمة يعاقب عليها القانون، وإدراجه كاملا وليس أفرادا على قوائم الإرهاب. الحرس الثوري لا يهدد الغرب فحسب، لكنه أيضا يهدد المنطقة بأسرها، فهو أداة النظام الإيراني الدموية خارج الحدود، وتجفيف منابعه ومصادر تمويله سيصعب عليه ممارسة مهامه التخريبية في المناطق الساخنة وغير المستقرة.
وعلى الرغم من أهمية تلك الخطوة التي تعد محاولة لتحجيم نشاط الحرس الثوري وردعه في الوقت ذاته، لكنها قد تخلق تحديا جديدا لإيران، من الممكن أن يدفعها إلى الانسحاب من محادثات إحياء الاتفاق النووي لعام 2015. بالإضافة إلى أن العقوبات والقيود قد تدفع الحرس الثوري الذي يسيطر على شريحة ضخمة من الاقتصاد الإيراني، إلى محاولة توفير المزيد من الفرص في السوق السوداء لتمويل أنشطته، الأمر الذي يجب مواجهته وأخذه في الاعتبار.