مقالات تحليلية

هدنة جدة.. آمال السودانيين في وقف الحرب ما زالت معلقة

24-May-2023

قالت المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة في بيان صدر في ساعة متأخرة من يوم الثلاثاء 23 مايو الجاري إنهما تسعيان للتحقق من ادعاءات بحدوث انتهاكات لوقف إطلاق النار في السودان، وإن نقاشات بناءة تجري حول المساعدات الإنسانية وإيصالها.

 الجانبان ذكرا في البيان المشترك أن طرفي الصراع في السودان لم يلتزما بعدم السعي وراء تحقيق مكاسب عسكرية قبل بدء وقف إطلاق النار يوم الإثنين. وجاء في البيان أن ممثلين للجنة المتابعة والتنسيق عملوا على "ضم قيادات الطرفين في السودان للحديث عن الادعاءات بوجود انتهاكات لوقف إطلاق النار". فقد اندلعت اشتباكات متفرقة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أم درمان ومناطق في العاصمة الخرطوم على الرغم من دخول الهدنة الإنسانية الجديدة التي اعلنت في جدة لمدة سبعة أيام حيّز التنفيذ.

اتفاق جدة 

في الـ( 21 من مايو الجاري) أعلنت القوات المسلحة السودانية  وقوات الدعم السريع التزامهما بالاتفاق الموقع  في جدة والذي نص على وقف لإطلاق النار لمدة سبعة أيام قابلة للتمديد دخلت فعلياً حيز التنفيذ أمس الأثنين في تمام الساعة التاسعة وخمس وأربعين دقيقة مساءاً.

الجيش أكد أن ممثليه وقعوا على اتفاق جدة تقديراً لجهود الوساطة السعودية والأميركية، وتخفيفاً على المواطنين من تداعيات التمرد وتسهيلاً للنواحي الإنسانية والحياتية ، كما أشار إلى أن الاتفاق ينحصر على الجوانب العسكرية والفنية الخاصة بترتيبات وقف إطلاق النار المؤقت وإجراءات حرية تنقل المدنيين وحمايتهم من العنف والانتهاكات التي ظلت تمارسها بحقهم “المليشيا المتمردة" بجانب إخلاء المستشفيات وصيانة مرافق الخدمات.

من جهتها قالت قوات الدعم السريع إنها ملتزمة باتفاق جدة والعمل على تسهيل ابصال المساعدات الانسانية وفتح الممرات للمدنيين ، واضافت أنها عازمة على كسر ما اسمته الحلقة الشريرة التي ظلت تتحكم في مصير البلاد كما اظهرت تمسكا بالمضي في عملية الاصلاح الامني والعسكري.

تضمن الاتفاق تكوين لجنة دولية من 12 شخص لمراقبة وقف إطلاق النار وتحديد العقوبات على كل طرف تضم 6 ممثلين لكل من السعودية والولايات المتحدة و6 مندوبين للجيش والدعم السريع.

كانت الوساطة السعودية الأميركية قالت في بيان مشترك إن الطرفين أكدا التزامهما بعدم السعي وراء إي مكاسب عسكرية خلال فترة الإخطار البالغة ثمانية وأربعين (48) ساعة بعد توقيع الاتفاقية وقبل بدء وقف إطلاق النار.

في المقابل جاءت هذه الهدنة هذه المرة وسط محيط هادر من المتغيرات على الأرض ففيما يترقبها الشعب السوداني كبارقة أمل يعمل الإخوان المسلمون على تهشيمها وكسر عودها ، في الأثناء تتكاثف الضغوط الداخلية والخارجية على الطرفين اللذان مازلا يزيدان على استمرار الحرب وتغليب حسم المعركة عسكرياً.

الولايات المتحدة تضغط

ظلت الولايات المتحدة تتابع الوضع في السودان كثب ويقظة وذلك في اطار صراع النفوذ بينها وروسيا في المنطقة.  قالت الخارجية الأميركية  يوم الثلاثاء، إنها تناقش مع مجموعة مراقبة الهدنة في السودان التي تم تشكيلها في السعودية انتهاكات اتفاق وقف إطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وأفاد المتحدث باسم الخارجية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي بأنه يتم التواصل مع طرفي النزاع في السودان مشيرا إلى أن الولايات المتحدة لديها وسائل للضغط على طرفي الصراع في حال حدوث خروقات. كما كان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد هدد بفرض عقوبات على الأطراف التي لا تلتزم باتفاق جدة.

تقول الخبيرة في شؤون السودان بمركز الإهرام الدولي د. أماني الطويل في مقال لها نشر في عدة صحف عربية ( إن الفاعلية الأمريكية الحالية في المشهد السوداني مؤسسة على رغبتها في عدم دفن الاتفاق الإطاري الذي استثمرت فيه سياسياً ومالياً، حيث جاء باقتراح من مساعدة وزير الخارجية الأمريكي للشؤون الإفريقية مولي في وتم توقيعه في 5 ديسمبر الماضي، وكان من المفترض أن يتم التوقيع النهائي عليه مع نهاية ديسمبر 2022، ولكن تعقد الموقف السياسي السوداني وصراع أطرافه متعددة المستويات على مدى أربعة أشهر خلق البيئة الدافعة للاشتباكات العسكرية الراهنة).

الموقف الأمريكي لم يتوقف عند وساطة الحل بل أوعز البيت الأبيض ، بفرض عقوبات على أشخاص يُزعزعون الاستقرار في السودان، والمسؤولين عن تقويض التحول الديمقراطي واستخدام العنف ضد المدنيين، وارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. ويُعطي هذا الاعلان السلطات الاميركية صلاحية فرض عقوبات على أفراد.

وفي قراءة أولية قدمها السفير نصر الدين والي للأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي جو بايدن بما يوضح التحول في سياسة ادارته تجاه السودان في ظل الاقتتال الدائر ، من دبلوماسية العلاقات العامة الى بلورة رؤية سياسية عملية تسمح بفرض عقوبات، قال: ( إن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي بايدن في ٣ مايو الجاري، ينظر إليه كتحول في دبلوماسية إدارته للتحول من ممارسة (دبلوماسية العلاقات العامة)، بالاكتفاء ببحث الأطراف على وقف إطلاق النار، وضمان المرور الآمن للعون الإنساني دون إعاقة، وحماية المواطنين العزل والأجانب المقيمين في السودان، وعدم التعرض للبعثات الدبلوماسية، والشركاء الاقليميين والدوليين، الى مرحلة بلورة رؤية سياسية عملية بالسماح بفرض عقوبات.

يقول السفير والي إنه برغم عدم تأثير الأمر التنفيذي المباشر والعاجل على الجنرالين ومعيقي ايقاف الحرب والتحول المدني إلا أنه يرسل رسائل داخلية واضحة ، بأن الولايات المتحدة ما تزال تدعم الشعب السوداني في السعي لتحقيق طموحاته وترجمة شعاراته، ودولياً رسالة أخرى للشركاء الاقليميين والدوليين بأن واشنطن ما تزال تدعم مسار التحول الديموقراطي والتحول المدني وتحثهم بشكل مباشر بأن يحذوا حذوها فضلاً عن أن الأمر التنفيذي ينسق ويوحد موقف الإدارة والكونغرس في دعمهما للمسار الديموقراطي في السودان، حيث تجدر الإشارة الى بيان رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب غريغوري ميكس، والسيناتور البارز مايكل ماكول، بالدعوة لضرورة الانتقال وتشكيل حكومة بقيادة مدنية.

في هذا السياق يمكن أن نفسر إتصال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع قائد الجيش السوداني الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بشأن الجهود الجارية للتوصل لوقف قصير آخر لإطلاق النار في السودان.. وكتب بلينكن، في تغريدة على تويتر، “تحدثت هذا الصباح مع الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان بشأن المحادثات الجارية للتوصل لوقف فعال قصير الأجل لإطلاق النار بهدف تسهيل المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية التي يشتد احتياج الشعب السوداني إليها”.وأدان بلينكن استمرار أعمال العنف من جانب طرفي الصراع.

تصريحات بلينكن لم تأت من فراغ  وإنما بعد تحذيرات شديدة اللهجة من الكونغرس الأمريكي للبرهان ومجلسه العسكري الجديد حيث حمل أبرز النواب بالكونغرس الأمريكي الفريق أول عبد الفتاح البرهان مسؤولية العنف والاقتتال ، والتلاعب بالوقت والجماهير ، وإطالة أمد الحرب لنسف أي محاولة لقيام حكومة مدنية في القريب العاجل تقود إلى تحول ديمقراطي حقيقي.

ومضى نواب بالكونغرس إلى أكثر من ذلك حيث وصفوه بالاحتيال وشراء الوقت وممارسة مهام سيادية غير مشروعة كارسال مناديب عنه لمؤتمرات قمم اقليمية، واصدار تشريعات وقوانين والقيام بمهام رؤساء لتثبيت حكمه غير المشروع بسياسة الامر الواقع.

وأكد أعضاء الكونغرس بأن السودان سيحتاج لعملية اعمار كبيرة وإلى مساعدات اقتصادية ضخمة من المجتمع الدولي، وهذا ما لن تقوم به حكومة الولايات المتحدة الاميركية وجميع المانحين الدوليين، الا بعد تشكيل حكومة انتقالية مدنية خالصة. وقد جاءت هذه التحذيرات في تصريحات وقع عليها السبت الماضي ، كل من : النائب جيمس ماكغفرن ، العضو البارز بالحزب الديمقراطي، والنائب توم لانتوس ، رئيس اللجنة البرلمانية المشتركة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

أنصار النظام البائد يضغطون

أنصار النظام البائد (نظام البشير الذي سقط بثورة شعبية 2019) لم يكترثوا لبيان حزبهم (المؤتمر الوطني المحلول) الذي رحب باتفاق جدة مع تحفظات على بعض بنوده ، وطفقوا يؤلبون الرأي العام ضد الهدنة ويطالبون الجيش بعدم الإلتزام بها ويظهر ذلك جلياً في مقال كتبه الصحفي المقرب من النظام السابق الهندي عزالدين نشره على صفحته بـ(الفيس بوك) عشية التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار القصير قال فيه: (إن  هذا الاتفاق يؤكد خضوع قيادة الجيش لضغوط الولايات المتحدة الأمريكية، مفارقةً لاستراتيجية الجيش الرامية لحسم التمرد وإنهاء جرائم مليشيا الدعم السريع (الجنجويد) وعدم السماح بتعدد الجيوش ، مخالفةً للتوجه العام للشارع السوداني الرافض بشدة رغم ويلات الحرب، لأي شرعنة لمليشيا الدعم السريع بعد كل تلك الفظاعات غير المسبوقة في تاريخ السودان التي ارتكبتها خلال شهر واحد من الحرب).

في المقابل تجد الحملة التحريضية التي يقودها (الإخوان المسلمون) الذين يناصرون الجيش ضد قوات الدعم السريع قبولاً وسط الرأي العام، ونجحت لحد كبير في تأليب بعض المواطنين على  قوات الدعم السريع مقدمة شواهد عدل على بعض المخالفات التي ارتكبتها القوات سواءً في نهب المصارف أو سيارات المواطنين، فضلاً عن احتلال منازلهم ووقوع حالات اغتصاب محدودة ، وبذلك استطاع عناصر النظام البائد حصر الرأي العام في هذه الزاوية حتى ينظر للأزمة برمتها من زاوية عاطفية بعيداً عن الكليات.

الدعم السريع ينفي

سارعت قوات الدعم السريع بالنفي وطالب قائدها الفريق محمد حمدان دقلو في تسجيل صوتي جديد جنوده بملاحقة الذين يسرقون وينهبون أموال وممتلكات المواطنين ومرافق الدولة ، في وقت تقود فيه قواته حملات اعتقالات وسط قيادات الإخوان المسلمين وتبرر بأن هذه الاعتقالات تأتي في اطار حربها مع الذين أشعلوا الحرب وما زالوا يعملون مع عناصرهم داخل الجيش لإزكاءها للحيلولة دون التحول الديمقراطي في البلاد ز

وقد نشرت قوات الدعم السريع مقطع فيديو لرئيس حزب المؤتمر الوطني المحلول بولاية الخرطوم أنس عمر أقر فيه بضلوع الإخوان في الفتنة وأنهم من أطلق الرصاصة الأولى بالتنسيق مع كبارة قادة الجيش (البرهان - كباشي- ياسر العطا - ميرغني إدريس) وأشار أيضاً إلى أن الإخوان ظلوا يقودون التعبئة السياسية لاسقاط حكومات الفترة الانتقالية منذ حكومة الدكتور عبدالله حمدوك، هذا التسجيل وجد تجاوباً كبيراً وارتياحاً وسط السودانيين وسط مقاومة من الإخوان بأن أنس أسير واعترافاته لا يعتد بها لأنها جاءت تحت وطأة التعذيب.

كما تم بث فيديو للدكتور محمد علي الجزولي رئيس حزب "دولة القانون"القيادي في ما يطلق عليه التيار الاسلامي العريض، جاء فيه أن الجيش وكتائب الإسلاميين هم من قادوا الهجوم على مقرات الدعم السريع قرب المدينة الرياضية جنوب الخرطوم.


تحولات الوضع الميداني

جاءت هدنة جدة ،  وطرفا الحرب يزايدان على وضعهما الميداني على أرض المعركة من حيث السيطرة، حيث يرى الجيش بحسب مساعد القائد العام الفريق ياسر العطا أنه مسيطر على 85 من الأراضي السودانية وأن المتمردين ليس لهم وجود إلا في جيوب صغيرة بالخرطوم والأبيض وجنوب دارفور والجنينة ، في المقابل تؤكد قوات الدعم السريع أن المعركة الحاسمة هي في الخرطوم وأنها تسيطر على 90% منها وتحكم قبضتها على كل بوابات دخولها.

في محاولة أيضاً لتحقيق مزيد من السيطرة والتماسك عزل رئيس المجلس السيادي عبدالفتاح البرهان ، قائد قوات الدعم السريع من منصبه (نائب رئيس السيادي) وكلف رئيس الحركة الشعبية (الجبهة الثورية) مالك عقار في خطوة فسرها مراقبون بأنها جاءت كرد فعل لرد دولة جنوب السودان على خطاب احتجاج بعثت به الخارجية السودانية لها رافضة استقبالها وسماحها لمستشار (حميدتي) يوسف عزت بالحديث للصحفيين في مؤتمر صحفي في حضور قيادات نافذة بالحكومة وكذلك لقاءه الرئيس سلفاكير ، وكان رد دولة جنوب السودان مقتضباً بأن عزت زارها ممثلاً لنائب رئيس مجلس السيادة.

وبالرغم من أن عقار قبل بالمنصب إلا أنه أصدر بياناً وجد استحساناً دعا فيه لوقف القتال والجيش المهني الموحد ، أما الجنرال حميدتي فقد رد على قرارات البرهان في تسجيله الأخير بأنها  لا تسمن ولا تغني من جوع باعتبار أنه انقلابي وفاقد الشرعية.

فولكر ومجلس الأمن

في خطوة غير موفقة حاول الإخوان عن طريق القيادي بحزب المؤتمر الوطني المحلول وناظر عموديات البجا (ترك) تحريض المواطنين في حاضرة ولاية البحر الأحمر (بورتسودان) على رئيس البعثة السياسية للأمم المتحدة فولكر بيرتس وقادوا تظاهرة شارك فيها 200 شخص طالبت بمغادرة فولكر لبورتسودان في غضون 3 أيام ولم يكن في حساباتهم أن الرجل يرتب لرحلة عمل للمشاركة في اجتماعات بمجلس الأمن والاتحاد الأوروبي ، وما أن غادر فولكر احتفلوا ملوحين بعلامات النصر ليتفاجأوا بتقريره الذي قدمه لمجلس الأمن حيث حذر رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان من تحول الحرب بين الجيش والدعم السريع إلى قتال على أساس عرقي ، وشدد فولكر على أن طرفي القتال يواصلا الاشتباكات دون مراعاة لقوانين الحرب وأعرافها، حيث تعرضت المنازل والمتاجر ودُور العبادة ومنشآت المياه والكهرباء للدمار أو القصف.

وأضاف: “مسؤولية القتال تقع على عاتق أولئك الذين يشنونها يوميًا: قيادة الجانبين اللذين اختاروا تسوية نزاعمها في ساحة المعركة بدلا من الجلوس على الطاولة. 

بدورها أكدت الدول الأعضاء بمجلس الأمن على ضرورة وقف الحرب بالسودان مشيدة بالجهود السعودية الأمريكية في هذه الصدد.

 خلاصات 

من خلال ما أشرنا إليه يمكن أن نخلص إلى أن الخيار المثالي الذي يصلح كمرتكز أساسى لحل النزاع الحالي في الخرطوم هو الوصول إلى وقف دائم لاطلاق النار ولكن هذا الطرح ما زال يواجه رفضاً من الطرفين على طاولة التفاوض حيث يعتقد كل منهما أنه قادر على حسم المعركة لصالحه.

 ظل الأمل يحدوا الشعب السوداني بأن تأتي محصلات جولات التفاوض بنتائج أفضل لكن الإخوان ينظرون إلى منبر جدة بنظرات يكسوها القلق والخوف من المستقبل، ولذلك يستميتون في المقاومة ويحركون عناصرهم داخل الجيش لمواصلة المعركة وبالأمس حاولوا اختراق الهدنة عبر سلاح الطيران الذي نفذ ضربات على مواقع قوات الدعم السريع بعد مرور نصف ساعة من سريان الهدنة.

النقطة التي تستدعي الانتباه أيضاً أن مالك عقار نائب البرهان صرح بوضوح لبعض القنوات الإخبارية بأنه سيبذل كل جهده لإيقاف الحرب، وأن الحوار السياسي بين الطرفين هو الحل الأمثل، في دلالة واضحة على الاختلاف في الموقف من الحرب بينه وأنصار النظام البائد ومن المؤكد أن عقار لم يفصح بذلك دون موافقة البرهان.

من جانب آخر تعدد المبادرات وإدعاء كثير من المنظمات فهمها العميق للمشكل السوداني خلق نوعاً من التنافس بعضه غير حميد ما يجعل الدول التي تربطها مصالح مع السودان وترى أن تهميشاً أصابها تعمل على وأد المبادرة السعودية الأمريكية.

من الواضح أن الضغط الدولي المكثف يمهد الطريق أمام الوصول لوقف دائم لاطلاق النار إيذانا ببدء التفاوض السياسي ، خاصة وأن خطاب القادة الإثنين فيه تعلية للسقوفات ودعوة لاستمرار الحرب بغرض بث الروح المعنوية وسط الجنود للمواصلة ، فيما تمثل الأوضاع الانسانية المتدهورة عامل ضغط آخر على الطرفين فضلاً عن عجز الحكومة في دفع رواتب الموظفين منذ شهر أبريل ، ما يشير إلى أن الآمال بعودة الحياة إلى طبيعتها في السودان وإن كانت معلقة لا سبيل غير الحوار لحل الأزمة وهذا ما يجعل التفاؤل بهذه الهدنة هو السلاح الوحيد الذي يحقق للسودانيين الانتصار في هذه المعركة.

61