
يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا لبحث تسوية طويلة الأمد للحرب بين روسيا وأوكرانيا قد تشمل تبادل الأراضي، سبق ذلك لقاءات أجراها مبعوث ترامب ستيف ويتكوف مع المسؤولين الروس، وتهديدات أطلقها ترامب بفرض مزيد من العقوبات على روسيا والدول التي تتعامل معها.
قضايا إضافية
يشير مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن إلى أن القمة ربما تشمل قضايا إضافية مثل: الأمن النووي والدفاع الصاروخي، التكنولوجيا والتجارة، الأمن البحري والمياه والتعاون في الفضاء، التهديدات العابرة للحدود والمساعدات الإنسانية والأمن المائي والتنمية الدولية.
اختيار ألاسكا
ترى واشنطن بوست أن اختيار ألاسكا كموقع للقمة يحمل دلالات تاريخية وسياسية، منها رغبة موسكو في كسر عزلتها الدولية، واستراتيجية ترامب لإعادة إطلاق الدبلوماسية. مسئول روسي ذهب إلى دلالة الجيرة، إذ أن الولايات المتحدة وروسيا جارتان إلى حد التلاصق، وإن كلاً منهما تقع على مرمى حجر من الآخر، كما نقلت وكالة سبوتنيك. وفي الشارع الروسي يستعيدون بهذا الاختيار ذكريات الماضي، حيث أن القيصر ألكسندر الثاني بعد سنوات من التردد والجدل داخل العرش الروسي، وافق على بيع ألاسكا لأمريكا.
لقاءات سابقة
كان أخر لقاء بين ترامب وبوتين قد تم عام 2019 خلال فترة ترامب الأولى كرئيس للولايات المتحدة عام 2019، في قمة دول العشرين في طوكيو باليابان، وتشير بعض المعلومات أنه تم اخطار الصين بالتطورات الأخيرة حول لقاء ترامب وبوتين وأن الصين رحبت بالخطوة.
المعروف أنه لم تعقد قمة أميركية روسية حول أوكرانيا منذ أن التقى كل من الرئيس جو بايدن والرئيس بوتين في جنيف في فبراير 2021 وبعده دخلت العلاقات في أزمة عميقة (رويترز 7 أغسطس 2025)
وضع زيلينسكي
السفير الأميركي لدى حلف شمال الأطلسي ماثيو وايتاكر، قال لشبكة "سي إن إن"، إنه لا يستبعد دعوة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى المحادثات الأميركية الروسية، مضيفًا أن "الرئيس ترامب هو الذي سيتخذ القرار".
كان ترامب قد اشترط من قبل أنه لن يوافق على لقاء بوتين إلا إذا وافق على الجلوس مع الرئيس الأوكراني ، لكنه قال إنه سوف يفعل قدر ما يستطيع لوقف القتال متجاهلاً فكرة عقد اجتماع ثلاثي بين الزعماء الثلاثة المعنيين بالأزمة بوتين وترامب وزيلينسكي، وكان الأخير قد اقترح اشراك الدول الأوروبية في العملية.
لقد ظلت كل محاولات ترامب لحل المشكلة فاشلة بسبب المطالب العالية التي تقدم بها بوتين، والتي لم يكن من الممكن أن تقبلها كييف مثل أن تتخلى عن طلب الانضمام إلى حلف الناتو ، وأن تسحب قواتها وتتنازل عن أربعة أقاليم أوكرانية ، هي دوينسك وولوغانسك وزابوجيا وخيرسون التي تحتلها روسيا جزئياً ، بالإضافة إلى جزيرة القرم التي احتلتها روسيا عام 2014. في المقابل يصر بوتين على نزع سلاح أوكرانيا وابعاد الرئيس زيلينسكي.
موقف الأوروبيين
الصحافة الغربية تتهم روسيا بالتهرب من عقد محادثات حول أوكرانيا لأنها كانت تأمل أن تستسلم أوكرانيا عن طريق الهزيمة في الحرب أو بضغوط من الرئيس ترامب، وقد ابدى بعض الأوكرانيين مثل تتاتيانا ستانوفايا الزميلة في مركز كارنيجي روسيا - أوراسيا، التي قالت أن اجتماع بوتين وترامب قد يحرز بعض التقدم، ولكن لن يحدث تغيير له معنى. وقال ماركو مايكلسون رئيس لجنة العلاقات الخارجية في برلمان استونيا أن مثل هذا الاجتماع سوف يكون أخطر سيناريو بالنسبة لأوكرانيا وهو بمثابة مكافأة للمعتدي (فايننشال تايمز، 7 أغسطس 2025).
الاتحاد الأوروبي أوضح موقفه من مساعي ترامب لـ"تبادل الأراضي" عقب اجتماع وزاري عُقد يوم الاثنين، وأبلغ قناة فوكس نيوز ديجيتال أنه لا ينبغي تقديم أي "تنازلات" حتى توافق روسيا على وقف حربها. وقالت كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، في بيان مكتوب: "لم توافق روسيا على وقف إطلاق نار كامل وغير مشروط، ولا ينبغي لنا حتى مناقشة أي تنازلات. لم ينجح هذا النهج مع روسيا في الماضي، ولن ينجح مع بوتين اليوم".
طبيعة التسوية الإقليمية
وفقًا لتقرير لبلومبيرغ، فإن الشروط التي اقترحها الكرملين "ستُثبّت احتلال روسيا للأراضي التي استولت عليها خلال غزوها العسكري" مقابل إنهاء القتال. وهذا يتطلب أيضًا من أوكرانيا سحب قواتها من مناطق في مقاطعتي لوغانسك ودونيتسك اللتين تسيطر عليهما حاليًا، والتنازل عنهما لروسيا.
مع ذلك، ترى ذا أتلانتك كاونسل أن طبيعة التسوية الإقليمية التي تناقشها روسيا والولايات المتحدة لا تزال موضع تساؤل. وقد علق ترامب في 8 أغسطس: "سنستعيد بعض الأراضي، وسنتبادل بعضها، وسيكون هناك تبادل للأراضي لتحسين وضع كليهما". وفي معرض وصفه لرؤيته لاتفاق سلام بين روسيا وأوكرانيا، قال ترامب إن الاتفاق سيشمل "أمورًا جيدة، لا سيئة، بل أيضًا بعض الأمور السيئة لكليهما". وأضاف: "سنغير الخطوط، خطوط المعركة".
ووفق الغارديان اندهش الدبلوماسيون الأوروبيون من غموض الجانب الأمريكي بشأن الأراضي التي يطالب بها بوتين من أوكرانيا وشروط وقف إطلاق النار. وقد أثارت التناقضات في التقارير الأمريكية حول ما تسعى إليه روسيا قلق الدبلوماسيين الأوروبيين، وزادت من مخاوفهم من أن ترامب، بتضخيمه لعلاقته الشخصية مع بوتين، قد يقدم تنازلات ضارة.
ودعا المستشار الألماني، فريدريش ميرز، ترامب للانضمام إلى محادثات افتراضية طارئة مع قادة الاتحاد الأوروبي وزيلينسكي، مع تزايد المطالب الأوروبية للرئيس الأمريكي بالموافقة على الخطوط الحمراء قبل قمة الجمعة مع بوتين.
أرضية للتطبيع
في كل الأحوال ، ربما يمهد لقاء ترامب وبوتين لوضع أرضية للقاءات بين وفود روسية وأميركية للتواصل مع أوكرانيا والدول الأوروبية حول التفاصيل التي يمكن أن يبني عليها اتفاق طويل الأمد ونهائي، وهو أمر قد يستغرق زمناً طويلاً وربما يعرض التسوية برمتها للانهيار بسبب خلافات حول التفاصيل.
نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف، عبر عن أمله في أن يساعد اللقاء المرتقب بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي دونالد ترامب في تطبيع العلاقات بين موسكو وواشنطن... "نأمل في أن يدفع اللقاء المقرر على مستوى القمة خطوات نحو تطبيع العلاقات الثنائية". واعتبر أن ذلك قد يسمح بالمضي قدما بحل مختلف القضايا، مثل استعادة رحلات الطيران بين البلدين. وأضاف: "ولكن من الواضح أن الاهتمام سيتركز على مواضيع أخرى"، وفقا لروسيا اليوم.
سيناريوهات
1. قد لا تقبل أوكرانيا اية تنازلات تقترحها روسيا، مثل التخلي عن فكرة الانضمام إلى حلف الأطلسي وأن تظل كدولة أو عدة مناطق منها منزوعة السلاح حتى إذا وافقت على التخلي عن بعض الأراضي لصالح روسيا وهو ما قد يعطل الوصول إلى تسوية نهائية.
2. ربما يدعم غياب أوكرانيا والدول الأوروبية التي تساند الموقف الأوكراني عن المشاركة في المحادثات، موقف زيلينسكي بعدم قبول تسوية قد تحاول واشنطن فرضها عليه، في ظل رغبة ترامب القوية للتوصل إلى اتفاق يجعله يقترب من حلمه في الحصول على جائزة نوبل كبطل للسلام بين أوكرانيا وروسيا.
3. قد يحدث تغير مفاجئ في الموقف الأميركي مع بداية أو قبل المحادثات تربك المشهد بسبب التصريحات المتقلبة والمواقف غير الثابتة للرئيس ترامب، الأمر الذي قد ينعكس على سير اللقاء.