تحالف بكين - موسكو وفرص طهران في المضي قدما نحو امتلاك السلاح النووي

تقديرات

تحالف بكين - موسكو وفرص طهران في المضي قدما نحو امتلاك السلاح النووي

13-Dec-2023

تعكس علاقة الصين ورسيا وإيران صيغة من أشكال التحالفات، وتحاول الرؤية الإيرانية الاستفادة إلى أبعد الحدود من العلاقة مع هاتين القوتين في نشاطها النووي. وهو ما يتوافق مع تصريح الضابط السابق المشارك في تتبع الشؤون الإيرانية بوكالة المخابرات المركزية الأميركية رويل مارك جيريخت، والخبير في مجلس العلاقات الخارجية راي تاكيه، حيث قالا إن "تحالف طهران مع كل من موسكو وبكين ربما ذلل أي عقبات تقنية مهمة كانت تعيق حصولها على السلاح النووي".

تمتلك طهران اليوم أجهزة طرد مركزي متقدمة، ومخزونا متزايدا من اليورانيوم عالي التخصيب، وكوادر من الفيزيائيين والمهندسين النوويين ذوي الخبرات العالية، فضلا عن رعاية من قوتين كبيرتين، بما يجعل فرضية امتلاك إيران للتكنولوجيا الضرورية لإنتاج سلاح نووي، قابلة وقريبة للتحقق. 

وبحسب تقديرات صحيفة وول ستريت جورنال فالصفقة النووية التي طال انتظارها بين إيران والقوى الغربية وروسيا والصين، ستقلل من نفوذ إيران الإقليمي، ولكن هذا الاعتقاد يتجاهل التداعيات الضخمة لعلاقة طهران الثلاثية مع موسكو وبكين. في الواقع أي رفع للعقوبات على إيران نتيجة للاتفاق، يمكن أن يؤدي إلى مكاسب مالية غير متوقعة لن تؤدي إلا إلى تعزيز المشاريع والطموحات الإيرانية في الشرق الأوسط خاصة النووية. 

فالجغرافيا السياسية اليوم تشير إلى أن التحالف البراغماتي مع الصين وروسيا أنهى عزلة إيران في ظل سعي البلدان الثلاث تقليص الهيمنة الأميركية، وهي تدرك بأنها بحاجة إلى مساعدة بعضها البعض عسكريا واقتصاديا لتحقيق الأهداف المشتركة، وهو ما جعل إيران تزود روسيا بتكنولوجيا الطائرات المسيرة وقذائف المدفعية لاستخدامها في الحرب الأوكرانية. 

ولم تعد روسيا تتلكأ في تزويد طهران بمقاتلات "سوخوي سو-35" المتطورة، وأنظمة دفاع جوي أكثر تطورا من تلك الموجودة لدى طهران، ومن غير المستبعد أن تكون موسكو مستعدة لإمداد طهران بأي خبرة نووية تحتاجها. كما انخرطت موسكو وبكين في دعم الطموحات الإيرانية، انطلاقا من قطاع النفط والبنية التحتية للموانئ، وصولا إلى القدرات الدفاعية. نتيجة لهذا التعاون الوثيق، استطاعت إيران تحمل سياسة الضغط القصوى التي فرضتها الإدارات الأميركية المتعاقبة، وهيأت الأرضية من أجل العودة إلى الاتفاق النووي على المدى المنظور. 

وقد ساعدت الصين إيران تحديدا في التغلب على العقبات أمام صادرات النفط، حيث تعتبر الصين أكبر مستورد للنفط الإيراني، كما إنها قد ساعدتها في الانضمام لمنظمة شنغهاي، وذلك لخلق فضاء أوسع أمام إيران من أجل القدرة على مواجهة الضغوط الأميركية المتزايدة. 

بالمثل فتحت روسيا لإيران فضاء أوراسيا من أجل تعزيز مكاسبها الاقتصادية، وذلك استجابة لتوجهات إيران نحو الشرق، وربما جاءت زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إلى إيران في يونيو 2022 في إطار جهود البلدين لتنسيق علاقاتهما في ظل الضغوط التي يتعرض لها البلدين من جانب الولايات المتحدة.

ختاما: لا تجمع بين موسكو وبكين وطهران قيم مشتركة، بل تلتقي في هدف واحد متمثل في تحدي واشنطن والنظام العالمي الي تقوده، فالتعاون الوثيق بين هذه البلدان يعرقل السعي الأميركي لفرض عقوبات على روسيا فيما يخص بحربها مع أوكرانيا، والبرنامج النووي الإيراني. 

ويرى الكاتب الأميركي كريغ سينغلتون أن أي اتفاق جديد مع إيران بشأن برنامجها النووي "سيُنهي تحفظ الصين على تعزيز التبادلات التجارية مع إيران خشية العقوبات الغربية، وقد تجمع الطرفين استثمارات بقطاعات مهمة مثل الغاز، وقد تستفيد إيران من تطوير شبكة الاتصالات والحصول على تكنولوجيا المراقبة الصينية"، بحسب ما تم نشره في مجلة فورين بوليسي الأميركية. 

بينما يناشد 50 نائبا من الحزبين الديمقراطي والجمهوري الرئيس بايدن "ألا يسمح بأن تكون روسيا هي من يخزن اليورانيوم الإيراني المخصب، وألا يكون لروسيا الحق في أن تقوم بأنشطة نووية مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بما في ذلك مشروع توسيع البنية التحتية النووية الإيرانية بقيمة عشر مليارات دولار أميركي، لا ينبغي أن نسمح لمجرم الحرب بوتين بأن يكون هو الضامن لاتفاق مع إيران بشأن برنامجها النووي، أو أن يحتفظ باليورانيوم الإيراني المخصب". 

أما إيران فهي تعول على الثنائي الصيني الروسي في حال استمرت الضغوط والعقوبات المفروضة من جانب الغرب ضد طهران، أو احتمال تعرضها لأي هجمات لاسيما في ضوء تزايد التهديدات الإسرائيلية بإمكانية استهداف البرنامج النووي الإيراني، بضوء أخضر من واشنطن، وذلك بعد وصوله إلى مستويات متقدمة في تخصيب اليورانيوم بهدف إنتاج سلاح نووي. 

كما يحقق هذا الانفتاح استقرار للنظام الإيراني لسنوات قادمة خاصة ونحن نتحدث عن عضوين دائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بما يوفر غطاء دولي في حال توجهت إيران لإنتاج قنبلة نووية، وهي الخطوة التي تعتبر أفضل ضمان لبقاء النظام في نظر بعض المسؤولين الإيرانيين. الأمر الذي سيحتم على واشنطن التي تبالغ في تقدير مدى سيطرتها على استقرار الوضع الأمني الدولي؛ خطة جديدة توقف بها مسيرة إيران المتوقعة نحو تحقيق القدرة على صنع أسلحة نووية وتقلل من رغبتها في تحدي النظام الإقليمي وتهديد أمن واستقرار المنطقة. 







158