تتجه بريطانيا نحو تصنيف "حزب التحرير" منظمة إرهابية ممنوعة، بعد أن باشر وزير الداخلية، جيمس كليفرلي، إجراءات حظر الجماعة الإسلامية السنية التي يتهمها بـ “معاداة السامية" والترويج للإرهاب". كليفرلي قال إن "حزب التحرير" منظمة "معادية للسامية" تعمل بنشاط على "الترويج للإرهاب وتشجيعه"، مشيرا إلى إشادتها بهجوم السابع من أكتوبر على إسرائيل. ووفق صحيفة "الغارديان" البريطانية، يقوم حزب التحرير يقوم بأعمال "التحريض والتجنيد في بريطانيا منذ ما يقرب من 40 عاما"، موضحة أن موافقة البرلمان على خطوة الحظر سيجعله منظمة "على قدم المساواة مع تنظيمي القاعدة وداعش". قرار الحظر سيدخل حيز التنفيذ ضد المنظمة المحظورة بالفعل في مصر وألمانيا وباكستان وبنغلادش وعدد من الدول العربية والآسيوية الأخرى، في حال أقر النواب البريطانيون الإجراء الذي قدمه كليفرلي إلى البرلمان.
تأسس الحزب في عام 1953 في القدس من قبل تقي الدين النبهاني وهو إسلامي فلسطيني تخرج من "المعهد العالي للقضاء الشرعي" التابع للأزهر، وقد بدأ حياته معلّماً في أماكن مختلفة، ومنها محافل تنظيم الإخوان المسلمين . وقد أعلن النبهاني عن تأسيس حزبِهِ السياسيّ في قلب عاصفةٍ من الحركات والتنظيمات السياسيّة اليساريّة والإسلاميّة والعروبيّة وغيرها
يهدف الحزب إلى إعادة تأسيس الخلافة كنظام سياسي عالمي يوحد جميع المسلمين تحت حكم الشريعة. ويرفض هذا الحزب مبادئ الديمقراطية وأي نظام آخر لا ويدعي أنه غير عنيف. ويقول الحزب، إن "الفكرة التي يقوم عليها، وتتجسد في مجموعة أفراده، ويعمل لأن يصهر الأمة بها، ولأن تتخذها قضيتها هي الفكرة الإسلامية، أي العقيدة الإسلامية وما انبثق عنها من أحكام، وما بني عليها من أفكار".
ويوضح أنه، تبنى "هذه الفكرة القدر الذي يلزمه كحزب سياسي يعمل لإيجاد الإسلام في المجتمع، أي تجسيد الإسلام في الحكم والعلاقات وسائر شؤون الحياة، وقد وضّح الحزب كل ما تبناه بشكل تفصيلي في كتبه ونشراته التي أصدرها". وبحسب صحيفة "الغارديان"، كانت الطريقة الرئيسية التي اتبعها حزب التحرير في محاولة الوصول إلى السلطة متمثلة في "التسلل إلى جيوش البلدان ذات الأغلبية المسلمة"، مشيرة إلى أن الحزب "كان وراء المحاولات الفاشلة للقيام بانقلابات في الأردن والعراق وسوريا في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات".
أما عمل الحزب حسبما جاء في موقعه، هو حمل الدعوة الإسلامية، لتغيير واقع المجتمع الفاسد وتحويله إلى مجتمع إسلامي، بتغيير الأفكار الموجودة فيه إلى أفكار إسلامية، حتى تصبح رأياً عاماً عند الناس ومفاهيمهم تدفعهم لتطبيقها والعمل بمقتضاها، وتغيير المشاعر فيه حتى تصبح مشاعر إسلامية ترضى لما يرضي الله وتثور وتغضب لما يغضب الله، وتغيير العلاقات فيه حتى تصبح علاقات إسلامية تسير وفق أحكام الإسلام ومعالجاته. يقول الحزب أن الكفاح السياسي فيتجلى في مصارعة الكفار المستعمرين، لتخليص الأمة من سيطرتهم وتحريرها من نفوذهم، واجتثاث جذورهم الفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية، والعسكرية وغيرها من سائر بلاد المسلمين.
وبجانب تأييده للتنظيمات الارهابية مثل حماس والقاعدة ، فالحزب متهم بأنه عبارة عن جماعة مثيرة للانقسام ومتطرفة علاوة على كونه مجموعة سرية ومضللة تتسلل إلى المواقع الحكومية والعسكرية وتستخدم العنف كملاذ أخير. وبينما يتبنى الحزب فكرة الخلافة الإسلامية كهدف أساسي لكنه يتجاهل القضايا الحياتية والاجتماعية والاقتصادية للمسلمين، وهو يرفض الديمقراطية والحريات والتعددية ويعتبرها من الكفر والضلال ، فضلا عن اتهامه الحكومات والأنظمة في العالمين العربي والإسلامي بأنها تعمل لتحقيق أجندة دول أخرى، ويتجاهل الظروف التاريخية والجغرافية والاستراتيجية التي تحكم العلاقات الدولية.
في المنطقة العربية شهدت علاقاته مع الحكومات العربية مراحل من المد والجزر، فبينما كانت بعض الدول تضيق عليه به كما كان الحال في العراق، نجد له نشاطاتٍ رسمية في دولٍ أخرى مثل لبنان والسودان، أما في العالم الإسلامي فإن للحزب انتشاراً علنياً في إندونيسيا وماليزيا، كما له وجود كبير في وسط آسيا، وبخاصة في أوزبكستان، ولكنه محظور في بنغلاديش.
في أوروبا تتفاوت علاقة حزب التحرير مع الدول الأوروبية ما بين وضعه تحت المراقبة بغية الحظر كما هو في المملكة المتحدة قبل الملابسات التي أشرنا إليها في دبة المقال، وحظره فعلياً كما هو في ألمانيا، وفي باقي الدول الأوروبية لا نجد ذكراً رسمياً لحزب التحرير برغم تواجده فيها كما يظهر من تواجده في الدانمارك وغيرها.