![المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ](https://icss.ae/uploads/assessments-ar-chinese-foreign-ministry-spokesperson-mao-ning.webp)
في مقابلة مع قناة فوكس نيوز، 28 فبراير، قال مدير مكتب التحقيقات الفدرالي "كريستوفر وراي" إن المكتب يعتقد أن كوفيد نشأ من حادثة معملية في ووهان. وأضاف أن الحكومة الصينية كانت تبذل قصارى جهدها لمحاولة إفشال أي تحقيق تقوم به واشنطن.
لم يكن هذا التصريح هو الأول، فقد نشر موقع NBC News في 1 مارس، أن مكتب مدير المخابرات الأميركية أعلن في أغسطس 2021، نتائج تحقيقاته عن أصول كوفيد، بتكليف من الرئيس "جو بايدن"، والتي رجحت بثقة متوسطة، أنه أصاب البشر بعد حادث مرتبط بالمختبر. ولكن في المقابل قيمت أربع وكالات أخرى بثقة منخفضة، أن الفيروس ظهر بشكل طبيعي.
وتواجه الصين حاليا هذا الاتهام بعد ثلاثة أشهر واجهت خلالها الحكومة الصينية سلسلة أزمات منهكة. ففي أواخر نوفمبر 2022، نزل المواطنون الصينيون إلى الشوارع، ولأول مرة، شككوا في قيادة الرئيس "شي جين بينغ". وبعد العديد من الضغوط التي نجمت عن استياء شعبي أنهت الحكومة، بين عشية وضحاها، إجراءات "صفر كوفيد" التي تطبقها السلطات منذ نحو ثلاث سنوات. وقال الباحث الصيني "يانزونج هونج" لفورين أفيرز في 16 فبراير، إن هذا التحركات الشعبية غير المسبوقة تعني الكثير لمستقبل "شي" الذي يشعر أن أية شكوك حول أصل كوفيد، تنبع من منافسته لواشنطن. الأمر الذي دفع المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية "ماو نينغ"، في إفادة نشرها موقع وزارة الخارجية الصينية في 1 مارس، إلى معارضة بكين أي محاولات للتلاعب السياسي في قضية أصل كوفيد.
لقد أصبح أصل كوفيد مصدر احتكاك صيني أميركي مستمر، فمن المعروف أن نظرية التسرب من المختبر بدأ الترويج لها منذ أوائل عام 2020 من قبل السياسيين ووسائل الإعلام في واشنطن، لاسيما الرئيس الأميركي السابق "دونالد ترامب"، وغيره من الجمهوريين ووسائل الإعلام المحافظة، مثل المحلل في قناة فوكس نيوز "تاكر كارلسون"، وكبير المحللين في البيت الأبيض "ستيف بانون". وأعربت الإدارة الأميركية آنذاك عن نيتها معاقبة الصين، حيث ادعى "ترامب" أن لديه دليلا، لكنه رفض الإفصاح عنه عند الطلب. كما أن وسائل الإعلام لم تفرق بين كونه تسرب مختبري عرضي، وبين نظريات مؤامرة تفترض تخليق سلاح حيوي في المختبرات الصينية. وقد اتهم الكاتب "لوري روبرتسن" الصين صراحة في مقاله بموقع Fact Check (21 مايو 2021) بأنها وجهت أبحاثا لجعل فيروسات الخفافيش أكثر عدوى للإنسان.
وحاولت الصين الرد على كافة الاتهامات منذ البداية، ووفقا لما نشرته الجارديان في 11 إبريل 2020، اقترح الرئيس الصيني "شي" دمج سبل السلامة البيولوجية في القانون، والقيام بتدابير جديدة لتعزيز إدارة المختبرات الصينية. وبذلك اتخذت بكين خطوات لتنظيم البحث المحلي بإحكام في محاولة للسيطرة على الحديث عن أصوله، وبالطبع تشجيع التكهنات بأن الفيروس بدأ خارج البلاد. ونشرت وسائل الإعلام الحكومية الصينية تصريحات لعلماء تعارض الادعاءات بأن سوق المأكولات البحرية ومعهد علم الفيروسات هما السبب في نشر كوفيد.
عل أية حال، ظهرت فكرة إطلاق الفيروس من المختبرات الصينية، سواء عن طريق الخطأ أو عن عمد، في وقت مبكر من الجائحة. تلك الفكرة التي اكتسبت شعبية كبيرة في الولايات المتحدة، مما أثار التوترات بين واشنطن وبكين. وقد رفضها العديد من العلماء ووسائل الإعلام باعتبارها نظرية مؤامرة لا يمكن الالتفات إليها. لكنها عادت للظهور في عام 2021، عندما نشرت منظمة الصحة العالمية تقريرها الذي اعتبر هذا الاحتمال مستبعدا. وفي يونيو 2022، أصدرت المنظمة تقريرا يدعو إلى مزيد من التحقيق في نظرية التسرب في المختبر وعدم تسييس الأمر، لكن واشنطن تحاول إدارة تلك الاتهامات في سياق المنافسة الصينية الأميركية، ووضعتها إلى جوار ملفات شائكة، كالملف التايواني، والمنافسة العسكرية والتكنولوجية، فضلا عن علاقات الصين بالدول المعارضة للسياسة الأميركية، كروسيا وإيران، على الرغم من أنه لا يوجد أي دليل حتى الآن على أن أي مختبر صيني كان لديه عينات من كوفيد قبل انتشار الجائحة. وبالطبع فإن الخطاب السياسي المكثف المحيط بالمسألة يهدد بتهميش التحقيق الجاد وغياب الحقيقة.
وأخيرا، لا يوجد دليل حتى الآن على أن كوفيد-19 تم تخليقه في المعامل الصينية، فوفقا لتقارير الخبراء والباحثين، يتمثل المصدر الأكثر احتمالا للفيروس في الحيوانات - على الأرجح الخفافيش - حيث يمكن أن يتحول بشكل طبيعي وينتقل إلى الإنسان عبر سوق الحيوانات البرية في ووهان. وعلى الرغم من أن بعض الدراسات والتقارير المثيرة للجدل اقترحت أنه قد يكون هناك مساعي لتخليق الفيروس في المعامل، إلا أن الأدلة التي تدعم هذه الادعاءات ضعيفة جدا حتى الآن.