رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو

تقديرات

أزمة سياسية في الأفق الإسرائيلي

10-Feb-2023

رغم خروج إسرائيل من أزمة عدم الاستقرار الحكومي، التي طالت خمس سنوات، إلا أنها تدخل الآن في أكبر تحد تمر به، وهو صراع اليمين المتطرف، وتُمثله الحكومة الحالية، بقيادة "بنيامين نتنياهو"، مع التيار اليساري المتشدد، يُمثله عسكريون وليبراليون مُتشددين، لتظهر معالم ارتفاع سقف التحد إلى مستوى الاغتيالات. 

شهدت إسرائيل تظاهرات حاشدة، وصل أعدادها إلى 60 ألف إسرائيلي، تُعارض تشكيل الحكومة نفسها، وخطة التغيرات القضائية التي طرحتها، ويعتبرها اليساريون تهديداً للديمقراطية. في المقابل، حذر "نتنياهو" من التهديد بقتله وتصفية المسؤولين في إدارته، واعتبرها أيضاً خطراً حقيقياً على الديمقراطية. 

ذروة الانقسام الإسرائيلي، في صورته الجديدة، تأتي بعد أن هدد ضابط الاحتياط "زئيف راز" بقتل "نتنياهو" وتصفية أعضاء حكومته جسدياً، مما دفع بالرئيس الإسرائيلي "إسحق هرتسوغ" للتصريح قائلاً إن ما تمر به إسرائيل "فترة مشحونة للغاية، وقابلة للانهيار". 

ويبدو أن المظاهرات وعرائض الاحتجاج من شخصيات مرموقة، لم تجد صدى، رغم استمرارها خمسة أسابيع، بل قابلها تشدد حكومي، وإصرار على إدراج قوانين مُتدينة،  وقد وصفها العديد من القانونيين والنشطاء بالخطيرة على مستقبل إسرائيل. 

وصل "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية"، من خلال استطلاع إلى نتائج غير مُطمئنة للإسرائيليين، يرى ثلثهم بأن الحديث عن حرب أهلية، تحصيل حاصل، يرى المؤرخ "ديميتري شومسكاي" وهو أستاذ وفيلسوف أمريكي، بضرورة الاستعداد لحرب أهلية، لا هوادة فيها.

المخاوف الرئيسية لدى المُطلعين على الشؤون الدستورية، تأتي من النظام القضائي والمحكمة العليا، الذي قد يسمح للحكومة، أن تُصدر بنفسها أوامر قد تتحول إلى قوانين، وفي ذلك يُشير وزير الدفاع السابق "بيني غانتس"، إلى احتمالية أن يؤدي ذلك إلى "مأزق كبير جداً، سيواجهه رئيس أركان الجيش".

المؤشرات على ما يظنه الإسرائيليون حرباً أهلية، لم يُحذر منها رجال القانون والنشطاء والسياسيون فقط، بل إن قيام المستثمرين بسحب أموالهم، ومغادرة إسرائيل، أصبح واقعاً حقيقياً، لذلك، وقع ما يُقارب من الـ 50 رئيساً ومديراً لشركات إسرائيلية على عريضة، وجهوها إلى الرئيس "هرتسوغ"، ورئيس الحكومية "نتنياهو"، مُحذرين من انشقاق حاصل وسط الشعب الإسرائيلي. 

تُعرف دراسة المركز بنتائج  نشوب حرب أهلية مُحتملة في الداخل الإسرائيلي! وتحديد الدوافع إلى ذلك! 

ويُمكن قراءتها من أرض الواقع الإسرائيلي، إذ تذهب أول حكومة إسرائيلية مُتطرفة، لتشعل عدة جبهات. وعلى الإسرائيليين أن يدفعوا ثمنها، هذه العوامل من أهمها، القوانين الدينية التي ستحل مكان تلك العلمانية، والصلاحيات التي ستجعل من رئيس الحكومة (ملكاً) مُطلقاً في سن القوانين. 

ومن العوامل التي قد تُشعل الحرب الأهلية الداخلية، التشدد الحكومي في إنفاذ القرارات التي يعتبرونها (قطعية)، ولا يخضعونها إلى الحوار مع المعارضة، كما أن إقصاء أعضاء البرلمان هو أمر حاضر، إضافة إلى ذلك، أن عملية الإقصاء تشمل حتى الوسطية، كما أن إقصاء لأعضاء البرلمان حاضر في الكنيست، كذلك الحال في التعامل مع الوسطيين، في اتخاذ قرارات لا تتوافق مع دولة ديمقراطية. 

بالعودة إلى الدوافع التي مكنت حكومة "نتنياهو" من نفوذها، يُرجح أن ملف الإسراع في بناء المستوطنات وتوسيعها يبرز على رأس أولويات الحكومة، وأحدثها، بناء مستوطنة تُعرف باسم "حانون"، صدّق مجلس الوزراء الإسرائيلي على إقامتها في مناطق متاخمة لقطاع "غزة"، مما يُمكن اعتباره تحد لـ "حماس"، وعدم مبالاة على مصير 500 يهودي سيقطنون تلك المستوطنة. علاوة على ذلك، ما يجري نت تدخل إسرائيلي، في الضفة الغربية، سواء في القدس، ومخيم جنين، ونابلس، وصولاً إلى غزة، مما أدى إلى ردة فعل فلسطينية مسلحة.

وهناك من يُرجح، بأن خطوات اتخذها الرئيس الأمريكية السابق "دونالد ترامب"، كنقله سفارة الولايات المتحدة الأمريكية إلى القدس، رغم تحذيرات الخبراء والمقربين من نشوب صراع إقليمي، كان لها أثراً كبيراً في تشجيع المتطرفين في الحكومة الإسرائيلية على اتخاذ المواقف المتشددة التي أشرنا إليها، دون النظر إلى عواقبها.

نرى في تقديرنا للوضع بأن نشوب حرب أهلية إسرائيلية أمرٌ غير مُحتمل، كما يعتقد الإسرائيليون، بل إن حالة الانفعال السياسي الزائدة، هي ردة فعل تُعبر عن استياء شديد لدى الليبراليين. 

96