أردوغان والتحدي الاقتصادي

تقديرات

أردوغان والتحدي الاقتصادي

30-May-2023

يعاني الاقتصاد التركي  من مشكلات كبيرة، وفي مقدمتها الانخفاض المستمر في قيمة الليرة التركية، والتضخم المرتفع، وتراجع الإنتاجية. ومن المتوقع أن يحقق الاقتصاد التركي بحسب تقرير البنك الدولي الصادر في أبريل الماضي، نمواً بنسبة 3.2 بالمئة في 2023، عوضا عن توقعات سابقة أفادت بنموه بنسبة 2.7 بالمئة فقط.، كما رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد التركي للعام 2024 بنسبة 4.3 بالمئة بدلا من 4 بالمئة في السابق، وتوقع نسبة 4.1 بالمئة في العام 2025. وتوقع التقرير الدولي أن يتسبب الزلزال الذي ضرب تركيا في فبراير الماضي في خسائر بنحو 34.2 مليار دولار.

البنك المركزي التركي أعلن مؤخرا ، عن صافي احتياطات النقط الأجنبي والتي ظهرت سلبية للمرة الأولى منذ عام 2002. واعتبر التقرير أن أردوغان نجح في تمويل سياسته النقدية غير التقليدية المتمثلة في الحفاظ على معدلات فائدة منخفضة من خلال الحصول على مقايضات العملات وضخ مليارات الدولارات من حلفاء الخليج وروسيا، ومع ذلك، فقد تم استنفاد هذه الموارد. وأضاف أن فريق أردوغان الاقتصادي يستخدم أساليب الباب الخلفي، في المقام الأول من خلال البنوك العامة، لتحقيق الاستقرار في الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي.

وبحسب آيدين سيزر، الدبلوماسي السابق والمحلل السياسي التركي لـ "العربية.نت" ، تنحصر التحدّيات التي سيواجهها الرئيس التركي في الفترة المقبلة على الأزمة الاقتصادية الراهنة التي تعيشها البلاد وملف اللاجئين وإعادة ترتيب العلاقات مع الخارج. قال سيزر إن "الأزمة الاقتصادية تقع على سلم التحدّيات التي سيواجهها أردوغان في الفترة المقبلة، وسيتعين عليه اتخاذ خطوات ملمّوسة لإيجاد حلولٍ للمشاكل الاقتصادية بما في ذلك ما سيفعله لتحقيق تدفق الاستثمار الأجنبي إلى داخل البلاد لتجاوز هذه الأزمة".

وتعدّ محاربة التضخم أكثر من أولوية، لتخفيف الضائقة الاقتصادية عن السكان. فالرقم الرسمي للتضخم يبقى في أبريل (نيسان) يفوق 40 في المائة خلال عام واحد بعد أن تجاوز 85 في المائة في الخريف، نتيجة للانخفاض المستمر في أسعار الفائدة الذي يدعمه الرئيس إردوغان.

إردوغان يجادل حسب تقرير نشرته مجلة «لو بي إس» الفرنسية أعادت الشرق الأوسط نشره ، خلافاً للنظريات الاقتصادية التقليدية، بأن أسعار الفائدة المرتفعة تعزز التضخم، مشيراً خلال حملته الانتخابية إلى أنه لا ينوي رفعها.

ويشير محللون لدويتشه فيلا إلى أن تعهّدات أردوغان خلال حملته زيادة الإنفاق وتمسكه بمعدلات الفائدة المنخفضة ستفاقم الضغط على احتياطات البنوك من العملات والليرة التي تراجعت مقابل الدولار . ورأى تيموثي آش من "بلو باي لإدارة الأصول" أن "النموذج الحالي غير قابل للاستدامة"، مشيرا إلى عشرات مليارات الدولارات التي ضخها المصرف المركزي لدعم الليرة. وحذر من أنه في حال رفض أردوغان التراجع عن موقفه حيال معدلات الفائدة والتخلي عن الليرة، "فقد يصبح الوضع سيئا".

يحدث هذا كله وما زالت جهود إعادة البناء في جنوب شرق تركيا في مراحلها الأولى بعد زلزال فبراير الذي أودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص ودمّر مدنا بأكملها. وفاقمت الكارثة الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها تركيا إذ خسر مئات الآلاف مصادر رزقهم بين ليلة وضحاها فيما خفض خبراء توقعاتهم للنمو في تركيا للعام 2023، بينما تقدّر كلفة الأضرار بأكثر من مئة مليار دولار.

لذلك نرى أن التخفيف من حدة أسوأ أزمة اقتصادية تعصف بتركيا منذ تسعينات القرن الماضي هي من أبرز أولويات الرئيس  أردوغان، في وقت اعتمد  فيه الرئيس التركي على سنوات من التنمية عبر مشاريع بنى تحتية وازدهار قطاع البناء لاكتساب شعبية هائلة وقاعدة انتخابية مخلصة لم تتخل عنه. لكن نسبة التضخم باتت تجاوز 40 في المئة، وهو أمر فاقمته جزئيا سياسة أردوغان غير التقليدية القائمة على خفض معدلات الفائدة في محاولة للتخفيف من حدة ارتفاع الأسعار.


144