دراسات اقتصادية

ممر الهند العربي المتوسطي .. خط للتبادل التجاري العابر للقارات (2)

06-Feb-2023

خلفيات تأسيس الممر

    1. السعي للتكامل الاقتصادي

يُنظر إلى مبادرة "ممر الهند العربي المتوسطي" على أنها بوابة جدية للتكامل الاقتصادي في المنطقة، وذلك بدعم قوي من تحالف "رباعي غرب آسيا". 

البروفسور ميخائيل تانكوم الأستاذ في جامعة نافارا الإسبانية، والزميل غير المقيم في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، يعد أحد أبرز الكتاب والباحثين المهتمين بمبادرة "ممر الهند" ويصفها بأنها ستعيد تشكيل أنماط التجارة بين منطقة المحيط الهندي والشرق الأوسط وأوروبا، وإعادة تحديد الجغرافيا السياسية على امتداد الجزء الجنوبي من "أوراسيا" . 

وتتجلى أهمية هذا التكامل بدءاً من الهند، التي تطمح أن تشكل سلة غذاء للمنطقة وأجزاء من العالم، لكن قطاعها الزراعي لم يصل لكامل طاقته الإنتاجية، فهي ثاني أكبر منتج زراعي في العالم، ويستقطب القطاع فرداً واحداً من أصل 10 أفراد من القوى العاملة، لكن نسبة الإنتاج المعالج والقابل للاستعمال والتصدير ظلت تتراوح في حدود 10% فقط.

ولهذا السبب يسعى شركاؤها في مبادرة الممر منذ سنوات، إلى الاستثمار في تطوير القطاع الزراعي، لزيادة كميات المحاصيل وقيمتها، والمساعدة في ضمان الأمن الغذائي ليس فقط في جنوب آسيا والشرق الأوسط وإنما في مناطق أخرى من العالم. وقد كان للإمارات دور استثماري بارز في هذا المجال، فقد أسهم القطاعان العام والخاص في الدولة على مدى سنوات، في خلق بنية تحتية زراعية قوية في الهند، ستجعل الإمارات قادرة وبسهولة على الحصول على حاجتها مباشرة من الحبوب والفواكه من المزارع الهندية، بالتوازي مع تطوير ودعم شامل للزراعة داخل الإمارات نفسا، خصوصاً بعد جائحة كوفيد-19، للوصول إلى الاكتفاء الذاتي.

وعلى صعيد التسويق ولدت مبادرات عدة، من بينها تلك التي أطلقها مركز دبي للسلع المتعددة عبر إنشاء المنصة الزراعية المسماة AGRIOTA بهدف ربط المزارعين الهنود بشركات الأغذية. كما تسهم مجموعة "لولو" الخاصة ومقرها أبوظبي في هذا المجال، عبر تعزيز خطها التجاري الحالي والذي تنقل عبره الخضروات والفواكه والأسماك واللحوم.

كما ساعدت الشركات الإسرائيلية الهند في إنشاء منظومات تقنية متطورة للنهوض بالزراعة، فقط خلال الفترة من 2012 حتى 2015 أنشأت إسرائيل 29 مركزاً زراعياً متميزاً في أنحاء الهند تعتمد على أحدث التقنيات  . وفي عام 2019 وحده تلقى 150 ألف مزارع هندي تدريبات مكثفة في هذه المراكز. 

ولعبت الشركات الإسرائيلية الخاصة دوراً محورياً في تطوير قطاعي الزراعة والمياه بالهند، وفي هذا الإطار على سبيل المثال تدير شركة ADAMA للحلول الزراعية، مصنعاً كبيراً في ولاية غوجارات الهندية ومركزاً للبحث والتطوير في حيدر أباد. 

وتعمل شركة EVOGENE الإسرائيلية مع شركة RASSI SEEDS الهندية لتطوير جودة زراعة الأرز في أهم موطن لها عالمياً، كما أطلقت شركة ProFit Agro الإسرائيلية عام 2019 أول نظام للري عبر "الطوافة المائية" في ولاية بنغالور والذي يساعد على توفير المياه وتحسين جودة المحاصيل.

كل هذه الجهود، هي الخطوات الأولى ضمن مبادرات واسعة النطاق لتعزيز دور الهند بوصفها مصدراً رئيساً للمنتجات الزراعية والغذائية، بفضل مساحتها الشاسعة وتنوع أراضيها وخصوبتها وتوفر اليد العاملة الماهرة، ومن ثم ينعكس كم وجودة الإنتاج على تعزيز دور "الممر" المنطلق من الهند، والذي تشير تقديرات  إلى أنه سيخلق 200 ألف فرصة عمل جديدة في الهند قابلة للزيادة تدريجياً.

     2. تداعيات أزمة جائحة كوفيد-19

شكلت جائحة "كوفيد-19" صدمة للعالم برمته، فبين عشية وضحاها شُلت حركة الاقتصاد العالمي، بسبب الإغلاق سعياً للحد من تفشي الفيروس. 

وكانت سلاسل الإمداد الغذائي هي الأبرز تأثراً بتداعيات الإغلاق، بل إن نقل المواد الطبية والصحية المرتبطة بمكافحة الوباء بحراً وجواً، واجه مشكلات كبيرة، وبدورها تعرضت أسعار النفط والغاز لنكسة بعد تناقص الطلب عالمياً بسبب تراجع عمل المصانع.

هذه الحالة خلقت وضعاً جديداً مختلفاً، بات فيه التركيز على الحلول البديلة في حال وقع أي أمر طارئ مماثل. وهنا أخذت دول ـ وفي مقدمتها الدول المشاركة في مبادرة الممر الهندي ـ على عاتقها تطوير ثلاث منظومات أساسية في مواجهة مثل هذه الحالات، وهي:

  • تقنيات الخدمات: تطوير منصات العمل الإلكتروني والعمل عن بعد، وزيادة استخدام التقنيات في مختلف مجالات الإنتاج.
  • الأمن الغذائي: ضمان تأمين الإمداد بالمواد الغذائية بما فيها الحبوب والخضراوات وكافة المنتجات الزراعية، في كل الظروف.
  • الشحن والخدمات اللوجستية: تأمين سلاسل الإمداد لوجستياً عبر تعزيز الشراكات والروابط والاستثمار بين الشركاء الإقليميين والدوليين.

وفي هذا السياق تبلورت فكرة ممر ينطلق من الهند نحو الشرق الأوسط وأوروبا، لتسهيل وتسريع وضمان الوصول الانسيابي للبضائع والمنتجات، وفي المقابل لإيجاد آلية قوية قادرة على الصمود في أوقات التحديات والأزمات.

    3. آثار أزمة الغذاء والطاقة

ما إن بدأ العالم يتنفس الصعداء شيئاً فشيئاً بعد تخفيف القيود الصحية لمواجهة فيروس كورونا، وبدأت الأسواق تتعافى وتعود تدريجياً لما قبل الأزمة، حتى أطلت أزمة دولية جديدة في أواخر فبراير 2022، تنبع خطورتها من أمرين، أولهما كونها ناتجة عن حرب تتدخل فيها أطراف عدة، والثاني أنها تدور في إحدى أكبر المناطق المنتجة للمواد الزراعية، وفي مقدمتها القمح الذي يعتمد عليه مئات الملايين في العالم.

فإنتاج روسيا وأوكرانيا من القمح يمثل تقريباً 25% من حاجة العالم من هذه المادة، فضلاً عن الأسمدة الروسية والمنتجات الأوكرانية الأخرى (كالذرة وزيت عباد الشمس وفول الصويا).

أثرت الحرب على كمية القمح المحصود في أوكرانيا، كما أثرت العقوبات الأمريكية والأوروبية على تصدير المنتجات الروسية، ومع ذلك جاءت أزمة توقف تصدير المنتجات لاسيما الأوكرانية، لأشهر عدة، مما خلق أزمة عالمية كانت الدول الأقل نماءً هي ضحيتها الأكثر تأثراً، ولم يسلم العالم كله من تأثيرات انقطاع الإمداد بالقمح والمنتجات الزراعية والأسمدة، مما أدى في النهاية للتوصل إلى تسوية عبر اتفاق اسطنبول في يوليو 2022، بين روسيا وأوكرانيا برعاية تركيا والأمم المتحدة، لتسهيل تصدير القمح من أربعة موانئ مروراً بتركيا.

هذا الاتفاق الهش الذي انسحبت منه روسيا لأيام ثم عادت إليه، لا يبعث بالطمأنينة بشأن استمراره، خصوصاً مع نذر طول الحرب في أوكرانيا، بل وفي حال توقفها فإن تداعيات عديدة مرتقبة ستؤثر على آليات التصدير والإنتاج في أوكرانيا، وبالتالي من المحتمل أن يتزايد نقص الإمداد مع الوقت.

وإلى جانب الأزمة الغذائية، وُلدت أزمة عالمية أخرى متعلقة بقطاع الطاقة، فقد تقطعت الإمدادات بسبب المشكلات والخلافات السياسية، واهتزت الأسواق وتذبذبت الأسعار.

هذه الحالة من شعور العالم بعدم استقرار سوقيْ الطاقة والغذاء، كانت من أبرز دوافع التسريع بإطلاق مبادرة "ممر الهند العربي المتوسطي" ليكون رافداً إضافياً يساعد في تعزيز التبادل التجاري في الأوقات العادية، وأيضاً في مواجهة التحديات الناجمة عن الأزمات العالمية.

المحور الثاني: الأهمية الاقتصادية للممر

  • أولاًـ أهداف إنشاء الممر

            1. اختصار المسافات والوقت

تعد المدة المستغرقة لتوصيل الشحنات عبر العالم، تحدياً دائماً لدى الدول وشركات الشحن بكل أنواعها، وحين يتعلق الأمر بالبضائع ذات الطابع الاستعجالي خصوصاً في أوقات الأزمات، فإن التأخير يعني حدوث مشكلات في الوجهات الأخيرة، تتعلق بإمكانية ارتفاع أسعار تلك المواد وزيادة التضخم مع مرور الوقت.

ومن حيث اختزال المسافات والوقت، يعد الممر المرتقب مثالياً، فالزمن المقدر لوصول البضائع إلى اليونان قادمة من الهند يقدر بنحو 10 أيام   منذ انطلاق الشحنات عبر البحر من ميناء جواهر نهرو في سواحل مومباي حتى الوصول إلى ميناء بيرايوس اليوناني؛ النقطة الأولى لتوزيع الشحنات نحو بقية البر الأوروبي الرئيسي.

وهذا يختصر وقتاً طويلاً في النقل عبر الخطوط البحرية التقليدية أو عبر الشحن الجوي الأكثر تكلفة، بالنسبة لكل الأطراف.

ومن جانب آخر وقع حدثان خلال العامين 2020 و2021 سرّعا من التوجهات العامة نحو خلق ممر بديل وإضافي ومنتظم للنقل الآمن لكل المنتجات.

الأول: كان الاتفاقيات الإبراهيمية التي مهدت الطريق أمام الإمارات وإسرائيل لخلق بيئة جديدة للتبادل التجاري، وشكلت هذه الاتفاقيات فرصة مهمة للهند للدخول في تحالف اقتصادي ثلاثي مع البلدين اللذين تربطها بكليهما علاقات اقتصادية وطيدة منذ سنوات، فالإمارات شريكها التجاري الثالث عالمياً وإسرائيل تتمتع بحصة مهمة من تجارة الهند الخارجية منذ إقامة العلاقات بين تل أبيب ونيوديلهي في أعقاب مؤتمر مدريد للسلام سنة 1991.

هذا الأمر اختصر مسافات طويلة بالنسبة للهند، فمسار بضائعها المصدرة نحو أسواق الشرق الأوسط وأوروبا بات أخيراً بإمكانه أن يكون سالكاً دون عوائق، وهنا تلعب الإمارات الدور المحوري والمركزي في الممر.

الثاني: استيلاء طالبان على السلطة في أفغانستان أواخر صيف 2021، والذي أوقف خطط الهند المرتبطة بتعزيز خطوط التجارة مع آسيا الوسطى، عبر ميناء تشابهار في إيران (على بعد 72 كلم من ميناء جواهر لا نهرو الهندي) ومنه إلى أفغانستان،  وكانت تعتمد على العلاقات الوطيدة التي ربطت نيودلهي بالحكومة الأفغانية السابقة. وهنا تبدو الأمور تتجه لصالح الصين بشكل أكبر، عبر تسييرها رحلات لنقل البضائع عبر إيران باستخدام القطارات، وكذلك تعزيز علاقاتها مع حكومة طالبان ومواصلة العمل في مشروعات قائمة، وتخطط لإقامة مشروعات جديدة في أفغانستان.

            2. رفع مستوى التبادل التجاري

من بين النتائج المتوقعة لممر الهند العربي المتوسطي، زيادة حجم التبادل التجاري بين الدول المشاركة بمستويات كبيرة وبشكل تدريجي.

وقد بدأت بالفعل دول المبادرة الثلاث، في هذا الاتجاه، فالإمارات والهند وقعتا في فبراير 2022، اتفاقاً لشراكة اقتصادية شاملة، تقضي بإلغاء التعريفة الجمركية على نحو 90% من المنتجات بين البلدين.

وكذلك وقعت الإمارات وإسرائيل، في مايو 2022، اتفاقاً للتجارة الحرة يهدف لإلغاء الرسوم الجمركية عن قرابة 96% من البضائع المتبادلة بين الدولتين الطامحتين لرفع مستوى التبادل التجاري بينهما إلى 10 مليارات دولار في غضون خمسة أعوام.

وقبل ذلك في يناير 2018، وقعت إسرائيل والهند على اتفاقات تعاون في مجالات عدة، من بينها التجارة الحرة بين البلدين.

وعموماً تعد الهند المنطلق الرئيس لهذه المبادرة، ولذلك فهي تطمح لزيادة حجم التبادل التجاري مع منطقة الشرق الأوسط، حيث تزاحمها الصين بقوة عبر حضورها البارز. وحين يأتي الحديث عن الشرق فإن السعودية؛ أكبر اقتصاد في المنطقة لابد أن تكون تحت أنظار الهند، لذا أسس البلدان مجلساً استراتيجياً مشتركاً. وبلغ حجم الصادرات الهندية إلى السعودية في 2021 قرابة 42 مليار دولار وتطمح لرفعه إلى 50 مليار دولار .

وتعد السعودية الشريك التجاري الرابع للهند بعد الولايات المتحدة والصين والإمارات، في حين أن الهند هي الشريك الثاني للملكة.

وتعتزم السعودية استثمار 100 مليار دولار في الهند خلال عامين ، بحسب ما أعلنه ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان خلال زيارته للهند في فبراير 2019. وفي زيارة ولي العهد الأخرى في سبتمبر 2022، بحث البلدان تعزيز التبادل واستخدام عملتيهما (الريال والروبية) في العمليات التجارية.

كما بادرت الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني "سالك" إلى الاستثمار في القطاع الزراعي بالهند، وتتطلع لزيادة استثماراتها .

وعلى المنوال نفسه، تجاوز حجم الاستثمارات الهندية في الأردن 1.3 مليار دولار ، وبلغ التبادل التجاري بين البلدين نحو ملياري دولار في عام 2021. ويسعى البلدان لزيادة حجم تبادلهما التجاري وتعزيز علاقاتهما الاقتصادية التي تشهد تطوراً متزايداً.

وعلى صعيد أوروبا وعبر اليونان التي هي بوابة القارة المخطط لها في مبادرة "الممر الهندي العربي المتوسطي" فإن نيودلهي وأثينا عززتا تعاونهما وتخططان لإقامة علاقات استراتيجية  ذات بعد اقتصادي ورسائل سياسية موجهة للتقارب المتزايد بين تركيا وباكستان، كما تأخذ في الاعتبار مشكلات البحر الأبيض المتوسط فيما يتعلق بالخلافات الحدودية (البحرية) المرتبطة بالتنقيب عن النفط والغاز، وفي هذا الإطار جاءت المناورات العسكرية البحرية المشتركة بين البلدين قرب جزيرة كريت، في يوليو 2021، لتعزيز الاستعداد القتالي وقدرات البلدين.

وتعتبر الهند أن اليونان يمكن أن تلعب دور "الوسيط"  لتحسين العلاقات بين أوروبا ونيودلهي بوصفها قوة إقليمية وعالمية صاعدة.

وقد بدأ البلدان منذ يوليو 2018 الخطوات الأولى لتعميق الشراكة، من خلال زيارة الرئيس الهندي السابق رام ناث لليونان بهدف تطوير التعاون وتحديداً في مجالي إنتاج الغذاء والشحن، وكانت تلك أول زيارة لرئيس هندي لليونان منذ 11 عاماً. وتعمق التنسيق عبر لقاء رئيسي وزراء البلدين في سبتمبر 2019 بنيويورك واتفاقهما على ضرورة الدفع بعلاقات البلدين الاقتصادية. 

وقد عملت اليونان خلال السنوات القليلة على تعزيز وتعميق علاقاتها الاستراتيجية مع الإمارات والسعودية، فعقدت الإمارات واليونان في يوليو 2020 منتدى للتعاون الاستراتيجي، ووقع البلدان في نوفمبر من العام نفسه اتفاقيات اقتصادية ومعاهدة للدفاع المشترك ومذكرات تفاهم تتعلق بالشركات الناشئة والتعاون في مجال الابتكار والرقمنة. وقبل ذلك أسس البلدان في مارس 2018 منصة استثمارية في اليونان بقيمة 400 مليون يورو، وأعلن الطرفان في مايو 2022 توسيع نطاق هذه الشراكة ، نتيجة للتعاون بين شركة مبادلة للاستثمار (أحد الصناديق السيادية في أبوظبي) وبنك التنمية للاستثمار اليوناني، بهدف تعزيز مرونة الأعمال في مجال الابتكارات بالسوق اليونانية، فضلاً عن مجالات أخرى عدة.

وعلى مستوى علاقات الرياض وأثينا؛ تعززت الروابط خلال زيارة رئيس الوزراء اليوناني للمملكة في أكتوبر 2021 ومشاركته في مبادرة الاستثمار وكذلك القمة التي استضافتها الرياض تحت عنوان "مبادرة الشرق الأوسط الأخضر".

وشكلت زيارة ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان لليونان في يوليو 2022، نقلة مهمة، وشهدت توقيع اتفاقات في مجالات الطاقة وحماية وتشجيع الاستثمار والتعاون العسكري.

كما بدأت اليونان منذ 2018 تعزيز علاقاتها مع الأردن، عندما قرر البلدان مع قبرص عقد قمة ثلاثية منتظمة كانت دورتها الأولى تلك السنة بالعاصمة القبرصية نيقوسيا، بهدف التنسيق وتعميق التعاون، أعقبتها دورة أخرى في 2019 في عمان، اتفق خلالها القادة على النهوض بالتعاون في مجالات من بيها الطاقة والزراعة  والتجارة وتقنيات المعلومات والاستثمار ، وتستمر القمة في الانعقاد بانتظام.

وعلى الجانب الآخر، ينسق الأردن بشكل مستمر مع إسرائيل؛ وبشكل خاص في ملفي المياه والطاقة.

            3. المواد المراد تصديرها

يشار أحياناً إلى "الممر الهندي" باسم "ممر الغذاء" وهذا يعطي صورة عن المحور الأهم ضمن أولويات البلدان المشاركة، ألا وهو المواد الغذائية بكل أنواعها، وفي مقدمتها الحبوب وعموم المنتجات الزراعية، فضلاً عن النفط والغاز والمنتجات البتروكيماوية والصناعات التقنية والسلع الاستهلاكية.

مع الملاحظة أن دخول مواد إلى خط التصدير عبر ممر الهند، لا يعني أنها تستهدف الوصول دائماً إلى الوجهة النهائية عبر هذا المسار، بل إنها قد تكون موجهة لأسواق إحدى الدول المشاركة؛ للاستهلاك المحلي أو إعادة التصدير إلى مناطق أخرى من العالم عبر خطوط الشحن المتعددة بحراً وجواً وبراً.

ومن أبرز المواد المرتقب تصديرها في الاتجاهين: 

الأرز: الهند أكبر مُصدر للأرز، وتمثل 40% من تجارة هذه المادة عالمياً، والتي يرتفع الطلب عليه عالمياً خصوصاً في البلدان الآسيوية، وفي بعض الدول العربية والإفريقية، وهنا يبرز الدور المهم للإمارات بوصفها أكبر مركز إقليمي لإعادة التصدير.

القمح: تأتي الهند ثانية في قائمة أكبر منتجي القمح في العالم بعد الصين، وقد تراجع إنتاجها في سنة 2022 لكنه ظل في حدود 105 أطنان.

ويعد القمح مادة أساسية بل ربما الأهم من بين المواد الزراعية ـ الغذائية عالمياً، وقد حظرت الهند تصديره للخارج إبان أزمة الإمداد عقب اندلاع الحرب الأوكرانية، بسبب أخطار ارتفاع أسعاره وتأثير ذلك داخل الهند، وأعقب قرار الهند إجراءٌ من الإمارات بوقف إعادة تصدير القمح الهندي لمدة أربعة أشهر، وكان لافتاً في مستوى العلاقات الاقتصادية والتنسيق بين البلدين، إعلان الهند استثناء الإمارات من قرار حظر التصدير. مع العلم أنها بدأت تجربة لزراعة القمح على مساحات واسعة في منطقة مليحة بإمارة الشارقة في ديسمبر 2022.

المنتجات الزراعية: والتي تضم قائمة طويلة من أنواع الحبوب والخضراوات والفواكه والمنتجات الجافة.

وهنا يبرز دور الهند أيضاً وكذلك الأردن وإسرائيل في مجال التصدير، فضلاً عن الإمارات والسعودية اللتين قطعتا أشواطاً واضحة في تحقيق الاكتفاء الذاتي، وتعدان من أبرز مصدري التمور ومنتجاتها.

المواد الغذائية: كل الدول المشاركة في المبادرة (الإمارات والهند وإسرائيل) لديها صناعات غذائية كبيرة تتجاوز حاجة السوق المحلية، وتصدر خارجياً بشكل واسع، وكذلك الحال بالنسبة للدول الأخرى المنتظر أن تكون جزءاً من المبادرة (السعودية والأردن واليونان) لكل منها صناعات غذائية تُصدر منتجاتها منذ سنوات عدة. 

وبالتالي فإن المتوقع زيادة مستوى تبادل المنتجات بحسب الحاجة، وكذلك توسيع دائرة الأسواق المستهدفة عبر تسهيل تصدير هذه المنتجات عبر "الممر" إلى باقي أنحاء العالم.

النفط والغاز: رغم التوجهات العالمية نحو الاعتماد على الطاقة النظيفة بكل أنواعها، فقد أثبتت الأزمة الأخيرة في قطاع الطاقة، أن تحقيق هذه الطموحات ما زال بعيداً. لذلك فإن الطلب المرتفع على النفط، خصوصاً في الدول الصناعية وذات الاقتصادات الكبيرة والصاعدة، في تزايد كبير، مما سيجعل "الممر" آلية مُثلى لتسهيل وانسياب عمليات التصدير بشكل سريع. 

وهنا يبرز دور دول المنطقة، وفي مقدمتها السعودية والإمارات لتوفير مصادر موثوقة وآمنة ومضمونة لهذه المادة الحيوية، وكذلك الغاز الطبيعي، الذي تنتجه أيضاً اليونان وإسرائيل.

الصناعات البتروكيماوية والصناعات التحويلية: ينتظر أن تكون السعودية والإمارات من أكبر المستفيدين من زيادة حجم صادرات منتجات الصناعات البتروكيماوية، فالبلدان لديهما داخلياً صناعات متطورة في هذا المجال، تنتج زيوت السيارات ومواد التنظيف والمواد البلاستيكية ومنتجات الألمنيوم والمطاط واللدائن والصناعات المعدنية وغيرها كثير.

وتعد الهند سوقاً رائدة ومسهماً صناعياً عالمياً في هذه الصناعات، ولذلك استثمرت السعودية والإمارات مليارات الدولارات بالتعاون مع الحكومة الهندية وشركات كبرى للطاقة، من أجل تطوير قطاع الهيدروكربونات في الهند وزيادة قيمه المضافة. فشركة "سابك" السعودية التابعة لعملاق النفط "أرامكو" تدير مجمعاً لتصنيع البتروكيماويات في ولاية غوجارات ومركزاً آخر لتقنيات هذه الصناعة في ولاية بنغالور.

واستحوذت "سابك" على 20% من عمليات التكرير وتصنيع البتروكيماويات لمجموعة Reliance Pvt Ltd الهندية مقابل 15 مليار دولار .   وفي عام 2018 استثمرت "أرامكو" مع شركة نفط أبوظبي "أدنوك"  نحو 44 مليار دولار لإقامة مصفاة نفط عملاقة في مقاطعة راتناجيري بولاية ماهاراشترا على الساحل الغربي للهند، على بعد 100 كيلومتر من مومباي.

المنتجات الصناعية:  وتشمل قائمة طويلة من منتجات التقنيات والآلات والخدمات في شتى مجالات الاستخدام بما فيها الصناعات العسكرية ـ الدفاعية التي توجد بقوة في بعض الدول المشاركة كالإمارات وإسرائيل، وكذلك صناعة السيارات وقطع غيارها والمواد الأولية المستخدمة في مجال بطاريات السيارات الكهربائية الصاعدة في الهند والإمارات  وإسرائيل، وكذلك صناعة وتجميع الباصات التي نجحت تجربتها في رأس الخيمة بالإمارات العربية المتحدة عبر شركة "أشوك ليلاند" العلامة التجارية لمجموعة "هندوجا" Hinduja الهندية والتي أنتجت في مصنع رأس الخيمة أكثر من 25 ألف حافلة منذ 2008 ،  كما بدأ مصنع لشركة "دبليو موتورز" لصناعة السيارات في واحة السيليكون بدبي تجربة جديدة، بعد بدء إنشاء المصنع في يناير 2020.

وينتظر أن يكون لكل بلد إسهام كبير في المجال الصناعي عموماً، وإن بتفاوت بحسب طاقة الإنتاج وحاجة الأسواق.

منتجات الألبان ومشتقاتها: تعد الدول المشاركة في مبادرة الممر، وكذلك الدول المتوقع إسهامها من بين المنتجين والمصدرين البارزين للألبان ومشتقاتها في المنطقة والعالم، لذا سيكون استخدام التسهيلات التي يوفرها "ممر الهند العربي المتوسطي" مناسباً بالنسبة لهذه الدول لتوسيع أهدافها التسويقية ولتبادل المنتجات أيضاً فيما بينهما بانسيابية وسرعة.

إعادة التصدير: تعد خدمة "إعادة التصدير" عبر مختلف منافذ الشحن، إحدى أبرز الخدمات التي تعول عليها الدول المشاركة في المبادرة، فعبرها يمكن شحن أي بضائع من أي نقطة على طول مسار الممر، إلى الدولة أو المنطقة المراد توصيلها إليها وذلك عبر النقطة الأقرب إليها أو الأكثر سهولة في مجال الشحن، وتبرز الإمارات بوصفها أكبر وأهم بلد في الشرق الأوسط اختص منذ عقود في خدمات التخزين وإعادة الشحن عبر المناطق الحرة، مستفيدة من شبكة واسعة من الموانئ والمطارات توفر خطوط الشحن نحو مختلف مناطق العالم، وقد تكون تجربة الإمارات مثالاً يطبق في مبادرة "الممر" عبر كل الدول المشاركة والمسهمة.

ثانياًـ الأهمية الجيوسياسية والاقتصادية وآفاق المستقبل

يجمع المعنيون بملف الممر والباحثون المهتمون به، على أن تطبيق فكرته ليس بتلك السهولة، وقد يحتاج إلى زمن طوين قبل أن ترى المبادرة النور بشكل كامل، وكما تتصورها الدول التي تقودها (الهند والإمارات وإسرائيل).

فالأمر فعلياً مرتبط بقبول كل الدول المعنية واستعدادها للتقدم في تطبيق الفكرة وتمهيد الطريق أمامها، رغم الصعوبات السياسية والدبلوماسية التي تبقى حاضرة.

ففكرة الممر وتطبيقها، ليست مرتبطة فقط بإدارة وتخطيط وطموحات هذا الثلاثي المدعوم بالولايات المتحدة، وصاحب العلاقات المتميزة مع معظم دول المنطقة، وكذلك القوى العالمية بما فيها الصين وروسيا. 

وتنبع الأهمية الجيوسياسية للممر الهندي العربي المتوسطي من كونه يخلق تكاملاً غير مسبوق، وربما يجمع بعض المتناقضات أحياناً. 

وتتجلى القوة الاستراتيجية وأهمية هذا الممر في كون الدول المؤسسة له وصاحبة المبادرة، وكذلك الدول المنتظر أن تسهم والدول الداعمة وتلك المستفيدة، تضم في مجملها ثلاث دول من مجموعة عشرين أكبر اقتصاد في العالم G20، ومن بينها أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر مصدر للنفط، والمصدر الأول للأرز وثاني أكبر منتج للقمح، فضلاً اثنين من الاقتصادات "الثلاثينية" في الترتيب العالمي ومن أكثر الدول تطوراً في مجال التقنيات الحديثة والثورة الصناعية الرابعة، ومن الأكثر حيازة على الريادة في مجال مؤشرات التنافسية عالمياً، كما أن هذه الدول كلها تحتل مراتب متقدمة في مجال تصنيف الاقتصاد الأفضل ابتكاراً.

فالأهمية تبدأ من الهند منطلق الممر العابر لآسيا نحو أوروبا، وهي بلد يحظى بأهمية اقتصادية كبيرة على مستوى العالم، لكونها تعد خامس اقتصاد عالمي حالياً، ويُتوقع أن تصبح الثالث على قائمة أقوى اقتصادات العالم بحلول عام 2030 ، كما أنها تجاوزت الصين في عدد السكان لتكون الأولى عالمياً، وذلك قبل حلول التاريخ الذي كان متوقعاً لذلك وهو 2027، بحسب البيانات الإحصائية في البلدين.

كما أن الهند تصدر قرابة 7500 نوع من البضائع إلى 192 بلداً، وتستورد 6000 نوع من 140 بلداً ، وتكتمل هذه الأهمية بالنظر لقائمة الدول المشاركة والمسهمة والداعمة، والتي لديها ثقل سياسي واقتصادي وحضور إقليمي وعالمي كبير، وضمنها دول عربية بعضها لديه أدوار قيادية.

ولا يمكن إغفال الاستفادة الكبيرة المتوقعة لدول الاتحاد الأوروبي وللمنطقة الأوروبية عموماً ليس فقط لتصدير منتجاتها بكميات أكبر وبطرق أقصر نحو الشرق الأوسط وآسيا، وإنما أيضاً لاستقبال أسواقها منتجات ومواد تحتاجها باستمرار، فقد كانت أوروبا من أكثر مناطق العالم تأثراً بأزمة الطاقة، وعانت من ضغوطات كبيرة على منظوماتها الصحية والاقتصادية إبان أزمة جائحة كوفيد-19، رغم أن من بينها بعض أقوى اقتصادات العالم وأكثرها تقدماً صناعياً.

وعموماً يمكن أن تفتح مبادرة "ممر الهند العربي المتوسطي" آفاق المستقبل نحو المزيد من تعزيز استقرار الأسواق ورفع التبادل التجاري وزيادة التكامل الاقتصادي.

خلاصات ونتائج

يمكن الخروج بمجموعة نتائج بخصوص مبادرة "ممر الهند العربي المتوسطي" من حيث أصل الفكرة وتطبيقها وأهميتها والنتائج المتوقعة وآفاق المستقبل.

1. مبادرة الممر تبلورت بشكل واضح لدى الدول صاحبة الفكرة، وهي الهند والإمارات وإسرائيل، مدعومة من الولايات المتحدة ضمن تحالف "رباعي غرب آسيا" I2U2، لكن لم تشهد بعد انضماماً معلناً لباقي الدولي، وإن كانت دخلت في التنسيق وبعضها يرحب بالفكرة.

2. قد يأخذ تطبيق مبادرة الممر سنوات عدة، نظراً لمجموعة من التعقيدات الدبلوماسية والسياسية بالدرجة الأولى، فضلاً عن بعض الترتيبات اللوجستية.

3. قطعت الدول الثلاث الأكثر اهتماماً وتحمساً لفكرة إنشاء الممر، خطوات كبيرة في طريق التكامل والتبادل التجاري عبر توقيعها اتفاقات للشراكة الاستراتيجية والتبادل الحر من خلال إعفاء معظم الصادرات من الرسوم الجمركية.

4. يتوقع أن يحدث تطبيق مبادرة الممر تحولات اقتصادية وجيوسياسية كبيرة في المنطقة، تزيد من زخمها الاقتصادي وأهميتها عالمياً، وقد تساعد في تجنب أو تخفيف آثار بعض الأزمات مستقبلاً، مستفيدة من دروس أزمات كوفيد-19 وأزمتي الطاقة والغذاء الناتجتين عن الحرب في أوكرانيا، وهي أزمات كانت عاملاً قوياً في تسريع التحرك نحو البدء في تنفيذ مبادرة الممر.

5. لا تبدو فكرة إنشاء "ممر الهند العربي المتوسطي" معارضة أو مناهضة بشكل مباشر لمبادرة الصين، "الحزام والطريق" نظراً لسبب واضح، هو أن المبادرة الصينية أكبر حجماً وأوسع تغطية لمناطق العالم. كما أن أصحاب مبادرة "الممر" لديهم علاقات اقتصادية ممتازة مع الصين وهي شريكهم الأول أو الثاني. بل إن المبادرتين متكاملتان في أجزاء منهما، وإن كان التنافس أو السباق نحو الأسواق قد يبدو واضحاً في بعض المناطق. 

المصادر والمراجع

                أولاًـ اللغة العربية

Maps sources:

  1. Deutsche Welle: https://www.dw.com/en/coronavirus-could-force-china-to-rein-in-belt-and-road-ambitions/a-53159033
  2. Institute of South Asian Studies, National University of Singapore: https://www.isas.nus.edu.sg/
  3. A commercial corridor involving the UAE could reshape Eurasia, The National newspaper, August 17, 2022
  4. Tanchum: “The India-Middle East Food Corridor: How the UAE, Israel, and India are forging…”.
  5. “A commercial corridor involving the UAE…”, The National.
  6. Tanchum: “India’s Arab-Mediterranean Corridor: A Paradigm Shift in Strategic Connectivity…”
  7. صحيفة "اليوم" السعودية: "الهند تعتزم زيادة صادراتها إلى المملكة لـ50 مليار دولار"، 14 يونيو 2022. https://shortest.link/d-wp 
  8.  صحيفة اندبندنت عربية: "السعودية والهند تبحثان آلية للتبادل التجاري بالريال والروبية"، 20 سبتمبر 2022. https://shortest.link/eGgl
  9. Saudi Arabia Salik to step up India agri investment, Economic Times / India Times, https://economictimes.indiatimes.com/news/economy/agriculture/saudi-arabias-salic-to-step-up-india-agri-investments/articleshow/81346270.cms?from=mdr
  10. قناة المملكة: "حجم الاستثمارات الهندية في الأردن تجاوز 1.3 مليار دولار أمريكي"، 17 ديسمبر 2022. https://shortest.link/d-EE
  11. صحيفة اندبندنت عربية: "اليونان- الهند شراكة استراتيجية تبعث رسائل جدية لتركيا- باكستان"، 7 يوليو 2021، https://shortest.link/eGkI
  12. وكالة أنباء الإمارات: مبادلة تعلن توسيع نطاق شراكة الاستثمار مع بنك التنمية اليوناني للاستثمارات، 9 مايو 2022. https://www.wam.ae/ar/details/1395303045380
  13. وكالة الأنباء الأردنية "بتراء": "الأردن وقبرص واليونان يتفقون خلال القمة الثلاثية على توسيع التعاون المشترك في قطاعات حيوية"، 14 أبريل 2019، https://www.petra.gov.jo/Include/InnerPage.jsp?ID=98124&lang=ar&name=news
  14. Sambit Mohanty, “Analysis: Reliance’s move to spin off oil may have cleared decks for Saudi Aramco deal”, S&P Global Platts, 25 February 2021. https://www.spglobal.com/commodityinsights/en/market-insights/latest-news/oil/022521-analysis-reliances-move-to-spin-off-oil-may-have-cleared-decks-for-saudi-aramco-deal
  15. صحيفة البيان: "عبدالله بن زايد يشهد توقيع اتفاقية للتعاون.. «أدنوك» و«أرامكو» تستثمران 44 مليار دولار في مصفاة بالهند"، 26 يونيو 2018. https://www.albayan.ae/economy/local-market/2018-06-26-1.3301086
  16.  بدأت مجموعة "أم جلوري" القابضة الإماراتية تزويد السوق المحلية بسياراتها الجديدة "الدماني" المصنعة داخل الإمارات (دبي).
  17. صحيفة الخليج: "«أشوك ليلاند»: 25,500 حافلة صنعت في رأس الخيمة منذ 2008" بتاريخ 21 أغسطس 2022. https://shortest.link/d-L2
  18. إحصائيات وتقارير وزارة التجارة والصناعة الهندية خلال الفترة 2015ـ 2021: https://commerce.gov.in/ 


ممر الهند العربي المتوسطي .. خط للتبادل التجاري العابر للقارات (1)

1K