في الثامن مارس 2023 قال رئيس أسواق الطاقة في وكالة الطاقة الدولية، كيسوكي ساداموري، بأن "روسيا خسرت سوق الغاز الأوروبي إلى الأبد، وهو ما سيؤثر على مكانتها كمصدر كبير للغاز، مشيراً إلى أن الأسواق الآسيوية البديلة التي توجهت لها روسيا ليست كبيرة بالقدر الكافي للتعويض عن أوروبا بالكامل في شراء الغاز الروسي" وأضاف قائلاً في برنامج "عالم الطاقة" على سكاي نيوز عربية "إن الإمدادات الروسية لأوروبا في الوقت الحالي عند أدنى مستوياتها، وقد حذرْنا الأوروبيين من أن هذا المستوى المنخفض قد يتراجع أكثر ويصل إلى صفر في 2023"، (موقع سكاي نيوز العربية).
في هذا الجو المتسم بالحاجة إلى استقلال الدول الأوروبية عن غاز روسيا، يتم البحث عن مصادر جديدة للغاز والبترول، وهنا يبدو أن اكتشافات الغاز والبترول في موريتانيا والسنغال ذات أهمية قصوى لأوروبا التي تبحث بشكل كبير على ضمان أمنها الطاقي حالياً وفي المستقبل القريب والمتوسط والبعيد.
وبالرغم من تمكن أوروبا الغربية من تدبير احتياجاتها من الغاز في فصل الشتاء الحالي، فإن "ساداموري" يعتقد "أن الدول الأوروبية ستواصل اتخاذ إجراءات قوية فيما يخص كفاءة الطاقة والاعتماد على الطاقات البديلة وضمان إمدادات الغاز الطبيعي المسال في السنوات المقبلة". كما نبه رئيس أسواق الطاقة في الوكالة الدولية للطاقة "إلى أنه على الدول الأوروبية ألا تتهاون وأن تستمر في الحذر ومراقبة أسواق الطاقة في المستقبل، مشيراً إلى أن أسعار الغاز لا تزال مرتفعة مقارنة بمستوياتها التاريخية قبل الحرب"، (موقع سكاي نيوز العربية).
موقع "الطاقة" المعروف أشار إلى خطة تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي، وتضمنت عدة نقط منها عدم توقيع عقود جديدة لتوريد الغاز من روسيا، وسيؤدي ذلك إلى تقليل واردات أوروبا من الغاز بأكثر من 50 مليار متر مكعب، ومن ثم الاعتماد على مصادر أخرى للغاز بدلاً من الإمدادات الروسية، وهذا سيحتم على أوروبا الاهتمام بإمكانية استيراد الغاز الموريتاني والسنغالي. (موقع الطاقة، 17 – 08-2012).
في 9 فبراير 2023 انعقدت ورشة عمل في نواكشوط، تم فيها الإعلان عن أحدث البيانات الخاصة بالبترول والغاز؛ إذ تتوفر في موريتانيا احتياطات تقدر بـ 400 مليون برميل من النفط و100 تريليون قدم مكعب من الغاز. وتستهدف موريتانيا من خلال استراتيجيتها الجديدة في مجال الطاقة أن تكون ضمن الفاعلين المهمين في مجال الطاقة وإنتاج الغاز المسال وكذلك إنتاج الهيدروجين.
وبعد هيمنة كل من نيجيريا ومصر وليبيا والجزائر على 78% من احتياطات الغاز في إفريقيا في عام 2021، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية؛ فإن مؤسسة "غلوبال انرجي مونتور" تؤكد بأن حوالي 84% من الاحتياطات الجديدة في مرحلة ما قبل الإنتاج توجد في دول حديثة الولوج إلى سوق الغاز في إفريقيا. وهذه الدول هي موزنبيق والسنغال وتنزانيا وموريتانيا وجنوب إفريقيا وإثيوبيا والمغرب. (موقع الطاقة، 16/2/2023).
تشير البيانات الصادرة عن وكالة "ريستاد إنرجيRystad Energy "، إلى أن موزنبيق ستكون ثاني أكبر فتح للغاز في إفريقيا، إذ تسهم بحوالي 18% من إنتاج الغاز في إفريقيا ما بين 2020 – 2050. ومن الدول التي تقود عمليات تطوير تصدير الغاز المسال في إفريقيا هي تنزانيا وموزنبيق ونيجيريا وموريتانيا والسنغال.
كما تشير بيانات "غلوبال إنرجي مونتور" إلى كون الشركات التي يوجد مقرها الرئيسي في أوروبا هي التي تمتلك أهم احتياطات حقول الغاز الجديدة في إفريقيا. (Global Energy monitor). كما تعتبر كل من شركة "بي بي" البريطانية و"توتال إنرجي" الفرنسية أكبر مطورتين لاحتياطات الغاز الجديدة في إفريقيا؛ وهذا الذي يجعل أوروبا الغربية أكثر استغلالاً للثروات النفطية والغازية في إفريقيا، (موقع الطاقة، 16/2/2023).
ويعتقد بعض الخبراء أن خمس دول ستستحوذ على نصف إنتاج الغاز في إفريقيا بحلول عام 2038، وتعتبر موريتانيا والسنغال والمغرب ضمنها. (موقع الطاقة).
المدير العام لقطاع المحروقات في وزارة البترول الموريتانية المصطفى البشير، قال إن موريتانيا تسعى إلى الشروع في إنتاج الغاز المسال في نهاية 2023، حيث قال "إن تقدم العمل يسير بأكثر من 87 – 90%، وسيكون الإنتاج في الموعد المحدد قبل نهاية 2023"، كما أضاف "ونعمل الآن على تطوير المرحلة الثانية من المشروع، ونحن في مرحلة دراسة مخطط التنمية واتخاد قرار استثمار نهائي قريباً". (موقع الطاقة، 14/02/2023).
البشير أعلن في مؤتمر مصر الدولي للبترول "إيجبس 2033" عن طبيعة احتياطات الغاز في موريتانيا؛ فحوالي 80% من هذه الاحتياطات موجودة في حقل بئر الله والذي يتوفر على 80 تريليون قدم مكعب، أما البقية فهي موزعة ما بين حقل السلحفاة المشترك مع السنغال وحقول أخرى صغيرة.
يعد حقل بئر الله في موريتانيا من أهم الحقول ويوجد في المقطع الثامن من الحوض الساحلي، وهناك توقع باستمرار استغلال هذا الحقل مابين 2018 و2060. وكانت الحكومة الموريتانية قد أعلنت يوم الثلاثاء 11 أكتوبر 2022، عن توقيع عقد مع شركة "بي بي" و"كوسموس" من أجل البدء في استكشاف إنتاج حقل غاز "بئر الله" وتقاسمه؛ ومدة العقد هي حوالي 30 شهراً. ووقّع هذا العقدَ كلٌ من وزير البترول والمعادن والطاقة، عبد السلام ولد محمد الصالح والنائب لرئيس شركة النفط البريطانية "بي بي" وممثل شركة "كوسموس"، تود بيركي. (موقع الطاقة وموقع الوكالة الموريتانية للأنباء).
يتوقع أن يصل معدل الإنتاج اليومي بهذا الحقل حوالي 277 مليون قدم مكعب من الغاز و13 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي المسال. (القدس العربي). ويعتبر حقل غاز "بئر الله" ثانيَ أهم مشروعات الغاز المرتقبة في إفريقيا، حسب منصة الطاقة المتخصصة، وترى الشركة البريطانية "بي بي" أن هذا الحقل سيصبح مركزاً للغاز المسال بسعة تصل إلى 10 ملايين طن سنوياً (ar.Taqadomy . Net). وهناك سعي إلى القيام بمجموعة من الدراسات الهندسية، من أجل الحسم في قرار يقضي بالاستثمار في هذا الحقل وذلك في النصف الأول من عام 2025.
شركة "كوسموس" أشارت في تقريرها الفصلي إلى "أن عقد تقاسم الإنتاج الذي يجري تحضيره حالياً، سيخصص فترة سنتين لتصور وتقديم مخطط للاستغلال بالتعاون مع الحكومة الموريتانية، بالأخذ بعين الاعتبار عدة تحسينات تفضيلية لصالح موريتانيا، مقارنة ببنود العقد السابق المطبق حالياً على حقل غاز أحميم الكبير المشترك بين موريتانيا والسنغال"، (موقع أنباء إنفو وموقع kosmos ).
وقد سبق لغوردون بيرل نائب رئيس شركة "بي بي البريطانية"، المساهمة في استغلال "بئر الله" قوله أن شركته تبحث عن فرص للتقدم في أنشطة حقل "بئر الله" حيث تسعى إلى تهيئة الظروف لتطوير المخزون والعمل عن كثب مع شركائها لتحقيق إمكانيات تطويره"، (موقع أنباء إنفو).
ويبدو أن الحكومة الموريتانية حققت مكسباً مهماً أثناء التفاوض مع "بي بي" و"كوسموس"، حيث جاء في بيان للمجلس الوزاري الموريتاني الذي صادق على عقد الاستكشاف والإنتاج المتعلق بـ"بئر الله" والموقع بتاريخ 11 أكتوبر 2022، بأنه "من أجل تسريع اتخاذ القرار الخاص بنظام الاستثمار ولتحسين شروط العقد، دخلت وزارة البترول الموريتانية في مفاوضات مع جهة التعاقد وهي شركتا بي بي وكوسموس إنرجي لإبرام عقد جديد يستفيد من العمل المنجز سابقاً"، وبين كذلك المجلسُ الوزاري "بأن العقد الذي صادقت عليه الحكومة، يُدخل تحسينات معتبرة لصالح الدولة الموريتانية مقارنة بالعقود القديمة، وحتى الحالية، وذلك من خلال زيادة نصيب الدولة إلى 29% مقابل 14% في العقد السابق، كما حدد مدة مرحلة الاستكشاف بـ 30 شهراً للوصول إلى القرار الاستثماري النهائي". (موقع جريدة القدس).
ويعتبر حقل السلحفاة الكبير أحميم، مشروعاً واعداً ومهماً، حيث أعلنت وزارة البترول، في أواخر فبراير، عن انطلاق المنصة العائمة للإنتاج والتخزين والتفريغ لمشروع السلحفاة الكبير أحميم للغاز الطبيعي المسال، والذي تتولى تنفيذه شركة النفط البريطانية "بي بي"، ويقع على بعد كيلومتر من السواحل المشتركة بين موريتانيا والسنغال. (موقع الطاقة، 3/2/2023).
وقد تم جلب السفينة من الصين، واستغرقت عملية التركيب حوالي ثلاث سنوات ونصف وخضعت لأكثر من 330 ألف فحص تقني. و"ستعالج السفينة الغاز الطبيعي لإزالة الزيوت والمياه والشوائب الأخرى، قبل تصديره عن طريق خط الأنابيب المتجه إلى المنصة العائمة للغاز الطبيعي المسال على بعد 10 كيلومترات من الشاطئ، إذ ستعمل المنصة العائمة من خلال 8 وحدات للمعالجة والإنتاج، على معالجة نحو 500 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً"، (موقع الطاقة).
وسيعمل الخبراء على جعل معظم الغاز سائلاً، بواسطة المنشآت العائمة وسيصدر إلى الأسواق الدولية كما سيتم تخصيص جزء منه للاستهلاك المحلي. ويعود اكتشاف هذا الحقل إلى سنة 2016، ويعد أضخم حقل للغاز في غرب إفريقيا، إذ تقدر احتياطاته بحوالي 450 مليار متر مكعب من الغاز المسال؛ ويقع هذا الحقل على بعد 120 ميلاً في البحر، ويبلغ عمقه 2800 متر، ويسهم في تعزيز اقتصاد موريتانيا والسنغال. (موقع أصوات مغاربية، 24 يناير 2023).
لذا فإن السفينة العائمة للإنتاج والتفريغ والتخزين هي أبرز وأهم جزء من مشروع السلحفاة الكبير أحميم، ونجاح هذه السفينة مرتبط حسب الخبراء، بالشراكة الفنية والتقنية بين (Coscochipping)، و(Technip Energies)، (موقع أصوات مغاربية).
وقد سبق أن أعلن وزير البترول والمعادن والطاقة في موريتانيا، عبد السلام محمد صالح، أنه "تم تجاوز أغلب العقبات التي كانت تواجه بدء الاستغلال، المرتقب نهاية العام الجاري"، وأوضح أن مشروع السلحفاة الكبير أحميم، يتكون من 4 مكونات، هي: الحاجز الصخري الذي يعتبر بمثابة ميناء.. ثم المنصة العائمة للمعالجة والتخزين وهي سفينة اكتمل تصنيعها في الصين.. وأضاف أن "المكون الثالث" هو حفر الآبار، وقد تم حفر أربعة منها وهي جاهزة الآن، فيما يمثل أسطول السفن الذي يصنع أنابيب استخراج الغاز المكون الرابع، وقد تم تصنيع الكثير من الأنابيب ووضعها في الأعماق"، (موقع Radio-m). وعموماً فإن احتياطيات هذا الحقل، تقدر بحوالي 25 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي.
ويتطلع المجتمع الموريتاني إلى الاستفادة من عائدات هذا الحقل وغيره، ذلك أن البطالة قد وصلت حوالي 30 بالمائة، وينتظر أن يتم الشروع في استغلال غاز أحميم في نهاية 2023. (موقع العربي الجديد، 18 فبراير 2023).
وبالرغم من كون بئر باندا لا يتوفر على احتياطيات مهمة، فإنه على الأقل قادر على تزويد محطة الطاقة المزدوجة بقدرة 180 ميغاواط بالغاز وإنشاء كذاك محطة جديدة لإنتاج الكهرباء بقدرة 120 ميغاواط. (موقع الطاقة، 22/12/2021).
يوجد حقل باندا في الساحل الموريتاني على بعد 60 كيلومتراً من نواكشوط وتقدر احتياطياته بحوالي 1.2 ترليون قدم مكعب، وهو مخصص لإنتاج الطاقة الكهربائية. وقد تم توقيع مذكرة تفاهم من أجل تطوير هذا الحقل بين وزير البترول والمعادن والطاقة عبد السلام محمد صالح والرئيس التنفيذي لشركة New fortess Energy، ويس ايدنز. وتم اكتشاف هذا الحقل (Banda) سنة 2002 من طرف الشركة الأسترالية " Woodside Energy ".
"تنازلت وود سايد" عن الاكتشاف المذكور لصالح شركة "بتروناس" "Petronas" ضمن عدة اكتشافات صغيرة من النفط والغاز في المنطقة، قبل أن تتنازل عنه هذه الأخيرة أيضاً لصالح شركة (Tullow oil)، عام 2021، والتي كانت تخطط لاستغلال الغاز من أجل إنتاج الكهرباء في إطار شراكة عمومية خصوصية لتحفيز القطاع الصناعي في البلاد"، (موريتانيا الحدث، 2/9/2022).
لكن شركة تولو أويل انسحبت من هذا المشروع سنة 2014، لأسباب متعددة، وتمكنت الحكومة الموريتانية، من توقيع مذكرة تفاهم مع شركة "New Fortess energy"، من أجل العمل على تطوير حقل "باندا" والشروع في إنتاج الكهرباء في نهاية 2024. ويقول أحد المهتمين بالطاقة في موريتانيا، "ورغم تفادي العوامل التي أعاقت التجربة السابقة لاستغلال الحقل فإن المراقبين يتحدثون عن عوائق جديدة على صعيد آخر، تجعل التجربة الجديدة على المحك، تتعلق بعدم الاتفاق بين الحكومة وشركة " New Fortess energy " بشأن التعاون في إطار مشاريع للطاقة في موريتانيا، وهذا ما قد يؤدي إلى انسحاب الشركة من المشروع وفتح المجال أمام خيارات جديدة لاستغلال حقل "باندا" للغاز الطبيعي في الحوض الساحلي الموريتاني"، (محمد أكا، موقع الطاقة).
على العموم فإنه يوجد بحقل "باندا" وحقل "بليكان" حوالي تريليونَيْ قدم مكعب من الغاز الطبيعي. ويعتقد أن اكتشافات الغاز بموريتانيا تجعلها تنضم إلى قائمة الدول الخمس الإفريقية، والست العربية والـ 22 العالمية. كما أن حوالي 97.5 من الاكتشافات المعلنة موجودة في مقطع واحد هو 8C، وهناك حضور لأبرز الشركات العالمية في مجال الطاقة؛ اكسون موبيل Exxon mobil توجد في 3 مقاطع وشيل Shell في مقطعين وTotal في 5 مقاطع وكوسموس "Kosmos" و"bp" في 4 مقاطع، (موقع مركز الصحراء للدراسات).
ورغم أهمية هذه الاكتشافات التي من شأنها تغيير مسار الوضع الاقتصادي والاجتماعي في موريتانيا، فهناك مزايا وعيوب لعقود استغلال حقول الغاز في موريتانيا. فمن بين المزايا حسب بعض الباحثين، أن الحكومة الموريتانية لا تتحمل تكاليف التنقيب وتتجنب أخطار عدم اكتشاف كميات مهمة وتجارية، كما أنها تستفيد من خيرة الشركات العالمية في البحث وإدارة هذا النوع من المشاريع، وتستفيد الدولة كذلك من وجود حصة من الإنتاج كإتاوة، لا تقل عن 10 بالمائة كما هو محدد في مدونة المحروقات. وبالطبع فإن الدولة الموريتانية لها حق رفع هذه النسبة، إذ وصلت 14% بخصوص عقد أحميم المشترك و29% بخصوص عقد حقل بئر الله، وهناك مزايا أخرى في تحصيل الأرباح.
لكن رغم ذلك هناك عيوب كثيرة من ضمنها، أن العقود المبرمة ما بين الدولة والشركات الكبرى، طويلة المدى؛ قد تتخطى أكثر من نصف قرن من الزمن بالنسبة للغاز، وهي مدة طويلة جداً خاصة مع تسارع التغيرات في قطاع الطاقة العالمي، فقد ينفذ الاحتياطي أو يحقق العالم نقلة نوعية إلى مصادر أخرى للطاقة قبل انتهاء فترة العقد، بالإضافة إلى أن طول مدة العقود تخفي وراءَها تجاوزاً على حقوق الأجيال القادمة ونصيبهم من الثروة الوطنية"، (الأخبار انفو، 19/10/2022). وبالفعل فإن الشركات العالمية الكبرى، تمارس نفوذها على الدولة، وتسيطر على قطاع الغاز والنفط، وتقوم بتضخيم تكاليف التنقيب والبحث، وتتلاعب بالأسعار وتستحوذ على حصة كبيرة من الأرباح، لا تتحمل مسؤوليتها في مجال حماية البيئة.
وتعتبر منطقة الساحل المشتركة بين موريتانيا والسنغال حسب الخبراء، منطقة غنية جداً بالحياة البرية، "إذ تُفسِح آلافُ الأميال من الصحراء الكبرى الطريقَ للتربة التي يسقيها نهر السنغال، ما يوفر مساحة راحة لملايين الطيور المائية في رحلتها بين إفريقيا والقطب الشمالي"، (محمد فرج، موقع الطاقة)
هناك حاجة كبيرة إلى تقديم ضمانات من طرف الشركات الكبرى لحماية النظام البيئي في موريتانيا، ذلك أن بئر "اوكرا 1" هو أضخم اكتشاف للهيدروكربونات في المياه العميقة في العالم حتى الآن هذا العام.." كما قال الرئيس التنفيذي لشركة كوسموس.
وقد أعلنت وزيرة البترول والطاقة في السنغال، عيشة صوفية غلاديما بأن احتياطات السنغال من الغاز، تقدر بحوالي 910 مليارات متر مكعب، وبذلك تحتل المرتبة الخامسة في إفريقيا و27 على مستوى العالم. كما شرعت السنغال في تنفيذ مشروع محطة للغاز الطبيعي المسال على بعد 10 كيلومترات قبالة الساحل بين سان لوى Saint Louis وموريتانيا، وتوقعت الوزيرة، أن تقوم السنغال بتصدير أولى شحناتها من النفط والغاز في عام 2023، وذلك استغلالاً للحقل المشترك بين موريتانيا والسنغال "أحميم الكبير"، وحقلها المستقل "سانغومار"، (موقع الأخبار انفو، 3/12/2022).
المدير العام لشركة "بتروسن" السنغالية، تييرنو سيدو لي، أكد أن العائدات المحتملة من مشاريع النفط والغاز، ستصل إلى 30 مليار دولار في حدود الـ 30 سنة القادمة، أي مليار دولار سنوياً. ويتوقع بأن تتمكن السنغال من ربح حوالي 52 بالمائة من مشروع "سانغومار" و64 بالمائة من مشروع "السلحفاة الكبرى". وقد صرح وزير البترول والطاقة والمعادن الموريتاني السابق، محمد عبد الفتاح، في فبراير 2020، بأن عائدات موريتانيا المحتملة من مشروع الغاز المشترك بين موريتانيا والسنغال، ستصل إلى مليار دولار سنوياً وأن استغلال هذا الحقل سيستمر حوالي 30 سنة. (صحراء ميديا، 31/10/2022).
ورغم النقاش الحاد في البرلمان السنغالي سنة 2018 حول الاتفاق الموريتاني-السنغالي، المتعلق باستغلال حقل "السلحفاة الكبير"، وادعاء المعارضة السنغالية أن الاتفاق "غامض"؛ فإن البرلمان السنغالي، صادق عليه.
وقد سبق أن وقع الرئيس السنغالي ماكي صال أثناء زيارته نواكشوط في مطلع 2018، على اتفاقية تقاسم عائدات حقل "السلحفاة الكبير"، بنسبة 50 بالمائة لكل بلد؛ هذا إضافة إلى تقاسم العائدات غير المباشرة" بالتساوي. (الشيخ محمد حرمة، صحراء ميديا).
وهناك مفاوضات أوروبية مع السنغال للتزود بالغاز المسال في نهاية 2023، وهكذا فإن ألمانيا تكثف التفاوض مع الحكومة السنغالية في هذا المجال. ويتوقع الرئيس السنغالي إنتاج حوالي 2.3 مليون طن من الغاز المسال كل سنة ابتداء من ديسمبر 2023، و10 ملايين طن ابتداء من 2030. ويدعو الرئيس السنغالي الحكومة الألمانية إلى التعاون مع بلده، في مجال الاستثمار وإنتاج الغاز المسال.
عموماً فان موريتانيا والسنغال سيتقاسمان ما بين 80 و90 مليار دولار من عوائد الغاز خلال الـ 20 سنة القادمة. (2022/5/31، Franceinfo). ويعتبر حقل "Sangomar" حقلاً من الغاز تستقل به السنغال، وتقدر احتياطياته بحوالي 113 مليار متر مكعب، ويوجد الحقل على بعد 90 كيلومتراً جنوب العاصمة دكار، وتتولى شركة وودسايد انيرجي، الإشراف على المشروع.
وقد بدأت عمليات الحفر في منتصف 2021 بواسطة سفينة "Ocean Black Rhino" كما وصلت سفينة "Océan Black hank" في منتصف 2022، فتم إنجاز حوالي 69.6 بالمائة من أعمال التطوير، في 31 أكتوبر 2022. ويتوقع في المرحلة الأولى، إنجاز حوالي 23 بئراً للغاز، أما البترول فسيتم عن طريق المنصة العائمة FPSO ويتوقع إنتاج حوالي مائة ألف برميل يومياً.
إن الاحتياطات المشتركة بين السنغال وموريتانيا من الغاز، ستمكن البلدين معاً من الالتحاق بنادي منتجي الغاز في العالم، وتسعى دول أوروبية عديدة للتفاوض معهما لتأمين الطاقة والاستغناء عن الغاز الروسي مستقبلاً، أو على الأقل الاطمئنان لوجود بديل حقيقي، كفيل بتجاوز الأزمة الطاقية حالاً ومستقبلاً. لكن يتعين على موريتانيا والسنغال التنسيق معاً للتفاوض مع الشركات العالمية والسعي للحصول على عقود جيدة واشتراط نقل التكنولوجيا والاستفادة من الخبرة الدولية، كما يتعين العمل على المحافظة على المنظومة البيئية، والاستفادة بشكل كبير من العائدات لتحقيق تنمية اجتماعية حقيقية، وتوظيف الأرباح في بناء صناعة تحويلية ذات قيمة مضافة.
كما يفترض أن تنخرط جل الدول الإفريقية المنتجة للغاز والبترول في ترسيخ عمل تشاركي يكفل لها الدفاع عن حق الشعوب الإفريقية في التنمية، والاستفادة من الموارد الطبيعية وحماية حقوق الأجيال الإفريقية القادمة.
مصادر ومراجع:
يربان الحسين الخراشي، مزايا وعيوب عقود استغلال حقول الغاز الموريتانية، موقع الأخبار انفو، 19 أكتوبر 2022.
www.akhbar.info
عائد عميرة، اكتشافات جديدة.. موريتانيا تستعد لدخول نادي منتجي الغاز الطبيعي، موقع نون بوست، 29/10/2019.
www.nonpost.com
محمد فرج، مخطط الغاز في موريتانيا بشير المخارف البيئة.. هل تغير "بي بي" قواعد اللعبة؟ موقع الطاقة، 28/08/2022.
www.attaqa.net
حقل باندا يمهد الطريق لأول محطة كهرباء بالغاز في موريتانيا، موقع الطاقة، 22/12/2021.
عبد الله مولود، موريتانيا: إقرار عقد استغلال بئر الله الغازي مع "بي بي" و"كوسموس". جريدة القدس العربي، 21 أكتوبر 2022.
www.alquods.co.uk
محمد اكا، مشروع استغلال حقل "باندا" للغاز، تجربة جديدة على المحك، موقع موريتانيا الحدث، 2/9/2022.
www.alhadath.mr
هذا ما ستجنيه السنغال خلال 30 سنة، صحراء ميديا، 31 أكتوبر 2012.
www.saharamedia.net
حقل جديد يضاعف احتياطي موريتانيا من الغاز 6 مرات، مركز الصحراء للدراسات والاستشارات، 29/10/2019.
www.essahara.net
Bp، جريدة مشروع تورتو أحميم الكبير، جريدة فصلية، العدد 2، أغسطس 2022.
www.bp.com
2023، موقع العربي الجديد، 18 فبراير 2022.
www.alaraby.uk
راديو موريتانيا إنتاج حقل "السلحفاة أحميم"، سيبدأ مع نهاية 2025، موقع Radio-m، 81/2/2023.
www.radio-m.net
أحمد برد، عبد الرحمن صلاح، هل تنضم موريتانيا إلى منتدى الدول المصدرة للغاز (خاص)، موقع الطاقة، 26/10/2022.
دينا قدري، 5 دول تستحوذ على نصف إنتاج الغاز في إفريقيا بحلول 2038.. المغرب وموريتانيا بالقائمة، موقع الطاقة، 16/02/2023.
إعلان أحدث أرقام احتياطات الغاز والنفط في موريتانيا، موقع الطاقة، 09/02/2023.
موريتانيا تمنح توتال إنرجي حقوق التنقيب عن النفط والغاز بالحوض الساحلي، موقع الطاقة، 03/02/2023.
دينا قدري، موريتانيا تستعد لإنتاج الغاز المسال قبل نهاية 2023، موقع الطاقة، 14/02/2023.