
عادت حركة حسم للظهور بعد غياب دام خمسة أعوام، منذ آخر عملية لها، وهي
"معهد الأورام عام 2019"، التي على أثرها توقّفت أعمالها تماماً بضغوط كبيرة
من جناح الجماعة الأبرز الذي كان يقوده في هذا الوقت إبراهيم منير، وهو ما اتّضح في
تسليم تركيا للعنصر الخطِر المحكوم بالإعدام (محمد عبد الحفيظ) إلى مصر، ثم طرد عناصرها
من السودان وأرض الصومال، وإجبار الباقين الموجودين بتركيا على الصمت والكمون التام،
لإفساح المجال لطرح عدة مشروعات للمصالحة والتواصل مع الجهات المصرية المعنية.
ومنذ عام 2019 التزم الجسد الرئيسي لحركة حسم بالضغوطات، فيما قرّر البقية
منهم تشكيل "طلائع حسم" كجسد جديد للحركة، متحالفة مع "الجبهة السلفية
الجهادية"، وهي التي أصدرت الفيديو الأخير خلال هذا الأسبوع، وكان لها إصدار شهير
حول عملية الواحات الإرهابية، التي قُتل فيها 52 شرطياً على يد ضابط الجيش السابق هشام
عشماوي.
تجاوز الإخفاق التنظيمي إلى العودة
لعوامل كثيرة، منها ضعف كل الكيانات المسلحة داخل مصر، تم التركيز على
خلايا حسم التي لجأت للاختباء في الأماكن السكانية المزدحمة، وللهروب داخل المناطق
الشعبية والسكنية الجديدة، فاصطادتها الأجهزة الأمنية. وإضافة إلى العامل الإقليمي
والخارجي، الذي قوض بشكل كبير مصادر تمويل ودعم الحركة، غابت حسم منذ عام 2019، وارتضى
قادتها أن يمارسوا الصبر الإستراتيجي، وأن يؤسسوا في هدوء لمؤسسات جديدة في الخارج،
ومنها كوريا الجنوبية، والفلبين، والبوسنة، والسنغال، وجنوب إفريقيا. كما أطلقوا عدة
مشروعات، أهمها ما يُسمى "المقاومة الإيجابية والفعل الثوري المبدع"، وهو
مصطلح من إنتاج القائم بأعمال المرشد محمد كمال قبل مقتله، منتهزين بذلك الإخفاقات
التنظيمية التي تعاني منها الجماعة بشكل عام.
بدءاً من عام 2018، أسّس الكماليون، الذين سيصبح اسمهم "تيار التغيير
- الإخوان المسلمون"، لجنة المضارين، التي تشرف على رعاية أسر المسجونين، وشبكة
سرية اقتصادية، وجناحاً للطلبة، ومكاتب إدارية، وهو تنظيم موازٍ لجناحي الجماعة الآخرين
(جبهة محمود حسين - جبهة صلاح عبد الحق وحلمي الجزار)، لتحقيق:
1. المسار الدعوي: عن طريق
الدعوة الفردية المباشرة وغير المباشرة، وبناء قاعدة خلفية كبيرة تركز على استقطاب
عناصر من الطلاب.
2. خطة الإشغال: وهي إشغال
السلطة المصرية عن طريق أنشطة إعلامية ودعائية.
3. جناح العمل المبدع: (حركة لواء الثورة - حركة سواعد مصر "حسم").
القيادة العامة لتيار التغيير |
القيادة العامة لحركة حسم |
رضا فهمي (مسؤول
عام) |
علاء علي السماحي -مسؤول أول |
عباس قباري (نائب
المسؤول) |
محمد عبد الرؤوف -مسؤول ثان |
مجدي شلش (جناح التربية) |
محمود الشيخ |
علي بطيخ (منظر للحراك المسلح) |
هيثم إمام |
محمد منتصر (مسؤول إعلامي) |
حمدي طه عبد الرحيم |
يحي موسى (مسؤول حركي) |
محمد أحمد نصر |
يحي حامد (مسؤول تمويلي) |
عمر حسن محمد عبد
العال |
العودة إلى الحراك المسلح
منذ عام 2022 بدأت مؤسسة ميدان، المعبر عن تيار التغيير، وجناحه العسكري
(حسم) الظهور إعلامياً، لعدة أسباب، منها:
أولاً، فشل كل محاولات المصالحة، وآخرها لقاء أذربيجان، الذي تم بين وسيط
مقرّب من الدولة وحلمي الجزار، ورفض السلطات في مصر لمشروع جبهة صلاح عبد الحق للعودة
للعمل السياسي مقابل التخلي عن الصراع على السلطة، وإصدار بيان بالتوقف عن العمل لمدة
خمسة أعوام.
ثانياً، استغلال التراجع الاقتصادي في مصر.
ثالثاً، استغلال أحداث قطاع غزة الدموية والمستمرة لخلق بؤرة للحراك الجماهيري.
رابعاً، الإلهام الحركي الذي قدّمه نجاح هيئة تحرير الشام في حكم دمشق.
للأسباب السابقة، بدأنا نشهد نشوء بعض المؤسسات المعنية بشكل كبير بتجهيز
شباب الإخوان فكرياً، تحت اسم "العمل الثوري".
وفي يوم 24 / 1 / 2022، استضافت مدينة إسطنبول مؤتمراً تحت عنوان "شباب
التغيير، عقد من النضال وخطوة للمستقبل"، شارك فيه عدد من قيادات حركة "حسم"،
وعبّر المتحدث الرسمي لحسم عن مسألة الظهور والاختفاء بأنها سياسية وحسب ما يقتضيه
الظرف، وأن هناك صناعة توازن نكايات لا إمكانات، وذلك في مجلة "كلمة حق"
الناطقة باسم الجبهة السلفية، المتحالفة مع تيار التغيير.
وخلال الفترة الممتدة من 2022 إلى 2025، قدّم الإخوان خطط عمل واضحة داخل
مصر:
1. جبهة محمود حسين: نشرت
وثائق، مقابل "الرؤية"، تدلّل من خلالها على التركيز على العمل خارج الإطار
التنظيمي، والاتجاه لرقمنة العمل الدعوي. ودعم لا مركزية العمل الثقافي والفكري المساند
لرؤية الجماعة. وأن يمارس الإخوان حضورهم ودورهم دون تنظيم، أي "نظام بلا تنظيم"،
ووضع فريق احترافي متعلق بأنشطة التمويل الذاتي والمشروعات الاقتصادية الجدية، التي
تضمن خلال العشر سنوات المقبلة، بناء استقرار مالي للجماعة. كما وضعت خطة وبرنامجاً
للدخول على خط التعليم المستقل، عبر التأسيس لمشروعات وبرامج ومؤسسات تعليمية رقمية،
تضمن الوصول للجمهور دون الحاجة لوجود واقعي. كذلك رعاية أطر روحية دينية، تدخل على
خط التديّن، وتسد فجوة الفراغ الروحاني لدى الشباب العربي والمسلم.
2. جبهة صلاح عبد الحق: وضعت
وثيقة "الأولويات"، التي ذكرت فيها أن الجماعة لن تخوض صراعاً جديداً على
السلطة، واستبعاد التنافس عليها من خلال صناديق الاقتراع أو أي وسيلة أخرى، لكنها ستستمر
في العمل السياسي عبر ائتلاف وطني واسع، من أجل فك أسر المسجونين، وتحقيق المصالحة
بين مكوّنات الشعب، وتحويل الجماعة إلى تيار دون تنظيم.
وما بين جبهة إخوانية تريد الحفاظ على كيان التنظيم دون الصراع على السلطة،
وأخرى تريد تحويل الجماعة إلى تيار عام، تصبّ إستراتيجية كلٍّ منهما في كيان الجبهة
الثالثة (تيار التغيير)، الذي تنبثق منه حركة حسم، والذي تجاوز ما تمّ طرحه، واحتفظ
برؤيته الخاصة، ليكون هو البديل المتوقع الذي سيقفز لقيادة الجماعة الحالية مرة أخرى.
إصدارات الحركة
فيديو |
وثائق
وكتيبات |
قاتلوهم (فيديو) 2017 |
فقه المقاومة الشعبية |
أزيز الرصاص (فيديو) 2018 |
رؤيتنا |
الكمين القاتل (فيديو) 2019 |
عقيدتنا الجهادية |
قدّم تيار التغيير، منذ مرور شهرين ونصف على الإصدار الأخير (سبيل المؤمنين)،
ما يُسمّى: ملامح المشروع الإسلامي، وورقات بعنوان "الوثيقة الفكرية"، الذي
وردت فيه عدة أهداف، منها:
1. إعداد هيكل تنظيمي قوي من خلال بناء قيادة
موحدة للتيارات المختلفة التي يتشكّل منها التنظيم الجديد، والذي يُعدّ بمثابة النواة
الصلبة التي سوف تكون قادرة بعد ذلك على تجميع القوى الوطنية الراغبة في التغيير.
2. وضع وثيقة فكرية تتضمن الأفكار الأساسية،
وتكوين مجموعات من الطلاب في الجامعات المختلفة، وإعداد كوادر وقيادات طلابية، وإنشاء
شبكة من العلاقات وآليات للتواصل فيما بينهم، وتدريبهم وتنميتهم ثقافياً وفكرياً، وإكسابهم
المهارات اللازمة للمشاركة في الأنشطة التي يسعى التنظيم فيما بعد إلى القيام بها.
3. إعداد رموز مجتمعية في كل المجالات الخيرية
والخدمية والدعوية والسياسية، وتهيئة المجتمع للمشاركة في التغيير وتقبّله، ثم الضغط
الخارجي وتحركات الإسلاميين، وبعدها يكون العمل الثوري وفق السيناريو الذي طرحه التنظيم،
بمساعدة الجماعة من خلال الآليات الخاصة بتهيئة المجتمع وتوسيع دائرة السخط العام،
حتى تأتي لحظة مناسبة تسمح إمّا بحراك شعبي طبيعي، وإمّا أن يبدأ التنظيم من خلال المجموعات
التي أعدّها وتشكّل كتلته الصلبة، في عمل حراك مسلح وإشعال شرارة تربك السلطات في مصر
وتشجع الناس على الاندفاع إلى الشوارع، عبر اعتماد السيناريو المركّب، وهو خليط ما
بين الانتفاضة والعمل الثوري، وكيف أنهم سيلعبون على عمل ثغرة تدفع إلى حراك شعبي واسع
تحت قيادة موحدة.
وبسبب أحداث قطاع غزة، ثم نجاح النموذج السوري، تم إحياء الروح الإخوانية
الثورية المسلحة، وبدأت الجماعة تعمل على محاولة تثوير الجماهير في الأردن، وإنشاء
حركة (سهم) في الضفة الغربية، وإعادة (حسم) في مصر.
وقامت حسم الكامنة، وفق ما ورد في تحقيقات قضية طلائع حسم، بتقسيم نفسها
إلى: عمل جماهيري، عمل دعوي واستقطابي، عمل نوعي مؤجل، وتم إنشاء مكتب القيادة
العامة ليختص بوضع السياسة العامة، وهو مؤسسة "ميدان". وتم تكليف
محمد عبد الرؤوف، واسمه الحركي "الدكتور"، بقيادة الحركة، بديلاً عن علاء
علي السماحي، الذي انتقل إلى البرازيل. وأما مجموعاتها فقد تم تقسيمها إلى: العمل
النوعي المبتدئ، ومجموعات العمل النوعي الحر، ومجموعات العمل النوعي الخاص، والأخيرة
مسؤولها هو الهارب أحمد عاطف عمار.
كما قسّمت هيكلها التنظيمي إلى: قيادة
عامة بالخارج، وقيادة داخلية، وعمل نوعي مبتدئ، وعمل نوعي
حر، وعمل نوعي خاص، وخلايا للعمل الإعلامي والجماهيري والدعم
اللوجستي والتنفيذ.
خلاصة القول:
- لم يتم القضاء على حسم بشكل كامل، بل
توقّفت أعمالها بضغوط من الجماعة، ثم بالتهديد بتنفيذ أحكام الإعدام بحق القيادات،
بما فيهم المرشد محمد بديع وخيرت الشاطر، إن لم تتوقّف الأعمال العسكرية القتالية.
وجاءت العودة الحالية للحركة عبر إصدارها الأخير، والذي ترجّح مصادر خاصة أنه
تم تصويره في صحراء جنوب غرب ليبيا، ليفرض تحدّياً جديداً على مصر.
- أعادت الحركة هيكلة نفسها، وقامت بنشر قياداتها
الخطرين في مناطق جديدة خارجية مثل أمريكا اللاتينية والفلبين والبوسنة، كما أعادت
بناء قيادات الداخل الكامنين وغير المعروفين.
- تستخدم الحركة في عمليات الاستقطاب السرديات
الإرهابية عبر الإنترنت، حيث تمتلك مئات الصفحات الشخصية والعامة التي تقوم فيها
بعمليات الترويج لمجموعة من الأفكار تمكّنها من تجنيد عناصر مستجدة.
- لا تزال هناك شبكات تمويل صعبة الرقابة داخليا
وخارجيا.
- يأتي الفيديو الأخير من خارج مصر، وتحديداً من
ليبيا، لتستمر سياسة الإخوان في اعتماد "الخيارات المربكة" لدفع الدولة
إلى المصالحة وفتح ملف المسجونين.
- أصدرت جبهة محمود حسين بيان نفي لتبعية حسم
لها، فيما أغفلت الجبهة الكبرى لصلاح عبد الحق التعليق، لتُستخدم ورقة حسم
في كسر جمود ملف المسجونين والمصالحة.
- يستمر وجود مؤسسات للحركة مثل "ميدان"
في تركيا، رغم التقارب في العلاقات بين الدولتين، حيث يعلو صوتها ويخفت مرتبطاً
بالملفات العالقة بين القاهرة وأنقرة.
- أحدث فيديو الحركة ارتباكاً أمنياً، دفع إلى
إعادة التحقيق مع عناصر الحركة المقبوض عليهم في السجون، واستدعاء المفرج عنهم
إلى مقارّ الأمن الوطني لاستطلاع الآراء حول إمكانية عودة الحراك المسلح.
- من المتوقع أن تقوم الحركة بعمل عسكري عن طريق
مجموعة العمل المبتدئ، أو عمل كبير عن طريق مجموعة العمل الخاص المحترف، إلا إذا
تدخلت قيادة الجماعة خوفاً من تنفيذ أحكام الإعدام، بعد أن حقق الفيديو هدف التنظيم
في تحريك ملف الإخوان الراكد في السجون.