قضايا ثقيلة ومعقدة: المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا

استشرافات

قضايا ثقيلة ومعقدة: المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا

15-May-2025

ينتظر العالم مفاوضات رفيعة المستوى بين روسيا وأوكرانيا لوقف الحرب، وسيغيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين عما يمكن أن تكون أول محادثات سلام مباشرة بين موسكو وكييف منذ ثلاث سنوات، وفيما وصل الرئيس زيلينسكي إلى اسطنبول، وصل كذلك الوفد الروسي "التكنوقراط" إلى اسطنبول للمشاركة في المفاوضات.

تصريحات أوكرانية

أوكرانيا قالت إن عدم حضور بوتين إلى تركيا لإجراء محادثات مع زيلينسكي سيكون علامة واضحة على أن موسكو ليس لديها أي نية لوقف الحرب. يقول مدير مكتب الرئاسة الأوكرانية، أندريه يرماك: «إذا رفض فلاديمير بوتين القدوم إلى تركيا، فسيكون ذلك بمثابة الإشارة النهائية إلى أن روسيا لا تريد إنهاء هذه الحرب، وأنها غير راغبة وغير مستعدة لأي مفاوضات».

زيلينسكي رأى أن بوتين لا يريد إنهاء الحرب، وقال خلال مؤتمر صحافي في كييف: «أرى أن بوتين لا يريد للحرب أن تتوقف ولا يريد وقف إطلاق النار ولا يريد مفاوضات». وأكد زيلينسكي أنه يريد التفاوض على وقف غير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوماً في اجتماع وجهاً لوجه مع بوتين في محادثات إسطنبول، لأن الزعيم الروسي هو الوحيد القادر على تنفيذ مثل هذا الوقف.

أضاف زيلينسكي للصحفيين، أنه نظراً لأن كل شيء في روسيا يعتمد على بوتين، فلا سبيل للتوصل إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب إلا بمحادثات مباشرة معه. مشيراً إلى أنه سينتظر بوتين في أنقرة غداً الخميس. وقال زيلينسكي: «وجهنا الدعوة لترامب للانضمام إلى محادثات إسطنبول»، متوقعاً فرض عقوبات قوية من أمريكا والاتحاد الأوروبي على روسيا حال عدم إجراء محادثات إسطنبول.

ورغم أن بوتين لم يؤكد قط أنه سيحضر شخصيا، فإن غياب الرئيسين الروسي والأمريكي عن المفاوضات يخفض سقف التوقعات بتحقيق تقدم كبير في الحرب التي بدأتها روسيا في فبراير 2022.

روسيا توضح

بدوره، أعلن الكرملين أن روسيا ستعلن عمن سيحضر محادثات السلام المقترحة في تركيا عندما يرى الرئيس بوتين ذلك مناسباً، وأحجم الكرملين عن التعليق على أسئلة بشأن ما إذا كان بوتين سيحضر بنفسه أم لا.

وقال الناطق باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، للصحفيين رداً على سؤال حول المحادثات: «يواصل الجانب الروسي التحضير للمفاوضات.. لن نعلق أكثر من ذلك الآن». ورداً على سؤال مباشر عمن سيمثل روسيا في المحادثات، قال بيسكوف: «بمجرد أن يرى الرئيس ذلك مناسباً، فسنعلن عنه». وأشار بيسكوف، إلى أن أوروبا تقف إلى جانب أوكرانيا ولا يمكنها أن تدعي اتباع نهج متوازن في المفاوضات.

دور ترامب

وقبيل انطلاقه في ثاني زيارة خارجية له إلى 3 دول خليجية، كان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، قد الانضمام إلى محادثات إسطنبول. وقال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض، إن محادثات إسطنبول قد تكون مفيدة وإنه قد ينضم إليها، مضيفاً: «لدي اجتماعات كثيرة.. لكنني أفكر جدياً في السفر إلى هناك.. علينا إنجاز هذه الأمور، لا تستهينوا بيوم الخميس في تركيا». وكما أشرنا في مقدمة هذا الكلام فإن ترامب لن يحضر القمة

إلى ذلك، قالت 3 مصادر مطلعة، إن مبعوثي الرئيس الأمريكي، ستيف ويتكوف، وكيث كيلوج، سيسافران إلى إسطنبول لإجراء محادثات بشأن كيفية إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

عقوبات معلنة

في السياق، أعاد المستشار الألماني، فريدريش ميرتس، التأكيد على أن روسيا ستخضع لسلسلة جديدة من العقوبات، حال لم يحرز أي تقدم فعلي في مساعي التوصل إلى وقف لإطلاق النار في أوكرانيا.

وقال ميرتس خلال مؤتمر صحافي في برلين، إنه في حال لم توافق موسكو على مقترح حلفاء أوكرانيا بوقف إطلاق النار لـ 30 يوماً، فسيتم إقرار عقوبات إضافية أعدها الاتحاد الأوروبي، لا سيما في مجال الطاقة والأسواق المالية.

كما قالت فرنسا، إن القادة الذين اجتمعوا مطلع الأسبوع بشأن أوكرانيا، طلبوا من المفوضية الأوروبية فرض عقوبات ضخمة جديدة أكثر قسوة تستهدف قطاعي النفط والخدمات المالية في روسيا، إذا لم توافق موسكو على وقف إطلاق نار. وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، إن العمل بدأ على إجراءات أكثر صرامة تتجاوز تلك الحزمة.

بارو أضاف عقب اتصال هاتفي مع نظراء أوروبيين ووزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو: «نعد عقوبات إضافية تستهدف قطاعي الطاقة والخدمات المالية.. طلبنا من المفوضية الأوروبية هذا الأسبوع إعداد عقوبات جديدة أكثر صرامة لإجبار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على قبول السلام.. نؤيد فكرة التواصل بين زيلينسكي وبوتين».

قضايا ثقيلة ومعقدة

وفق المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ، ستكون القضايا المطروحة ثقيلة ومعقدة، وسيجري التركيز على الملفات الكبرى ذات الطابع السياسي والعسكري، بينما تُترك التفاصيل لفرق التفاوض. وفيما يلي أبرز الملفات المتوقعة:

ـ وقف إطلاق النار الشامل أو المؤقت : هدف زيلينسكي فرض هدنة طويلة نسبياً (30 يومًا على الأقل) لوقف العمليات الروسية وقد يوافق على هدنة جزئية أو مشروطة بمكاسب ميدانية أو اعترافات سياسية.

ـ تبادل الأسرى: صفقة تبادل واسعة تشمل أسرى الحرب من الجانبين، خاصة الطيارين، والضباط، وأسرى معارك باخموت وماريوبول. ملف إنساني يلقى دعمًا دوليًا ويمكن أن يكون بوابة لإجراءات بناء الثقة.

ـ الوضع الميداني: سوف لن يعترف زيلنسكي بأي سيطرة روسية على أراضٍ أوكرانية دونيتسك، لوغانسك، زابوريجيا، خيرسون، والقرم. وسوف يسعى بوتن على الأقل تثبيت خطوط التماس الحالية كمرحلة أولى. هذا الملف هو الأكثر تعقيدًا والأبعد عن التفاهم، لكن قد يُناقش بشكل تمهيدي أو يُحال لاحقًا إلى مفاوضات أوسع.

ـ الضمانات الأمنية المستقبلية: تطالب أوكرانيا بضمانات من دول غربية أو تركيا بعدم تكرار الغزو. أما روسيا قد تطرح شروطًا مثل “الحياد العسكري لأوكرانيا” أو عدم انضمامها للناتو.

ـ رفع العقوبات أو تجميدها: سيطالب بوتن بتجميد أو تخفيف بعض العقوبات الغربية، مقابل خطوات مثل الهدنة أو السماح بتصدير الحبوب. لكن زيلينسكي سيربط هذا الملف بالتقدم الملموس في السلام واستعادة الأراضي.

ـ مستقبل الموانئ والطاقة والغذاء: أمن موانئ البحر الأسود (مثل أوديسا) لضمان تصدير الحبوب، أي ستكون محادثات حول تصدير الغاز والنفط الروسي عبر أوكرانيا أو بوساطة تركية.

ـ الدور التركي في الضمانات أو الرقابة: تسعى تركيا للعب دور الضامن أو المراقب لأي اتفاق محتمل. قد تُطرح فكرة إنشاء لجنة رقابة ثلاثية تركيا – روسيا – أوكرانيا.

آخر محادثات مباشرة

يشار إلى أن آخر محادثات مباشرة معروفة بين كييف وموسكو عقدت في تركيا وبيلاروس في ربيع عام 2022، في حين عقدت جولة مباحثات أميركية روسية، وأخرى أميركية أوكرانية منفصلة، بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية في العاصمة السعودية الرياض، في مارس الماضي.

وتمت خلالها مناقشة آليات الهدنة الجزئية المقترحة لمدة 30 يوماً، وإمكانية وقف الهجمات على منشآت الطاقة بين البلدين، وضمان سلامة الملاحة في البحر الأسود، وحماية البنية التحتية المدنية وتخفيف معاناة السكان في مناطق النزاع، وذلك في إطار تكثيف ترمب جهوده لإنهاء الصراع.

خلاصات استشرافية

بحسب شبكة سي ان ان ، فإن الطرفين متباعدين لدرجة أنه من غير الواضح ما ستتناوله المحادثات، لكن زيلينسكي قال ، إن "أي شيء غير اتفاق على وقف إطلاق نار غير مشروط سيكون فاشلاً".

وقال بوتين إنه بينما لا تستبعد روسيا "إمكانية التوصل خلال هذه المحادثات إلى نوع من الهدنة الجديدة، ووقف إطلاق نار جديد"، فإن المحادثات ستهدف إلى القضاء على "الأسباب الجذرية للصراع".

وتشمل "الأسباب الجذرية" التي ذكرها، المظالم الروسية الراسخة، بما في ذلك وجود أوكرانيا كدولة ذات سيادة، وتوسع حلف شمال الأطلسي "الناتو"، شرقاً منذ نهاية الحرب الباردة، وهما مطلبان لا يمكن التفاوض على أي منهما بالنسبة لأوكرانيا أو حلفائها.

274