فعاليات
عملية المصالحة التشادية - التشادية.. بداية مضطربة تفتقد لخارطة طريق
٣٠ أغسطس ٢٠٢٢
تعقد هذه الأيام لقاءات المصالحة التشادية التمهيدية بدولة قطر في ظل ظروف أمنية مضطربة ..
فعقب إعلان مقتل الرئيس إدريس ديبي تم تشكيل مجلس عسكري انتقالي، بقيادة نجله محمد البالغ من العمر 37 عاماً ..
أعلن وقتها على أن يكون نقل السلطة في غضون 18 شهراً ..
لكن أحزابُ المعارضة وصفت تحركَ الجيش، بأنه استيلاء على السلطة بالقوة، داعية إلى عدم الامتثال للإجراءات ..
تتمثل أحد الأهداف المعلنة لمحمد إدريس ديبي في إقناع الجماعات المسلحة بالجلوس إلى طاولة الحوار الوطني الشامل المقرر في 10 مايو القادم مع فصائل المعارضة السياسية والمسلحة. وقد استُحدثت حكومته الانتقالية وزارة للمصالحة الوطنية والحوار، تولاها الشيخ ابن عمر، وهو وزير سابق للشؤون الخارجية، والأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطنية التي شاركت في التمرد على الرئيس الراحل إدريس ديبي سنة 2008، والذي كاد أن ينهي حكم ديبي، لولا التدخل العسكري الفرنسي.
بعد توليه منصب الوزارة، قال ابن عمر إن "مفهوم المصالحة الوطنية في تشاد أوسع بكثير من التقارب والتوافق بين المجلس العسكري الحاكم حالياً، ومجموعة جبهة الوفاق المتمردة"، مضيفاً أن "المصالحة لا تشمل فقط جبهة الوفاق أو المجموعات المسلحة، بل تشمل كل المجتمع التشادي، بكل الأحزاب والنقابات والقبائل والطوائف الدينية بما في ذلك المجموعات المسلحة".
وفي بادرة رأى فيها مراقبون بأنها تضفي شرعية على حكم الجنرال محمد ديبي ، أصدر المجلس العسكري في تشاد مرسوم العفو العام الإثنين 29 نوفمبر 2021، ليشمل حتى المتمردين والمعارضين المدانين بارتكاب "جرائم رأي" أو "إرهاب" أو "المساس بوحدة الدولة" بغية حض الجماعات المسلحة على المشاركة في حوار وطني.
شمل الإجراء أيضا 296 مداناً بين معتقلٍ وغير معتقل، ويلبي أحد مطالب جماعات المتمردين الكبرى لإجراء مفاوضات بدعوة من الرئيس. وشمل العفو العام 39 شخصاً محكوماً بتهم المساس بوحدة الدولة أو جرائم الرأي والتعبير، إضافة إلى 257 عضواً من مجموعات مسلحة ومعتقلين ومحكوم عليهم بعد هجوم شنته عناصر من المعارضة التشادية عام 2019 وكان يهدف إلى الإطاحة بالرئيس الراحل إدريس ديبي وهو الهجوم الذي قتل فيه ديبي.
معارضة وعدم استقرار
تشهد تشاد حالة من القلق منذ مقتل رئيسها التاريخي إدريس ديبي الذي أشرنا إليه. وعلى الرغم من تولي نجله السلطة بعد مقتله بتدخل من فرنسا وتطمينات من الجيش، إلا أن تمدد الجماعات المسلحة والمليشيات المعارضة المنتشرة في الدول المحيطة بتشاد مثل ليبيا والسودان والنيجر ظل مؤثراً على المشهد السياسي في تشاد. يحدث ذلك في وقت تتعرض فيه تشاد لضغوط من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي للعودة إلى الأوضاع الدستورية ( سيد فليفل ، صحيفة أخبار اليوم المصرية 5 يناير 2022).
ولعل أكثر ما يهدد الأوضاع الداخلية في تشاد حركة عدم الاستقرار والانقلابات العسكرية التي شهدتها دول الساحل وعلى وجه التحديد مالي وبوركينا فاسو، خاصة وأن بعض المراقبين يعتقدون أن هناك حالة معدية من الانقلابات أصابت المنطقة، في مالي وبوركينا فاسو وغينيا بيساو وغينيا ( الغارديان البريطانية ، 7 فبراير 2022).
ويوجد في تشاد 30 حزباً معارضاً كلهم رفضوا الانقلاب العسكري المرتب الذي تولي بموجبه محمد ديبي السلطة بعد وفاة والده، غير أن أبرز الحركات المعارضة التي تهدد المجلس الانتقالي هي الحركات المسلحة خاصة حركة الجهة الوطنية من أجل الوفاق والتغيير المعروفة باسم فاكت (FACT) التي يقودها محمد مهدي، وقد انشقت في عام 2016، من القوى الموحدة للديمقراطية والتنمية.
هناك أيضا مجلس القيادة العسكرية لإنقاذ الجمهورية، واتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية الذي كان يتحرك من السودان وتم طرده وبعدها توجه إلى ليبيا، حمدي عبد الرحمن حسن، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 20 أبريل 2021. فضلا عن القوات التي يقودها تيمان أرديمي الذي سبق اعتقاله. كما تنشط حركة مرصد المواطنين للانتقال وهي ذات توجه تصالحي، المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية، 3 يناير 2022.
غير أن ما يثير القلق حول مستقبل المجلس الانتقالي هو الانقسامات داخل الجيش التشادي، وأيضاً بين أفراد قبيلة الزغاوة التي ينحدر منها ديبي وقد انتقدوا سياسته التي ميز فيها المقربين من أفراد أسرته، الجزيرة نت 25 أبريل 2021. تسيطر قبيلة الزغاوة على أجهزة الأمن والاستخبارات، ومع ذلك شهدت تشاد عدة محاولات انقلاب فشلت بسبب التدخل الفرنسي في الأعوام 2009 و2019، رينتي أموني إيمونتي الإيطالية ، 1 يناير 2021.
في ظل هذه الظروف يسود اعتقاد بأن تراجع الجيش عن مساندة محمد ديبي قد يقود إلى زيادة نشاط المجموعات المسلحة والحركات الإرهابية التي تنشط في دول الجوار في ظل غياب زعيم قوي، فضلا عن النظر إلى عدم الحكومة الانتقالية من قبل الكثير من الفاعلين التشاديين في الداخل والخارج باعتبارها غير شرعية. يضاف إلى ذلك ما تسبب فيه إدريس ديبي نفسه من فقر وتسلط خلال فترة حكمه. كل ذلك ربما يضعف من قبضة المجلس الانتقالي، فيليب أوباجي، الغارديان البريطانية، 29 أبريل 2021.
مع كل هذه التعقيدات في المشهد التشادي أعلن المجلس العسكري الانتقالي كما سبق واشرنا في مطلع هذا المقال إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ودعا للحوار، غير أن الدعوة تركز أكثر على الحركات المسلحة ولا تهتم بالمجتمع المدني ومعارضة الداخل. بجانب هذه الدعوة تنشط وساطة قادها الرئيس التشادي السابق جوكوني عويدي ولكنها بدون خارطة طريق واضحة، كما تم رفضها من بعض الحركات مثل حركة واكيت تاما التي طعنت في شرعية المجلس الانتقالي، المجلس الأفريقي للدراسات الاستراتيجية، 3 يناير 2022.
تهديدات خارجية
تواجه الحكومة الانتقالية مجموعة من التهديدات الخارجية بسبب حالة عدم الاستقرار في دول مثل ليبيا في الشمال والسودان شرقاً ودول الساحل الأخرى. فالحدود المفتوحة وحالة السيولة الأمنية وعدم قدرة تلك الدول على ضبط الحدود جعلت المنطقة مفتوحة لتنقل المجموعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش وبوكو حرام، وهي حركات تستغل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية وتعمل على إيجاد حواضن دينية تتفق مع توجهاتها الفكرية.
ولعل ما يزيد الموقف تعقيداً حالة الانقلابات في الكثير من دول المنطقة التي يعتقد أن أطرافا خارجية لها علاقة بها منها دول تقع في المحيط الجغرافي لتشاد وبعضها دول من خارج المنطقة. كما أن الجبهة الوطنية للوفاق والتغيير أصبحت تمتلك قدرات قتالية متقدمة بسبب الأسلحة التي حصلت عليها في ليبيا، مجموعة الأزمات 22 أبريل 2021.
وتعتبر فرنسا الفاعل الرئيسي في تشاد وهي ترتب الأوضاع وفقاً لمصالحها وتحالفاتها مع القيادات العسكرية والسياسية، وكل التغيرات التي حدثت في تشاد منذ عام 1975 إلى الترتيبات التي جاءت بمحمد إدريس ديبي بعد مقتل والده عام 2021، كان لباريس دورا فيها بموافقة فاعلين دوليين وإقليميين حفاظًاًّ على استقرار تشاد، الجزيرة نت 23 أبريل 2021.
حاليا تعمل فرنسا على تغيير سياستها في دول الساحل لمواجهة التمدد الروسي عن طريق شركة فاغنر الروسية، خاصة وأن موسكو تعتبر أكبر مورد للسلاح في أفريقيا ولها تأثير على بعض القيادات العسكرية من خلال الدورات التدريبية. كما لا يجب أن ننسى التوسع الصيني الذي يتمدد عن طريق التنمية وتقديم القروض الميسرة.
غير أن تشاد سوف تستمر في الغالب محمية عسكرية فرنسية بسبب أهميتها لفرنسا، خاصة وأن الحملات العسكرية التي قامت بها فرنسا في السنوات الأخيرة من خلال عملية (برخان) كان لها أثر في تحجيم خطر المجموعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة على المنطقة. وقد ظلت تشاد بفضل الحماية الفرنسية بعيدة نوعاً ما عن تأثير تنظيم القاعدة، كما كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واضحاً في دعم المرحلة الانتقالية في تشاد عندما قال، أن فرنسا لن تسمح بما يمكن أن يهدد وحدة واستقرار تشاد، وكالة الاناضول 2021.
تحديات المصالحة
صرح محمد ديبي بأن الإعداد متواصل لمؤتمر للمصالحة والحوار، وهناك وفود تشادية في السودان وقطر للتشاور مع المعارضين، وأن حملة السلاح يعودون إلى البلاد ويتم نزع سلاحهم، وذلك بعد أن وافقت بعض الأحزاب على المشاركة خاصة حزب الحريات والتنمية وموافقة زعيم المعارضة صالح كبزابو، ورئيس قوات المقاومة المتحدة جدي غالواي وهو حزب يرأسه تيمان أردوني. كما انضم للمشاركة رئيس حزب التجمع التشادي كورس حسمي، بينما تحفظت جبهة التغيير والوفاق وطالبت بمبادرة سلمية. جاء الرفض المشروط من جبهة تاما والحزب الاشتراكي وقد ربطا المشاركة بتعهد ديبي بعدم الترشح في الانتخابات.
على أنه بالرغم من اللقاءات التي تمت في الدوحة في 15 يناير 2022، بين المجلس العسكري وبعض حركات المعارضة المسلحة لوضع الترتيبات النهائية للحوار، إلا أن المحادثات تأجلت، فالحكومة التشادية كانت تريد دعوة 80 فردا من 23 حركة مسلحة ، كما ظهرت خلافات حول العفو العام الذي تأخر بالنسبة لبعض المعارضين المتواجدين في ليبيا والسودان. على ذلك كله تم تأجيل الحوار إلى مايو، وكالة الصحافة الفرنسية، 23 فبراير 2022. بعدها تم تعديل الموعد إلى 13 مارس الجاري بعد أن تم حل بعض المشكلات اللوجستية.
في ظل هذه الخطوات ظهرت مخاوف من إفشال عملية المصالحة إذا كانت تتعارض مع مصالح بعض القوى الدولية خاصة فرنسا. كما ظهرت ضرورة أن تشمل الاجتماعات التحضيرية الحركات الرافضة للحوار والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. فقد صرح ابن عمر الذي يقود المصالحة أن الحوار يجب أن يشمل الجميع، وقال إسماعيل محمد طاهر الخبير في الشأن التشادي أن عملية المصالحة مرهونة بقوة كل من وزارة المصالحة ولجنة الحوار الوطني ومشاركة كل الفاعلين.
قراءة ختامية
بينما يشكك تقرير للمجلس الأفريقي للدراسات الاستراتيجية صدر في 17 ديسمبر 2022، في نية العسكريين تسليم السلطة، يري المحلل السياسي أبو بكر عبد السلام أنه لابد من رسم خارطة طريق توضح الطريق إلى المستقبل، وكالة سبوتينيك 10أكتوبر 2021. فضلا عن ذلك سبق أن قال محمد النظيف رئيس حزب النصر التشادي أنه قد تم الاتفاق على مراجعة ميثاق الفترة الانتقالية وتشكيل حكومة وحدة وطنية يتبعها حوار قبل إجراء الانتخابات، الجزيرة نت، 25 أبريل 2021.
على ذلك يمكن القول أنه مع كل الجهود التي تتم لبداية حوار وطني بين الفضائل التشادية، وتفاعل بعض الدول مع عملية الحوار خاصة قطر التي استضافت الاجتماعات التمهيدية الأولى للجنة الحوار بحكم تواجد بعض قادة المعارضة فيها، إلا أن هناك الكثير من القلق حول عدم تحقيق تقدم في المفاوضات. فالحركات المسلحة لا تزال قادرة على شن هجمات وعرقلة التفاوض. كما أن نوايا المجلس العسكري تحيط بها الشكوك خاصة إذا ما قرر بعض أعضائه خوض الانتخابات. كل هذا يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات داخلية مع حالة الاصطفاف القبلي التي يقوم بها البعض داخل تشاد.
هناك أيضاً المصالح الدولية التي ترتبط بمستقبل تشاد في ظل الجهود التي تبذل لمكافحة الإرهاب في دول الساحل والتي تساهم فيها تشاد بدور كبير. فإذا لم تطمئن هذه الدول المؤثرة في المنطقة إلى أن عملية المصالحة سوف تفضي إلى حالة من الاستقرار واستتباب الأمن، ووجود حكومة قوية قادرة على إدارة الدولة التشادية وتسيطر على الأوضاع، كما كان في عهد الرئيس إدريس ديبي، فإنها سوف تعمل جهدها في التأثير على مخرجات الحوار بما يحقق أهدافها في المنطقة. نقطة هامة أخيرة يجب الإشارة إليها في نهاية هذا المقال التحليلي، وهي أن القوى السياسية التشادية تعمل في ظل حالتي التجاذبات الخارجية والمصالح الدولية، وهي بحاجة للتوحد وتغليب المصلحة الوطنية، وتحقيق أعلى قدر من التنازلات لخلق تفاهم مشترك لإنجاح عملية المصالحة.

معارض
الإمارات من أفضل دول العالم في رفاه وأمن قاطنيها من المواطنين والمقيمين والزائرين
30-Aug-2022
كن لا بد أن أوضح لك أن كل هذه الأفكار المغلوطة حول استنكار النشوة وتمجيد الألم نشأت بالفعل، وسأعرض لك التفاصيل لتكتشف حقيقة وأساس تلك السعادة البشرية، فلا أحد يرفض أو يكره أو يتجنب الشعور بالسعادة، ولكن بفضل هؤلاء الأشخاص الذين لا يدركون بأن السعادة لا بد أن نستشعرها بصورة أكثر عقلانية ومنطقية فيعرضهم هذا لمواجهة الظروف الأليمة، وأكرر بأنه لا يوجد من يرغب في الحب ونيل المنال ويتلذذ بالآلام، الألم هو الألم ولكن نتيجة لظروف ما قد تكمن السعاده فيما نتحمله من كد وأسي.
و سأعرض مثال حي لهذا، من منا لم يتحمل جهد بدني شاق إلا من أجل الحصول على ميزة أو فائدة؟ ولكن من لديه الحق أن ينتقد شخص ما أراد أن يشعر بالسعادة التي لا تشوبها عواقب أليمة أو آخر أراد أن يتجنب الألم الذي ربما تنجم عنه بعض المتعة ؟
علي الجانب الآخر نشجب ونستنكر هؤلاء الرجال المفتونون بنشوة اللحظة الهائمون في رغباتهم فلا يدركون ما يعقبها من الألم والأسي المحتم، واللوم كذلك يشمل هؤلاء الذين أخفقوا في واجباتهم نتيجة لضعف إرادتهم فيتساوي مع هؤلاء الذين يتجنبون وينأون عن تحمل الكدح والألم .
عملية المصالحة التشادية - التشادية.. بداية مضطربة تفتقد لخارطة طريق
30-Aug-2022
تعقد هذه الأيام لقاءات المصالحة التشادية التمهيدية بدولة قطر في ظل ظروف أمنية مضطربة ..
فعقب إعلان مقتل الرئيس إدريس ديبي تم تشكيل مجلس عسكري انتقالي، بقيادة نجله محمد البالغ من العمر 37 عاماً ..
أعلن وقتها على أن يكون نقل السلطة في غضون 18 شهراً ..
لكن أحزابُ المعارضة وصفت تحركَ الجيش، بأنه استيلاء على السلطة بالقوة، داعية إلى عدم الامتثال للإجراءات ..
تتمثل أحد الأهداف المعلنة لمحمد إدريس ديبي في إقناع الجماعات المسلحة بالجلوس إلى طاولة الحوار الوطني الشامل المقرر في 10 مايو القادم مع فصائل المعارضة السياسية والمسلحة. وقد استُحدثت حكومته الانتقالية وزارة للمصالحة الوطنية والحوار، تولاها الشيخ ابن عمر، وهو وزير سابق للشؤون الخارجية، والأمين العام الأسبق لجبهة التحرير الوطنية التي شاركت في التمرد على الرئيس الراحل إدريس ديبي سنة 2008، والذي كاد أن ينهي حكم ديبي، لولا التدخل العسكري الفرنسي.
بعد توليه منصب الوزارة، قال ابن عمر إن "مفهوم المصالحة الوطنية في تشاد أوسع بكثير من التقارب والتوافق بين المجلس العسكري الحاكم حالياً، ومجموعة جبهة الوفاق المتمردة"، مضيفاً أن "المصالحة لا تشمل فقط جبهة الوفاق أو المجموعات المسلحة، بل تشمل كل المجتمع التشادي، بكل الأحزاب والنقابات والقبائل والطوائف الدينية بما في ذلك المجموعات المسلحة".
وفي بادرة رأى فيها مراقبون بأنها تضفي شرعية على حكم الجنرال محمد ديبي ، أصدر المجلس العسكري في تشاد مرسوم العفو العام الإثنين 29 نوفمبر 2021، ليشمل حتى المتمردين والمعارضين المدانين بارتكاب "جرائم رأي" أو "إرهاب" أو "المساس بوحدة الدولة" بغية حض الجماعات المسلحة على المشاركة في حوار وطني.
شمل الإجراء أيضا 296 مداناً بين معتقلٍ وغير معتقل، ويلبي أحد مطالب جماعات المتمردين الكبرى لإجراء مفاوضات بدعوة من الرئيس. وشمل العفو العام 39 شخصاً محكوماً بتهم المساس بوحدة الدولة أو جرائم الرأي والتعبير، إضافة إلى 257 عضواً من مجموعات مسلحة ومعتقلين ومحكوم عليهم بعد هجوم شنته عناصر من المعارضة التشادية عام 2019 وكان يهدف إلى الإطاحة بالرئيس الراحل إدريس ديبي وهو الهجوم الذي قتل فيه ديبي.
معارضة وعدم استقرار
تشهد تشاد حالة من القلق منذ مقتل رئيسها التاريخي إدريس ديبي الذي أشرنا إليه. وعلى الرغم من تولي نجله السلطة بعد مقتله بتدخل من فرنسا وتطمينات من الجيش، إلا أن تمدد الجماعات المسلحة والمليشيات المعارضة المنتشرة في الدول المحيطة بتشاد مثل ليبيا والسودان والنيجر ظل مؤثراً على المشهد السياسي في تشاد. يحدث ذلك في وقت تتعرض فيه تشاد لضغوط من الاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي للعودة إلى الأوضاع الدستورية ( سيد فليفل ، صحيفة أخبار اليوم المصرية 5 يناير 2022).
ولعل أكثر ما يهدد الأوضاع الداخلية في تشاد حركة عدم الاستقرار والانقلابات العسكرية التي شهدتها دول الساحل وعلى وجه التحديد مالي وبوركينا فاسو، خاصة وأن بعض المراقبين يعتقدون أن هناك حالة معدية من الانقلابات أصابت المنطقة، في مالي وبوركينا فاسو وغينيا بيساو وغينيا ( الغارديان البريطانية ، 7 فبراير 2022).
ويوجد في تشاد 30 حزباً معارضاً كلهم رفضوا الانقلاب العسكري المرتب الذي تولي بموجبه محمد ديبي السلطة بعد وفاة والده، غير أن أبرز الحركات المعارضة التي تهدد المجلس الانتقالي هي الحركات المسلحة خاصة حركة الجهة الوطنية من أجل الوفاق والتغيير المعروفة باسم فاكت (FACT) التي يقودها محمد مهدي، وقد انشقت في عام 2016، من القوى الموحدة للديمقراطية والتنمية.
هناك أيضا مجلس القيادة العسكرية لإنقاذ الجمهورية، واتحاد القوى من أجل الديمقراطية والتنمية الذي كان يتحرك من السودان وتم طرده وبعدها توجه إلى ليبيا، حمدي عبد الرحمن حسن، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 20 أبريل 2021. فضلا عن القوات التي يقودها تيمان أرديمي الذي سبق اعتقاله. كما تنشط حركة مرصد المواطنين للانتقال وهي ذات توجه تصالحي، المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية، 3 يناير 2022.
غير أن ما يثير القلق حول مستقبل المجلس الانتقالي هو الانقسامات داخل الجيش التشادي، وأيضاً بين أفراد قبيلة الزغاوة التي ينحدر منها ديبي وقد انتقدوا سياسته التي ميز فيها المقربين من أفراد أسرته، الجزيرة نت 25 أبريل 2021. تسيطر قبيلة الزغاوة على أجهزة الأمن والاستخبارات، ومع ذلك شهدت تشاد عدة محاولات انقلاب فشلت بسبب التدخل الفرنسي في الأعوام 2009 و2019، رينتي أموني إيمونتي الإيطالية ، 1 يناير 2021.
في ظل هذه الظروف يسود اعتقاد بأن تراجع الجيش عن مساندة محمد ديبي قد يقود إلى زيادة نشاط المجموعات المسلحة والحركات الإرهابية التي تنشط في دول الجوار في ظل غياب زعيم قوي، فضلا عن النظر إلى عدم الحكومة الانتقالية من قبل الكثير من الفاعلين التشاديين في الداخل والخارج باعتبارها غير شرعية. يضاف إلى ذلك ما تسبب فيه إدريس ديبي نفسه من فقر وتسلط خلال فترة حكمه. كل ذلك ربما يضعف من قبضة المجلس الانتقالي، فيليب أوباجي، الغارديان البريطانية، 29 أبريل 2021.
مع كل هذه التعقيدات في المشهد التشادي أعلن المجلس العسكري الانتقالي كما سبق واشرنا في مطلع هذا المقال إطلاق سراح المعتقلين السياسيين ودعا للحوار، غير أن الدعوة تركز أكثر على الحركات المسلحة ولا تهتم بالمجتمع المدني ومعارضة الداخل. بجانب هذه الدعوة تنشط وساطة قادها الرئيس التشادي السابق جوكوني عويدي ولكنها بدون خارطة طريق واضحة، كما تم رفضها من بعض الحركات مثل حركة واكيت تاما التي طعنت في شرعية المجلس الانتقالي، المجلس الأفريقي للدراسات الاستراتيجية، 3 يناير 2022.
تهديدات خارجية
تواجه الحكومة الانتقالية مجموعة من التهديدات الخارجية بسبب حالة عدم الاستقرار في دول مثل ليبيا في الشمال والسودان شرقاً ودول الساحل الأخرى. فالحدود المفتوحة وحالة السيولة الأمنية وعدم قدرة تلك الدول على ضبط الحدود جعلت المنطقة مفتوحة لتنقل المجموعات الإرهابية مثل تنظيم القاعدة وداعش وبوكو حرام، وهي حركات تستغل الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية وتعمل على إيجاد حواضن دينية تتفق مع توجهاتها الفكرية.
ولعل ما يزيد الموقف تعقيداً حالة الانقلابات في الكثير من دول المنطقة التي يعتقد أن أطرافا خارجية لها علاقة بها منها دول تقع في المحيط الجغرافي لتشاد وبعضها دول من خارج المنطقة. كما أن الجبهة الوطنية للوفاق والتغيير أصبحت تمتلك قدرات قتالية متقدمة بسبب الأسلحة التي حصلت عليها في ليبيا، مجموعة الأزمات 22 أبريل 2021.
وتعتبر فرنسا الفاعل الرئيسي في تشاد وهي ترتب الأوضاع وفقاً لمصالحها وتحالفاتها مع القيادات العسكرية والسياسية، وكل التغيرات التي حدثت في تشاد منذ عام 1975 إلى الترتيبات التي جاءت بمحمد إدريس ديبي بعد مقتل والده عام 2021، كان لباريس دورا فيها بموافقة فاعلين دوليين وإقليميين حفاظًاًّ على استقرار تشاد، الجزيرة نت 23 أبريل 2021.
حاليا تعمل فرنسا على تغيير سياستها في دول الساحل لمواجهة التمدد الروسي عن طريق شركة فاغنر الروسية، خاصة وأن موسكو تعتبر أكبر مورد للسلاح في أفريقيا ولها تأثير على بعض القيادات العسكرية من خلال الدورات التدريبية. كما لا يجب أن ننسى التوسع الصيني الذي يتمدد عن طريق التنمية وتقديم القروض الميسرة.
غير أن تشاد سوف تستمر في الغالب محمية عسكرية فرنسية بسبب أهميتها لفرنسا، خاصة وأن الحملات العسكرية التي قامت بها فرنسا في السنوات الأخيرة من خلال عملية (برخان) كان لها أثر في تحجيم خطر المجموعات الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة على المنطقة. وقد ظلت تشاد بفضل الحماية الفرنسية بعيدة نوعاً ما عن تأثير تنظيم القاعدة، كما كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واضحاً في دعم المرحلة الانتقالية في تشاد عندما قال، أن فرنسا لن تسمح بما يمكن أن يهدد وحدة واستقرار تشاد، وكالة الاناضول 2021.
تحديات المصالحة
صرح محمد ديبي بأن الإعداد متواصل لمؤتمر للمصالحة والحوار، وهناك وفود تشادية في السودان وقطر للتشاور مع المعارضين، وأن حملة السلاح يعودون إلى البلاد ويتم نزع سلاحهم، وذلك بعد أن وافقت بعض الأحزاب على المشاركة خاصة حزب الحريات والتنمية وموافقة زعيم المعارضة صالح كبزابو، ورئيس قوات المقاومة المتحدة جدي غالواي وهو حزب يرأسه تيمان أردوني. كما انضم للمشاركة رئيس حزب التجمع التشادي كورس حسمي، بينما تحفظت جبهة التغيير والوفاق وطالبت بمبادرة سلمية. جاء الرفض المشروط من جبهة تاما والحزب الاشتراكي وقد ربطا المشاركة بتعهد ديبي بعدم الترشح في الانتخابات.
على أنه بالرغم من اللقاءات التي تمت في الدوحة في 15 يناير 2022، بين المجلس العسكري وبعض حركات المعارضة المسلحة لوضع الترتيبات النهائية للحوار، إلا أن المحادثات تأجلت، فالحكومة التشادية كانت تريد دعوة 80 فردا من 23 حركة مسلحة ، كما ظهرت خلافات حول العفو العام الذي تأخر بالنسبة لبعض المعارضين المتواجدين في ليبيا والسودان. على ذلك كله تم تأجيل الحوار إلى مايو، وكالة الصحافة الفرنسية، 23 فبراير 2022. بعدها تم تعديل الموعد إلى 13 مارس الجاري بعد أن تم حل بعض المشكلات اللوجستية.
في ظل هذه الخطوات ظهرت مخاوف من إفشال عملية المصالحة إذا كانت تتعارض مع مصالح بعض القوى الدولية خاصة فرنسا. كما ظهرت ضرورة أن تشمل الاجتماعات التحضيرية الحركات الرافضة للحوار والأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني. فقد صرح ابن عمر الذي يقود المصالحة أن الحوار يجب أن يشمل الجميع، وقال إسماعيل محمد طاهر الخبير في الشأن التشادي أن عملية المصالحة مرهونة بقوة كل من وزارة المصالحة ولجنة الحوار الوطني ومشاركة كل الفاعلين.
قراءة ختامية
بينما يشكك تقرير للمجلس الأفريقي للدراسات الاستراتيجية صدر في 17 ديسمبر 2022، في نية العسكريين تسليم السلطة، يري المحلل السياسي أبو بكر عبد السلام أنه لابد من رسم خارطة طريق توضح الطريق إلى المستقبل، وكالة سبوتينيك 10أكتوبر 2021. فضلا عن ذلك سبق أن قال محمد النظيف رئيس حزب النصر التشادي أنه قد تم الاتفاق على مراجعة ميثاق الفترة الانتقالية وتشكيل حكومة وحدة وطنية يتبعها حوار قبل إجراء الانتخابات، الجزيرة نت، 25 أبريل 2021.
على ذلك يمكن القول أنه مع كل الجهود التي تتم لبداية حوار وطني بين الفضائل التشادية، وتفاعل بعض الدول مع عملية الحوار خاصة قطر التي استضافت الاجتماعات التمهيدية الأولى للجنة الحوار بحكم تواجد بعض قادة المعارضة فيها، إلا أن هناك الكثير من القلق حول عدم تحقيق تقدم في المفاوضات. فالحركات المسلحة لا تزال قادرة على شن هجمات وعرقلة التفاوض. كما أن نوايا المجلس العسكري تحيط بها الشكوك خاصة إذا ما قرر بعض أعضائه خوض الانتخابات. كل هذا يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات داخلية مع حالة الاصطفاف القبلي التي يقوم بها البعض داخل تشاد.
هناك أيضاً المصالح الدولية التي ترتبط بمستقبل تشاد في ظل الجهود التي تبذل لمكافحة الإرهاب في دول الساحل والتي تساهم فيها تشاد بدور كبير. فإذا لم تطمئن هذه الدول المؤثرة في المنطقة إلى أن عملية المصالحة سوف تفضي إلى حالة من الاستقرار واستتباب الأمن، ووجود حكومة قوية قادرة على إدارة الدولة التشادية وتسيطر على الأوضاع، كما كان في عهد الرئيس إدريس ديبي، فإنها سوف تعمل جهدها في التأثير على مخرجات الحوار بما يحقق أهدافها في المنطقة. نقطة هامة أخيرة يجب الإشارة إليها في نهاية هذا المقال التحليلي، وهي أن القوى السياسية التشادية تعمل في ظل حالتي التجاذبات الخارجية والمصالح الدولية، وهي بحاجة للتوحد وتغليب المصلحة الوطنية، وتحقيق أعلى قدر من التنازلات لخلق تفاهم مشترك لإنجاح عملية المصالحة.
عمليات مكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي .. فرص النجاح والفشل 1
30-Aug-2022
كن لا بد أن أوضح لك أن كل هذه الأفكار المغلوطة حول استنكار النشوة وتمجيد الألم نشأت بالفعل، وسأعرض لك التفاصيل لتكتشف حقيقة وأساس تلك السعادة البشرية، فلا أحد يرفض أو يكره أو يتجنب الشعور بالسعادة، ولكن بفضل هؤلاء الأشخاص الذين لا يدركون بأن السعادة لا بد أن نستشعرها بصورة أكثر عقلانية ومنطقية فيعرضهم هذا لمواجهة الظروف الأليمة، وأكرر بأنه لا يوجد من يرغب في الحب ونيل المنال ويتلذذ بالآلام، الألم هو الألم ولكن نتيجة لظروف ما قد تكمن السعاده فيما نتحمله من كد وأسي.
و سأعرض مثال حي لهذا، من منا لم يتحمل جهد بدني شاق إلا من أجل الحصول على ميزة أو فائدة؟ ولكن من لديه الحق أن ينتقد شخص ما أراد أن يشعر بالسعادة التي لا تشوبها عواقب أليمة أو آخر أراد أن يتجنب الألم الذي ربما تنجم عنه بعض المتعة ؟
علي الجانب الآخر نشجب ونستنكر هؤلاء الرجال المفتونون بنشوة اللحظة الهائمون في رغباتهم فلا يدركون ما يعقبها من الألم والأسي المحتم، واللوم كذلك يشمل هؤلاء الذين أخفقوا في واجباتهم نتيجة لضعف إرادتهم فيتساوي مع هؤلاء الذين يتجنبون وينأون عن تحمل الكدح والألم .