علاقات دولية

الجوار السوداني وتأثيرات الحرب: إريتريا

17-May-2023

تحول السودان إلى مصدر مخاوف إقليمية ودولية متزايدة، منذ بداية الحرب في 15 أبريل 2023، بين الجيش بقيادة الفريق الأول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو (حميدتي)؛ لما تحمله من تداعيات خطِرة تهدد دول الجوار خاصة، والأمن العالمي بشكل عام. نبحث في سلسلة "الجوار السوداني وتأثير الحرب" تداعيات الوضع الجديد إقليمياً، حيث ننظر إلى الملفات المشتركة بين السودان وجيرانها، وأوجه تأثرها جراء الصراع. 

يركز هذا الجزء من الكراسة على جارة السودان الشرقية إريتريا، التي تجمعها بالسودان علاقة متشعبة ومعقدة بحكم الروابط العميقة المتجذرة في تاريخهما وديناميكيتهما الإقليمية والإثنية. 

لمحة تاريخية

منذ استقلالها عن إثيوبيا في الـ 25 من أبريل 1993، وبعد إعلان الحكومة الإثيوبية اعترافها بحق تقرير المصير لإريتريا، والعلاقة بين السودان وإريتريا بين شد وجذب. بلغ التوتر ذروته عندما استقبلت إريتريا المعارضة السودانية الشمالية والجنوبية المسلحة (الحركة الشعبية لتحرير السودان) عام 1997، وجاء ذلك كرد فعل على احتواء النظام السوداني للمعارضة الإريترية الإسلامية عام 1994، ودعم حسن الترابي عراب النظام السابق لذلك التيار ومساعدته في تكوين "تنظيم الجهاد" لإسقاط رئيس إريتريا الحالي أسياس أفورقي. تفاقم الوضع بعد أن شن الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة جون قرنق من إريتريا، هجوماً على الجيش السوداني عند الحدود السودانية -الإريترية في أكتوبر 2002. 

بعد توقيع "اتفاق السلام الشامل" (نيفاشا) 2005 بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، أشرفت إريتريا على "اتفاق سلام شرق السودان" بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة التابعة للمعارضة السودانية الشمالية. وزار أفورقي الخرطوم عام 2006 ثم زار بورتسودان عام 2014 للمشاركة في مهرجان سياحي، ثم زار الخرطوم مرة أخرى عام 2015.

في أعقاب قيام ثورة ديسمبر 2018 زار وفد إريتري السودان في الـ 19 من مايو 2019 عقب سقوط الرئيس عمر البشير لإعلان دعمه للتغيير في السودان، ثم زار الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس المجلس السيادي أسمرا في يونيو من العام نفسه. بعدها أصدرت إريتريا قراراً بفتح الحدود المغلقة منذ السادس من يناير 2018 بموجب مرسوم جمهوري كان أصدره البشير، وهو خاص بإعلان الطوارئ شرق السودان للحد من الهجرة غير الشرعية، وجمع السلاح ومكافحة التهريب، ثم زار أفورقي السودان في الـ 14 من سبتمبر 2019، وفي الرابع من مايو 2021، وكانت الزيارة متزامنة مع جولة المبعوث الأمريكي لمنطقة القرن الإفريقي وقتها جيفري فيلتمان إلى السودان ومصر وإثيوبيا وإريتريا، (إندبندنت عربية، 3 أغسطس 2022).

أزمة شرق السودان

تمتد الحدود بين السودان وإريتريا من منطقة رأس قصار على البحر الأحمر وحتى أم حجر عند مثلث الحدود السودانية الإريترية الإثيوبية، بمسافة تقدّر بـ 600 كيلومتر في أرض منبسطة ليست فيها أي حواجز جغرافية، باستثناء نهرين موسميين ينبعان من المرتفعات الإريترية يصبان في السودان، هما نهرا القاش وبركة. 

إلى جانب الحدود الجغرافية، هناك تداخل سكاني بين البلدين، إذ إن أغلب مكونات شرق السودان العرقية لديها امتداد داخل إريتريا، خاصة في الجزء الغربي منها المعروف باسم إقليم القاش بركة ومنطقة ساحل البحر الأحمر.

أدّى هذا التداخل أدواراً سياسية إبان نضال الإريتريين لنيل استقلالهم من إثيوبيا، وكانت أراضي شرق السودان حينها منطقة خلفية للتنظيمات الإريترية ومعبراً لتسليحها. استمر هذا الأثر خلال فترة حكم الرئيس السوداني السابق عمر البشير (1989-2019) وخاصة في تسعينات القرن الماضي، عندما آوت إريتريا جزءاً من المعارضة السودانية المسلحة، وكانت بعض أراضي شرق السودان مسرحاً لعملياتها العسكرية ضد حكومة البشير.

على الرغم من أن الإقليم غنيّ بموارده الطبيعية الزراعية والمعدنية، فإنه -وفق إحصاءات الأمم المتحدة- أكثر مناطق السودان فقراً. يشكو سكان الإقليم، الذين تشير الروايات التاريخية إلى أنهم موجودون في هذه المنطقة منذ 7 آلاف سنة، من التهميش والفقر، فضلاً عن الصراعات بين بعض المكونات العرقية في شرق السودان.

كانت اتفاقية سلام جوبا الموقعة في أكتوبر 2020 بين الجبهة الثورية (تحالف يضمّ عدة حركات مسلحة بالسودان) والحكومة الانتقالية التي تولت الأمر عقب سقوط البشير، الشرارة التي أشعلت فتيل الخلافات في الشرق، عندما تمت تسمية أحد مسارات الاتفاقية باسم "مسار شرق السودان" على الرغم من أنه وقتها لم يكن في الشرق أي تمرد عسكري، بل كانت فقط مجموعات معارضة متحالفة مع حركات مسلحة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق.

عارض البِجا، وهم مجموعة عرقية تتكون من عدة قبائل من سكان المنطقة الأصليين، الاتفاقية بدعوى أن الموقعين عليها لا يمثلون كل الإقليم، وصعّدوا الأمر للمطالبة بإلغاء الاتفاق، وأغلقوا موانئ البلد والطريق الذي يربطه مع بقية أجزاء القطر عدة أسابيع بقيادة المجلس الأعلى لنظارات وعموديات البجا، ولم ينهوا الإغلاق إلا بعد إجراءات قائد الجيش وحله الحكومة الانتقالية.

في منتصف ديسمبر 2021، أعلن حميدتي، تعليق اتفاق "مسار شرق السودان" إلى حين "توافق أهل الشرق"، وذلك بعد التشاور مع أطراف الحكومة والوساطة. وكان المجلس الأعلى لنظارات البجا وافق في الرابع من الشهر ذاته، على طلب حكومي بإرجاء إغلاق ميناء بورتسودان والطريق القومي الرابط بين الخرطوم ومدينة بورتسودان. في الوقت ذاته، أيَّدت مجموعة ثانية تضم قبائل البني عامر والحباب (التي لديها امتداد في إريتريا) اتفاق السلام، مما تسبب في حالة انقسام مجتمعي في شرق السودان، وأثار مخاوف من أن يدخل الإقليم في دوامة عنف.

وتسعى إريتريا لتكون لها كلمة في قضايا شرق السودان وهو أمر تعتبره الخرطوم تدخلاً في شأن السودان، ففي الأسبوع الأول من أغسطس 2023 أبلغت الخرطوم الحكومة الإريترية رفضها استضافة أسمرا مؤتمراً لأطراف أهلية وسياسية سودانية، يهدف إلى بحث الأزمة في شرق البلاد. وأوقفت السلطات السودانية وفداً أهلياً وسياسياً، يضم نحو 112 شخصاً، في منطقة اللفة الواقعة في ولاية كسلا على الحدود مع إريتريا، ورفضت مرورهم، بحجة عدم تلقي مسؤولي المعبر أوامر من الحكومة المركزية بعبور وفد شرق السودان، بحسب صحيفة "سودان تريبون". وكان من المتوقع أن تُنظم القيادة الإريترية مؤتمراً يتناول القضايا المصيرية في إقليم شرق السودان، الذي يعارض قادته مسار شرق السودان في اتفاق جوبا للسلام، بحجة أن "من وقعوا اتفاق السلام من الشرق لا يمثلون الإقليم". ( موقع قناة الشرق، 6 أغسطس 2022 ).

كانت صحيفة "السوداني" نقلت في وقت سابق عن مصادر أن الحكومة الإريترية بدأت الإعداد لمؤتمر معالجة القضايا المصيرية في شرق السودان بالدعوة لملتقى تحضيري في أسمرا يشارك فيه القادة الأهليون الفاعلون والسياسيون وشيخ خلاوي همشكوريب سليمان بيتاي. ووفق "سودان تربيون" قالت مصادر إنَّ الرئيس أفورقي يرغب في تقديم وساطة لحل الأزمة بين الفرقاء السودانيين، وبعث العديد من الرسائل الشفهية والمكتوبة، في هذا الخصوص. (سودان تربيون، 1 أغسطس 2022).

قبل اندلاع الحرب

حسب واشنطن بوست، في تقرير لها عن ارتدادات الحرب على الدول المحيطة 27 أبريل 2023، يمكن للتغييرات في ميزان القوى في المنطقة أن تزعج التحالفات الهشة لإريتريا المجاورة، حيث استضاف السودان آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء من جارته الشرقية، وهو المحطة الأولى للعديد من الرجال الإريتريين الفارين من التجنيد الإجباري. 

في 13 مارس 2023، التقى أفورقي في أسمرا مع حميدتي، حول الزيارة قال المحلل السياسي عبد المنعم أبو إدريس إن زيارة حميدتي أسمرا مرتبطة بتحالفات إقليمية ودولية في إطار التنافس الأمريكي الروسي، موضحاً في مقابلة مع راديو دبنقا الذي يبث من هولندا، أن الزيارة تأتي في إطار تحركات ونسج تحالفات الدعم السريع مع دول الإقليم والقوى الدولية مشيراً إلى أن الدعم السريع أصبحت لديه علاقات إقليمية ودولية بمعزل عن الحكومة. أضاف أبو إدريس أن الزيارة أتت في ظل التقارب الكبير بين روسيا وإريتريا حيث تريد روسيا بناء قاعدة عسكرية في مصوع الإريترية، الأمر الذي عبر عنه لافروف في زيارته الأخيرة إلى إفريقيا.

من جهته قال الصحفي وليد النور إن زيارة حميدتي أسمرا جاءت في إطار تبادل المعلومات، ولا تخرج عن قضية شرق السودان وكيفية حل القضية، خاصة التداخل الإثني بين السودان وإريتريا، مشيراً إلى أن الصراع بين العسكريين ليس صراعاً بين المؤسسات العسكرية، بل صراعاً على السلطة والنفوذ السياسي. ونوه إلى أن دولة جنوب السودان وإريتريا لهما تأثير مباشر على الأوضاع في السودان وخاصة منطقة شرق السودان التي تمثل منطقة ملتهبة وتشهد استقطابات حادة يمكن أن تؤثر على الوضع في السودان، (منصة دبنقا، 13 مارس 2023).

يقول رئيس مركز القرن العربي للدراسات في الرياض، سعد بن عمر، إن "الاضطرابات الأمنية السابقة في السودان كانت لها ارتدادات، والصراعات في المنطقة عموماً تمتد للدول الأخرى، وعلى سبيل المثال، انبثقت عن الحركة الشعبية لتحرير السودان، بزعامة جون قرنق، حركات مماثلة في شمال أوغندا وإريتريا وإثيوبيا وتشاد، وحتى في ليبيا، التي انتقل إليها أفراد لتشكيل مجموعات وجدت أرضاً خصبة للنمو"، (الحرة، 23 أبريل 2023).

ويذكر الباحث المصري أحمد عسكر في دراسة نشرها مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، 29 أبريل 2023: "يتزايد القلق الإريتري من احتمال عودة اللاجئين الإريتريين البالغ عددهم أكثر من 234 ألف لاجئ من السودان نتيجة تفاقم الصراع هناك. وتتخوف أسمرة من تهديدات الحركات المسلحة - التي ربما تنشط بسبب الصراع السوداني - للداخل الإريتري. وربما تتورط بعض العناصر الإريترية في الصراع - حال تفاقم الوضع في المرحلة المقبلة - في القتال إلى جانب أحد الطرفين المتحاربين وبخاصة الدعم السريع، في محاولة من أفورقي لتعزيز نفوذه في الداخل السوداني ليصبح جزءاً من معادلة تسوية الصراع في المستقبل".

وتقول الصحفية ميريام بيرغر، في مقال نشرته صحيفة واشنطن بوست، 28 أبريل 2023، إن التغيرات في ميزان القوى في المنطقة التي قد تنجم عن الصراع الجاري في السودان يمكن أن "تؤثر على التحالفات الهشة لإريتريا المجاورة"، مشيرة إلى استضافة السودان آلاف اللاجئين وطالبي اللجوء من جارته الشرقية، كما أشارت إلى دعم إريتريا حكومة إثيوبيا في حربها الأخيرة مع متمردي تيغراي. 

حديث الرئيس أفورقي

بعد أكثر من أسبوعين على اندلاع الصراع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، قطعت إريتريا صمتها تجاه الحرب الدائرة في جارتها الغربية. تحدث أفورقي أكثر من ساعة عبر التلفزيون الرسمي، 2 مايو 2023، حول خلفيات هذه الحرب وأسبابها التاريخية والراهنة، فضلاً عن إعلان مواقف بلاده ورؤيتها للوضع الحالي في السودان. أسهب أفورقي في تحليل الوضع السوداني منذ عام 1956 (تاريخ الاستقلال) وحتى اندلاع الحرب الأخيرة، معتبراً أن العلاقات الإريترية-السودانية تاريخياً تتجاوز التعريفات التقليدية.

اعتبر أفورقي أن للأزمة السودانية جذوراً تاريخية تبدأ منذ فجر الاستقلال، لكن تبدت ملامحها أكثر مع بداية الثمانينات عندما بدأ تيار الإسلام السياسي في التبلور واقتحامه الفضاء السياسي العام، متمثلاً في "تيار الإخوان المسلمين" تحت اسم "الحركة الإسلامية السودانية"، ليبلغ ذروته عام 1989 عندما تمكن بالتحالف مع بعض العسكريين في تدبير الانقلاب والوصول إلى سدة الحكم في يونيو 1989، معتبراً هذا التاريخ "بداية تفكيك وتذويب الدولة السودانية" الذي تحقق جزء منه عام 2011، وأشار إلى "انفصال جنوب السودان" الذي اعتبره بمثابة "خطأ إستراتيجي وتاريخي لا يمكن تبريره".

واعترف الرئيس الإريتري بأن حكومته دعمت قائد الجيش السوداني الفريق عبد الفتاح البرهان بعد سقوط النظام السابق، "ليس لأسباب تتعلق بشخصه، بل لأنه يمثل المؤسسة السيادية الأولى في البلد وهي الجيش"، لكنه أعرب في الوقت ذاته عن تحفظات بلاده على سير المرحلة الانتقالية، لافتاً إلى أن "المسار الانتقالي تم تحريفه بشكل مدبر". قال أفورقي "من المفترض أن الجيش جهة حيادية تمثل الدولة ككل، بالتالي كان ينبغي أن يقود المرحلة الانتقالية من دون الدخول في محاصصات السلطة والثروة حتى يبلغ بالبلد بر الأمان".

خلافاً للتحليلات التي ظلت رائجة على المستوى السوداني حول إمكانية دعم إريتريا قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي، أعلن أفورقي تأييده لخطوة "دمج قوات الدعم السريع داخل وحدات الجيش السوداني"، معتبراً أن "ذلك لا يحتاج إلى نقاش في الأساس"، مؤكداً: "لا يمكن تصور وجود جيشين في بلد واحد، بالتأكيد ندعم توجه الدمج لكننا نتحفظ على مواقيته"، وأوضح: "لم يكن من الحكمة ربط خطوة الدمج بالمسار الانتقالي الحالي، فالأمر يتطلب وقتاً أطول".

أشار أفورقي إلى أن أولويات الجيش في هذه المرحلة "كان ينبغي أن تنصب على الخروج بالبلاد إلى بر الأمان من خلال خطط واضحة، تضمن سلامة المرحلة الانتقالية بعيداً من المحاصصات السياسية"، مستغرباً من المسار الذي اتبعه السودان في تقاسم السلطة بين المكونين السياسي والعسكري، وتساءل "من الذي حدد حجم هذه القوى السياسية المشاركة في السلطة، ومدى تمثيلها للشعب السوداني؟"، مؤكداً أن "تلك القسمة هي التي جرّت البلاد إلى نزاعات السلطة التي أفضت إلى الوضع الراهن". وكشف عن رؤية بلاده التي تم إبلاغها لمجلس السيادة السوداني والمتمثلة في إدارة الجيش بشكل حيادي للمرحلة الانتقالية، إلى حين الوصول إلى الاستحقاقات التي تشارك فيها القوى السياسية المدنية، وفقاً لحجمها الطبيعي المعبر عنه في الاستحقاقات الانتخابية، 

وصف الرئيس الإريتري جملة المبادرات الدولية المعروضة لحل الأزمة السودانية بـ"بازار المبادرات"، مؤكداً أن بلاده لن تدخل إلى هذا البازار، ودعا إلى منح أدوار كبرى لدول الإقليم للإسهام في الحل، لكنه استطرد أن "الدور الدولي والإقليمي لا ينبغي أن يتجاوز حدود المساعدة لإيجاد الحل" لأن "الشعب السوداني وحده الكفيل حل مشكلاته الداخلية من دون وصاية من أحد". وخفف أفورقي -المعروف بانتقاده للولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية- حدة تصريحاته السابقة، مشيراً إلى أن أدوار القوى الكبرى ينبغي أن تنسجم مع المبادرات التي تطرحها دول الإقليم، كمنظمة "إيغاد" التي أثنى على دورها وسعيها إلى إيقاف نزيف الدم السوداني، (المندرة نيوز، 5 مايو 2023).

حركة اللاجئين

رحب الرئيس الإريتري خلال مقابلته التليفزيونية بالنازحين السودانيين في بلاده، مؤكداً أنه نظراً إلى "ظروف الحرب القائمة، ألغت حكومته جميع الإجراءات المتعلقة بالتأشيرات والتصاريح الضرورية للانتقال عبر الحدود"، مضيفاً أن "السودانيين في إريتريا لن يعتبروا نازحين أو لاجئين، ولن نقيم معسكرات أو مخيمات، بل سنستقبلهم في بيوتنا، ونقتسم معهم الخبز".

ويقول مسؤولو مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في مؤتمر صحفي في جنيف، إنهم يتأهبون لفرار 270 ألف شخص عبر حدود السودان، وهو رقم متوقع أولي وربما يتضاعف مع استمرار الصراع بين الجناحين المسلحين. يبلغ طول الحدود الإريترية السودانية نحو 605 كيلومترات، ورغم ذلك لم يسجل رسمياً وصول لاجئين سودانيين إلى إريتريا، بينما يستضيف السودان حالياً نحو 134 ألف لاجئ وطالب لجوء من إريتريا، وفر كثير من اللاجئين الإريتريين في شمال إثيوبيا من مخيماتهم أثناء القتال في تيغراي بين عامي 2020 و2022، (سبوتنيك، 27 أبريل 2023).

خلاصة

التداخلات الإثنية والتاريخ والمصالح المتشابكة بين السودان وإريتريا تمنح البلدين قدرة كبيرة على التأثير المتبادل. في هذا السياق، قال أويت ويلدمايكل، الخبير في شؤون القرن الإفريقي وأستاذ التاريخ في جامعة كوينز الكندية، إنه يتوقع أن تشارك إريتريا بشكل مباشر في الصراع السوداني إذا وصل العنف في نهاية المطاف إلى بورتسودان أو زعزع استقرارها، مشيراً إلى أن إريتريا لديها علاقات طويلة الأمد مع عدد من القبائل القوية في شرق السودان، مثل بني عامر والبجا والرشيدة. في أوائل عام 2000، دعمت إريتريا تلك القبائل عندما بدأت تمرداً مسلحاً ضد حكومة الرئيس السوداني السابق عمر البشير.

يضيف ويلدمايكل: "إذا امتد الصراع النشط نحو شرق السودان.. يمكنك أن تكون متأكداً إلى حد ما من أن الرئيس الإريتري سينشر قواته لحماية حلفائه أو استخدام نفوذه لضمان حماية حلفائه ". وقال محللون إن أي مشاركة من القوات الإريترية يمكن أن تجذب مقاتلي تيغراي الذين يبحثون عن الانتقام بعد الحرب الأهلية في تيغراي. اتهم الناجون من الحرب القوات الإريترية بذبح 300 من التيغراي قبل توقيع اتفاق السلام بين أديس أبابا والجبهة الشعبية لتحرير التيغراي، ونفت إريتريا تورطها.

هناك بالفعل المئات من التيغراي الذين هم جنود حفظ سلام سابقون تابعون للأمم المتحدة تم نشرهم سابقاً في منطقة متنازع عليها بين السودان وجنوب السودان، ويعتقد الآن أنهم يعيشون في شرق السودان. وقد سبق أن تقدم العديد من أفراد قوات حفظ السلام بطلب لجوء في السودان، ثم عادوا لاحقاً إلى التيغراي للقتال ضد القوات الحكومية الإثيوبية والإريترية، وفقاً لتقارير إعلامية.


69