انتظر عدد من المهتمين والخبراء بالشؤون الإفريقية، إعلان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون خطة جديدة في إفريقيا، وذلك في سياق عالمي جديد يتسم بالتنافس في دخول بعض مناطق نفوذِ قوى استعمارية قديمة، ومن ضمن تلك المناطق إفريقيا التي تعتبر "مستقبل العالم".
ولقد أشار ماكرون في إعلانه خطتَه الجديدة، إلى الصراع الجيوسياسي، والجيواقتصادي حول إفريقيا، حينما قال "يريد الكثيرون دفعنا إلى الدخول في منافسة، أعتبرها مفارقة تاريخية أن يصل بعض جيوشهم ومرتزقتهم إلى هناك وهناك"، (وكالة الأناضول، 28/02/2023)، وهو يدين بكلامه هذا، التمدد الروسي في إفريقيا، فروسيا بدورها لها خطة جديدة للتوغل في الأدغال الإفريقية، إذ دشن بوتين، سياسة خارجية جريئة، تتوخى الاستفادة من السخط الإفريقي ضد فرنسا بالأساس، لبناء علاقات جديدة مع الحكومات الإفريقية وبلغة جديدة، حيث عمد "بوتين" إلى إدانة القوى الاستعمارية القديمة واستغلالها الفاحش لإفريقيا، كما روج لخطاب يجعل روسيا بديلاً "حقيقياً" و"صادقاً".
وأكد هذا المنحى في خطابه في المؤتمر البرلماني الروسي الإفريقي، حيث قال إن روسيا "تفي بإخلاص بكل تعهداتها، سواء في توريد الغذاء والأسمدة والوقود وغيرها من المنتجات المهمة لدول القارة، وتسهم في ضمان أمنها الغذائي والطاقي"، (موقع الجزيرة، 20/03/2023). وانتقد بشدة الدول الأوروبية التي يتهمها باحتكار الحبوب التي يتم تصديرها من الموانئ الأوكرانية وأكد أنه "تم إرسال ثلاثة ملايين طن فقط من الحبوب إلى إفريقيا، 1.3 مليون إلى الدول الأشد فقراً في إفريقيا، من أصل 12 مليون طن تم تخصيصها من روسيا للقارة"، (موقع الجزيرة، 20/03/2023).
كما أعلن "بوتين" أنه سيلغي حوالي 20 مليار دولار من الديون المستحقة على إفريقيا، وتزويدها بالحبوب مجاناً، حيث قال في نفس الخطاب الذي ألقاه في موسكو "إذا قررنا في نهاية المطاف عدم تمديد هذا الاتفاق خلال ستين يوماً، فنحن على استعداد لنسلم مجاناً من روسيا كل الكميات التي تم إرسالها في الآونة الأخيرة إلى الدول الأكثر حاجة في إفريقيا"، (سكاي نيوز عربية، 20 مارس 2023). وليست روسيا هي الفاعل الجديد في إفريقيا، فهناك الصين والهند وتركيا وغيرها من الدول غير الغربية والتي تريد تبني نهجاً مخالفاً للنهج الفرنسي.
حاول ماكرون في خطابه الذي ألقاه حول الخطة الجديدة لفرنسا بإفريقيا، تغيير النهج الفرنسي؛ مدعياً أنه "يجب بناء علاقة جديدة متوازنة ومتبادلة ومسؤولة مع دول القارة الإفريقية"، (فرانس 24، 27/02/2023).
وترتكز خطة ماكرون على مبدأ "الشراكة" بدل "النفوذ الاستعماري"، وهذه "الشراكة" تقتضي تقليص الوجود العسكري في عدد من الدول الإفريقية. وهو انسحاب تدريجي في حقيقة الأمر، بعد فشل "عملية برخان" في مالي والتي أسفرت عن طلب الحكومة المالية من فرنسا مغادرة البلاد، وتوجه مالي إلى روسيا والسماح لقوات فاغنر بالوجود في أراضيها. واشتملت الإستراتيجية على إنهاء الوجود العسكري في ساحل العاج، والسنغال والجابون، بالرغم من الإعلان المسبق خلال زيارة وزير الدفاع الفرنسي "سبستيان لوكورنو" ساحل العاج عن تعزيز الوجود العسكري الفرنسي بها، وتصريحات وزير الدفاع الإيفواري "تيني براهيما واتارا" حول طلب الحفاظ على القاعدة العسكرية الفرنسية وبها ما يقارب 900 جندي فرنسي، والتعاون العسكري بين البلدين. أما عن فلسفة الاستراتيجية الجديدة بإعادة الانتشار في دول خليج غينيا، فإنها تأتي في ظل تقارير أمريكية حول قيام الصين بإنشاء قاعدة عسكرية بها، (المرصد المصري، رحمة حسن، 4 مارس 2023). وقال ماكرون إن "فرنسا ستنهي استضافة قواعد عسكرية منظمة في إفريقيا وستنشئ بدلاً من ذلك أكاديميات تديرها الجيوش الفرنسية والإفريقية"، (وكالة الأناضول، 28 فبراير 2023).
ويُفَّسر هذا التحول من الحضور المكثف للقواعد العسكرية الفرنسية والتورط المباشر في العمليات العسكرية إلى تقليص عدد الجنود والانتقال إلى شراكة مع الجيوش الإفريقية في مجال التدريب، بتنامي السخط الشعبي في عدة دول إفريقية ضد فرنسا، حيث رفض الشعب المالي الوجود الفرنسي، كما احتج التشاديون على فرنسا، وطالبت بوركينافاسو من فرنسا مغادرة البلاد، هذا إضافة إلى عامل أساس وهو ضرورة تخفيض الإنفاق العسكري الفرنسي في إفريقيا، وضرورة تغيير قواعد اللعب في إفريقيا في ظل التغلغل الروسي والصيني.
إن الشراكة الأمنية الجديدة الفرنسية مع الدول الإفريقية، تقتضي تمكين الدول الإفريقية الراغبة في هذه الشراكة، من الحصول على معدات وأسلحة وخبرة وتدريب لمواجهة التهديدات الجديدة كالقرصنة والحركات الإرهابية التي تنتشر في الخليج الغيني.
وترمي الاستراتيجية الفرنسية الجديدة إلى التخفيف من القوة الصلبة أو إخفائها، وتوظيف آليات القوة الناعمة، من خلال الاعتماد على رجال الأعمال والمثقفين ورجال التعليم والمجتمع المدني.
كما أعلن ماكرون أنه "حان الوقت للتغيير من منطق تقديم المساعدات إلى منطق الاستثمار"، (صحراء ميديا، 25 فبراير 2023)، وهو منهج جديد يقوم على فكرة راجت كثيراً في منظمات المجتمع المدني العالمي، والتي تدعو إلى تفعيل "الاستثمار التضامني".
وبالطبع فإن الانتقال من النموذج الإرشادي (pradigme)، القائم على الاستغلال الفاحش والظاهر، إلى نموذج جديد قائم على التعاون والندية والربحية المشتركة، ليس نتيجة تحول "أخلاقي"، وإنما فقط ضرورة إستراتيجية، بسبب تغير نظرة الشباب الإفريقي ورغبته في إنهاء النهج الاستعماري بشكله القديم والجديد.
وفي هذا السياق، لاحظ الخبراء أن هناك محاولة لتغيير لغة الخطاب الأبوي، أو تلك النظرة الفرنسية المتعالية التي تنظر إلى الشعوب الإفريقية وتعتبرها متخلفة وجاهلة وفي حاجة إلى "سيد" يلقنها مبادئ التحضر. فهناك وعي فرنسي جديد، يستوعب التغيرات الطارئة في النخب السياسة الإفريقية الجديدة، وحركات المجتمع المدني الإفريقي التي تناضل من أجل شراكة إفريقية حقيقية مع الغرب والقوى الكبرى عموماً. لذا دعا ماكرون إلى التحلي "بالتواضع والمسؤولية، وكذلك الإنصات إلى احتياجات إفريقيا"، محاولاً بذلك مواجهة المد المتصاعد للمشاعر الرافضة للوجود الفرنسي.
لكن بالرغم من هذا الخطاب الجديد، فإنه بمجرد الإعلان عن عزمه زيارة الغابون وغيرها، طالبت مجموعة من المعارضين بالاحتجاج ضد هذه الزيارة، بما يسمى "الضرب على المقالي"، وقال بعضهم "نقول لا لمكارون في إفريقيا" وقال آخر "أنا مواطن من الغابون أرفض زيارة الإمبريالي ماكرون من 1 إلى 2 مارسي لما يبدو أنه قمة "مناخية" لحماية الطبيعة، وهي في الحقيقة قمة الموت، لضمان مصالح الشركات الفرنسية الملوثة للطبيعة"، وذلك في إشارة إلى قمة حول "الغابات الاستوائية"، (عربي TRT، 6 مارس 2023).
وبالفعل فإن زيارة ماكرون أربع دول هي الغابون وأنغولا والكونغو وجمهورية الكونغو الديموقراطية، للترويج لخطته الجديدة، لم تكلل بالنجاح، بل أججت مزيداً من الغضب والسخرية والتحدي السافر لماكرون.
لقد احتجت المعارضة في الغابون على زيارة ماكرون، والتي جاء إليها لحضور "قمة الغابة الواحدة" ووعد بتقديم دعم يقدر بحوالي 100 مليون أورو لحماية الغابات المدارية، واعتبرت المعارضة هذه الزيارة بمثابة دعم لرئيس الغابون الحالي، علي بونغو أونديمبا، قبل الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها خلال سنة 2023، (المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 7 مارس 2023).
ونظمت المعارضة احتجاجاً واسعاً أمام السفارة الفرنسية في كينشاسا، حاملة أعلاماً روسية وصوراً لبوتين، واتهمت فرنسا بدعم الجماعات المتمردة في الغابون والتعاون مع رواندا، وجاءت هذه الزيارة بعد يومين من إعلان ماكرون خطته، واعتبر هذا الاحتجاج رفضاً لاستمرار الوجود الفرنسي في وسط إفريقيا، باعتبار فرنسا مسؤولة عن القلاقل التي حصلت في المنطقة.
وقال ماكرون في خطابه أمام الجالية الفرنسية في الغابون "انتهى عصر فرنسا الإفريقية"، وأضاف "أحياناً يتولد لدي شعور بأن الذهنيات لا تتطور بوتيرة تطورنا نفسها، عندما أقرأ وأسمع وأرى ما زالت تنسب لفرنسا نيات ليست لديها، لم تعد لديها"؛ وأضاف موضحاً "يبدو أيضاً أنه ما زال متوقعاً منها أن تتخذ مواقف ترفض اتخاذها وأنا أؤيد ذلك تماماً. في الغابون كما في أي مكان آخر، فرنسا محاور محايد يتحدث إلى الجميع، ولا يتمثل دوره في التدخل في المنازعات السياسية الداخلية"، كما رد ماكرون على اتهامه بأنه يدعم الرئيس علي بونغو "لم آت لتنصيب أي شخص ولقد جئت فقط لإظهار صداقتي واحترامي لبلد وشعب شقيق"، (فرانس 24، 2 مارس 2023).
وأشارت "أورونيوز" إلى كون ماكرون، قد حاول إرسال رسائل طمأنة بأن عهد التدخل الفرنسي في إفريقيا قد ولى "فهل يلقى آذاناً صاغية؟" (أورونيوز، 2 مارس 2023).
ويعتقد الباحث بول بيلي، من معهد تشاتام هاوس بلندن، أنه "من الصعب اتهام ماكرون بتجاهل إفريقيا، فهذه هي رحلته الرئاسية الثامنة عشرة لكن هذا يأتي في وقت تتزايد فيه المنافسة باستمرار مع الصين وروسيا، والاستياء المتزايد من العلاقات الاقتصادية الوثيقة بين فرنسا ومستعمراتها السابقة، وهو ما يراه البعض شكلاً من أشكال الاستغلال المستمر. ويصر ماكرون على أنه سيعود مراراً وتكراراً، إلى القارة التي يعتبرها شريكاً مهماً لأوروبا في معالجة القضايا العالمية الرئيسية على مدى العقود المقبلة"، (عربي News، 4 مارس 2023).
ويبدو أن ماكرون حاول بزياراته كلاً من الغابون وأنغولا والكونغو والكونغو الديمقراطية، ضخَّ دماء جديدة في علاقاته مع هذه الدول، وفي نفس الوقت توضيح معالم إستراتيجيته الجديدة وقياس ردود أفعال الحكومات والمجتمع المدني الإفريقي.
وتوخت زيارته أنغولا تعزيز التعاون الاقتصادي، والتمكين لشركة توتال الفرنسية المنخرطة في مشروعات كبيرة حول الطاقة هناك، وبالتالي توقيع اتفاقيات في المجال الزراعي، من أجل الإسهام في "ضمان" الأمن الغذائي في أنغولا. وهناك اعتبار آخر، وهو توسيع مجال العلاقات الفرنسية مع الدول الناطقة بالإنجليزية والبرتغالية.
واهتم ما كرون بتوسيع مجال التعاون الأمني والعسكري مع برازافيل وتوقيع اتفاقية تعاون إستراتيجي مع الرئيس الكونغولي "ديني ساسونغيسو". أما زيارة ماكرون الكونغو الديمقراطية، فكانت من أجل التأكيد على استمرار فرنسا في "دعمها" مواجهةَ الحركات الإرهابية والمتمردة هناك، وتطويق "حركة 23 مارس"، التي يعتقد البعض أنها مدعومة من رواندا، لذا يسعى ماكرون إلى تقديم وساطة بين الكونغو الديموقراطية ورواندا، لكن رغم التصريح الفرنسي بالرغبة الصادقة في تحقيق هذه الوساطة، فإن منظمات المجتمع المدني، تظاهرت أما السفارة الفرنسية في كينشاسا، حاملة الأعلام الروسية، معبرة عن رفضها زيارةَ ماكرون، والإلحاح في اتهام فرنسا بدعم "حركة 23 مارس" التي تتلقى الدعم كذلك من رواندا، (المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 23 مارس 2023).
وتعتبر زيارة ماكرون هذه الدولَ الأربع تأكيداً لإستراتيجيته في الانتقال من التركيز على منطقة الساحل والصحراء إلى الاهتمام بوسط إفريقيا، وتوسيع دائرة الشراكة هناك. ولا يخفى كذلك أن الزيارة الفرنسية، هي رد فعل على المنافسة الإيطالية والصينية والروسية، خصوصاً بعد زيارة وزير الخارجية الروسي في يناير 2023 جنوبَ إفريقيا وأنغولا وبوتساوانا وموريتانيا ومالي، كما زار وزير الخارجية الصيني، في شهر يناير 2023، كلاً من إثيوبيا والغابون وأنغولا وبنين ومصر.
ويبقى الهاجس الأكبر "لماكرون"، هو الدفاع عن المصالح الاقتصادية الفرنسية، ومواكبة الشركات الفرنسية التي تتجاوز حوالي 2100 شركة، لها نشاط دائم في إفريقيا، بالإضافة إلى البحث عن نصيب من الموارد الطبيعية من معادن ومصادر الطاقة في المنطقة.
علقت جريدة "Le point" الفرنسية، على هذه الزيارة بأنها تتم في "أرض ملغومة جداً"، كناية عن الرفض المتصاعد للوجود الفرنسي، وفي سياق تنافس حاد من طرف الصين وروسيا وتركيا. وأشار المفكر "Achille Mbembé" والذي ينصت له ماكرون، إلى أن هذا الأخير أثار مجموعة من "الطابوهات" أو الموضوعات التي كانت مستبعدة ومُحرَّمة النقاش، والتي تتعلق بالإرث الاستعماري. كما يرى أن الإطار العام قد وضعه ماكرون، لكن ذلك يحتاج عملاً ضخماً وكبيراً، من أجل إثبات مصداقية الخطاب الفرنسي، (2023/3/1، Le point).
وانتقد "مامادو ضيف" مدير معهد الدراسات الإفريقية بجامعة كولومبيا، بنيويورك، سياسة ماكرون، وقال إن السلطات الفرنسية عليها أن تحترم مواقف الأفارقة، وعليها كذلك الكف عن التعامل معهم كأنهم رعايا غير ناضجين سياسياً تجب العناية بهم. وأضاف أن فرنسا يجب أن تدرك التحولات العميقة في القارة الإفريقية، وفهم كذلك ظهور شباب إفريقي يتحرر بشكل تدريجي من ماضٍ مثقل بالهيمنة وعدم المساواة، (2023/3/1Le point)).
ويلاحظ عموماً أن أغلب التحاليل سواء كانت فرنسية أو إفريقية أو غيرها، تتجه إلى اعتبار استراتيجية ماكرون، ليست جديدة وإنما هي محاولة فقط لتدارك الخسائر والتقليل منها. كما يظهر أن المصداقية الفرنسية من الصعب إعادة ترميمها في ظل وجود منافسين جديد، يقومون بتقويض "مشروعية الوجود الفرنسي" بإفريقيا، سواء عن طريق خطابات التحريض ضد فرنسا، أو على المستوى العملي، من خلال تقديم مساعدات مالية وفنية وعسكرية وإلغاء الديون، واعتماد سياسة "رابح رابح"، بل توسيع مفهوم الشراكة بشكل ينبني على منظور جديد، يحترم منطق التضامن وعدم إعاقة التنمية الإفريقية. ويمكن اعتبار الخطة الفرنسية الجديدة محاولة لتأخير عملية انسحاب فرنسا من مواقع نفوذها، ويرى الخبراء أن فرنسا ستكون مضطرة لتقديم تنازلات مهمة للحفاظ على استمرارها لوقت آخر، ومن ذلك إعادة النظر في هيمنتها على العملة النقدية في الغرب الإفريقي؛ حيث تواجه فرنسا أصواتاً معارضة في منظمات الغرب الإفريقي.
وبالرغم من ادعاء ماكرون أنه سيسعى إلى تجديد الروابط مع الجزائر والمغرب، فإن عدم الوضوح في الموقف الفرنسي وازدواجية الخطاب وعدم الحسم في القضايا الشائكة ومحاولة ابتزاز دول المنطقة المغاربية، وتورط فرنسا في الفوضى الليبية وسعيها لإعاقة التنمية فيها، يجعل مهمة استعادة النفوذ الفرنسي أمراً مستحيلاً ومستبعداً. ويقول أحد الباحثين من موريتانيا وهو سيدي ولد عبد المالك منتقداً السياسة الفرنسية، إن "تعاطيها مع الإشكال السياسي والديمقراطي في إفريقيا ما زال يطبعه الكثير من الالتباس وازدواجية المعايير"، وأضاف "في الوقت الذي يتطلع فيه الأفارقة إلى أنظمة حكم ديمقراطي تضمن الاستقرار والتناوب، تشجع فرنسا الأنظمة السياسية الموالية لها على خرق الدساتير المتعلقة بتحديد المأموريات، بالإضافة إلى سياسات الهجرة الداخلية التي باتت تضيق درعاً بالمهاجرين القادمين من إفريقيا"، (عربيTRT,6 مارس 2023).
إن فرنسا مطالبة من عدة حركات اجتماعية إفريقية ونخب سياسية وثقافية بالاعتذار للشعوب الإفريقية على استعمارها وقهرها والاستمرار في التآمر عليها؛ وبالتالي تعويض ضحايا الماضي الاستعماري، لكن فرنسا غير قادرة على فعل ذلك، وحتى لو فعلت - وإن كان ذلك مستبعداً - فإن المرجح أن فرنسا لن يكون لها مستقبل في إفريقيا وخصوصاً في مناطق نفوذها، لأن الدول الإفريقية أصبحت أمامها بدائل واقعية وجدية، وهناك وعي إفريقي بضرورة التفكير بالمصير المشترك، ومحاورة الغرب من أجل الولوج إلى عصر جديد من العلاقات المتكافئة.