لفت الدبلوماسي الهندي السابق أم كيه بهادرأكومار، إلى أن ألمانيا تتحدى الولايات المتحدة من خلال انخراطها في علاقات مع الصين، التي تعتبرها برلين في موقع فريد كصانعة للسلام في أوكرانيا.
وتابع في مقال نشرته صحيفة الغارديان بنسختها السريلانكية، في 24 ديسمبر 2022، أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ربما اعتقد أن من صلاحياته التحقق مما يجري بين ألمانيا والصين وروسيا، والذي يبدو أنه لم يكن على دراية به، ولذلك انتهت مكالمته مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي التي جرت في 23 ديسمبر، بالفشل.
وقال الدبلوماسي الهندي السابق، من المؤكد أن بلينكن كانت نيته جمع تفاصيل، حول حدثين هامين أجراهما الرئيس الصيني شي جين بينغ، مع كل من الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير ومع نائب رئيس مجلس الأمن الروسي دميتري ميدفيديف، ولذلك من المحتمل أن بلينكن خمن بذكاء أن المكالمة الهاتفية التي أجراها شتاينماير مع شي يوم 21 ديسمبر وزيارة ميدفيديف المفاجئة لبكين ولقائه مع شي يوم 22 ديسمبر، لم تكن مصادفة.
وعلق بهادرأكومار، على ذلك بأن ميدفيديف، قام بنقل بعض الرسائل شديدة الحساسية من بوتين إلى شي جين بينغ، وكانت قد ذكرت تقارير أن موسكو وبكين تعملان على عقد اجتماع بين بوتين وشي جين بينغ، مضيفاً بأن شتاينماير سياسي بارز، ينتمي مع المستشار الحالي أولاف شولتز إلى الحزب الديمقراطي الاجتماعي، لذلك من المؤكد أن مكالمته مع شي كانت بالتشاور مع شولتز، وكان شتاينماير، قد لعب دورا أساسيا في التفاوض على اتفاقيتي مينسك (2014 و2015). وفي عام 2016 عندما بدأت اتفاقيات مينسك في الانهيار، تقدم بصيغة حل عُرفت فيما بعد باسم صيغة شتاينماير، التي دعا فيها إلى إجراء انتخابات في المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون في دونباس بموجب القانون الأوكراني وتحت إشراف منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ولكن في مقابلة حديثة مع صحيفة تسايت، اعترفت أنجيلا ميركل بأن اتفاقية مينسك كانت محاولة لشراء وقت للغرب لإعادة تسليح كييف.
يربط الكاتب بين هذه الخلفية وبين شعور بلينكن بوجود شيء ما عندما أجرى شتاينماير مكالمته مع شي جين بينغ فجأة، ويظهر في اليوم التالي ميدفيديف في بكين، لكنه بدلا من العمل على تجفيف الخلافات مع الصين قام بـ إبراز القضايا الخلافية بين واشنطن وبكين والصين، خاصة فيما يتعلق بكوفيد 19، لذلك لم مستغرباً أن يلقي أمامه نظيره الصيني وانغ يي محاضرة صارمة، بعدم السعي إلى الحوار والانخراط في الاحتواء والتحدث عن التعاون والطعن في نفس الوقت.
لفت الكاتب إلى أن إدارة بايدن، تتوقع من ألمانيا أن تنسق مع واشنطن، بدلاً من اتخاذ مبادرات خاصة تجاه الصين، ولكن من الواضح أن المكالمة الهاتفية التي أجراها شتاينماير مع شي تؤكد أن شولتز يتحرك وفقًا لخطة لمتابعة مسار الشراكة البناءة مع الصين، كما فعلت ميركل، بغض النظر عن حالة العلاقة المتوترة بين الولايات المتحدة والصين.
يرى أيضا أن مناقشة صنع السلام في أوكرانيا مع الصين، تعد خطوة جريئة من قبل القيادة الألمانية في المرحلة الراهنة، خاصة وأن إدارة بايدن منخرطة في حرب بالوكالة مع روسيا، ولديها نية قوية لدعم أوكرانيا طالما يتطلب الأمر ذلك.
في هذا الصدد تطرق المقال إلى إعراب الوزراء الألمان عن استيائهم العلني من استغلال شركات النفط الأمريكية لأزمة الطاقة لتحقيق أرباح خيالية من خلال بيع الغاز بثلاثة إلى أربعة أضعاف السعر المحلي في الولايات المتحدة، إضافة لخشية ألمانيا من أن يؤدي القانون الذي وضعته إدارة بايدن لخفض التضخم والذي يهدف إلى الاستثمار في إنتاج الطاقة، إلى هجرة الصناعة الألمانية إلى أمريكا، منوهاً بذات إلى أن تدمير خط أنابيب الغاز نورد ستريم،كان القطع الأقسى لبرلين التي حتى لو كان لديها علم بالقوى التي كانت ورائه إلا أنه لا تقوى على إدانتها.
أكومار خلص إلى أن الصين، تعتبر شريكاَ مهما للغاية في التعافي الاقتصادي لألمانيا، وبالتالي لن تسمح برلين لأمريكا بتدمير شراكتها مع الصين وتحويلها إلى دولة دمية، ففي الحرب في أوكرانيا، أصبحت ألمانيا دولة على خط المواجهة، وواشنطن هي التي تحدد تكتيكات الغرب وإستراتيجيته،، وتعتقد ألمانيا أن الصين فريدة من نوعها كصانع سلام في أوكرانيا، وتشير الدلائل إلى أن بكين تتكيف أيضًا مع هذه الفكرة.