تساءلت الباحثة الأمريكية باتريشيا كرم، إن كان بإمكان رئيس جديد أن ينقذ لبنان، وذلك بعد أن ترك الرئيس اللبناني ميشال عون، وراءه بلداً منهاراً، وفوضى دستورية وفراغاً سياسياً، وفشل خمس جلسات لـ البرلمان في انتخاب خليفة له بسبب المشاحنات المستمرة بين قوى منقسمة وعرقلة حزب الله المدعوم من إيران، لهذا التصويت.
تابعت في تقرير لها نشرته صحيفة ذا هيل الأمريكية، في 20 نوفمبر 2022، قائلة: على الرغم من أن الخلافات ليست جديدة في لبنان، إلا أنها تنذر بالسوء لأن حكومة تصريف الأعمال، تحتاج إلى اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع الانهيار التام الذي يتجه نحوه لبنان، فمن الناحية الفنية، لا يمكنها إصدار مراسيم أو اتخاذ قرارات مهمة، كـ البدء بالتنقيب عن النفط والغاز والذي من شأنه أن يساعد في فتح الباب للاستثمار الأجنبي وتنويع مصادر الدخل لتحقيق الانتعاش الاقتصادي، وذلك بعد توصل لبنان وإسرائيل مؤخرًا إلى اتفاق تاريخي يرسم الحدود البحرية الجنوبية المتنازع عليها للبنان بعد سنوات من الأعمال العدائية.
أضافت كرم التي تشغل منصب المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المعهد الجمهوري الدولي،أن مجلس النواب اللبناني، لا يمكنه أن يفعل الآن شيئاً سوى انتخاب رئيس، ولكي يستطيع المرشح الوصول للنجاح، يحتاج أولاً إلى تأمين دعم ثلثي أعضاء مجلس النواب، مشيرة هنا إلى أن السنوات الست الماضية، أثبتت أنه لا يمكن انتخاب أي رئيس دون دعم حزب الله ، الذي يشغل أغلبية المقاعد في البرلم
وتطرقت في تقريرها إلى التحالف الذي جمع بين الرئيس عون وحزب الله، وكيف أن لبنان خلال الفترة الرئاسية التي شغلها عون في عام 2016، شابته العديد من الأزمات السياسية، إضافة لوقوعه في أسوأ كارثة اقتصادية، تجلت في انخفاض حاد بقيمة العملة، إضافة لـ التضخم والبطالة، والاستنزاف الهائل للطبقة الوسطى والفقر العام للسكان إلى جانب تفكك هياكل الدولة، ورأت أنه في ظل الأزمة الدستورية الجديدة، لن يكون لبنان قادرًا على تنفيذ الإصلاحات الأولية اللازمة لإنهاء صفقة لإطلاق 3 مليارات دولار من مساعدات صندوق النقد الدولي التي تشتد الحاجة إليها.
تشير بذات الوقت إلى أن النخبة السياسية، كانت دائماً قادرة على تجنب المساءلة حتى عن أكثر الحوادث فظاعة، فـ التعايش المريب بين الطبقة السياسية الكليبتوقراطية [ القائمة على الفساد من خلال نهب المال العام ]، أدى إلى استنفاد الجدوى الاقتصادية للبنان والتدخل الأجنبي بتمكين إيران، مما عرّض سيادته للخطر، نتيجة لذلك كانت المؤسسة السياسية قادرة على مواجهة جميع التحديات، من خلال توفير الفرص لشركائها الاقتصاديين من أجل الاستملاكات القائمة على نهب المال العام، مثل تهريب الوقود المدعوم لسوريا على مدى العقد الماضي، وكيف استنزف كارتل الوقود، السوق المحلية لبيع مشتقات الوقود بضعف السعر في سوريا ، وفي نفس الوقت هدد المؤسسات الحيوية مثل المستشفيات بانقطاع التيار الكهربائي وحرمان لبنان بما لا يقل عن نصف مليار دولار سنويًا.
تقول إن أكثر ما يثبط عزيمة الجمهور اللبناني إلى جانب فشل المؤسسات، هو عدم قدرة النشطاء والإصلاحيين، على الاستفادة من فرص التغيير، بسبب ضعف خبرتهم ودخولهم في صراعات داخلية.
لكن هل يستطيع رئيس جديد أن ينقذ لبنان؟ تجيب كرم : من غير المرجح ذلك، لأن من سيتولى منصبه سيضطر إلى تقديم تنازلات لـ حزب الله، مما يترك مجالاً ضئيلاً للمناورة، وأردفت تقول في نهاية المطاف قد يكمن الأمل الوحيد لهذا البلد المدمر، في النواب الجدد الإصلاحيين الذين فازوا بمقاعد في البرلمان في مايو، فـ الفراغ الذي أحدثته الأزمة الدستورية، قد يوفر فرصة غير متوقعة لهؤلاء المدافعين عن الإصلاح لكي يتطوروا.
الباحثة ختمت بالقول، من الضروري الآن أكثر من أي وقت مضى أن يتحد هؤلاء الفاعلون ونظرائهم من المجتمع المدني في العمل والرؤية للمساعدة في إعادة ابتكار لبنان، دولة ذات سيادة وشاملة وقابلة للحياة اقتصاديًا، وبالتالي، إمكانية سياسة النظام الجديد.