مراجعات

توافق غربي هش

٦ أكتوبر ٢٠٢٢

طرح مدير مركز الشؤون الدولية الروسي RIAC، أندريه كورتونوف، عدة تساؤلات حول ماهية التماسك الغربي الناشئ الذي دخل مرحلة جديدة منذ 24 فبراير 2022، وما إذا إن كان ظرفياً أم قد يأخذ المزيد من الخطوط الإستراتيجية، وما إذا كان سيستمر ويصبح أقوى خارج سياق الصراع الروسي الأوكراني، وحيال عن العلاقات المستقبلية مع الصين، الخصم الاستراتيجي الرئيسي للغرب.

كورتونوف قال في تحليله الذي نشره على موقع المركز في 27 سبتمبر 2022، بالتزامن مع مركز العلاقات الدولية والتنمية الصربي، إن استدامة هذا التماسك تعتمد إلى حد ما على متى وكيف سينتهي الصراع الروسي الأوكراني، لافتاً أن العديد من السياسيين والمحللين الغربيين يتعاملون مع المواجهة بين موسكو وكييف ليس على أنها أزمة إقليمية، بل على أنها صراع وجودي بين الديمقراطيات والأنظمة الاستبدادية. ويذهب التفكير إلى أن حلها سيمهد الطريق للتطور اللاحق للنظام الدولي.

وأضاف الخبير الروسي أنه إذا تم حل النزاع بشروط غربية، أي إجبار الكرملين على التراجع دون تحقيق أهدافه، فإن مثل هذه النتيجة ستشكل الأساس للحفاظ على تماسك الغرب لفترة طويلة، إذ يمكن أن يكون النصر الغربي عاملاً مهمًا في إضفاء الشرعية على القيادة الأمريكية، وبالتالي بث حياة جديدة في المؤسسات المتعددة الأطراف التي يقودها الغرب والتي تضمن تنسيق السياسة الخارجية والدفاعية.

ولكن ماذا لو خرجت موسكو منتصرة ؟ يمكن للمرء بسهولة توقع نقاش ساخن في الغرب حول من خسر أوكرانيا، فمن المرجح أن تصاحب الجدل خلافات وانقسامات سياسية جديدة، داخل الدول الغربية وفيما بينها. ففوز موسكو سيعادل هزيمة الولايات المتحدة في السياسة الخارجية وسيخلق مشاكل خطيرة لإدارة بايدن، وحتى للرؤساء الذين سوف يخلفونه.

ولفت كورتونوف إلى أنه لا يمكن اعتبار العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا، هي المحفز الأساسي للتماسك الغربي الناشئ، فهناك بوادر ظهرت قبل فترة طويلة مثل إطلاق تحالف أوكوس في عام 2021 الذي شمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وأستراليا، مع رفع الحوار الأمني الرباعي كواد بين أستراليا والهند واليابان والولايات المتحدة الأمريكية إلى مستوى مؤسسي أعلى، إضافة لقمة واشنطن من أجل الديمقراطية، وتكثيف الجهود لتعزيز الأشكال التقليدية للتفاعل بين القوى الغربية الرائدة ، مثل قمم الناتو والاتحاد الأوروبي ومجموعة السبع، و يتضح أن معظم هذه المبادرات لم تكن مقصورة على هدف وحيد وهو ردع الكرملين.

ورأى كورتونوف إن التحدي الرئيسي للغرب اليوم هو الصين وليس روسيا، لذلك فإن الأمر الأكثر صعوبة هو مهمة احتواء الصين اقتصاديًا وتقنيًا. ستؤدي محاولات عزل بكين عن طريق قطع العلاقات الاقتصادية والتكنولوجية إلى زيادة التكاليف على الغرب نفسه.

وفي النتائج يشير كورتونوف إلى أنه إذا ثبت أن التماسك الغربي أنه مستدام خلال السنوات القادمة، فسيكون له عواقب وخيمة على نظام العلاقات الدولية، قد يؤدي حشد الحلفاء حول الولايات المتحدة إلى تأجيل احتمالية وجود تعددية قطبية ناضجة في المستقبل المنظور، وهذا يعني أن موسكو وبكين وغيرها من القوى غير الغربية بحاجة إلى الاستعداد لتفاعل طويل الأمد مع الغرب المتماسك الذي سيظل قادرًا على منع مظاهر المعارضة داخل صفوفه، ويشكل الواقع الجديد تحديات خطيرة لكل شخص غير مستعد لقبول قواعد اللعبة التي وضعها الغرب.

ختم كورتونوف بضرورة تجنب روسيا استخدام مخططات أيديولوجية طموحة ولكنها ضحلة، ناصحاً إياها بإستعادة الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية، لأنها تظل لاعباً عالمياً لا غنى عنه، وقال: يجب أن يصبح الصبر الاستراتيجي إحدى السمات المتأصلة في السياسة الخارجية الروسية.

689