انتقد المعهد الاسترالي للشؤون الدولية، قلة اهتمام الباحثين والخبراء بتأثير الجغرافيا السياسية على بناء الدولة في أفغانستان، وذلك بعد استيلاء طالبان على السلطة في البلاد في أغسطس 2021، لافتاً إلى أنه ما لم يعقد المجتمع الدولي منتدى إقليميًا لبناء السلام، ستستمر ندوب الحرب في السيطرة على جهود بناء الدولة الإقليمية.
أضاف المعهد الاسترالي في تقرير كتبه عدد من الباحثين، في 22 نوفمبر 2022، أن بناء الدولة في بلد متعدد الأعراق مثل أفغانستان، يتوجب معه مناقشة رؤية صاحب المصلحة الخارجي الرئيسي، وهو حلف شمال الأطلسي ناتو، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، بشأن بناء الدولة.
رأى التقرير أن مهمة الناتو في أفغانستان، افتقرت إلى استراتيجية طويلة الأمد، بينما ركزت الولايات المتحدة وشركاؤها في الناتو على إرساء الديمقراطية وإعادة الإعمار وبناء المؤسسات في أفغانستان، تم تجاهل الصراع بين الهند وباكستان، وقلق إسلام أباد بشأن تزايد نفوذ الهند في أفغانستان، وكان لهذا دور رئيسي في اتخاذ باكستان موقف لصالح تسوية سياسية مع طالبان حتى قبل عام 2010، وفي ذات الوقت، كانت أيضاً تقيم الجهات الفاعلة الإقليمية مثل الصين وروسيا وإيران، علاقات مع طالبان، باعتبارها واقع سياسي في أفغانستان.
وحول الدروس المستخلصة للجهود الخارجية لـ بناء الدولة في أفغانستان، يقول التقرير: إن الدرس الأكثر أهمية للولايات المتحدة، هو قلة الاهتمام الكافي بـ الديناميكيات الجيوسياسية للمنطقة الحدودية لأفغانستان، فـ تاريخياً ، كانت أفغانستان عرضة للتأثير من جيرانها، حيث تتشارك الحدود مع باكستان وإيران وتركمانستان وأوزبكستان وطاجيكستان والصين، وكانت باكستان من بين الفاعلين الإقليميين الذين تعاونوا بشكل وثيق مع الولايات المتحدة في إطار الحرب على الإرهاب كحليف من خارج الناتو، كما شاركت الهند، بنشاط في أفغانستان من خلال تقديم المساعدات، وتدريب قوات الأمن الوطني الأفغانية.
وحول دور القوى الإقليمية، قال التقرير، أن معظم الفاعلين الإقليميين، دعموا حوارات السلام في أفغانستان، فـ باكستان دعمت اتفاق سلام بين الولايات المتحدة وطالبان، وسعت إلى استضافة حوارات بين إدارة غني ومسؤولي طالبان، ولكن اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان، الذي تم توقيعه في الدوحة في فبراير 2021 ، تعرض لانتقادات لأنه لم يكن شاملاً، وبسبب أن إدارة غني لم تكن طرفًا فيه، دون شرح أمريكي لسبب الاستبعاد، وأردف التقرير، أنه كان من الممكن للجهات الفاعلة الإقليمية والتي لديها علاقات مع طالبان ومصالح في الاستقرار الأفغاني، أن تشارك بشكل أفضل في اتفاق السلام بين الولايات المتحدة وطالبان في تسهيل عملية السلام بين الأفغان، وكان من شأن هذا الاتفاق أن يكون أكثر شمولاً و يجذب معه استثمارات إقليمية أوسع، ويحقق استقراراً أكبر داخل أفغانستان وعلى حدودها مع الدول المجاورة.
ولفت التقرير إلى أن في الوقت الذي فيه العديد من دول الناتو، تركز اهتمامها بشكل أكبر الأن على أوكرانيا، لم تخطر الجهات الفاعلة الإقليمية، الجلوس على الهامش وتجاهل ما يحدث في أفغانستان، حيث يواصل العديد منهم تقديم المساعدات الإنسانية لأفغانستان ، وكان هناك تعاون نادر بين الهند وباكستان حيث سمحت كابول لـ نيودلهي باستخدام أراضيها لإرسال مساعدات إنسانية إلى أفغانستان، و بدورها تواصل الصين الاستثمار في أفغانستان، وقدمت طالبان تأكيدات لتأمين المواطنين الصينيين والمشاريع في البلاد.
ختم التقرير، بالتأكيد على استمرار الجهات الفاعلة الإقليمية، بالعمل مع إمارة أفغانستان الإسلامية ولكن بقدرة محدودة ما لم يتم الاعتراف بنظام طالبان دولياً، مضيفاً أنه من المهم التعلم من السنوات العشرين الماضية، والبدء بـ إنشاء منتدى خاص يضم دول المنطقة بالإضافة إلى الناتو، على الرغم من أن هناك مخاوف كبيرة بشأن مشاركته، إلا أن تاريخه في أفغانستان وقدراته وتأثيره كقوة لتحقيق الاستقرار يتطلب منه أن يلعب دورًا في أي منتدى إقليمي، والذي من خلاله، يمكن للحلف مشاركة خبراته وأيضًا مساعدة الجهات الفاعلة الإقليمية في بناء الدولة في أفغانستان.