اعتبر الكاتب فيصل خان الخبير في قضايا الأمن والاقتصاد في جنوب آسيا، أن عبارة (سلة دولية) غير المناسبة التي أطلقها هنري كيسنجر في عام 1971، عن بنغلاديش بعد استقلالها عن باكستان، والتي يقصد فيها انها ستكون سلة للفقر، قد تنطبق اليوم على باكستان، بشكل أفضل مما كانت تنطبق على بنغلاديش، التي تفوقت على باكستان اقتصاديًا وفي جودة الحياة.
أضاف خان في تقريره الذي نشرته منصة منتدى شرق آسيا، في 29 نوفمبر 2022، أن الاقتصاديين الباكستانيون يشعرون بالأسف لأن بنغلاديش تفوقت على باكستان في غضون عقدين فقط، حيث تتجاوز عائدات التحويلات في باكستان عائدات الصادرات الراكدة، ولا يمكن للاثنين مجتمعين دفع ثمن وارداتها، فـ الاقتصاد الباكستاني في حالة غير مستقرة، ويدعو البعض باكستان إلى تعليق سداد ديونها الخارجية المتزايدة باستمرار، والتي معظمها مملوكة للصين بنسبة 30%.
وتابع يقول: تعتبر الزيادة في عائدات الضرائب الباكستانية أخباراً جيدة، ولكن يبقى أن نرى ما إذا كان بإمكان باكستان تحسين نسبة الضرائب إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتي تعد من بين أدنى المعدلات في العالم عند 9.5%، ويبلغ عجز الميزانية الباكستانية 7.9 % من الناتج المحلي الإجمالي ولا يزال مرتفعا بشكل خطير على الرغم من وعود الحكومة المستمرة لصندوق النقد الدولي بترتيب أوضاعها المالية.
ويرى عن أنه على الرغم من الأخبار الإيجابية التي تقول أن الكثير من إمبراطورية الأعمال الواسعة للجيش الباكستاني لم تعد معفاة من الضرائب، إلا أن الجيش يواصل إدارة بعض أكبر الشركات في البلاد، فهو أكبر مقاول أشغال عامة في باكستان من خلال منظمة الأعمال الحدودية، وشركة فوجي للأسمدة المحدودة، ومطوري العقارات الحضرية.
وأردف يقول: ولكن طالما ظل الثالوث الاقتصادي غير المقدس للتطوير العقاري وتجارة التجزئة وأباطرة قصب السكر خارج شبكة الضرائب، فلن تتمكن باكستان من توليد عائدات مالية كافية لدفع فواتيرها، ناهيك عن تحسين مؤشرات الرفاهية الاجتماعية والاقتصادية.
كما تطرق خان إلى ما تعانيه باكستان من مشاكل اقتصادية هيكلية خطيرة وطويلة الأجل، لافتاً إلى أن تكاليف الفيضانات المدمرة هذا العام، والتي في حدود عشرات المليارات من الدولارات، لذلك بحسب خان فإن إعادة بناء البنية التحتية المدمرة سيكون مستحيلاً بالنسبة لبلد مثقل بالديون بالفعل، ويحتاج بشدة إلى خطة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.
ويشير خان، إلى مسؤولية وزير المالية الحالي إسحاق دار، عن الصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها باكستان خلال آخر فترة حكم للرابطة الإسلامية الباكستانية، وهو يعتبر من المقربين من الأخوين شريف، نواز الذي شغل منصب رئيس الوزراء ثلاث مرات، ورئيس الوزراء الحالي شهباز، وكان دار قد فر من البلاد بدلاً من مواجهة اتهامات بالفساد ، لكن تم إلغاء أوامر توقيفه لتمكينه من العودة، كما توجد تهم فساد خطيرة ضد الأخوين شريف.
وبحسب خان، باكستان دولة ريعية فاسدة. تعتمد النخبة على استخراج الريع، سواء من موقعها الجغرافي الاستراتيجي، أو المساعدات الخارجية الضخمة، أو من خلال التحويلات من العمال الباكستانيين العاملين في الخليج، وبما إن هذه النخبة يحركها المستهلك، فهي لا تعيد الاستثمار في الاقتصاد الباكستاني، لذلك هناك القليل جدًا من التنمية الاقتصادية التي يجب أن يظهرها كل هذا التدفق.
وختم خان تقريره في المنصة الأسيوية، أن رئيس الوزراء السابق عمران خان، الذي أُقيل من منصبه في تصويت بحجب الثقة في أبريل 2022، يزيد الوضع السياسي تعقيدًا، فعلى الرغم من خصمه الجنرال قمر جاويد باجوه، قائد الجيش الباكستاني قد تقاعد، إلا أن خليفته الجنرال عاصم منير، سيكون أيضاً في مرمى عمران، مما سيؤدي ذلك إلى تفاقم التوترات السياسية وزيادة احتمالية الاضطرابات الداخلية. أضاف باكستان بلد غير مستقر في أحسن الأوقات، فكيف وهو الآن يواجه مشكلة حقيقية تتمثل في كارثة طبيعية وأزمة اقتصادية وعدم استقرار سياسي.