ناقشت مجلة "ذا
ديبلومات" اليابانية في تقرير لها نشرته على موقعها في 29 سبتمبر 2022،
مستقبل السياسية الخارجية للرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الابن تجاه الشرق
الأوسط، وبشكل خاص دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال التقرير الذي تمت
كتابته بشكل مشترك بين أسماء الكعبي وألفين كامبا، إنه على الرغم من أن دول مجلس
التعاون تعتبر حاسمة في النمو الاقتصادي للبلاد، إلا أن هذه الأهمية لم
تنعكس دائماً في السياسة الخارجية للفلبين خلال الإدارات الرئاسية المتعاقبة، فقد
قللت إدارة الرئيس بنينو أكينو الثالث 2010-2016، من أهمية دول مجلس التعاون
الخليجي، في حين اختارت كل من حكومتي غلوريا ماكاباغال أرويو 2001-2010، ورودريغو
دوتيرتي 2016-2022 إعطاء الأولوية لدول مجلس التعاون الخليجي في سياساتها
الخارجية.
وأوضح التقرير أنه منذ
الثمانينيات، اعتمدت الفلبين على صادرات الطاقة من دول مجلس التعاون الخليجي،
والطلب القوي على العمالة الفلبينية المحلية، ففي عام 2018، جاء ما يقرب من 85% من
واردات الفلبين من النفط الخام من السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة
وقطر وسلطنة عمان، وسيستمر هذا الاعتماد على النفط في العقود المقبلة ما لم تحد
الفلبين من ذلك من خلال تطوير أنظمة الطاقة الخاصة بها، والتحول إلى وسائل بديلة،
وزيادة الدعم لمصادر الطاقة المتجددة. وفي مقابلة صحفية في 2006، أعربت
الرئيسة آنذاك غلوريا ماكاباغال أرويو عن رغبة بلادها في أن توسع المملكة العربية
السعودية دورها التقليدي إلى ما بعد تصدير النفط إلى الفلبين، وأن تصبح شريكاً في
مساعدة البلاد على تنويع مصادر طاقتها بعيداً عن اعتمادها على الواردات. ومع ذلك
لا تزال هذه أمنية حتى اليوم.
ويرى كاتبا التقرير أن
الاقتصاد هو الواقع المحدد الآخر لعلاقات الفلبين مع دول مجلس التعاون
الخليجي، ويقوم على نموذج نمو تقوده الخدمات والتحويلات، حيث تعتمد البلاد
بشكل كبير على استراتيجية تصدير العمالة، التي ترسل منها مئات الآلاف سنوياً،
ويكسب هؤلاء عملات مقومة بالعملات الأجنبية، يتم إرسالها كتحويلات إلى عائلاتهم في
الفلبين. مما يتيح للبلاد الحصول على احتياطيات بالدولار، والخروج من عجز
الحساب الجاري، وقمع أرقام البطالة بشكل مصطنع. ويتم إنفاق هذه التحويلات محلياً،
مما يسهم في الاستهلاك المحلي، ويساعد في توليد ضرائب القيمة المضافة
للحكومة، ففي عام 2020، سجلت التحويلات المالية من العمال الفلبينيين في
الخارج إلى الاقتصاد الفلبيني رقماً قياسياً بلغ 34 مليار دولار، وهو ما يمثل 8.9%
من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.
ولفت التقرير إلى أن
العلاقات الإيجابية مع الدول الخليجية، تساعد ماركوس في دعم استراتيجيته
الداخلية لتعزيز البنية التحتية في البلاد، والتي تتطلب السعي لإقامة شراكات مع
دول متعددة، مما يضع دول مجلس التعاون الخليجي، ضمن أجندة السياسة الخارجية
الفلبينية، ونتيجة لذلك من المرجح أن يتبع ماركوس خطى أرويو ودوتيرتي، في
تعزيز الروابط مع دول مجلس التعاون الخليجي في مجالات متعددة.
وتحدث التقرير عن
استعدادات ماركوس لزيادة الضرائب على الفلبينيين لدفع تكاليف مشاريعه، مبيناً أنه
لا يمكن رفع الضرائب إلا إذا تم الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، لذلك فإن
استراتيجية العمالة التصديرية، وأسعار الطاقة المقبولة يمكن أن يساعدا في الحفاظ
على الاستقرار الاجتماعي في الفلبين، مما سيساعد أيضاً على إبقاء ماركوس في
السلطة. لذلك من المرجح أن يعطي ماركوس الأولوية لدول مجلس التعاون الخليجي،
تماماً كما فعل دوتيرتي.
وختم التقرير بترجيح
أن يعطي ماركوس الأولوية للعلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي بعد الولايات
المتحدة والصين، حيث تقدم إمدادات الطاقة واستراتيجية تصدير العمالة وتطوير البنية
التحتية ثلاثة أسباب وجيهة وراء احتمال احتلال دول مجلس التعاون الخليجي موقعاً
مركزياً في أجندة السياسة الخارجية لإدارة ماركوس.