قال المتحدث باسم الاتحاد الإفريقي محمد الحسن لبات لوكالة فرانس برس إن انسحاب الجيش محادثات الهدنة مع قوات الدعم السريع "لا ينبغي أن يحبط الولايات المتحدة والسعودية"، واصفا خطوة الجيش بأنها "ظاهرة كلاسيكية في المفاوضات الصعبة".
وقد أعلن الاتحاد الأفريقي الأربعاء، عن خارطة طريق تهدف إلى حل الأزمة السودانية، اشتملت على مجموعة من الإجراءات التي يجب اتخاذها لحل النزاع، منها الوقف الفوري والدائم لإطلاق النار. وقال الاتحاد الأفريقي في بيان إن خارطة الطريق لحل النزاع في السودان تشتمل على 6 بنود منها أن تعمل الآلية الموسعة المشكلة من الاتحاد الأفريقي، على ضمان تنسيق جميع الجهود الإقليمية والدولية لحل الأزمة السودانية.
ونصت خارطة الطريق وفق البيان، على ضرورة الوقف الفوري والدائم والشامل للأعمال العدائية، والاستجابة الإنسانية الفعالة لتداعيات النزاع، وضرورة حماية المدنيين والبنى التحتية المدنية، مع الالتزام الكامل بالقانون الدولي الإنساني والاعتراف بالدور المحوري الذي تلعبه الدول المجاورة، المتأثرة بالنزاع، واستكمال العملية السياسية الانتقالية الشاملة، بمشاركة جميع الأطراف السودانية، وتشكيل حكومة مدنية ديمقراطية في البلاد.
وكان الجيش السوداني علّق مشاركته الأربعاء في محادثات برعاية الولايات المتحدة والسعودية لوقف إطلاق النار متهما قوات الدعم السريع بالفشل في الإيفاء بالتزاماتها. وأفاد مسؤول في الحكومة السودانية طلب عدم الكشف عن هويته أن الجيش اتّخذ القرار "بسبب عدم تنفيذ المتمردين البند الخاص بانسحابهم من المستشفيات ومنازل المواطنين وخرقهم المستمر للهدنة".
وقد نفى مهند عجبنا، الوزير المفوض القائم بأعمال السفير السوداني في جدة وفق قناة العربية ، انسحاب وفد الجيش السوداني من المفاوضات، مؤكداً أنه علق مشاركته فقط. وأكد أن وفد التفاوض عن الجيش السوداني مازال موجودًا في جدة، حيث تُبذل حاليًا جهود ووساطات من قبل مُيسري عملية التفاوض من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة لاستئناف التفاوض، لافتا إلى أن وفد الجيش السوداني يشترط تنفيذ قوات الدعم السريع بنود اتفاق الهدنة كاملة لاستئناف المفاوضات.
وفي أول رد على قرار تعليق المفاوضات من قبل الجيش السوداني، قال مصدر في قوات الدعم السريع -في تصريح صحفي- إن تعليق الجيش مشاركته في مفاوضات جدة محاولة لإفشال منبر جدة. واتهم المصدر الجيش السوداني بعرقلة التفاوض عبر الاستمرار في خرق الهدنة الإنسانية من خلال الهجوم بالطيران والمدافع الثقيلة وتحريك القوات من الولايات إلى الخرطوم.
من جانبها أبدت واشنطن استعدادها لاستئناف وساطتها في السودان عندما يكون طرفا النزاع "جدّيين" (الخارجية الأميركية وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية خلال زيارة لوزير الخارجية أنتوني بلينكن إلى أوسلو إن الولايات المتحدة والسعودية "مستعدتان لاستئناف تسهيل المحادثات المعلقة لإيجاد حل تفاوضي لهذا الصراع (...) عندما تظهر القوات بوضوح من خلال أفعالها أنها جدية في التزام وقف إطلاق النار".
وكان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي قال في إفادة صحفية: “من المؤسف للغاية أنهم (الجيش السوداني) اختاروا الانسحاب، نحن نريد أن نرى توقف القتال”. وأشار إلى أن هذا القرار يؤثر على ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى العاصمة السودانية الخرطوم وغيرها من المناطق، لافتا إلى أن الناس هناك “بحاجة ماسة إلى الغذاء والماء والدواء”. أضاف: “نريدهم أن يأخذوا فرصة السلام على محمل الجد، ونحن جادون في هذا الأمر، وبالفعل نساعد في إجراء هذه المحادثات وتسهيلها”.
وفي نيويورك، جدّد الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش التأكيد على دعمه لمبعوثه الخاص إلى السودان فولكر بيرتيس. وكان البرهان اتّهم بيرتيس بالمساهمة بسلوكه "المنحاز" وأسلوبه "المضلل" في اندلاع النزاع الدامي في بلده، مطالباً الأمم المتّحدة باستبداله. وقال غوتيريش إنّ الأمر متروك لـ"مجلس الأمن ليقرّر ما إذا كان يدعم استمرار مهمة (المساعدة) لفترة أخرى أو أنّ الوقت حان لوضع حدّ لها".
وكان الوسطاء الأميركيون والسعوديون أفادوا في وقت متأخر الاثنين أن طرفي النزاع وافقا على تمديد بخمسة أيام للهدنة الإنسانية التي خرقاها مرارا خلال الأسبوع الماضي. وأعلن الوسطاء "تمديد وقف إطلاق النار الحالي ليُمنح ممثلو العمل الإنساني مزيدا من الوقت للقيام بعملهم الحيوي" وذلك "رغم عدم الالتزام به في شكل تام".
ورغم تعهّدات الجانبين، اندلع القتال مرة أخرى الثلاثاء في الخرطوم الكبرى وإقليم دارفور المضطرب في غرب البلاد.
وأعلن قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان خلال زيارة للقوات في العاصمة الثلاثاء أن "الجيش جاهز للقتال حتى النصر". وقال قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو إن القوات "ستمارس حقها في الدفاع عن نفسها"، متهما الجيش بانتهاك الهدنة.
وقال الباحث المتخصص بالشأن السوداني في جامعة غوتنبرغ السويدية ألي فيرجي إن الوسطاء يسعون لتجنّب انهيار كامل للمحادثات، خشية تصعيد ميداني كبير. وأفاد "يعرف الوسطاء بأن الوضع سيء لكنهم لا يريدون الإعلان بأن وقف إطلاق النار انتهى خشية تدهور الوضع أكثر". وتابع "الأمل هو أنه عبر إبقاء الطرفين على طاولة المحادثات، ستتحسن في نهاية المطاف آفاق وضع ترتيبات يمكن احترامها بشكل أفضل".
على صعيد متصل قالت قوات “الدعم السريع”، إن قائدها محمد حمدان دقلو “حميدتي” في “صحة جيدة، ويقود قواته في الخطوط الأمامية”. جاء ذلك في مقطع فيديو نشرته “الدعم السريع” على فيسبوك، يظهر فيه شقيق حميدتي عبد الرحيم محمد حمدان دقلو القائد الثاني وهو يخاطب قواته. وأضاف عبد الرحيم دقلو: “حميدتي في أمن وأمان ومتواجد في الصفوف الأمامية مع قواته، ويقود قواته، ودعا شقيق حميدتي “ضباط الجيش الشرفاء إلى التنسيق مع ضباط الدعم السريع لتكوين قوة تحمي السودان وحدوده”، وفق تعبيره.