تقول الولايات المتحدة الأمريكية أن وقف صادرات (أشباه الموصلات) إلى الصين، جاء بهدف ضمان الأمن التكنولوجي المشترك مع أوروبا، وقد تضاعفت مخاوف واشنطن وحلفائها، بعد تقارير تتحدث عن معهد حكومي صيني يعمل في مجال تطوير الأسلحة النووية، اخترق الحظر الذي فرضته الولايات المتحدة الأمريكية، على استخدام الرقائق، إذ اشتروا 12 مرة رقائق إلكترونية متطورة وفق سكاي نيوز عربية.
إن دخول صناعة الرقائق الإلكترونية، في صميم الأمن القومي للعديد من الدول، يهدد بحرب باردة مُحتملة، بين القوتين، الولايات المتحدة والصين، خاصة مع القيود الامريكية على 36 شركة صينية، ما سيضع بكين في مرتبة متأخرة عن الدول الأخرى، المُصنعة للرقائق ، وبالأخص في المجال العسكري وغيره.
شعلة الصراع بين القوتين، أطلقها الرئيس الأمريكي السابق "دونالد ترامب"، الذي فرض عقوبات صارمة قبيل مغادرته البيت الأبيض، في ديسمبر 2020، على صادرات "المؤسسة الدولية لتصنيع أشباه الموصلات" (سميك)، بصفتها أكبر شركة في تصنيع الرقائق الإلكترونية، لصالح الجيش الصيني.
ولعل أهم سيناريوهات الحرب الباردة، مكانياً، ستكون "تايوان، المزود الرئيسي للرقائق الإلكترونية، إذ تُنتج 92% من الإنتاج العالمي لـ "أشباه الموصلات"، بدقة أقل من 10 "ناموتر" (وحدة تُستعمل لقياس الأطوال القصيرة جداً). ومن المعلوم أن تايوان تعتبر مزودا رئيسيا لمدخلات الأجهزة الذكية التي تعتمد على الرقائق. ومن أهم الشركات الدولية الحاضرة بقوة في وسط السوق الصناعي الدولي، المتخصصة في هذا الحقل TSMC التايوانية. هذه الشركة تُعتبر أكبر شركة لتصنيع الرقائق في العالم، تستحوذ على حصّة سوقية تفوق الـ 50% من سوق أشباه الموصلات في العالم.
المراقبون الدوليون، لا يرون أي فارق بين أهمية تأثير مصادر الطاقة، على الأمن القومي، للقوى العظمى، وما تُشكله "أشباه الموصلات" من تهديد مُباشر لأمنها، وأمن مصالحها وحلفائها عالمياً. واندلاع حرب باردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين. بدأت تظهر على السطح، من خلال الاستعدادات الاقتصادية، وتشكيل التحالفات المُحتملة، وفرض العقوبات والقيود المُتبادلة
يقرأ مع ذلك أن صناعة الرقائق، تبلغ قيمتها في السوق ما يُقارب الـ 500 مليار دولار، وهناك توقعات بأن تتضاعف بحلول عام 2030. ولا تقف الأهمية على هذا الرقم أو غيره، وإنما ستكون "أشباه الموصلات" جسراً للوصول إلى قوة عُظمة، دون أدنى شك، وخصوصاً، بعد أن تتحكم في سلاسل التوريد.
وأن المجال العسكري، بأسلحته، ومعداته، يعتمد على الرقائق ، ناهيك عن دورها في المعدات المنزلية، والمكتبية كالأفران ،والسيارات، وغيرها. لذا، فمن يتحكم في صناعة "أشباه الموصلات"، يستطيع السيطرة على قطاعات لا حد لها من الصناعات.
واشنطن لم تتوقف عند تحالفات، مع هولندا واليابان، فقد انضمت "بروكسل" إلى دائرة أمريكا في مواجهة الصين، وعرقلتها، إذ قال مسؤول تجاري كبير في التكتل الأوروبي إن "بروكسل وواشنطن متحالفتان ومتفقتان على منع بكين من الوصول إلى أكثر التقنيات تقدما وخنق صناعة أشباه الموصلات في الصين وذلك بهدف ضمان الأمن التكنولوجي المشترك بين ضفتي الأطلسي"، وعدم حضور التفوق الصيني، بأي حال.
المخاطر من أي سيناريو في مواجهة الصين، سيؤدي إلى مشاكل اقتصادية بالغة الحساسية على المستوى الدولي، فبناء على بحث علمي ل، "مجموعة بوسطن للاستشارات"، تقول فيه، بأن الشركات العالمية المُتخصصة في التكنولوجيا، ستتكبد ما يُقارب 600 مليار دولار، في حال توقف العمل على توريد الرقائق الإلكترونية.