دونالد ترامب

تقديرات

ترامب والانتخابات الرئاسية لعام 2024

21-Nov-2022

أعلن "دونالد ترامب" عن حملته الرئاسية الثالثة في فلوريدا ليلة الثلاثاء 15 نوفمبر، وأوضح أنه يعتبر نفسه الخيار الوحيد للحزب الجمهوري عام 2024. ويعد ذلك أمرا غير مسبوق في تاريخ الولايات المتحدة منذ "ثيودور روزفلت" ذو الظرف الاستثنائي، والأول منذ "جروفر كليفلاند" الذي فعل ذلك بعد خسارة إعادة انتخابه. وقد جدد مطالبته بفرض قيود على التصويت، بإنهاء كل من التصويت المبكر والتصويت بالبريد، وهاجم "جو بايدن" وسياسته.

وبدا على بعض حلفائه في واشنطن أنهم يؤيدونه، مثل السناتور "ليندسي جراهام" التي قالت إنه إذا استمر على هذه النبرة، فسيكون من الصعب هزيمته. ولكن حسب ما نشرته الجارديان في اليوم التالي، لم يكن ذلك موقف جميع الجمهوريين، الذين أعرب بعضهم عن قلقه من أن جهود "ترامب" ستكون تكرارا لفشل حملته السابقة.

ولقد عززت نتائج انتخابات التجديد النصفي هذه المخاوف، حيث هزم الديمقراطيون مؤيديه الذين تبنوا أكاذيبه حول تزوير انتخابات 2020، مما جعل الجمهوريون يلقون اللوم عليه بسبب ضعف أداء الحزب. ونشرت "واشنطن بوست" في 15 نوفمبر، أن حاكم ولاية نيو جيرسي السابق "كريس كريستي"، الذي كان مستشارا لترامب انتقد في اجتماع مغلق ترشحه للرئاسة، قائلا إن الحزب سيخسر إذا استمر في دعم أشخاص غير قابلين للانتخاب. كما قال "مايك بنس" الذي كان نائبا لترامب في مقابلة تلفزيونية يوم 15 نوفمبر، عندما سأله محاوره عما إذا كان سيدعمه في 2024: "أعتقد أنه سيكون لدينا خيارات أفضل". وهكذا فشل "ترامب" في توحيد حزبه من قبل أن تبدأ معركته.

واتضح في استطلاعات رأي مختلفة أجرتها أسوشيتدبرس، أن 54% لديهم وجهة نظر متحفظة تجاه "ترامب"، بينما 44% لا يؤيدونه مطلقا. وأن 34% من ناخبي التجديد النصفي أدلوا بأصواتهم تعبيرا عن معارضتهم له، و22% دعموه، و41% لم يكن ضمن حساباتهم. وقد عززت تلك النتائج الجهود داخل الحزب الجمهوري الرامية للتخلي عن "ترامب". كما أكد استطلاع رأي لـ NBC News أن 47٪ من الأمريكيين لديهم وجهة نظر سلبية للغاية تجاهه.

وعلى الرغم من نقاط القوة التي يتسم بها "ترامب"، والمتمثلة في إحساسه العميق بالقضايا المهمة للمحافظين من القاعدة الشعبية، مثل الهجرة والجريمة، وواقعيته التي اتسم بها خلال فترة رئاسته، مما جنب واشنطن الانخراط في ملفات أرهقت الشعب الأمريكي. فضلا عن أسلوبه غير المتوقع الذي يمكنه السيطرة على التغطية الإخبارية وحرمان منافسيه من الأضواء أثناء خوضهم لحملاتهم. وامتلاكه قاعدة من المؤيدين المخلصين، لكنه أيضا يمتلك العديد من نقاط الضعف التي تقلل من فرص نجاحه.

وقد لخص المحلل السياسي "أنتوني زورشر" في بي بي سي يوم 16 نوفمبر، نقاط ضعف "ترامب"، حيث قال إن الناخبين سيتذكرون عدم قدرته على إلغاء إصلاحات الرعاية الصحية ووعوده بالاستثمار في البنية التحتية التي لم تؤت ثمارها. وطريقة تعامله السيئة مع كوفيد-19، وأسلوب تعامله مع نهاية رئاسته، ودوره في هجوم 6 يناير 2021 على مبنى الكابيتول، فلن تنسى أميركا بسهولة صور ذلك اليوم. كذلك يمكن أن تؤدي التحقيقات في التهم الموجهة إليه إلى محاكمات كاملة من شأنها أن تهيمن على المشهد بأكمله، وعلى الأقل ستعرقل خطط حملته الانتخابية القادمة. إضافة إلى انهيار شعبيته في معظم استطلاعات الرأي التي تجريها الصحف والمؤسسات الأميركية. فضلا عن رؤية الأميركيين للمشاكل التي ظهرت نتيجة كبر سن "بايدن"، فإذا فاز "ترامب" سيكون قد بلغ سن 78 عاما، والمعروف أن الأعباء المتزايدة للعمر أمر لا مفر منه وقد تعيق مهمته كرئيس.

ونزيد على حديث "زورشر" أن "ترامب" غيّر بشكل عميق فحوى الحياة العامة الأمريكية، محطما كل معايير اللياقة والكياسة الدبلوماسية القديمة أثناء هجماته على المنافسين السياسيين والقضاة والصحفيين. وكثيرا ما كان يدلي بتصريحات عنصرية، ويسخر من ذوي الإعاقة، ويشوه سمعة البلدان النامية، حتى أنه امتنع عن التنصل من المتطرفين، وألهمهم باللجوء إلى العنف في الكابيتول، ودافع عن العنصريين البيض. وكل ذلك لن يقبله الشعب الأميركي مرة أخرى، فعلى الرغم من نتائج استطلاعات الصحف الأمريكية التي تشير إلى أن 66% من الجمهوريين والمستقلين ذوي الميول الجمهورية هم من المؤيدين لحركة Make America Great Again التي يدعو لها "ترامب"، ولكن ذلك لم يمنع معارضة أغلبهم له.

وفي النهاية، نعتقد أن ترشيح "ترامب" يزيد من احتمالية ترشح "بايدن" مرة أخرى لإعادة انتخابه، مما يحتمل معه استعادة أزمة 2020. حتى أن الأخير لم يتمالك نفسه بعد خطاب "ترامب" ولم يتجاهله، وغرد على تويتر قائلا "دونالد ترامب خذل أمريكا"، وكأنه يعلن أنه خصمه القادم.

51