بشار الأسد وفيصل بن فرحان في دمشق

تقديرات

البحث في عودة سوريا عربيا

19-Apr-2023

تعقد جامعة الدول العربية قمتها السنوية على مستوى القادة في الـ 19 من مايو المقبل بالعصمة السعودية الرياض، وهي تأتي وسط متغيرات في ظل الاتفاق السعودي - الإيراني وحراك عودة سوريا للبيت العربي التي تم تعليق عضويتها في عام 2011، وذلك بعد اندلاع الأزمة السورية في مارس من العام نفسه، وهي التي كانت عضوا مؤسسا للجامعة.

لقد أصبحت الخطوات المتعلقة بـ "عودة سوريا إلى الحضن العربي" ضمن أبرز الأخبار والمستجدات المتعلقة بالملف السوري، ومنها تحركات أكدتها السعودية رسمياً، وأخرى ترجمتها الإمارات عدة مرات.

وبينما تحركت بعض الدول لتطبيع العلاقات مع سوريا كما أشرنا، تعارض دول أخرى. وقد جاءت المحادثات في مدينة جدة السعودية مؤخرا بعد أيام من زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد للمملكة،  وقبل زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى دمشق، وقد جاء في تقرير لوكالة الأنباء السعودية أن الرئيس بشار الأسد والوزير السعودي ناقشا الجهود المبذولة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية "يحافظ على وحدة سوريا، وأمنها، واستقرارها، وهويتها العربية، وسلامة أراضيها، بما يحقق الخير لشعبها" وفق الوكالة.

إن عودة سوريا إلى الجسد العربي عززته زيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى سلطنة عمان والإمارات، البلدان العربيان الوحيدان اللذان زارهما الأسد منذ اندلاع النزاع السوري، كما توضحه تحركات الرياض التي تسعى لضمان مشاركة دمشق في القمة القادمة دون اعتراض من أحد. كما استأنفت مصر التي تحظى بثقل في الجامعة العربية الاتصالات مع الأسد. 

لقد دخلت سوريا في قلب حرب أهلية معقدة ومستمرة، وهي حرب تدخلت فيها العديد من الجهات الإقليمية والدولية، وقد كان للصراع المدمر والخطير تداعيات سياسية كبيرة، داخل سوريا وخارج حدودها، وأدى إلى انهيار العلاقات بين سوريا ودول عربية وغربية.

ودون نسيان البعد الإيراني المؤثر سلبا في عدد من دول المنطقة، حيث تنظر طهران إلى الوضع السوري كجزء من صراع جيوسياسي أكبر على النفوذ في الشرق الأوسط، فإن البعد العربي لسوريا يمنحها بعدا متعدد الأوجه، خاصة وأنه خلال العقد الماضي رأينا ثلاث دول غير عربية تتحكم بالمصير السوري، سواء تركيا أو إيران أو روسيا.

 فبالإضافة إلى أهميتها الاستراتيجية، ظلت سوريا لاعبا سياسيا مهما في العالم العربي، وكثيرا ما شكلت مشاركتها في الصراعات ومفاوضات السلام مسار الأحداث في المنطقة، في حين ساعدت تحالفاتها وعلاقاتها مع الدول العربية في تشكيل السياسة الإقليمية والعلاقات الدولية.

نرى أن عودة سوريا إلى الجامعة العربية في هذا الوقت يعكس تغييرا في النهج الإقليمي تجاه الصراع السوري خاصة مع التقارب بين الرياض وطهران الذي يمكن أن يوصف بأنه جزء من عملية كبيرة لإعادة ترتيب الأوراق في الشرق الأوسط. وفيما تحدث الأردن عن "مبادرة عربية للحل في سوريا، وهي قيام العرب بإجراء حوار سياسي مع الحكومة السورية بهدف حل الأزمة ومعالجة تداعياتها الأمنية والسياسية والإنسانية"، تحدث السعوديون عن جانبين سوريين فقط يتطلبان حلاً. الأول يتعلق بعودة اللاجئين، والثاني هو ضمان إيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من كارثة الزلزال.

ونشير هنا إلى السعي الواضح من قيادة دولة الإمارات منذ فترة لعودة سوريا إلى حاضنتها العربية،  إدراكاً منها لأهمية هذه الخطوة في تسريع عملية إعادة بناء سوريا ، فضلا عن تسوية الأزمة التي طالت وتحولت إلى أحد الملفات المنسية عالمياً، ولاسيما بعد انشغال القوى الكبرى بحرب أوكرانيا.






48