يوم الخميس 10 مايو الجاري أعلنت المملكة المتحدة عن مد أوكرانيا بصواريخ "ستورم شادو"، مما يعطى لكييف قدرة هجومية جديدة بعيدة المدى يمكنها استخدامها في الهجوم المضاد المرتقب ضد القوات الروسية، وهو ما أكدته كييف (Kyiv Post: 11 May 2023)، هذه الصواريخ وفق وزير الدفاع البريطاني "بن والاس" لشبكة سي ان ان هي أفضل فرصة لأوكرانيا للدفاع عن نفسها ضد الوحشية الروسية المستمرة، على حد قوله، بشرط أن تستخدمها داخل الأراضي ذات السيادة الأوكرانية فقط، بما في ذلك شبه جزيرة القرم المحتلة. (CNN: 12 May 2023)
وستورم شادو هو الاسم البريطاني لصاروخ كروز مجنح بعيد المدى بقدرة خاصة على التخفي، طورته كل من المملكة المتحدة وفرنسا، وحصلت عليه في فترات سابقة كل من مصر وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة والسعودية واليونان. ويتم إطلاقه جوا مع مدى إطلاق يزيد عن 250 كم، وهي أقل بقليل من قدرة المدى لأنظمة الصواريخ التكتيكية أرض-أرض الأمريكية الصنع التي طالما طالبت أوكرانيا بها. ولدى ستورم شادو القدرة على ضرب عمق الأراضي التي تسيطر عليها روسيا في شرق أوكرانيا. (Missile Threat: 5 April 2013)
وقد أثار نشر هذا السلاح في كييف غضب موسكو، حيث أعلن المتحدث باسم "فلاديمير بوتين" أن هذه الخطوة ستتطلب ردا مناسبا. وأخبر الخبير العسكري والضابط السابق في الجيش السوفييتي والروسي "فلاديسلاف شوريجين" برنامج الحوارات السياسية للقناة الأولى الروسية أن الكرملين يجب أن يشكل تهديدا مباشرا للندن بشأن أي استخدام لصواريخ كروز، والرد السياسي يجب أن يكون حازما قويا. وأعلن محلل في تلفزيون الكرملين أن روسيا يجب أن تقطع جميع كابلات الكهرباء والإنترنت البريطانية في اللحظة التي تطلق فيها أوكرانيا أول صاروخ ستورم شادو. وأفادت الأنباء التي نشرتها ديلي ميل (Daily Mail: 12 May 2023) أن روسيا قامت برسم خرائط للكابلات البحرية وكابلات البيانات البريطانية بهدف شن هجمات تخريبية محتملة على البنية التحتية البريطانية.
وبالرغم من أنه من الممكن لصواريخ ستورم شادو أن تغير معادلة القتال، لكن لا نتوقع أن يقدم "بوتين" على خطوة عدائية تجاه بريطانيا وفتح جبهات جديدة في الوقت الذي يحاول فيه ضبط مستوى الأداء لقواته التي تواجه مقاومة عنيفة من الجيش الأوكراني مع ضعف واضح في علاقاته مع فاغنر بعد أن عاد قائدها وهاجم الكرملين الذي لم يف بوعوده له بتقديم الذخائر اللازمة لمجموعته، والمتوقع أن يعتمد الروس على قدرات الجيش الدفاعية في إسقاط تلك الصواريخ إذا تم استخدامها بالفعل.
ومع تسليمنا بأن القرار البريطاني يعد خطوة تصعيدية تعكس وجهة النظر الأوروبية المعاكسة تماما لوجهة نظر البيت الأبيض. ومع اعتبار أن الصواريخ تمنح كييف القدرة التي كانت تطلبها منذ بداية الحرب، والتي امتنعت واشنطن عن تقديمها لها، ولكن هذه ليست المرة الأولى التي تذهب فيها بريطانيا إلى أبعد من الولايات المتحدة في تقديم الأسلحة التي امتنعت واشنطن عن إرسالها إلى أوكرانيا، حيث أعلنت العديد من وكالات الأنباء أن لندن تعهدت في يناير الماضي بإرسال 14 دبابة من طراز تشالنج 2 لأوكرانيا قبل أن تعلن واشنطن بدورها أنها ستساهم بدبابات إبرامز.
وفي رأينا أن رد الفعل على إرسال الصواريخ البريطانية لكييف لن ينحصر فقط في مواجهة أوروبية روسية، بل أوروبية أميركية أيضا، فالمحاذير الأميركية بعدم منح أوكرانيا أسلحة متطورة تعرض الأمن الأوروبي للخطر، وهو ما دفع لندن للإقدام على تلك الخطوة التي سيكون لها آثار مهمة سواء في مسار الحرب، أو العلاقات الأوروبية الأميركية مستقبلا.