حول اتفاقيات اليابان الدفاعية

تقديرات

حول اتفاقيات اليابان الدفاعية

13-Jan-2023

على إثر مخاوف رئيس الوزراء الياباني "فوميو كيشيدا"، من تكرار السيناريو الأوكراني في آسيا، تُسارع طوكيو في توقيع اتفاقيات دفاعية مع كل من الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا. 

لم تخف اليابان مخاوفها من تهديد الصين على أمنها القومي، في منطقة المحيط الهادي، فخلال مؤتمر عقده وزير الخارجية الياباني "يوشيماسا هاياشي"، مع نظيره الأمريكي "أنتوني بلينكن"، أوضح "هاياشي"، بأن الصين تُمثل تحدياً استراتيجياً غير مسبوق، وأضاف بأن بلاده تُعارض تصرفات الصين، وتؤكد تأييدها للحفاظ على السلام في مضيق تايوان، كما تدين استمرار  كوريا الشمالية في اطلاق الصواريخ.  الوزير الياباني أكد التزام بلاده بنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية. 

انطلاقاً من ذلك، نستطيع فهم الأسباب التي دفعت اليابان إلى إجراء أكبر تعديل على سياستها الدفاعية، منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بل وأقرت وثيقة سياسية دفاعية جديدة، تضع الصين كتحد أمني، كما تصف روسيا بأنها مصدر قلق لأمنها القومي. لذا، فقد وقعت اليابان مع بريطانيا اتفاقية لتسريع التعاون الدفاعي والأمني، ونشر القوات بين البلدين. كما وقعت طوكيو مع واشنطن اتفاقيات لتعزيز تحالفهما الدفاعي ليشمل التصدّي لأيّ هجوم عبر الفضاء، في خطوة تأتي في خضمّ تزايد التهديدات الصينية والكورية الشمالية وارتفاع حدّة التوتّرات بشأن تايوان.

هذا التحول التاريخي، للاستراتيجية الدفاعية اليابانية الجديدة، سيُضاعف ميزانية الدفاع العسكري، لتصل إلى أكثر من 80 مليار دولار، خلال خمس سنوات، وسيكون ذلك من أبرز معالم التحول الكبير على العقيدة القتالية اليابانية. 

لم تغض الصين النظر عن الاتفاقيات الدفاعية، اليابانية ، إذ أصدرت الخارجية الصينية بياناً، حذرت فيه بأن " التعاون العسكري بين واشنطن وطوكيو يجب ألا يضر بمصالح طرف ثالث"، وأن "منطقة آسيا والمحيط الهادئ (...) ليست ساحة للألعاب الجيوسياسية".

وبالرغم من  أن لدى اليابان شراكة تجارية كبيرة مع الصين، إلا أن العلاقات تدهورت بينهما خلال السنوات الأخيرة، بسبب العديد مما تسميه اليابان بالاستفزازات الصينية، فعلى سبيل المثال، تشكو اليابان وبشكل مستمر، من النشاط الصيني البحري، بالقرب من جزر "سينكاكو" التي يتنازع البلدان عليها. 

دفعت الحرب الروسية على أوكرانيا، بالولايات المتحدة الأمريكية، وحلفائها المستهدفين، إلى اتخاذ إجراءات احترازية، استعداداً لأي اجتياح صيني مُحتمل لتايوان، أو لجزر يابانية،، وكان الاجتياح الصيني لتايوان المُفترض، على رأس التوقعات.  في ذات  الوقت، لم تقل مخاوف اليابان وتايوان عن حلفائها الأمريكيين والبريطانيين، من التهديدات الصينية المباشرة. 

تحرك اليابان الجريء والواثق، في عقد الاتفاقيات التاريخية والمهمة للغاية، مع كل من واشنطن ولندن، يقودنا إلى قراءة أخرى، مضمونها، أن ما تقوم به اليابان جاء بمباركة أمريكية ، بهدف تعزيز وضعها العسكري، وتجهيز القدرة القتالية لجنودها. إذ شكلت الصعوبات في نقل الأسلحة، إلى الجانب الأوكراني، درساً للتحالف الغربي، بضرورة تعزيز ترسانة الدولة الحليفة، والمُرجح أن تتعرض للسيناريو الأوكراني، لمواجهة أي عملية عسكرية صينية، سواء كانت بحرية أو جوية أو برية، ضد دول الجوار. 

 أما التساؤل الأهم، عما سيجنيه الأمريكيون والبريطانيون، من تلك الاتفاقيات التاريخية مع اليابان! . يمكننا القول بأنه بينما ستُحقق الدولتان نفوذاً عسكرياً، واستخبارياً لمواجهة ومراقبة التحركات الصينية، وتصرفات كوريا الشمالية، فالمصالح المُتبادلة بين اليابان والغرب تتماشى مع العقيدة السياسية، والدفاعية، في مواجهة النفوذ الصيني، فلا شك، أن اتفاقية "أوكوس"، بين بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا، تُشكل تهديداً للصين، كما أنها تُشكل دعماً للمحيط الهادي أيضاً، إذ يستطيع الحلفاء مراقبة المحيط الهادي، بالتالي، ردع الدفاع الصينية.

29