رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي

تقديرات

الاتحاد الأفريقي .. تحديات صعبة أمام أزمات القارة

19-Feb-2024

عقدت قمة الاتحاد الأفريقي السابعة والثلاثين بالعاصمة الأثيوبية أديس أبابا بين يومي 15-18 فبراير 2024، وغاب عنها عدد من الدول بسبب الانقلابات. جاءت القمة في ظل أزمات تتصدر أولوياتها صراعات معقدة في الداخل الأفريقي ، فهناك حرب السودان التي تعثرت كل مساعي الاتحاد الأفريقي ومبعوثوه في حلها. 

علاوة على ذلك دخلت دولة المقر إثيوبيا وجمهورية الصومال في أزمة حادة، وما زالت الأزمة الليبية تراوح مكانها دون وضوح دور قوي أو مساهمة واضحة من الاتحاد الأفريقي لحلها ، ووقع عدد من الدول فريسة للانقلابات العسكرية، بجانب أزمة الانتخابات في السنغال ،  ولم تكلل جهود الاتحاد الأفريقي في المساهمة في خلق نظم حكم مستقرة في تلك الدول التي تعاني من نشاط الحركات الإرهابية والمجموعات المتطرفة .

لقد بدت خريطة القارة أمام الرؤساء الأفارقة ملتهبة وتعبر عن فشل ذريع لدور الاتحاد الأفريقي ومجلس السلم والأمن داخله المناط به المساهمة في حل النزاعات ، ويعود جزء من هذا الوضع إلى البطء في التدخل لضعف اَليات التدخل واعتماد الاتحاد على العون الأجنبي في إدارة شئونه. كما يعود بدرجة كبيرة إلى التدخلات من الدول من خارج القارة التي تتضارب وتتعارض مصالحها داخل القارة مثل فرنسا وروسيا والصين والولايات المتحدة الأمريكية التي لها علاقة قوية بعملية صنع القرار في أروقة الاتحاد الأفريقي، علاوة على سياسة المبعوثين التي تتبعها هذه الدول لمتابعة ومراقبة الأوضاع في القارة حفاظاً على مصالحها.

نظرت القمة في العديد من التقارير الصادرة عن أجهزة الاتحاد الأفريقي خاصة في ما يتعلق بقضايا حقوق الإنسان والحكم؛ اللاجئون والعائدون والنازحون داخليا؛ المسائل الاقتصادية والتجارية، المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة؛ والزراعة والتنمية الريفية والمياه والبيئة؛ النقل والبنية التحتية الإقليمية والطاقة؛ والعدالة والشؤون القانونية، علاوة على إصلاح هياكل التكتل الأفريقي والتكامل الإقليمي والإعلان عن إطلاق الخطة العشرية الثانية لتنفيذ أجندة الاتحاد الأفريقي 2063 (أفريقيا التي نريد).

وعلى الرغم من أن القمة رفعت شعارا هو: " التعليم والعلم والتكنولوجيا والابتكار ، إلا أن الكلمات الرئيسية للوفود قد تركزت على قضيتي الحرب في غزة وحرب السودان. ففي ظل الأوضاع الدولية والإقليمية الملتهبة حول القارة الأفريقية خاصة حرب غزة ، وتدفق الأساطيل والحشد العسكري البحري الغربي في البحر الأحمر والتهديدات الحوثية للسفن في باب المندب والخوف من تمدد تلك الأحداث إلى أفريقيا عن طريق البحر الأحمر،  والوضع الأمني المحيط بمصر ، كل ذلك سرق الأضواء من قمة الاتحاد الأفريقي التي غطت عليها أحداث الشرق الأوسط.  

ويرى بعض الخبراء أن إخفاقات الاتحاد الأفريقي مرتبطة بالطريقة التي يتواصل بها بشأن الأزمات، ومع أن أفريقيا تواجه العديد من التحديات المعقدة والمتعددة الأوجه، ولكن الأولوية الملحة اليوم يجب أن تكون التكامل القاري الذي من شأنه أن يزيل الحواجز أمام حركة العمالة ورأس المال. ولتحقيق هذه الغاية، لابد من خطوات ملموسة وعملية لتسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وهو نظام تجاري يهدف إلى إنشاء سوق خالية من الرسوم الجمركية للسلع والخدمات. وبالإضافة إلى ذلك، ينبغي للقمة أن تضع الأساس لإنشاء ممر اقتصادي "صنع في أفريقيا" والذي من شأنه أن يعزز الجهود القارية نحو إنشاء سوق أفريقية.

ووفق صحيفة العرب التي تصدر في لندن، يرى متابعون للشأن الأفريقي أن مؤسسة القمة ظلت لسنوات تركز على الشكليات ولم تمر مباشرة إلى تقديم أفكار واضحة لحل الخلافات بين الدول، أو لكف يد التدخلات الخارجية في شؤون القارة، واستمرار دوائر النفوذ التقليدية في منع التغيير الذي يساعد القارة على حل أزماتها الأمنية. وفي ظل التردد الرسمي لمؤسسة القمة وعدم قدرتها على حسم عناصر الخلاف، بدأت بعض الدول تخرج عن صمتها وتعبر عن رغبتها في مغادرة المؤسسات الإقليمية مثلما يجري في غرب أفريقيا.

على ذلك يبدو أن التحديات الرئيسية التي تواجه الاتحاد الأفريقي سوف تظل مرحلة في معظمها دون حلول حتى قمة في العام القادم،  كما أن حالة العجز التي يعاني منها الاتحاد سوف تظل قائمة ما لم يطور الاتحاد من اَليات عمله وقدرته على التدخل بفاعلية لفرض لتنفيذ قراراته خاصة تلك التي لها علاقة بمعاقبة الحركات الانقلابية المتكررة في القارة ، والتي تجاهلها الحكام العسكريون الجدد خاصة في دول الساحل. كما أن على الاتحاد أن يبحث عن سبل لتطوير وزيادة موارده المالية حتى لا يصبح عرضة لضغوط المبعوثين الذين تقدم دولهم مساعدات مالية مقدرة لبرامج الاتحاد. 


148