سقف الدين الأميركي

تقديرات

سقف الدين الأميركي

22-May-2023

تضاءلت الآمال بعد أن أعرب كل من الرئيس "جو بايدن" ورئيس مجلس النواب "كيفن مكارثي" عن تفاؤل متزايد في أواخر الأسبوع الماضي بإمكانية التوصل إلى اتفاق من شأنه أن يمهد الطريق أمام الكونغرس لرفع حد الاقتراض "سقف الدين"، فقد اتهم مساعدو "بايدن" الجمهوريين بالتراجع عن مجالات التفاوض الرئيسية، واتهم الجمهوريون البيت الأبيض برفض التزحزح عن الأولويات القصوى للمحافظين. (New York Times: 21 May 2023)

وسقف الدين العام الأميركي الذي تجاوز الآن مستوى 31 تريليون دولار، هو الحد الأقصى للمبلغ الذي يمكن للحكومة الأميركية اقتراضه لسداد التزاماتها بموجب الميزانية، كمدفوعات الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية. وحيث أنها تنفق أكثر مما تحصل عليه لذلك فهي تلجأ إلى الاقتراض، وحينما تصل إلى أقصى الحد المسموح، تضطر أحيانا لرفعه، ويعتبر الكونغرس الجهة المسؤولة عن ذلك. وقد حذرت وزيرة المالية الأميركية "جانيت يلين" من أن الحكومة لن تتمكن من مواصلة الوفاء بجميع التزاماتها، بحلول 1 يونيو 2023، إذا لم يتم اتخاذ قرار بهذا الشأن. (The Guardian: 10 May 2023)

يرجع الباحث "أندرو أوستن" في دراسة لمركز أبحاث الكونغرس، تاريخ سقف الدين الأميركي إلى بداية نشأة الولايات المتحدة، حيث كانت مدينة بأكثر من 75 مليون دولار نتيجة الحرب الأهلية (1775 – 1783). وفي عام 1917 تم تطبيق سقف الدين خلال الحرب العالمية الأولى لتمويل الحرب، وتكرر الأمر بعد نهايتها لمساعدة واشنطن في الحفاظ على الاعتبار الدولي والنظام المالي المستقر. (Austin: A Brief History of the U.S. Federal Debt Limit, 2010)

وأدت عدة عوامل إلى تشكيل الدين الأميركي، كاندلاع الحرب العالمية الثانية، والحرب الكورية، وحرب فيتنام والعراق وأفغانستان، وأخيرا جائحة كوفيد والحرب الروسية الأوكرانية. وتعد اليابان من أكبر الدائنين للولايات المتحدة الأميركية بمقدار 1.3 تريليون دولار، تليها الصين 1 تريليون، وبريطانيا 647.4 مليارا، وأيرلندا 334.3 مليارا. وبحسب آخر البيانات على موقع وزارة الخزانة فاق الدين الحد المسموح به وبات يشكل خطرا حقيقا، بعد أن أصبح 130% من الناتج الإجمالي لأميركا (Investing: 11 Feb. 2023)، وبتوزيعه على تعداد السكان، سنلاحظ أن كل مواطن بات محملا بأعباء هذا الدين. 

على أية حال، كشف كبير المفاوضين الجمهوريين "جاريت جريفز" عن تعطل المحادثات الجارية مؤقتا وقال "الأمر ليس مثمرا". وصرح مسؤول بالبيت الأبيض بأنه إذا تفاوض الجانبان بحسن نية، وأدركا أنهما لن يحصلا على كل ما يريدان، فلا يزال من الممكن التوصل إلى اتفاق. (أخبار اليوم: 20 مايو 2023)

ويبدو أن الصراعات الداخلية بين الأحزاب الأميركية تعطل الوصول إلى اتفاق، ويتضح من بيانات الكونغرس الذي يطالبه المتشددون بتنازلات أكبر بكثير من "بايدن"، أن بعض الديمقراطيين التقدميين يدفعون "بايدن" إلى قطع المفاوضات، والعمل من جانب واحد للطعن في حدود الديون على أسس دستورية، بعد أن عرض البيت الأبيض أن يبقى الإنفاق العسكري والإنفاق على التعليم والبحث العلمي وحماية البيئة ثابتا من السنة المالية الحالية إلى السنة المالية المقبلة، وهو ما يرفضه الحزب الجمهوري الذي يطالب بمزيد من خفض الإنفاق مقابل موافقته.

ومع عودة هذا التوتر، سجل الذهب في المواقع المالية الأميركية 1.984 دولارا للأوقية بارتفاع 1.29% بالعقود الآجلة، وسجل في المعاملات الفورية 1,982 دولارا للأوقية. كما تراجع مؤشر الدولار، وسجل مؤشر داو خسارة 188 نقطة، بنسبة انخفاض 0.56%، ومؤشر إس أند بي 0.40%، وخسر ناسداك 0.44%، وسجل مؤشر الخوف فيكس 500 درجة بارتفاع 6.60%. وفي كل الأحوال، وبعد هذا التوقف، يجب أن يتدخل "بايدن" بشكل مباشر، فلا يملك الجانبان إلا الموافقة على رفع حد اقتراض الحكومة، وتجنب المخاطرة بتخلف كارثي عن السداد، سيولد صعوبات ومشاكل تطال جميع أنحاء العالم.


149