من المعروف أن إسرائيل خاضت ثلاث مواجهات سابقة مع حماس في أعوام 2008 و2012 و2014، لكنها لم تتوعد في أي منها بالقضاء على هذه الحركة نهائيا، وهو ما يجعلنا أمام احتمالات لتمديد رقعة الصراع إلى خارج مناطقه الأساسية، نظرا لتحالفات حماس الواسعة مع إيران التي تدعم الحوثيين في اليمن وحزب الله في جنوب لبنان، وعلى الجانب الآخر هناك تحالف تام بين تل أبيب وواشنطن، التي لن تسمح، لأسباب عديدة، بخروج الأمر عن السيطرة.
في هذا الظرف باتت حالة من الخوف تخيم في أنحاء المنطقة من احتمال تمدد الحرب خارج حدود غزة، وأن يفتح حزب الله اللبناني وإيران الداعمة له جبهات جديدة دعما لحماس، بل ودخول الصين وروسيا على خط الصراع إذا ما توسعت الحرب، فصلا عن التحركات الأميركية عسكريا في المنطقة. وقد نشرت فرانس برس في 20 أكتوبر تحذيرا من وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبد اللهيان"، بأن طهران من الممكن أن تتخذ إجراءات استباقية ضد إسرائيل إذا اجتاحت غزة، وقال إنها لن تتخذ موقف المتفرج إذا لم تقم واشنطن بكبح جماح تل أبيب. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الشكوك تحوم حول تورط إيران في هجوم حماس. ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، في 20 أكتوبر، يعمل ضباط من الحرس الثوري مع حماس منذ أغسطس الماضي للتخطيط لهجمات طوفان الأقصى، وقد أعطت طهران موافقتها على الهجوم في اجتماع عقد في بيروت يوم 2 أكتوبر.
كما أصبح للوضع العسكري في إسرائيل تداعيات في أوروبا، حيث وقعت هجمات وتهديدات أمنية في بلدان مختلفة. وهكذا، فمن الواضح أن دائرة الحرب قد بدأت في التمدد جغرافيا بالفعل، حيث نشر موقع جيش الدفاع، خلال الأيام الماضية، أنباء متكررة عن غارات جوية إسرائيلية على مواقع لحزب الله بالقرب من بلدة ملكيا ومنطقة زرعيت، فضلا عن اعتراض العديد من المسيرات كانت تقترب من لبنان باتجاه إسرائيل.
ومع احتمالات تمدد الحرب خارج منطقة الصراع الأساسية، تستعد القوات الجوية والبحرية الاسرائيلية بمساعدة واشنطن، لصد ضربات محتملة من الصواريخ الباليستية من إيران، والطائرات دون طيار من غزة، والصواريخ اللبنانية، فضلا عن صواريخ كروز التي يملكها الحوثيون في اليمن. الأمر الذي دعا وزير الدفاع الأميركي "لويد أوستن"، حسب ما نشره موقع البنتاغون، إلى إعلان أن واشنطن سترسل بطاريات صواريخ "ثاد" إلى إسرائيل، تحسبا لاتساع رقعة الحرب، وذكر الموقع الإخباري "والا" أن هذا الإعلان جاء بعد اعتراض المدمرة الأميركية "كارني" العاملة في البحر الأحمر طائرات مسيرة وصواريخ كروز أطلقت من اليمن باتجاه إسرائيل. وهذا ما أكده المتحدث باسم البنتاغون الذي أعلن إسقاط المدمرة لثلاثة صواريخ كروز وطائرات مسيرة أطلقها الحوثيون. وأيضا تصريحات رئيس حكومة الإنقاذ التابعة لجماعة أنصار الله في صنعاء "عبد العزيز صالح بن حبتور" الذي قال إنهم سيستهدفون السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر في حال تواصل القصف على غزة، واعترف بأن جزءا من الصواريخ استطاع الوصول إلى أهدافه، وفقا لما نشرته "روسيا اليوم" في 22 أكتوبر. وقد تزامن ذلك مع استهداف إيران لمواقع أميركية في العراق.
مع تطور الأحداث يتفاقم صراع سياسي بين واشنطن وموسكو بسبب الحرب في غزة، حيث لفت "بوتين" نظر رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" في مكالمة هاتفية إلى أن الصراع في غزة من الممكن أن يتمدد إلى حرب إقليمية كبيرة، خاصة بعد الدعم المرفوض الذي قدمته واشنطن لإسرائيل.
على أية حال، توقعت دراسة تحليلية نشرها موقع المركز الدولي للدراسات الاستراتيجية عن تحديات ائتلاف نتنياهو اليميني في يناير الماضي، أن ممارسات حكومته سوف تضخم من حدة الصراع بين الإسرائيليين والفلسطينيين، بما يمهد لحرب جديدة أصعب من كل مرة ربما تتمدد خارج حدود الصراع التقليدية، بعد أن تمحور اتفاقه مع أحزاب اليمين قبل تشكيل وزارته الحالية حول مبدأ حق الشعب اليهودي على كل الأرض، أي بين البحر المتوسط ونهر الأردن، وتعهده بتعزيز سياسة فرض السيادة على الضفة الغربية وغزة بشن حرب كبيرة، مع مراعاة التوقيت والمصالح الدولية لإسرائيل.