مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي لعام 2022 بمدينة شرم الشيخ المصرية، هو اللقاء السابع والعشرون للمنظمة بشأن تغير المناخ، الذي يعقد سنويا منذ أول اتفاقية مناخية للأمم المتحدة في عام 1992. وتستخدمه الحكومات للاتفاق على سياسات للحد من ارتفاع درجات الحرارة العالمية والتكيف مع الآثار المرتبطة به. وهي المرة الخامسة التي يتم فيها استضافة المؤتمر في إفريقيا، ووفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تمثل إفريقيا واحدة من أكثر المناطق المعرضة للخطر المناخي في العال، فضلا عن انعدام الأمن الغذائي بسبب الجفاف.
يأتي ذلك في الوقت الذي لا تزال فيه بعض المؤسسات المالية تشعر بالبرود حيال التحالفات الخضراء. فعلى الصعيد الغربي هدد كل من "جي بي مورجان تشيس" و"مورجان ستانلي" وهما من عمالقة وول ستريت، بالانسحاب من تحالف غلاسكو المالي، الذي تنتمي إليه أكثر من 450 شركة، والذي يتعين على أعضاءه استخدام المبادئ التوجيهية من أجل الوصول إلى صافي الانبعاثات الكربونية الصفرية بحلول منتصف القرن. وفقا لما نشره موقع "إيكونوميست" في سبتمبر الماضي. فضلا عن مغادرة صندوقان للمعاشات التقاعدية للتحالف، هما صندوق Cbus Super الأسترالي وصندوق Bundespensionkasse النمساوي، حسب بيانات موقع مجموعة IIGCC وهي مؤسسة تكونت من المستثمرين المعنيين بشئون تغير المناخ. مما يثير العديد من التساؤلات حول إمكانية إجراء التعهدات البيئية بدون موافقة المستثمرين. وهل التعهدات التي لم يتم الوفاء بها ستضع الشركات في مأزق لاتخاذ إجراءات قانونية من قبل الحكومات؟ أم أن رأس المال في هذا الاقتصاد العالمي المتدهور سوف يفرض كلمته؟
وعلى الرغم من اعتراض بعض المؤسسات الصناعية على الإجراءات التي تخفف من تأثيرات التغير المناخي، لكن بعض الدول الأوروبية وضعت استراتيجيات لاستخدام الهيدروجين الأخضر، وهو البديل الواعد للوقود الأحفوري في الصناعة، الذي يتم إنتاجه في المواقع الصناعية بواسطة الرياح والطاقة المائية الوفيرة في أوروبا. وقد أفاد موقع المفوضية الأوروبية، أن الهيدروجين سيعزز الاستقلال في مجال الطاقة، والذي تم الكشف عن أهميته من خلال ابتزاز الطاقة الروسي. وسيكون ذلك بمثابة نجاح للجهود الدولية في مجال الحد من انبعاثات الكربون. كما يسمح للمصانع التي تعهدت بأن تصبح محايدة للكربون بحلول عام 2050، أن تبدأ في استثمار الأموال في مكانها الصحيح.
وهناك تحديات صعبة تواجهها دول آسيا في مرحلة الانتقال إلى استخدام الطاقة النظيفة، فمن الواضح أن الآمال تتزايد في الحصول على الهيدروجين، فبالرغم من أنه لم يختبر على نطاق واسع، ولكن تأثيره التراكمي يمكن أن يكون كبيرا. وتتوقع The Economist Intelligence Unit أن تضاعف مصادر الطاقة المتجددة حصتها في آسيا من 15٪ إلى 31٪ بحلول عام 2031. وستصل حصة الهند إلى 21٪ مع 200 جيجاوات من الطاقة المتجددة غير المائية. ومن المتوقع أن تضيف الصين 700 جيجاوات من هذه القدرة. وقد صرح رئيس وكالة التخطيط الصينية في لقاء تليفزيوني مطلع الشهر الجاري إن 450 جيجاوات من مشاريع الرياح سيتم بناؤها في صحراء جوبي وحدها.
ويترقب زعماء العالم في شرم الشيخ التزام الهند بتعهداتها بأن يتم تقليل استخدام الفحم، وهو أسوأ أنواع الوقود الأحفوري المستخدم في آسيا. فالهند تعد ثالث أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية في العالم بعد الصين وأمريكا، وقد حددت حكومتها موعدا مستهدفا لصفر الكربون بحلول عام 2070.
وفي المنطقة العربية تظل كل من مصر والإمارات في صدارة الدول التي بدأت تحديا كبيرا للتغلب على مصاعب التغير المناخي. ولأن مصر من الدول النامية المتأثرة بالظاهرة، فإن سياستها، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات، في هذا الملف تتجه إلى تبديل الوقود الأحفوري بالطاقة النووية والشمسية والرياح، ومحاولة الحد من الانبعاثات الكربونية للمصانع وزيادة استخدام السيارات الكهربائية. أيضا يمثل، حسب ما ورد على موقع الحكومة الإماراتية، نشر واستخدام حلول الطاقة النظيفة أحد الركائز الرئيسية لنموذج الإمارات في العمل من أجل تحسين المناخ، حيث تستهدف الدولة ضمن استراتيجية الطاقة حتى عام 2050 مزيجا من الطاقة المتجددة والنووية باستثمارات بلغت 600 مليار درهم. وبالتالي فإن سياسة مصر والإمارات تتمحور حول ضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف البيئية.
على أية حال، فمن أجل الانتقال إلى حالة مثالية تساهم في تغيير مناخ الأرض إلى الأفضل، يجب أن تكون الطاقة النووية جزءا من خطة العمل لدى جميع الزعماء المشاركين في المؤتمر. ومهمة إقناع الشركات الصناعية بالابتعاد عن الفحم هي من الأولويات، مع الأخذ في الاعتبار الحاجة إلى محطات الفحم الحالية لضمان استقرار شبكات الطاقة لسنوات قادمة، ولكن يجب أن يتباطأ إنشاء محطات جديدة، فضلا عن التقليل تدريجيا من استخدام مشتقات النفط لضمان تنفيذ الهدف من تلك المؤتمرات. خاصة وأن توافر الوقود الأحفوري بات يخضع للتقلبات السياسية. والاعتماد على التقنيات منخفضة الكربون هو الحل الوحيد لتجنب تكرار المأزق الحالي الناتج عن الحرب في أوكرانيا.