بريكس ومجموعة العشرين

تقديرات

بريكس ومجموعة العشرين

11-Sep-2023

أثار انعقاد قمة العشرين تساؤلات حول إمكانية تنسيق المواقف بينها وبين مجموعة بريكس التي أعربت مؤخرا عن رغبتها في توسيع قاعدتها بضم دول جديدة في شهر يناير المقبل. والحقيقة أنه على الرغم من كثرة التحليلات، لكن لا توجد تأكيدات حول وجود تنافس وشيك بين المجموعتين من شأنه الإخلال بالتوازن العالمي أو تصعيد القضايا الدولية الشائكة إلى حد الصدام. 

وجاء في تصريح لوزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، نقلته وكالة تاس عن التليفزيون الروسي بعد اجتماع بريكس الأخير في أغسطس الماضي، أن توسع المجموعة سيساعد على تعزيز مواقفها في اجتماعات مجموعة العشرين. ومن حديثه يتضح أن انضمام كل من السعودية والأرجنتين لبريكس سيزيد من عدد الدول المشتركة بين المجموعتين إلى سبع دول، أي ما يقرب من 40% من كتلة مجموعة العشرين، وهي نسبة لا بأس بها يمكنها تقريب وجهات النظر، وضمان عدم التحول إلى صدام. 

ووفقا لتصريحات رئيسة مركز أبحاث المؤسسات الدولية في روسيا "مارينا لاريونوفا" لموقع "مشروع الحوكمة العالمية"، فإن المجموعتين التزمتا بتكامل المواقف بينهما صراحة، وتعهدتا بإصلاح البنية الاقتصادية العالمية وتلبية احتياجات القرن الحادي والعشرين، وهو مؤشر جيد على صعيد التعاون، خاصة وأن صندوق النقد الدولي والمؤسسات المالية الدولية ومنظمة التجارة العالمية من بين أكثر عشر منظمات يتم الرجوع إليها بشكل متكرر في خطابات المجموعتين. كذلك تحتل مجموعة العشرين المركز الثالث في خطاب بريكس، مما يؤكد دعمها لدورها المركزي في دفع عجلة إصلاح النظام النقدي الدولي، وتحسين البيئة الدولية للتجارة والاستثمار.

وعلى الرغم من أن كلا من البريكس والعشرين متباينتان إلى حد ما، لكن "كريس ديفونشاير"، رئيس مجلس إدارة مكتب مبادرة الحزام والطريق، يرى في تقريره على موقع المبادرة، أن الهند التي استضافت قمة العشرين هذا العام تحرص على التقليل من أي إمكانات للقدرة التنافسية، سواء بالتحلي بالواقعية، أو اتخاذ موقف استراتيجي يشمل كلا المعسكرين، خاصة وأن بريكس ذاتها مترددة في اتخاذ موقف متحيز، حيث أنكر "لي كيكسين"، المسؤول بوزارة الخارجية الصينية، بشكل قاطع أن تكون قد أنشئت للتنافس مع مجموعة العشرين.

كل ذلك يقدم دلالات مبشرة وتأثيرات محفزة، لكن سعي المجموعتين لإصلاح الأنظمة النقدية والتجارية الدولية لم يحقق تغييرات جوهرية حتى الآن، وبات العالم كله يأمل في أن اجتماعاتهما سوف تقدم حلولا للمشاكل الدولية العالقة. ومن جانبنا يمكن إرجاع أسباب البطء في إحداث تغييرات إلى التفاوت البنيوي بين ثقل البلدان الناشئة والنامية في الاقتصاد العالمي، والدور الذي تلعبه في بنية الحوكمة العالمية، فالأمر يحتاج إلى مزيد من التعاون وتكامل الأدوار بين المجموعتين، وأن تستمر بريكس في دعم الدور المركزي الذي تلعبه مجموعة العشرين، وتعزيز التنسيق داخلها وخارجها، وإلا فإن المجتمع الدولي سيفشل في إعادة هيكلة النظام الاقتصادي الدولي، وسيدخل نفسه في دائرة مغلقة لا خروج منها.

إن الوضع العالمي بات مرتبكا، وبينما تصعد بريكس تحت قيادة الصين، هناك ركون غربي إلى مجموعة السبع وقممها السنوية، ولذلك فالأمل المتبقي لدى العالم يتمثل في تكامل جهود المجموعتين، وتحقيق نوع من المنافسة الإيجابية، للحفاظ الفعال على مبدأ التعددية، لاسيما وأن هناك خطرا حقيقيا يهدد تماسك النظام العالمي، بعد تفشي الخلافات السياسية والعسكرية بين القوى الدولية الكبرى. 


196