مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، المقررة في 5 نوفمبر 2024، لا تزال التحديات تتراكم أمام الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن، الذي يسعى إلى الفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض. هذا التراكم المتصاعد للتحديات الداخلية والخارجية يُضعف من حظوظه في الانتخابات القادمة، نظرا لتأثيرها الملحوظ على مستوى الرضى بين صفوف داعميه، مما قد يترتب عليه انخفاض مستوى مشاركتهم في الانتخابات. يمنح ذلك الرئيس السابق دونالد ترامب الأفضلية في جولته الثانية ضد بايدن، خاصة مع الحماس الملحوظ بين قاعدة داعميه التي يشكك جزء كبير منها في نتائج انتخابات 2020، ويعتبرون الملاحقات القضائية الجارية ضده محاولة صريحة لمنعه من المشاركة في الانتخابات القادمة.
في الداخل الأميركي تظهر حالة استياء من سياسات الرئيس الحالي تتخطى حدود الأحزاب والانتماءات السياسية، وهي مؤشر على ضعف موقفه في الانتخابات القادمة. بالمقارنة، دخل ترامب انتخابات 2020 مدعوما بنسب رضى عالية بين داعميه، وكانت الفروق الحزبية والأيديولوجية أكثر وضوحا بين داعميه وداعمي بايدن. تعكس هذه المستويات المنخفضة من الدعم للإدارة الحالية عدد من المظالم النابعة من ملفات مختلفة، بعضها خارجي والآخر داخلي، لكنها تتقابل في النهاية في تأثيرها السلبي على المواطن الأميركي، سواء من ناحية مستوى المعيشة أو مستوى الثقة في مؤسسات الدولة.
على صعيد الشؤون الخارجية، يتزايد باستمرار سخط الشارع الأميركي على فاتورة دعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، ومؤخرا إسرائيل في حربها ضد حماس في قطاع غزة. علاوة على ما يخص التمويل. عليه تتصاعد الانتقادات الموجهة ضد إدارة بايدن لما يعتبره الكثير من الناخبين، الجهوريين والديموقراطيين على حد سواء، سوء إدارة ملفات حساسة واتباع سياسات أدت إلى تدهور الأمن العالمي وإشعال الصراعات بين الأطراف المتنازعة بدلا من احتوائها وتعزيز المسارات الدبلوماسية.
هذه الأوضاع ، استغلها ترامب في انتقاد ما يعتبره إخفاقات استراتيجية للإدارة الحالية، وتذكير الناخبين بالهدوء النسبي في المشهد الأمني العالمي في عهده، إضافة إلى انتقاده طريقة الانسحاب من أفغانستان، التي وصفها بالفوضوية. ويحرص ترامب أيضا على مقارنة مستوى التوتر في العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية في عهده وعهد بايدن، والتي كانت معقدة في عهد الرئيس السابق، إلا أنها شهدت ملامح هدوء نسبي انعكست بالكامل مع الإدارة الحالية، وتحولت إلى تصعيد خطابي وعسكري مستمر، متمثل في زيادة وتيرة عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية من جانب بيونغ يانغ ودعمها للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
أما على الصعيد الداخلي، فقد برز عدد من الملفات التي أثارت سخط الشارع الأميركي، بعضها يعكس اختلافات إيديولوجية وتُبرز الصدع بين الانتماءات الحزبية، بينما تتجاوز بعض الملفات الأخرى هذه الحدود وتمثل التحدي الأكبر لبايدن في الانتخابات القادمة. تشمل هذه الملفات التي تثير سخطا واسع النطاق، مستويات التضخم المرتفعة وغلاء الأسعار الملحوظ للسلع الأساسية، علاوة على ملف الهجرة غير الشرعية، الذي بدأ يتحول من محل خلاف بين الديمقراطيين والجمهوريين، إلى مصدر قلق لداعمي الحزبيين، وإن كان بنسب متفاوتة، مع تدفق أعداد كبيرة من الأشخاص إلى البلاد بطرق غير شرعية.
تجتمع هذه العوامل المختلفة لتشكل صورة قاتمة للرئيس الحالي في الانتخابات القادمة، وبالتزامن تعزز حظوظ الرئيس السابق في العودة إلى البيت الأبيض لولاية ثانية. خاصة وأن المشاكل المستعرة حاليا، لم يكن بعضها موجودا في عهد ترامب، والبعض الآخر لم يكن بهذا المستوى المتدهور، بالتحديد تلك المتعلقة بالاقتصاد، وعادة ما يربط الرئيس السابق المشاكل الاقتصادية خلال ولايته بجائحة كوفيد-19. عليه يبقى مصدر الخطورة الأكبر بالنسبة لبايدن هو سخط داعميه المعتادين من الناخبين الديمقراطيين، والناخبين المستقلين. وفي حال قام جزء محدود منهم بمقاطعة الانتخابات القادمة، سيكون ذلك كفيلا بضمان عودة ترامب إلى البيت الأبيض.