لقطات من اختبار صاروخ كوري شمالي

تقديرات

التصعيد في شبه الجزيرة الكورية

04-Nov-2022

تتصاعد حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية على خلفية إطلاق كوريا الشمالية عددا غير مسبوق من الصواريخ مختلفة الأنواع والمدى، تقول كوريا الجنوبية واليابان إن أحدها كان صاروخا باليستيا عابرا للقارات. في 2 نوفمبر، أطلقت كوريا الشمالية ما لا يقل عن 23 صاروخا قصير المدى من أنواع مختلفة إلى شرق وغرب شبه الجزيرة الكورية، وفقا لوزارة الدفاع الكورية الجنوبية.  وفي 3 نوفمبر، أطلقت 3 صواريخ أحدها عابر للقارات، يقول مصدر حكومي كوري جنوبي إن المسؤولين يشتبهون في أنه صاروخ هواسونغ-17، أكثر الصواريخ الباليستية العابرة للقارات تطورا في كوريا الشمالية الذي تم اختباره بنجاح لأول مرة في 24 مارس 2022.، (سي ان ان، 3 نوفمبر 2022).

المصدر الحكومي الكوري الجنوبي أخبر شبكة سي ان ان، أن المسؤولين يعتقدون أن صاروخ هواسونغ-17 نجح فقط في الانفصال في المرحلة الثانية، ويبدو أنه فشل بعد ذلك، حيث سقط في البحر بين شبه الجزيرة الكورية واليابان. ووفقا لوزارة الدفاع اليابانية، فإن أقصى ارتفاع وصل إليه الصاروخ بلغ حوالي ألفي كيلومتر، وهو أقل من ثلث الارتفاع القياسي المسجل للصاروخ نفسه في مارس.

يتزامن تكثيف بيونغ يانغ لتجاربها الصاروخية مع التدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، التي كان من المقرر أن تنتهي في 4 نوفمبر، غير أنه في غضون ساعات من الاختبار الفاشل المفترض للصاروخ عابر القارات، اتفقت واشنطن وسيول على تمديد التدريبات واسعة النطاق حتى 5 نوفمبر، وفقا لبيان صادر عن البنتاغون. التدريبات المشتركة التي يطلق عليها اسم "العاصفة اليقظة" (Vigilant Storm) بدأت 31 أكتوبر، وتشارك فيها 240 طائرة والآلاف من أفراد الخدمة العسكرية من البلدين.

كانت بيونغ يانغ قد اعترضت على تلك التدريبات، قبل أن تتصاعد التوترات بوابل التجارب الصاروخية الأخيرة. يصف باك جونغ تشون، سكرتير اللجنة المركزية لحزب العمال الكوري تمديد التدريبات الأمريكية-الكورية الجنوبية بأنه "خيار خاطئ وخطير للغاية". من جهته، قال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اجتماع مع نظيره الكوري الجنوبي لي جونغ سوب، إن أي هجوم نووي كوري شمالي ضد الولايات المتحدة أو غيرها "سيؤدي إلى نهاية نظام كيم".

الإدارة الأميركية حديث أوستن يتطابق مماثلة في وثيقة استراتيجيتها للدفاع الوطني التي أصدرها البنتاغون مؤخرا. جاء فيها: "إن استراتيجيتنا لكوريا الشمالية تدرك التهديد الذي تشكله قدراتها النووية والكيميائية والصاروخية والتقليدية، كما تدرك على وجه الخصوص الحاجة إلى توضيح العواقب الوخيمة لنظام كيم في حالة استخدام الأسلحة النووية... ليس هناك سيناريو يمكن لنظام كيم أن يستخدم فيه الأسلحة النووية ويبقى على قيد الحياة بعدها"، (الغارديان، 3 نوفمبر 2022).

وتتعدد أسباب التصعيد الكوري الشمالي الأخير، أحدها يتمثل في الرد على التدريبات المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية، إلا أن الصورة الكاملة أكثر تعقيدا من ذلك. فقد تناول مقال تحليلي نشرته بي بي سي، في 3 نوفمبر 2022، وقد تناول التصعيد الأخير وأسبابه المحتملة، يمكن تلخيصها في الآتي:

أولا، تجهيز بيونغ يانغ لتجربة نووية جديدة، أو تجربة صاروخ باليستي طويل المدى في المحيط الهادئ، أو كليهما.

ثانيا، تحقيق أهداف سياسية من خلال اتباع نمط تقليدي من التصعيد استخدمته بيونغ يانغ في عام 2010 ومرة أخرى في عام 2017. ينطوي هذا النمط على تصعيد التوترات إلى مستوى مخيف، ثم الدعوة للانخراط في مباحثات تحاول بيونغ يانغ الحصول فيها على تنازلات من سيول وطوكيو وواشنطن.

ثالثا، رغبة كوريا الشمالية في اختبار صواريخها بغرض تطويرها، إذ لا تزال بعيدة عن الوصول إلى المستوى المطلوب من اتقان تكنولوجيا هذا النوع من الصواريخ.

رابعا، اختبار صواريخ عابرة للقارات يبرز قدرة كوريا الشمالية على تهديد ليس فقط كوريا الجنوبية واليابان، بل الولايات المتحدة أيضا.

تتزامن التوترات في هذه المنطقة مع تطورات الحرب الروسية-الأوكرانية، فقد اعتادت كوريا الشمالية استخدام استراتيجية التصعيد للحصول على تنازلات سياسية، وتمنح حالة التوتر المسيطرة على المشهد الأمني الدولي حاليا بيونغ يانغ فرصة للتصعيد أكثر، ما يزيد المخاطر الناجمة عن عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي في العالم أجمع. إن من مصلحة العالم أن يتوقف مثل هذا النوع من التصعيد، الذي لن يؤدي إلا إلى كوارث أخطر مما نحن فيها الآن.

201