أزمة اتفاق الحبوب

تقدیرات / تغير مناخي

أزمة اتفاق الحبوب

01-Aug-2023

أثار إعلان روسيا الانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب في 17 يوليو 2023 المخاوف على الأمن الغذائي العالمي خاصة في الدول الأكثر اعتمادا على الواردات الأوكرانية في أفريقيا والشرق الأوسط. وتبريرا للانسحاب، صرح الكرملين أن الجزء من الصفقة المتعلق بالمواد الغذائية الروسية لم يتم تنفيذه، وأن العقوبات الغربية تضر الصادرات بشكل غير مباشر.  

هذا الانسحاب من الصفقة يعني أن موسكو قد أوقفت فعليا مشاركتها في عمليات التفتيش على السفن التي أجراها المسؤولون الروس والأوكرانيون والأتراك، كما توقفت عن جدولة وصول السفن الجديدة إلى الموانئ الأوكرانية. وقالت وزارة الدفاع الروسية أيضا إنها ستعتبر جميع سفن الشحن في البحر الأسود المتجهة إلى أوكرانيا أهدافا عسكرية محتملة. 

روسيا تعهدت بإيصال القمح إلى الدول الأشد هشاشة من ناحية الأمن الغذائي، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة الروسية الأفريقية في سان بطرسبرج : "ستواصل بلادنا دعم الدول والمناطق المحتاجة، على وجه الخصوص، من خلال عمليات التسليم الإنسانية.. نسعى إلى المشاركة بنشاط في بناء نظام أكثر عدلا لتوزيع الموارد. ونحن نبذل قصارى جهدنا لتجنب حدوث أزمة غذائية عالمية". وأشار بوتين إلى صعوبات الحفاظ على الإمدادات مع ما أسماه "العقوبات غير القانونية" التي "تعيق بشكل خطير إمدادات الغذاء الروسي، وتعقد النقل والخدمات اللوجستية والتأمين والمدفوعات المصرفية".

كانت روسيا قد طالبت في السابق بإعادة قبول البنك الزراعي الروسي في نظام سويفت للدفع، واستئناف صادرات الآلات الزراعية وقطع الغيار إلى روسيا، وإزالة القيود المفروضة على التأمين والوصول إلى الموانئ للسفن والبضائع الروسية. ونشير هنا إلى أن الأمم المتحدة عندما توسطت في الاتفاق، أخبرت روسيا أنها ستساعدها على زيادة صادراتها من الحبوب والأسمدة. وعلى الرغم من أن الدول الغربية لم تفرض أي عقوبات على المنتجات الزراعية الروسية، تقول موسكو إن القيود الأوسع نطاقا المفروضة منعت شركات الشحن والبنوك الدولية وشركات التأمين من التعامل مع منتجيها، (بي بي سي: 21 يوليو 2023).  

في السياق، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه بمجرد اكتمال الجزء المتعلق بروسيا، سنعود إلى تنفيذ هذه الصفقة على الفور. وكانت الأمم المتحدة قد اقترحت أن تنشئ روسيا شركة تابعة للبنك، مما سيسمح لها باستخدام سويفت، لكن روسيا رفضت الخطة، كما فشلت خطط مقترحة أخرى، مثل معالجة مدفوعات الغذاء والأسمدة من خلال مصرف جي بي مورغان تشيس الأميركي، أو من خلال بنك التصدير والاستيراد الأفريقي.

ونشير إلى أن أوكرانيا هي واحدة من أكبر موردي المحاصيل في العالم مثل زيت عباد الشمس والشعير والذرة والقمح، وتقول الأمم المتحدة إن أوكرانيا قدمت 725 ألف طن من الحبوب إلى برنامج الأغذية العالمي ، والتي تم إرسالها كمساعدات إنسانية إلى عدد من الدول. وحسبما صرح برنامج الأغذية العالمي لإذاعة دويتشلاند فونك الألمانية، إن تعليق اتفاق الحبوب يعني قطع الشريان الرئيسي لصادرات الغذاء العالمية.

بتعليق الاتفاق تتزايد المخاطر على الناقلات المتجهة نحو أوكرانيا بشكل كبير كما يرى مراقبون، كما ترتفع تكلفة تأمين السفن إلى حد قد يجعل شركات الشحن مترددة في إرسال سفنها إلى منطقة الحرب إذا لم تكن هناك موافقة روسية. في المقابل، يعتبر نقل الحبوب برا أمرا صعبا أيضا، فمنذ بداية الحرب، صدرت أوكرانيا كميات كبيرة من الحبوب عبر دول الاتحاد الأوروبي الشرقية، وقد واجه ذلك نقص في  معينات الشحن.

في تقديرنا، يتوجب التوصل إلى حل عاجل يضمن استمرار تدفق صادرات الحبوب، حفاظا على استقرار الأسواق ، وحماية للدول التي تعاني من هشاشة أمنها الغذائي. يتطلب ذلك مراعاة مطالب ومخاوف الطرفين الفاعلين في هذه العملية، حيث يمثل الأمن الغذائي العالمي أولوية أكبر من الخلافات السياسية، نظرا لما سيتبع حدوث أزمة غذائية واسعة النطاق من عواقب وخيمة قد تصل تداعياتها حتى إلى الدول الفارضة للعقوبات على روسيا.

 



168